<%@ Language=JavaScript %> صباح علي الشاهر قراءة للحدث السوري
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

قراءة للحدث السوري

 

صباح علي الشاهر

 

في سوريا رشوة وفساد أمر لا يجادل فيه أحد، ربما ليس بمستوى ما هو موجود في دول اخرى مستقرّة ظاهرياً، وإنما بما يزيد أضعافاً .

في سوريا إستئثار بالسلطة من قبل فئة، أو تنظيم، ليس بإمكان أحد إنكار هذا، فسوريا، ربما هي الدولة الوحيدة الآن، على مستوى العالم( باستثناء كوبا وكوريا الشمالية) التي ما زال الحكم فيها شمولياً، وما زال قانونها النافذ ينص على قيادة حزب بعينه للسلطة والمجتمع، مما يجعل من قضية الإنتخابات البرلمانية والرئاسية مهزلة ومضيعة للوقت والجهد.

في سوريا رأي واحد، وصوت واحد، وهامش أقل من ضيّق للرأي والصوت المختلف نسبياً، لا المختلف حقيقة.

وفي سوريا صحافة اللون الواحد، والإعلام المُنضبط، المُقيّد بعدم تجاوز الخطوط الحمراء، إلا من خلال بعض المسلسلات التلفزيونية الكوميدية التي تزيد العيار حبة أو حبتين للتنفيس ليس إلا، وهي محسوبة ومدروسة، ومُتحكم بها، تماماً مثل قفشات السيد عادل إمام، وليس بمقدور أحد الزعم أن سوريا ليست بحاجة للحرية، والنزاهة، ومكافحة الرشوة والفساد، والتجديد.

في سوريا مثلما تُحتكر السلطة، يُحتكر الإنتفاع والتربح أيضاً، وتطلق أيدي القطط السمان في نهب المال العام ، يتساوى في هذا المسؤولون القدامى، الذين أصبحوا الآن معارضة، كنائب رئيس الجمهورية السابق، والشخص الثاني في هرم السلطة عبد الحليم خدام، أو قائد سرايا الدفاع، المنافس لأخيه سابقاً، ولإبن أخيه حالياً في قيادة البلاد رفعت الأسد، أو الذين ما زالوا على دست الحكم.

وسوريا في هذا ليست مختلفة عن مصر مبارك، بل هي نسخة ( فوتو كوبي) منها، لكنها مختلفة ، لا إختلافاً شكلياً، وإنما جوهرياً عن مصر مبارك، وعن تونس بن علي.  

مصر مبارك، وكذا تونس ( بن علي) فارقت هواجس الناس وتطلعاتهم، ورؤاهم الإستراتيجية. كان ثمة خندق واسع وعميق يفصل بين ما يريده الشعب من مواقف إزاء إسرائيل، وأمريكا والغرب، ومواقف قيادة تونس بن علي، ومصر مبارك تحديداً .

سارت مصر بقيادة مبارك على الضد تماماً من الموقف الشعبي العام، وانتهجت نهجاً تسبب بتهميش مصر، وتقزيم دورها، عربياً وعالمياً، وأصبحت السياسة الخارجية المصرية ذيلاً لأمريكا، حتى أن الخارجية المصرية أخذت تلهث وراء إسرائيل، وتبذل قصارى جهدها لإرضائها ( محاصرة غزة، والجدار الفولاذي العازل مثلا)، وهو موقف أساء لمصر ودورها، وثلم كرامة المصريين، الذين كانوا على الدوام في صدارة النضال من أجل قضايا العرب والمنطقة، ومناصرة حقوق الشعب الفلسطيني.

لقد أصبحت مصر ضمن ما سُمي محور الإعتدال، لكنها لم تكن زعيمة لهذا المحوّر رغم ثقلها، كانت زعامة هذا المحوّر الحقيقية للسعودية، أما مصر فكانت تُستدعى  عند الحاجة واللزوم، وبالأخص عندما يقتضي الأمر مواجهة أمر لا قدرة للسعودية على مواجهته، فتتم الإستعانة بقدرات وثقل مصر، وتنحّى جانباً عندما ترى السعودية أن من مصلحتها التعاون مع سوريا وحتى إيران، عندما تكون ثمة مصلحة مشتركة تقتضي التنسيق والتعاون، بهذا القدر أو ذاك، وعلى كل حال فمصر مبارك مكتفية بالعلاقة الممتازة مع إسرائيل، والعلاقة الجيدة مع أمريكا، مُتوهمة أنها تراهن على الحصانيين الرابحين.

بمقابل هذا كان ثمة شبه تطابق بين مواقف النظام السوري الاستراتيجية، وبالخص فيما يتعلق بالموقف من إسرائيل وأمريكا والغرب، ومواقف الأغلبية الساحقة من الشعب السوري الذي عُرف عنه وعبر التأريخ، مواقفه القومية المناصرة لقضايا الأمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، والتي تُرجمت في السياسة السورية الرسمية إلى مواقف لا تكتفي بمناصرة القضية الفلسطينية، ولا معاداة النفوذ الأجنبي، بل تعدته إلى دعم المقاومة على إمتداد الأرض العربية، وهذا ما بوء النظام السوري موقع الصدارة فيما سُمي بمحور الممانعة، هذا المحور الذي كانت سوريا وخلال العقود المنصرمة في صدارته، وليس على الهامش منه، ومن هنا فإن النظام السوري في مواقفه الخارجية ورؤيته الاستراتيجية، كان متوافقاً مع الموقف والرؤية الستراتيجية الشعبية .

لم يكن بالإمكان حسم الصراع في مصر مبارك بتقديم حزمة إصلاحات، أو تنازلات، فالشعب كان يريد عودة مصر للمصريين، والخروج من نهج التبعيّة لأمريكا وإسرائيل، بمعنى مغادرة الإعتدال( الإذلال) إلى محور الممانعة( الكرامة)، ولم يكن النظام مُهيئاً لمثل هكذا أمر، بل أن فيه هلاكه لا محال، لذا يمكن القول أن التناحر بين شعب الإنتفاضة المصري، وسلطة مبارك، كان من نوع التناحر الرئيسي، وليس الثانوي الذي يمكن حله عبر تسويات وتوافقات، وكان رحيل مبارك هو البداية لرحيل سلطة الإذلال، ومجيء سلطة الكرامة، وهو أمر لم يُحسم بعد، وإن كانت الإنتفاضة المصرية تسجل في كل جمعة نقطة ثمينة على درب تحوّل الإنتفاضة المصرية من إنتفاضة إلى ثورة، حينها ( عندما تنتصر الثورة المصرية ) ستأخذ مصر مكانها بقيادة محور الممانعة بكل جدارة، وهذا ما يعمل الكثيرون للحيولة دونه، بدءاً من إسرائيل، مروراً بأمريكا والغرب، وصولاً إلى دول محور الإعتدال.

أما في سوريا فيمكن إنهاء الصراع عبر تقديم إصلاحات أضحت أكثر من مُستحقة، ربما ليس الآن، وإنما منذ مجيء بشار إلى الحكم. لم يعد من الممكن تبرير إستعباد الناس بحجة العداء للإمبريالية، أو مواجهة إسرائيل، ولا يمكن تأجيل الإستحقاق الديمقراطي بذريعة تكريس الجهد لمواجهة التحيات والمؤامرات. مواجهة التحديات والمؤامرات تتم عبر إطلاق الحريات، وإحترام حقوق الإنسان، وصيانة كرامته، فالشعب الحر، أقدر على المواجهة والصمود والتحدي، لا بل هو القادر على المواجهة الحقيقية، والتحدي الحقيقي، والصمود الفاعل، ولقد صمد الشعب السوري وتحدى لأكثر من نصف قرن.  

الشارع السوري لا يريد مهادنة الإمبريالية وإسرائيل، وهو لا يختلف مع السلطة في مواقفها الخارجية بإستثناء بعض البؤر الصغيرة، التي لأمر ما تُبرّز إعلامياً. هو لا ينشد الدعم الخارجي، ولا يستقوي به، وكل ما يُطالب به حقوق لم يعد بالإمكان تجاهلها ونحن نغادر العشرية الأولى من القرن الحادي والعشرين، وبتلبيّة هذه الحقوق تتفولذ الجبهة الداخلية .

لن يكون التمايز بين محور المعتدلين، ومحور الممانعين مُقنعاً إن بقوا متساوين في درجة الإستبداد، وإستعباد الناس، ومحارية الديمقراطية .

مُناصبة الإمبريالية وإسرائيل العداء لم يعد كافياً، الناس تنشد الكرامة والحرية. لم يعد المسؤولون آباء  للناس وأوصياء عليهم، أي مهبول هذا الذي يتصور أن الناس لم تبلغ سن الرشد بعد!!

على الحكم في سوريا قراءة الأحداث بشكل سليم، واستثمار رغبة الشعب العارمة في الإصلاح لإحادث نقلة نوعية، ليس في أساليب الحكم في سوريا فقط، وإنما في إدارة الصراع مع العدو الإسرائيلي ، وأساليب مواجهة التحيات .  

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا