<%@ Language=JavaScript %> صباح علي الشاهر عن أي فراغ يتحدث البعض ؟
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

عن أي فراغ يتحدث البعض ؟

 

 

 

 صباح علي الشاهر 

 

أميركا ستنسحب من العراق، مسلمة لا جدال فيها، وإن إختلف المختلفون حول مديات ونوعية هذا الإنسحاب.

البعض ممن كان ينادي بخروج المحتل، بات يخشى زوال الإحتلال، لأنه يخشى الفراغ .. بعضهم يرى أن هذا الفراغ أشد خطورة من الإحتلال، لذا يرى أن بقاء المحتل أرحم من إملاء الفراغ من دولة جارة ، لا بد من أنها ستهرع لإملائه في حالة حدوثه .

لماذا الفراغ؟ وأين أصبح الـ( ثلاثون) مليون عراقي؟ وهل جاء الأميركان لسد فراغ، أم أنهم أحدثوا بدخولهم فراغاً، ثم أصبح وجودهم سداً لهذا الفراغ المستحدث؟

سؤال يطلبون منا إهماله، لأن منطق اللامنطق يستوجب هذا.

مؤكد أن العراق الآن، من حيث التسليح أضعف من كل جيرانه، ربما أضعف حتى من الكويت، إذ أنه لا يمتلك طائرة مقاتلة والكويت تملك طائرات، ولا يملك سفينة حربية والكويت تملك سفنا، ولكن هل الكويت أقوى من العراق فعلاً ؟

وهل الدول العربية الأخرى المجاورة أقوى من العراق، حتى وهو بحالته المزرية هذه؟

وهل الدولتين المجاورتين غير العربيتين يمكن أن يصل بهما الأمر إلى الدخول العسكري في العراق لسد الفراغ؟

نقر بلا مناقشة الفرق الشاسع بين قدرات هاتين الدولتين العسكرية ( إيران وتركيا)  وقدرات العراق في وضعه الحالي، ولكن هل تتجرأ اي منهما على إجتياح العراق في حالة إنسحاب القوات الأميركية، وصورة أميركا المنهزمة أمام مقاومة شعب لا جيش له، ولا قوات، ويعيش الإنقسام أفقياً وعمودياً شاخصة، تفقأ عين كل من لا يريد أن يبصر الحقائق على الأرض؟ .

من من الدولتين يرغب بالتعجيل بإنهاء دوره في المنطقة عبر مغامرة معروفة النتائج سلفاً؟

مؤكد أن سد الفراغ عسكرياً أمر مستحيل، ليس فقط لاتسمح به المعادلات التي ما زالت تتحكم بالتوازنات إقليمياُ و عالميا، وإنما لا يسمح به شعب العراق وهذا هو الأهم، لو فكرت إيران التدخل عسكرياً في العراق فأنها ستجد بمواجهتها الشيعة قبل السنة، ولو فكرّت تركيا التدخل عسكرياً فأنها ستجد بمواجهتها السنة قبل الشيعة .

هذا أمر يحاول البعض تجاهله في حمّى الصراع على الإستئثار بالمناصب والمكاسب ، والذي يحاولون إلباسه لباساً طائفياً، أو عرقياً، وهو في جوهره ليس كذلك، إذ لا مصلحة للشيعي في إستئثار البعض بالمغانم من المدعين بالتحدث باسمهم، ولا مصلحة للسني في إستئثار أولئك النفر من المتحدثين باسم السنة، المستعدين  للتعامل مع الشيطان من أجل مصلحتهم الخاصة .. الشيعي كما السني والكردي يعيشون التهميش والإقصاء، في حين يستأثر بعض الساسة والقريبين منهم، شيعة وسنة وأكراد، ومحاسيبهم بالبلد كله .. هذه قضية شديدة الوضوح، ومن لا يدرك هذه الحقيقة عليه البحث عن فساد الوزارات والمؤسسات التي يستأثر بها الشيعة والأكراد والسنة، وفي المحافظات والإدارات المحلية من البصرة حتى الموصل، فالفساد لا يقتصر على طائفة أو قومية، وإنما هو شامل لكل أولئك المتاجرين بأسم القومية أو الدين أو الطائفة .        

وهم لم يقولوا لنا كيف سيكون إملاء الفراغ الذي سيحصل بخروج الأميركان، هل بالنفوذ ، أم بالإحتلال العسكري؟ إذا كان الأمر يتعلق بالنفوذ فنفوذ إيران الآن، وبظل الإحتلال الأمريكي يساوي نفوذ أميركا إن لم يتجاوزه في بعض المسائل، وسيظل نفوذ دول الجوار القوية ( إيران وتركيا تحديداً ) لفترة ستطول حتماً إن لم يعمل العراقيون بجد على توطيد وحدتهم أولاً، وتعزيز قدراتهم الردعية ثانيا، هذا هو الطريق الذي يكفل للعراق الحفاظ على سيادته وقراره المستقل، أما إلتجاء بعض العراقيين لإيران، أو تركيا، أو دول الجوار العربية فهو إقرار بضعف العراق والعراقيين، وإبدال إرتهان بإرتهان سيولد حتماً إحتراباً طائفياً لا يعرف أحد مداه، وسيجعل من أرض العراق ساحة يلعب فيها الراغبون بلعب دور المهيمن على مقدرات المنطقة، ومن المؤكد أن اللعب سوف لن يكون بروح رياضية ، وإنما سيكون وبالا ما بعده وبال على الشعب العراقي، وربما سيكون العراق والعراقيون ضحية صراع شبيه بالصراع العثماني الصفوي، الذي لم يجن منه العراق سوى الخراب الشامل، الذي ما زال البلد يعاني من آثاره حتى الآن .

من المؤكد أن بعض أصحاب نظرية الفراغ، لا يخشون من أن تسد الكويت هذا الفراغ، ولا السعودية، ولا الأردن، ولا حتى تركيا الناتو القوية، وإنما، ولأسباب طائفية مع مزيد الأسف يخشون أن تسده إيران، وإيران بدورها لا تكذب خبراً، بل إنها وعلى لسان كبار مسؤليها تدعي أنها مستعدة لإملاء الفراغ، مفترضة مثل غيرها من ذوي النوايا السيئة أن خروج المحتل سيولد فراغاً، ولعل ظاهرة حج السياسين العراقيين المتوالي إلى إيران يؤكد أنهم واثقون من أن دور إيران المستقبلي سيتجاوز النفوذ الى الهيمنة .

السؤال الذي يجد مبررات طرحه هو : تُرى هل يعجز العراقي عن توطيد أواصر الثقة بينه وبين أخيه العراقي ؟

هل بات من المتعذر على العراقيين التفاهم فيما بينهم ؟

هل بات إبن الموصل وصلاح الدين يستقوي بإنقره على أخية إبن البصره وكربلاء؟ وهل بات إبن العمارة والناصرية يستقوي بطهران على أخيه إبن الموصل والرمادي ؟

أليست بغداد أقرب من طهران بالنسبة للأخوة في إربيل؟

أليست بغداد أقرب بالنسبة للأخوة في صلاح الدين أو الرمادي من أنقرة؟

أليست بغداد أقرب من طهران بالنسبة لأبن الحلة والديوانية والنجف؟

ليس المقصود بالقرب هنا القرب المكاني فقط، وإنما القرب العاطفي والوجداني ، والمصالح المشتركة التي جُعلت ولأمر قدري غير قابلة للقسمة ؟

من يضمن لإبن الموصل والبصرة أمنه وسيادته، العراق القوي المُعافى الموّحد، أم الإرتهان والإعتماد على دولة جارة أو غير جارة، هي وفي مطلق الأحوال لن تجعل مصالح الآخرين فوق مصالح أوطانها؟

نعم المنطقة العربية ككل تُعاني من الفراغ، ولكن ليس أي دولة منفردة، مهما كان ضعفها.

لا فراغ في العراق، ولا في سوريا، ولا في الأردن، ولا في أي بلد عربي . توجد سلطات منخورة، آيلة للسقوط ، تتهيأ القوى الحية للحلول محلها، ولكن لا يوجد فراغ. شعوب هذه الدول تتحرك، تملأ الشوارع والميادين، تواصل ضغطها من أجل التغيير، وستحدث التغيّر لا محال   .

المقصود بالفراغ عدم إنبثاق بلد أو مجموعة بلدان عربية تتصدر الأمة لمواجهة التحديات ، دولة أو مجموعة دول تمتلك الرؤية الإستراتيجية و القدرة والإمكانية  للتصدي والمواجهة، إذ منذ رحيل جمال عبد الناصر وإنتهاء دور مصر وإلى الآن والأمة تتخبط ، وتلتجيء في الملمات إما إلى أمريكا أو الغرب، أو إلى دول تحسبها صديقة، وأخيراً إلى دول الجوار.

الفراغ يؤخذ بهذا المعنى ، وليس بالمعنى الذي يبيح الإرتماء بحضن الغير ، كائن من كان هذا الغير.  

لا يبخل التأريخ بإعطاء الأمثلة والعبر، وتشاء الأقدار أن يكون المثال والعبرة في بقعة جغرافية محددة، وفي بلدين عربين محددين، إذ يتذكر الجميع كيف تمت معالجة محاولة المرحوم عبد الكريم قاسم إحتلال الكويت، حيث تدخلت الجامعة ومنعت حدوث الكارثة ، يومها كان للأمة قائد هو عبد الناصر، وكانت في الأمة دولة تمثل الصدارة  ألا وهي مصر ، وتشاء الأقدار أن يحدث في نفس البقعة وبين نفس البلدين ما كاد أن يحدث قبل أربعين عاماً.

لماذا لم تحدث الكارثة قبل أربعين عاماً، ولماذا حدثت في عام 1990؟

 لم تحدث الكارثة قبل أربعين عاما من حدوثها لأن ثمة قائد لدى العرب إسمة جمال، وثمة دولة تستطيع أن تجمع العرب حولها إسمها مصر، أما في عام 1990، فلم يكن بين  القادة العرب من هو بقامة عبد الناصر، إذ حل محله ويالسخرية القدر حسني مبارك ، الذي قبل أن يكون تابعاً لدولة تابعة، ولم تكن مصر طليعة الأمة، وقائدتها في الصمود والتحدي ومواجهة المخاطر، بل أضحت مروجة للإنهزامية والخنوع، والإستسلام، والتبعية، أهم مهامها التنسيق مع دويلة الإحتلال الصهيوني . 

هل كان من المستغرب أن تستدعي الجامعة القوات الأمريكية والغربية لحل معضلة الكويت؟

قطعاً لم يكن هذا الأمر مستغرباً، فالأمة كانت تعاني فراغاً منذ سنوات، لم تستطع السعودية سدّه لأسباب موضوعية وذاتية، فالمال يشتري الأتباع لكنه لا ولن يمنح نظاماً من أنظمة القرون الوسطى الزعامة والريادة .

قالها الملك الراحل فهد، من يقدر على صدام، وردد قوله حسني مبارك، وبهذا أقالا شخصيهما ودولتيهما من المسؤولية الجسيمة، وسلما المهمة لأعداء الأمة، وحدث ما حدث. 

كان الموقف السليم والصائب يستوجب وجود الشخص القائد والدولة القائدة، وكان الإثنان غائبان، وإلى اليوم والأمة تعيش هذا الغياب الذي طال أمده.

هل نأمل بأن يملأ الربيع العربي الفراغ ؟

سؤال إجابته مرهونة بقابل الأيام .

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا