<%@ Language=JavaScript %> د. ثائر دوري هناك من يحاول خلق مسألة مسيحية شرقية

 |  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

 

 

هناك من يحاول خلق مسألة مسيحية شرقية

 

 

د. ثائر دوري

 

سال مداد كثير منذ مجزرة كنيسة سيدة النجاة في بغداد . لا سيما و أنها وقعت في وقت كان مصير مسيحي الشرق ، بعد تناقص أعدادهم بشكل كبير ، بسبب الهجرة بشكل أساسي ، قد صار موضوع بحث مطول سواء من الكتاب أم عبر السينودوس الذي عقده الفاتيكان خصيصاً لهذه الغاية .

ناقشت الكتابات التي استطعت الاطلاع عليها سواء من رجال دين مسيحيين أو من  كتاب صحف و أعمدة . ناقشت هذه المسألة من كافة جوانبها الديموغرافية و السياسية مع تركيز خاص على وضع مسيحيي العراق الذين أشرفوا على الانقراض . لكن كلما كنت أقرأ مقالة عن هذا الأمر أشعر أن هناك تفصيل هام غائب عن الصورة هو : الاحتلال .

الاحتلال هو الغائب الأكبر عن المقالات و النقاشات التي اطلعت عليها . و في الحالة العراقية لم تكن هناك أية اشارة إلى المسؤولية السياسية و القانونية و العسكرية و الأخلاقية لقوات الاحتلال الأمريكية التي ما زالت تسيطر على أرض و سماء العراق رغم ما يقال عن اتفاقيات انسحاب موقعة مع حكومة الدمى في بغداد . ، و أول مسؤولية لقوات الاحتلال هي حماية المدنيين حسب الأعراف و القوانين الدولية . أما إذا أرجعنا الأمور إلى المربع الأول فإن مسؤولية الاحتلال عن كل ما يجري تتعاظم ، فماذا تتوقع عند احتلالك بلداً بعد قصفه و تجويعه لثلاثة عشر عاماً متتالية ، ثم قيامك بتدمير دولته و جيشه و صناعته و زراعته ، ستنطلق الفوضى في كل اتجاه و سيخرج الرعاع و المجرمين ليتسيدوا الشوارع .

في عام 1982 م و في اعقاب الغزو الصهيوني للبنان و مجزرة صبرا و شاتيلا وجدت لجنة كاهانا التي شكلها الكيان الصهيوني للتحقيق في هذه المجزرة المروعة ، أن الجيش الصهيوني و وزير دفاعه آنذاك أرئيل شارون مذنباً و يتحمل مسؤولية المجزرة رغم أن الجيش الصهيوني لم يطلق رصاصة واحدة على المخيمات ليلة المجزرة . كل ما فعله أنه أدخل مليشيات القوات اللبنانية إلى المخيم الأعزل الذي سبق و جُرد من السلاح ، و عندما بدأت المجزرة لم يتحرك لوقفها رغم علمه بحدوثها . لا يمكنك أن تدخل الذئب إلى بيت الغنم ثم تدعي أنك لم تتوقع أن يفتك بها !

إضافة لذلك يتم تغييب حقيقة أن المسيحيين المشرقيين بأغلبيتهم الساحقة عرب عرقياً و ثقافياً و حضارياً ، لكن من يرغب بخلق مسالة مسيحية في المشرق يتصرف على أنهم كيان متميز ، و هذا مغزى الرسالة الفرنسية بمسارعتها لمنح اللجوء السياسي للناجين من المجزرة ، و هي التي لم يهتز ضميرها و لا ضمير الأخوات الغربيات الأخريات اللواتي سارعن لإدانة مجزرة كنيسة سيدة النجاة ( و هي فعل مدان ) تجاه مقتل أكثر من مليون عراقي و تهجير أربعة ملايين  من كل الطوائف و الأعراق .

إن ما يتعرض له مسيحيو العراق هو جزء مما يتعرض له العراق منذ بدء الغزو الأمريكي عام 2003 م ، و أي مناقشة لمصيرهم بمعزل عن مصير العراق هي مناقشة غير بريئة تهدف إلى خلق مسألة مسيحية .

الأمر الثالث أن هناك دائماً من يقوم بالتلاعب بالصورة بما يشبه تقنية المونتاج فيقص من مكان أو يحجب الإضاءة عن مكان. و في هذا السياق يتم السكوت عن وضع فلسطين التي تكاد تخلو من المسيحيين رغم أن فيها قدس المسيحية و في ناصرتها ولد المسيح عليه السلام  . في فلسطين تظهر مسؤولية الاستعمار الاستيطاني الغربي الأشكنازي الصهيوني عن تهجير المسيحيين واضحة لا لبس فيها ، ففي فلسطين ليس هناك كيان هلامي اسمه " دولة العراق الاسلامية " يسارع لتبني كل الشرور عبر بيان مجهول المصدر يتم وضعه على منتدى للنت مفتوح للصادي و للغادي ، ثم تسارع الفضائيات لنقله على أنه موضع ثقة دون أن تشير لمصدر البيان . كما أن فلسطين ليست تحت سيطرة حاكم عربي او مؤسسات عربية ، حتى تتهم بالتخلف و التعصب و الانغلاق و تطالب بأن تقوم بعملية نقد ذاتي تشمل تجردها من ملابسها كاملة . بل هناك الكيان الصهيوني الأشكنازي الغربي هو الذي يسيطر على كل الأمور . لذلك يتم السكوت عن الأمر .

المسيحيون جزء من النسيج التاريخي للأمة العربية و للحضارة الاسلامية ، و هو ليس جزء ملحق أو جانبي بل هو يوشي صورة الحضارة بالكامل التي يمكن تشبيهها بلوحة الموزاييك التي يكفي إزالة مكون صغير منها حتى يصيبها عطب . و مصير المسيحيين بالمنطقة مرتبط بمصير المنطقة ، فالإزدهار و الأمن و الرخاء و السلام يعم على الجميع أو يخسره الجميع . فهل يرفل مسلمو العرق و عربه و أكراده و تركمانه و صابئته بالأمن و السلام ووحدهم المسيحيون من يتعرض للقتل و التهجير . أليس من يطالب بحل خاص لهم هو من يعمل على خلق مسألة مسيحية شرقية ؟ و السؤال هو لصالح من يعمل ؟

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

 

مقالة للكاتب

د. ثائر الدوري

 صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org 

 
 

 

لا

للأحتلال