<%@ Language=JavaScript %> صباح علي الشاهر إستثمار زلزال ويكيليكس

 |  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

 

 

إستثمار زلزال ويكيليكس

 

صباح علي الشاهر

 

مئات آلاف الوثائق، والإعترافات والتصريحات، والتقارير الرسمية، السرية وشبه السرية، يتم الآن وبالتتابع الكشف عنها وعرضها عبر موقع ويكيليكس الذي تديره منظمة، قيل أنها ذات ميول يسارية، هي منظمة ( صن شاين بريس ). الوثائق تتعلق بما جرى في العراق خلال الفترة الممتدة بين 2003 إلى 2009، وهي المرحلة التي تغطيها الوثائق، وتشمل مرحلة مجلس الحكم، ورئاسة علاوي، والجعفري، وثلاث سنوات من حكم المالكي، وفي كل هذه المراحل لا يمكن تجاهل كون المحتل هو المهيمن والمسيطر ، والمسؤول الأول والأخير عما حدث ويحدث  في البلد.

 فيما يتعلق بقضيتنا العراقية، يبدو أمراً ثانوياً وغير ذي جدوى البحث عن كيفية  وصول مثل هذه الوثائق، وبهذا الكم  إلى موقع كان إلى فترة قريبة شبه مجهول، إذ أن الجواب عن مثل هكذا تساؤل موكول لأولئك الذين تختلف إهتماماتهم عن إهتماماتنا، كما أن التساؤل عن مغزى التوقيت، وإخفاء بعض الأسماء وإظهار غيرها، لا يبدو اساسياُ وجوهرياً، ولا يندرج ضمن همومنا وهواجسنا  ومعاناة شعبنا. 

لا جدال في كون بعض ما عُرض، أو ما سيعرض يفتقد للمصداقية، ويندرج ضمن التصريحات وسجالات الحرب المُعلنة والسرية بين كامل الفرقاء، المحليين، والإقليمين، والدوليين، وهو أمر سمعناه وقرأناه، وعايشناه طيلة سنوات الإحتلال التثقيلة، ولكن البعض، وهو الأكثر والأهم يتضمن حقائق ووقائع، بعضها يكشف لأول مرّة، ومن بين تلك الأشياء التي ينبغي كشفها، وعدم التعتيم عليها، أسماء العملاء من العراقيين، الذين أوكلت لهم مهام قذرة، والذين قاموا بجرائم بحق الشعب والوطن، والذين ينبغي أن لا يفلتوا من العقاب، ليس العقاب المعنوي فقط، وإنما العقاب المادي أيضاً، الذي يتناسب مع حجم الجريمة التي إقترفوها بحق العراق والعراقيين .

مئات آلاف الضحايا من العراقيين، شيباً وشباناً، نساءاً ورجالاً، لا يمكن أن تذهب دماءهم هدراً.

ليس من حق أحد أن يهدر هذه الفرصة الثمينة بسبب  صراعات عقيمة، ومحاولة للكسب الرخيص، فإحقاق الحق، وإنصاف الضحايا، وإفتكاك الحقوق من المتجبر الباغي، هي أول الأوليات .

 

جريمة الإحتلال ينبغي أن لا تمر من دونما ردّ، وها هي الوثائق التي تكشف عن الأهوال . ها هي جرائم الإحتلال ثابتة ومدونه بلسانه، ومن خلال وثائق قادته، أيجوز لنا إهدار هذه الفرصة، لأن بعضنا يريد الإيقاع بالبعض الآخر، وبعضنا يريد تسجيل نقطة على البعض الآخر في سعيه للوثوب إلى السلطة ؟ ألا يكفي كل ما حصل ويحصل في البلاد ؟

هل كان بإمكان أي هيئة أو منظمة أو مؤسسة عراقية أو عربية، مهما كانت قدراتها، جمع ما يناهز النصف مليون وثيقة، بعضها سري وبالغ السرية ؟

ستكون الإجابة  بالنفي بداهة .

أما وإن هذا قد تم، ومن دونما البحث في الإسباب، والأغراض، فإن علينا الإستفادة ، والإستفادة القصوى مما حصل، إذ من العار أن لا يستثمر الضحية إعترافات القاتل في صراعه الذي سيكون طويلاً وقاسياً.

 نحتاج باديء ذي بدء لتحديد الهدف الذي سنصوَب بإتجاهه، من دون إغفال الأهداف الثانوية الأخرى، التي علينا أن نبقيها في في مكانها الحقيقي من سلم الأولويات.

الهدف الأول والأهم الذي ينبغي أن يعمل جميع العراقيين بموجبه، وليس الضحايا وعوائلهم فقط، وإنما الشعب، كل الشعب، في عمل يجسد الوحدة العراقية، ويشكل الرد الحاسم على كل محاولات التقسيم والتجزئة، وإذكاء نار التعصب والصراع الطائفي والأثني، هو الدفاع عن العراق وحقوق العراقيين. لقد ظُلم وطننا، وظُلم شعبنا، والذي ظلمه واستباح  حرماته ودم أبنائه معروف. مًحدّد ومًشخص، لا يختلف حوله إثنان .  إن مثل هذا الهدف لهو  أنبل وأسمى مهمة، ليس لأبناء الوطن الواحد، وإنما لإبناء الإنسانية كافة، وها هم أبطال موقع ويكيليكس يقدمون إسهامتهم الرائعة على هذا الصعيد، فهل نتقاعس نحن، ونضيع حقوق وطننا وشعبنا، ونسهم في التعتيم على جريمة العصر؟

لنا كوطن حقوق أهدرت من قبل المحتل، الذي هدم ودمر وأحرق وسرق، ولنا كمواطنين حقوق على المحتل الغازي الذي عذب، وأغتصب، وشوه، وأعطب، وقتل خيرة فتياننا وفتياتنا، وحتى شيوخنا.

حقوق الوطن والمواطنين لا يجوز التساهل فيها، لا يمكن لنا إلا أن نأخذ كامل حقوق وطنناً وشعبناً من ذاك الذي إستسهل إمتهان حقوق الشعب والوطن، وهو أمر لم يعد مستحيلاً، بناء على تغيير موازين القوى، وإذ أحسن إستثمار زلزال ويكيليكس .

ينبغي أن يكون لحم العراق والعراقيين مراً، لا قولاً، وإنما فعلاً .

إذا تقاعست الحكومة عن فعل هذا، وهي ستتقاعس حتماً إذا كانت حكومة ضعيفة، كما هو حالها الآن، ولكن يمكن لحكومة وحدة وطنية بمعنى الكلمة، حكومة قوية لأنها مسنودة من أغلبية الشعب المطلقة، تضع في برنامجها تحقيق التحرير والإستقلال الناجز، وإسترداد حقوق الشعب والوطن، ومتابعة هذه الحقوق دونما كلل أو ملل، حتى إستحصالها كاملة غير منقوصة . يمكن لمثل هكذا حكومة البدء بمداواة جراح الوطن، ومعالجة الأخطاء التي أرتقت لمستوى الجرائم الكبرى في سلوك بعض أجهزتها إتجاه أبناء الشعب الذين إبتلوا بنارين ، نار الإحتلال من جهة، ونار فساد وإستبداد السلطة من جهة أخرى.

إن برنامجاً كهذا، يعمل للتحرير( وهو الأمر الذي لم تتحدث عنه برامج كل القوى مع مزيد الأسف!)، وبالترافق مع تكريس الديمقراطية الحقيقية، وتكريس حقوق الإنسان، ليس من خلال النص على تحريم التعذيب فقط، وإنما النص أيضاً على تجريم من يقوم بمثل هذا الفعل، بعقوبات واضحة ومحددة، تتناسب مع ثقل الجريمة، وهي جريمة كبرى بكل المقاييس، فليس ثمة جريمة أبشع من جريمة ذاك الذي وظّف و أتمن على حماية أمن وحياة الناس، فإذا به يسلب منهم هذا الأمن، مثلما يسلب منهم حياتهم بطرق همجية بشعة، وليس هذا مجرد إدعاء، وإنما هي وقائع مثبتة بالصوت والصورة، ومعروفة للقاصي وللداني .

إذا  كنا نطالب بالإقتصاص من المحتل وجنوده وجلاديه، فإننا أيضاً نطالب بالإقتصاص من الجلاد الداخلي، الذي ينبغي تقديمه للعدالة، وتعرية وكشف جرائمه على الملأ. 

التحرر من المحتل الخارجي، وتحرير الإنسان في الداخل، معادلة لا يمكن أن تقوم للعراق قائمة من دون مراعاته، والعمل على هديها .

لن يجلب الإحتلال تحريراً، ولا حرية ولا ديمقراطية في ظل الإحتلال، هذا هو ما أثبته ويثبته العراق .

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

 

 

 صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org 

 
 

 

لا

للأحتلال