<%@ Language=JavaScript %> صباح علي الشاهر حال إعلامنا العربي اليوم

 

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                                

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

حال إعلامنا العربي اليوم

 

 

صباح علي الشاهر

 

السؤال الذي من المناسب طرحه إبتداءاً : إعلان أم إعلام؟

قد يبدو السؤال ساذجاً للوهلة الأولى، لكن الإجابة عنه هامة، وهامة جداً.

من المؤكد أن الإعلان ليس إعلاماً بالمفهوم المهني، كما أن الإعلام ليس إعلاناً بنفس المفهوم.

الأول لا ينشد شيئاً سوى الترويج للمنتوج، أو ما مُعلن عنه، ومن أجل الوصول إلى هذه الغاية ( أي الترويج) فإنه لا يتقيد بالكثير من الأمور التي يتقيد بها الإعلام حكماُ والتي  تتعلق بالصدقية مثلاً، أو الحيادية، أو البحث عن الحقيقة. لا يُلام المُعلِن مثلاً، أو شركة الدعاية والإعلان إن هي مثلاً عكست على شاشة التلفزيون كيف أن الذي يشرب من هذا المشروب يسابق الريح ثم يسبقها،  أو أن الأب الشديد الحنو على طفله الصغير، يخاتل طفله ثم يسرق الحلوى المُعلن عنها، لأنه لا يقاوّم شدة تأثيرها.. يبدو أنه كلما بالغت في الإعلان، كلما كان الإعلان ناجحاً، أو هكذا يُراد لنا أن نتوهم. لا يتعلق الأمر هنا بشعوب مثقفة وأخرى متعلمه، فالإعلان العربي اليوم يستنسخ إعلان الغرب ولكن على نحو ساذج تماماً . 

هل سيقتنع عدد كبير من الناس بالإعلانات ؟

ليس لديّ أرقام حقيقية حول ذلك، إلا أنه من المؤكد أن قطاعا واسعا من الناس يتأثر، وربما يتناول هذا المنتوج أو ذاك، ويستعمل هذا المرهم أو ذاك، لا لأن الطبيب قال له هذا، وإنما لأنه تأثر بالإعلان.

يمكن القول أن بعض الإعلان لا يروج لحاجة فعلية، وإنما لحاجة مُفتراة، فلا الشراب يجعلك تسابق الريح وتسبقها، ولا لقمة من منتوج تأخذها صباحاً أو مساءاً ، قبل الأكل أو بعد الأكل، تجعل قواك الجسدية أضعاف ما كانت عليه . هذا ليس بعيد عن الحقيقة فقط، وإنما هو مجرد هراء، ومع هذا فإن الهراء هذا يفعل فعله على بعض الناس، بحيث تجد من يتأثر به، وبالتالي فإنك واجد حتماً من يسوّقه.

هل يمكن أن يكون الإعلام هكذا؟

مرّة قال لي صاحب شركة صغيرة، وقد وجد سهولة إنشاء قناة فضائية: ماذا لو نُنشيء قناة فضائية خاصة بنا؟ حسب الرجل التكلفة فوجد أنه لو بث دعاية لشركته فقط عبر القناة المقترحه، فإن ثمن هذه الدعاية سيغطي جزءاً كبيراً من كلفة المشروع.

لم يسأل صاحبي نفسه: ماذا لو كان عدد مشاهدي قناته المفترضة بعدد مشاهدي الإعلانات داخل بناية شركته؟

أحسب أن ما فكر به صاحبي، صاحب الشركة الصغيرة، فكر بمثله العديد من حيتان المال، الذين سرعان ما حوّلوا الفكرة إلى منجز. لقد أحصيت عشرات القنوات العربية الفضائية التي تحوز على أوسع مساحة من المشاهدين العرب، فوجدت أنها بنت الإعلان الشرعية، وهي وأن فُطمت منذ أمد بعيد، إلا أنها ما زالت مشروعاً إعلانياً، تجارياً صرفاً، مهمتها التسويق لمن يدفع.

مضى ذاك الزمن الذي كنا نحاول فيه إقناع البعض بأن الإعلام ليس ( بزنساً ) ، من أراد اليوم أن يكون الإعلام بعيداً عن البزنس، فإن عليه أن يعود إلى زمن إصدار المنشورات، والبيانات السياسية، أو الجريدة الحزبية السرية، التي تُشترى حتى لو لم تُقرأ.

إنتهب رأس المال عالم الإعلام، فوسمه بأهم سماته، وأندرج فيما يُسمى بأقتصاد السوق، أو إقتصادياته. ولم يعد مسموحاً لأي مدير جريدة أو قناة فضائية أو اية وسيلة إعلامية إخرى تجاهل كون الإعلام سلعة، تخضع لما تخضع له أية سلعة أخرى، حتى لو كان مدير الوسيلة الإعلامية هو صاحبها، وليس )مُكلف) بإدارتها.

ليس هذا هو أخطر ما في الموضوع، إذ يمكن إيجاد مخرج ما لإبعاد الإعلام من دائرة ( الخسارة المنظورة، والربح غير المنظور)، وهي القاعدة البالغة النبل والسمو، التي تكفل للإنسان الحد المقبول من التوعية والثقافة، والحصول على المعلومة كما هي من غير تبديل أو تحوير أو تزييف، إذ أننا نزعم أن إرتباط  الوسيلة الإعلامية الصادق بهموم وتطلعات الإنسان كفيلة بجعل هذه الوسيلة مقبولة من المستهلك حسب إصطلاح السوق، أو المتلقي حسب إلإصطلاح الحقيقي، ومدعومة منه، وبالتالي فإن رواجها سيكون سبباً لديمومتها، وبهذا تتقلص الخسارة المنظورة، وربما تتلاشى وتنعدم، ويحل الربح منظوراً وغير منظور. 

كما يمكن إيجاد (حيز) يسمح لنمط من التحرك الحر، إذ كان صاحب رأس المال مكتفياً بالإعلان لشركته أو شركاته، تاركاً ماعدا هذا لمن يتكفل بإدارة المؤسسة الإعلامية، أو كان فيه شيء من إحترام العمل الإعلامي والعاملين فيه..

تبدو الحالة  المذكورة أعلاه نادرة، وإن لم تكن معدومة، أما الحالة الأشمل والأعم فهي تلك التي تسحب الإعلام إلى الإعلان، فيصبح الإعلام إعلاناً، أي أداة للربح بأي وسيلة تبعاً لمنطق السوق، وتصبح كل الإسهامات الإعلامية، مهما كان شكلها ولونها، إعلاناً مدفوع الأجر، يحاول إقناعك أنك بإرتشاف هذا المشروب تسابق الريح وتسبقها، وبتناول هذا الشيء تصبح أقوى من شمشون، اي أنه يبيعك الوهم، ويبعدك عن الحقيقة .

أليست هذه حال إعلامنا العربي اليوم ؟

ثرنا على تأميم الإعلام، بأعتباره تأميما للفكر، فهل حررنا الإعلام حقاً، وأطلقنا الفكر من كل قيد،  أم أننا لم نفعل أكثر من تغيير المالك، من الدولة، أو الحزب، إلى صاحب رأس المال، سواء كان متاجراً في الحقل الإعلامي ، أو راغباً بالإستفادة المعنوية منه ، وإستثماره لغايات أخرى .

كان الإعلام يمجد الدولة، ورأس الدولة. يمجد الحزب، وفكر الحزب، أما اليوم فهو لا يمجد فكراً، ولا أيدلوجيا، على ما يبدو، إذ ليس لصاحب رأس المال (فكر)ً، وأيدلوجيته لا تعدو إقتصاد السوق، وإعلامنا الإعلاني غارق به حتى أذنيه. 

كنا إذا أردنا الهروب من إعلام الدولة، لجأنا إلى الإعلام المعارض، أو الإعلام المعادي، وإذا أردنا الهروب من إعلام  الحزب الفلاني، ذهبنا إلى إعلام الحزب الآخر، المختلف، أما إذا إحتكر رأس المال الإعلام، وكل الدلائل تشير إلى أنه سيحتكره. لا يهم أكان في اليمين أم اليسار تجاوزاُ، معتدلاً أم ممانعاً، محافظاُ أم ليبرالياً، فهو وقد أصبح سلعة، والسلعة متعددة الأشكال والألوان، تظل في الجوهر سلعة، سلعة يفرضها الإعلان كضرورة، وهي ليست كذلك، وقد لا تكون حاجة حتى.

ما العزاء ، وإلى أين نهرب؟ 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا