<%@ Language=JavaScript %> صباح علي الشاهر العراق نحو حكومة الأكثرية
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

العراق نحو حكومة الأكثرية

 

 

صباح علي الشاهر

 

بات أمر إعادة تكوين الاصطفافات السياسية في العراق محسوماً بالترافق مع الانسحاب الأميركي، الذي قد يجري حتى قبل انقضاء المهلة المحددة له في اليوم الأخير من العام الحالي.

لم يعد ثمة من يسأل الآن كيف سيكون الانسحاب، ولا مدته، فكل الدلائل تشير إلى أنّ انسحاب القوات العسكرية الأميركية المقاتلة سيكون تاماً وشاملاً، حتى النقاشات بشأن بقاء عدد من العساكر بصفة مدربين بحصانة أو بدونها، أصبحت أقل صخباً عما كانت عليه.

تزامناً مع هذا الحدث، تحاول التكتلات السياسية الفاعلة على الساحة إثبات ما لا يمكن إثباته، إذ تؤكد بمناسبة أو دونما مناسبة، وحدتها الصلبة، إلا أنّ الواقع على الأرض يثبت عكس ذلك تماماً. فكل الكتل السياسية الآن تهتز، ولم يعد خافياً أنّ «العراقية» في طريقها لأن تصبح «عراقيات». حتى إنّ «العراقية البيضاء»، غيّرت اسمها إلى «البيضاء»، معلنة القطيعة الكاملة مع القائمة الأم، التي انسلخت منها. كذلك، يؤمل خروج ما لا يقل عن عشرين نائباً من العراقية الحالية لإنشاء تكتل جديد رافض لموقف بعض قادة الكتلة في تأييد إقامة الأقاليم، وبالأخص إقليما صلاح الدين والأنبار، إذ بدت هذه الدعوة غريبة ومستهجنة ممن كانوا إلى وقت قريب أشد المعارضين للأقاليم، وأكثر المدافعين عن وحدة العراق.

ولتفسير ذلك التحوّل لدى عناصر فاعلة في القائمة «العراقية»، يشار إلى تأثير عناصر ممولة للقائمة تعيش في الأردن. وتحديداً الثري العراقي «خميس الخنجر»، الذي يقال إنّه بدأ يبتعد عن علاوي، ويحرّض عليه، ويدعو إلى أن تكون القائمة ذات صفة مذهبية محددة، تماماً كما هي عليه القائمة المنافسة «التحالف الوطني». ويقال إنّه هو من يدعم الدعوات إلى إقامة الأقاليم في المنطقة الغربية، لأغراض باتت تتكشف مع تعقد الوضع في سوريا، واحتمالات تغيير النظام، مما يخلق واقعاً مختلفاً في المنطقة، يجعل كل الخيارات ممكنة.

أما التحالف الوطني، فلم يعد سراً ما يعانيه من إرباك، وصراع بين مكوناته وعناصره، إذ ينأى المجلس الإسلامي بنفسه لا عن «دولة القانون» فقط، بل عن مجمل مكونات التحالف، باستثناء بعض العناصر الفردية، التي يزداد ارتباطه بها، كأحمد الجلبي. إلا أنّ المجلس ليس في أحسن حالاته، فبعد حصاده البائس في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، الذي جاء تتويجاً لسلسلة هزائم أسبق، وبالأخص هزيمته في انتخابات مجالس المحافظات التي أفضت إلى خسارته لجميع مواقعه القيادية السابقة، يتجه وعلى نحو متسارع، لمغازلة القائمة العراقية. كذلك هو يتخذ مواقف شديدة الاختلاف مع الحكومة التي يفترض أنّها بقيادة التحالف الذي ينتمي إليه المجلس، ويناصر المختلفين معها، ويرسل رسائل تفيد باختلافه مع إيران. وبالمقابل فإنّ «دولة القانون» تضيّق الخناق على المجلس، وها هو أحد أبرز عناصرها النائب شيروان الوائلي يستجوب أمين العاصمة العيساوي، الذي يمثل آخر معاقل المجلس، بتهمة تتجاوز الإهمال والضعف الإداري، إلى قضايا أخطر تتعلق بالإمانة والنزاهة. ونقلت الأخبار أخيراً خروج منظمة بدر بقيادة وزير النقل الحالي هادي العامري من المجلس الإسلامي، وانفصالها عنه كلياً، والطلب إلى مكاتب المنظمة رفع صور آل الحكيم. ومع تنفيذ أوامر رئيس الوزراء بإعادة أملاك الدولة، ينتظر أن تعود العديد من الأبنية الحكومية التي أصبحت مقارّ للمجلس، أو لنشاطاته إلى الحكومة، مما يمثل تقليصاً إضافياً لقدراته.

ولا يختلف الوضع في التحالف الكردستاني عن وضع القائمة العراقية، أو التحالف الوطني. فالتحالف الكردستاني أصبح مقتصراً على الحزبين، حزب الطالباني وحزب البارزاني، بعد انبثاق تكتل «التغيير» الذي اكتسح الاتحاد الوطني في عقر داره، علماً أنّ هذا التحالف يعاني صراعات داخلية، بعضها عائلي، إذ يشار إلى صراع شرس بين الطالباني ومن يحيط به، وبين حرمه والمناصرين لها. ومثلما يعاني الاتحاد الوطني يعاني الحزب الديموقراطي الكرستاني من صراعات بعضها عائلي، وبالأخص بين ابن الرئيس البارزاني، مسرور، وبين ابن أخيه، إضافة إلى صعود الحركة الإسلامية الكردستانية، واتساع رقعة الاحتجاجات التي يقودها المثقفون الكرد ضد هيمنة الحزبيين، وسوء الأوضاع وتفشي الفساد.

تلك الكتل البرلمانية الثلاث، أنتجت عبر توافقات جرت خلف الكواليس ما يُسمى «حكومة الشراكة»، وذلك رغم ما في هذه التسمية من التباس، إذ إنّها بديل كما يبدو عن التسمية الحقيقية «حكومة الوحدة الوطنية»، التي هي استثناء في الديموقراطيات المعاصرة، لا قاعدة. فمن البديهي في النظم الديموقراطية اعتماد قاعدة تسليم السلطة (الحكم) إلى الحزب أو التيار أو التحالف الأكبر والأكثر حضوراً في البرلمان، وتلك قاعدة ثابتة، استثناؤها كما ذكرنا تسليم السلطة إلى «حكومة وحدة وطنية»، نتيجة ظروف طارئة، كتعرض البلد لخطر خارجي، أو دخوله في حرب أو صراع مع جهة خارجية، أو حدوث أيّ من الأسباب التي تستوجب تجاوز البرامج الفئوية الخاصة، والأيديلوجيات، والانضواء تحت برنامج واحد، هو إما برنامج مواجهة ودفاع، أو برنامج إنقاذ وطني. ويستوجب ذلك البرنامج بداهة القفز على متطلبات أي جماعة على انفراد، من أجل المصلحة الأعم والأشمل، ألا وهي مصلحة الوطن.

أما عندما تؤلّف حكومات ما يُسمى المشاركة، من دون تلك الأسباب فإنّ الأمر لا يعدو أن يكون وسيلة، إما لتهدئة الصراعات المحتدمة، أو تأجيلها، أو طريقة لتقاسم السلطة بين الطوائف ومحترفي السياسة.

هل ستكون الاصطفافات السياسية الجديدة على أنقاض الاصطفافات القديمة التي أنتجت نظام المحاصصة، أم ستنبثق من خارجها؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة، أيام العراق بلا احتلال، بلا جندي أميركي على أرضه.

ومهما كان شكل تلك الاصطفافات ولونها، فإنّ المطلوب انبثاق حكومة أكثرية، قادرة على النهوض بمسؤولية الحكم الحقيقي، وانبثاق معارضة قوية تكون الضمانة لمراقبة حسن سير عمل الحكومة.

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا