<%@ Language=JavaScript %> الدكتور عبدالله تركماني أهم تداعيات الربيع الديمقراطي العربي على القضية الفلسطينية
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

أهم تداعيات الربيع الديمقراطي العربي على القضية الفلسطينية (*)

 

 

الدكتور عبدالله تركماني

 

 

من المؤكد أنّ الفلسطينيين ليسوا بحاجة إلى كسر حاجز الخوف الذي اعتادوا على كسره في المواجهة الدائمة مع الاحتلال الإسرائيلي، بل هم في أمس الحاجة إلى اجتياز حاجز تشتت الرؤى وجمود الممارسة. فهل يساعدهم الربيع الديمقراطي العربي، بالرغم من عثراته المؤقتة في ليبيا وسورية، على تجديد رؤاهم وممارساتهم وبناهم التنظيمية ؟

إذ يمكن القول: بعد نجاح ثورتي مصر وتونس وإرهاصات الربيع الديمقراطي العربي في أكثر من دولة تبدو الطريق ممهدة لصياغة جديدة لمعطيات الصراع العربي - الإسرائيلي بما يصب في مصلحة القضية الفلسطينية، وقد يعزز إنهاء  حالة الانقسام الفلسطيني من توظيف هذه المعطيات الجديدة للتعاطي المجدي مع التحديات التي تعصف  بالقضية الفلسطينية.

إنّ ما يحدث في العالم العربي يشكل بداية جديدة للقضية الفلسطينية، تتلخص في السعي لإعادة الصراع العربي – الإسرائيلي إلى أسسه الجوهرية، بعيداً عن الإملاءات والشروط  الإسرائيلية المجحفة ومنطق الغطرسة والاستيطان. فبغض النظر عن إمكانية بقاء معاهدة " كمب ديفيد " قائمة أو عدمه، فلن تبقى العلاقة الوثيقة التي كانت تربط مصر بإسرائيل على حميميتها.  فعلى المستوى الاستراتيجي يكتسب التغيير المصري أبعاداً جذرية ذات آثار بعيدة المدى، حيث أنّ دور مصر في المنطقة وإزاء القضية الفلسطينية مرشح للتغيير الإيجابي أكثر. إذ أنّ رفض الشعب المصري مصادرة حقوقه من قبل الاستبداد الوطني، يعني بالضرورة أنه ضد الطغيان الأجنبي، وضد مصادرة سيادته وكرامته من قبل عدوه القومي.

وفي الحقيقة سيبقى مسار القضية الفلسطينية مرتبطاً، سلباً أو إيجاباً، بالوضع العام في مصر، ليس فقط لأنّ مصر تمثل مركز الثقل في المنطقة، لأسباب حضارية ودينية وجيو - سياسية، بل وأيضاً بسبب التقارب بين فلسطين ومصر جغرافياً وثقافياً، بحيث أصبحت مقولة أنّ فلسطين هي البوابة الشرقية للأمن القومي المصري مسلمة لا يستطيع إنكارها أحد، والمقولة نفسها تنطبق على الجانب الفلسطيني، وبالتالي فإنّ أية تغيّرات تحدث على جانبي الحدود لابد وأن تؤثر بقوه على الجانب الآخر.

وهكذا سيجدد الربيع الديمقراطي العربي القضية الفلسطينية ويمدها بالكثير من الزخم، ففي ظل انحدار إسرائيل نحو مزيد من العنصرية والانغلاق، وفي ظل الثورة العربية  الجديدة الساعية نحو تقرير المصير العربي، وفيما توازن إقليمي استراتيجي جديد آخذ في التشكل يمتد من تركيا إلى مصر وربما يصل إلى المغرب العربي ويغطي مجمل الخريطة العربية ككل، سيكون من الطبيعي أن يعيد الشعب الفلسطيني رسم طريقه من جديد، من خلال القيام بعملية إصلاح حقيقية داخل الأطياف السياسية الفلسطينية، ناهيك عن ضرورة العمل الجاد لإصلاح أطر منظمة التحرير ومؤسساتها المختلفة، فضلاً عن العمل على وضع الأسس السليمة لانتخابات المجلس التشريعي والرئاسة وانتخابات المجلس الوطني كممثل لكافة شرائح الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، وبحيث تؤخذ في الاعتبار القدرات الكامنة لدى الشباب الفلسطيني. ومن شأن القيام بالخطوات السابقة أن يمهد الطريق لإعادة صياغة التوجهات الفلسطينية الرافضة لمبدأ التفاوض مع المحتل الإسرائيلي من دون آفاق تفضي إلى تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني،  وفي المقدمة تفكيك المستوطنات وصولاً إلى إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة على الأرض والمصادر الطبيعية وعاصمتها القدس.

لقد آن الأوان لوضع نهاية عهد الفصائل التي فبركت نظاماً سياسياً فلسطينياً متخلفاً وهياكل ومؤسسات رثة يقودها أمناء عامون لجبهات لم تحرر فلسطين الأرض والإنسان، بل أصبحت عالة على الشعب وعلى العمل الوطني الفلسطيني. فطالما كانت الشعوب العربية تريد تغيير أنظمة حكمها المستبدة، فإنّ الفلسطينيين يريدون إعادة تشكيل النظام السياسي الفلسطيني، بروح الربيع الديمقراطي العربي الجديد. مما يفرض على القيادة الفلسطينية أن تنظر إلى التغيير العربي من منظار استراتيجي أوسع، باعتباره عامل قوة لشعب فلسطين وقضيته، وباعتباره عامل استنهاض لحركته الوطنية، بحيث تجد في هذا التغيير فرصتها المناسبة لإحداث تغييرات في بناها وأوضاعها الداخلية، وخصوصاً في اتجاه تعدد خياراتها السياسية والنضالية.

لقد تمخضت الثورة العربية الجديدة عن درس عظيم للفلسطينيين، مفاده أنّ الشعب يستطيع التغيير، وأنّ الفصائل الفلسطينية التي غيّبت الشعب واختزلته في أجهزتها وتنظيماتها، أضعفت قضية فلسطين، وأضعفت من كفاح شعبها في سبيل الحرية والعدالة والمساواة والعيش بكرامة. المهم جداً أن يدرك الفلسطينيون أنّ التغيير العربي يقويهم ويحررهم، ويفتح الباب أمامهم لإحداث التغيير السياسي في ساحتهم، بدءاً من وقف ارتهانهم لعملية التسوية، لاسيما أنّ إسرائيل هي التي ضيعت فرصة عقدين من الزمن في هذا الاتجاه، بتعنتها وصلفها وتملصها من استحقاقاتها، وصولاً لإعادة بناء هذه الساحة، على أسس وطنية ونضالية وديمقراطية وتعددية، وعلى أساس الاحتكام للشعب، وإنهاء واقع الانقسام والفساد السائدين.

وفي هذا السياق يبدو أنّ المرحلة المقبلة ستشهد مشاركة نوعية لجيل الشباب الفلسطيني، الذي ستقع عليه مسؤولية التقاط الإشارات الجديدة الصادرة عن العالم العربي وذلك لوضع القضية الفلسطينية في طريق التجديد والانبعاث. لأنه أكثر من فهم معنى التطورات العربية الجارية وتأثر بجوانبها الإيجابية، فنزل إلى الشارع كي يترجمها إلى سياسة وطنية تخرج تنظيمات وطنه السياسية من مأزق زجت نفسها فيه، قبل أن تسد عليها منافذ مغادرته، وتمعن في توتير علاقاتها إلى درجة تميز علاقات الأعداء بعضهم مع بعض.

إنهم أعطوا الأولوية في نشاطهم لمصالحة وطنية تستعيد وحدة الفصائل وتالياً وحدة الموقف، لمواجهة العدو الإسرائيلي وهم موحدون، وليسوا أطرافاً وجبهات متعارضة تفوق تناقضاتها وخلافاتها بعضها مع بعض تناقضاتها وخلافاتها معه، أو هي لا تقل عدائية عنها، لذلك رفع الشباب الفلسطيني شعارا " يا فتح ويا حماس .. فلسطين هي الأساس ".

لقد كان يوم 15 مارس/آذار الماضي يوماً مفصلياً في مسيرة الكفاح الفلسطيني، حيث طالبت شريحة الشباب من خلال تظاهرات في مدن عدة في الضفة الغربية وقطاع غزة وبعض مناطق اللجوء الفلسطيني بإنهاء الانقسام الذي عانى منه الشعب الفلسطيني منذ صيف عام   2007، ويعتبر ذلك التعبير بمثابة رؤية ثاقبة لأهمية الوحدة الوطنية الفلسطينية. وتبعاً للمخاطر التي تواجه الحقوق الفلسطينية حاول شباب فلسطين الاستفادة من تداعيات الربيع الديمقراطي العربي الداعية إلى إسقاط النظم الديكتاتورية ليتواصلوا بعد ذلك، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، معلنين إعلاء صوتهم لإنهاء الانقسام الفلسطيني كخطوة أساسية لمواجهة الاحتلال، والاستفادة من العمق العربي الذي بدأت تظهر ملامحه بفعل الثورة العربية الجديدة.

إننا الآن في مرحلة يعاد النظر فيها بكل شيء في الشرق الأوسط، ومن الطبيعي أن يكون الفلسطينيون معنيين بما يجري، خصوصا في مصر. فكيف سيتصرفون في هذه المرحلة ؟

 

تونس في 4/4/2011                   الدكتور عبدالله تركماني

                                     كاتب وباحث سوري مقيم في تونس

                                                                  

(*) – نُشرت في صحيفة " القدس العربي " – لندن 8/4/2011.

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا