<%@ Language=JavaScript %> صباح علي الشاهر مجلس الخدمة مرّة أخرى
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

مجلس الخدمة مرّة أخرى

 

 

 صباح علي الشاهر

 

من الصعب أن يحدد المتابع أفضليات وأولويات البرلمان العراقي . يُفترض أن تكون الأفضليات والأولويات قضايا الوطن والمواطنين، وحتى من بين هذه القضايا ينبغي أن تتقدم قضايا على غيرها، لأنها تكون على تماس مباشر بحياة الناس ومعيشتهم، أو على علاقة وطيدة بأمنهم، أو أنها من مستلزمات العدالة والإستقرار والمساواة التي ينبغي أن تعم بين المواطنين كافة، بحيث لا يشعر أي فرد بالحرمان أو التهميش، أو الإستلاب .

من المؤسف القول أن أغلب القضايا من هذا النوع لم تتم معالجتها من قبل البرلمان حتى الآن، لا في دورته السابقة، ولا الحالية، فالبرلمان منشغل بالمماحكات والخلافات، والجدل العقيم، والخطب الجوفاء المُكررة والمُعادة، وترصد الكتل بعضها للبعض، وبعض النواب لا هم لهم سوى الظهور، فهم يطلبون الحديث لا لإضافة شيء، وإنما لإثبات حضور، حتى لكأن هناك من يتابع هذا الأمر ويسجل فعاليتهم، عبر إحصاء مداخلاتهم بغض النظر عن نوعيتها، لكي يُقال أن هذا النائب نشط ، وفعّال، وبالتالي سيحضي برضا رئيس الكتلة !

برلماننا الذي بلا معارضة يختلف في كل ما له علاقة بمصالح الناس، ويتفق بالإجماع على كل ما له علاقة بمصلحتة ومنافع أعضائه، ولهذا تصدر اللوائح والقوانيين والقرارات المتعلقة به وبشؤونه بأسرع من لمح البصر، فيما تُطمر القضايا والأمور المتعلقة بالناس في مجراته، لتصبح في طي النسيان، بعد القراءة الأولى في أحسن الأحوال.

الشعب في البرلمان يتيم، إذ لا أحد يتابع قضاياه، لكن الجميع يتابع وبإلحاح مصالح ومنافع كتلته وأعضائها، جاعلاً من هذه القضية القضية المركزية، وكأن الناس إنتخبوا هؤلاء الأشخاص لا لتحقيق الوعود، وإنما للحصول على مكاسب خاصة بهم أو بكتلهم، لا لتحقيق برامج محدده، وإنما لتنصيب أشخاص معينين كوزراء وقادة بغض النظر عن البرامج.

عندما يتم شخصنة الأشياء والقضايا، يتم أيضاً شخصنة الوطن، حتى لكأن الوطن، والوطنية هي  (سين) أو (صاد)  من الناس، وبهذه الطريقة السيئه يتم إستغفال الناس، الذين تتحول مطالبهم من مطالب محددة تتعلق بحياتهم وأمنهم وعيشهم، إلى مطالب بتوزير هذا أو ذاك، أو بمنح هذا أو ذاك صلاحيات، أو بتكريس وتكديس المهام في شخص ما، وكأن هذا الشخص هو وحده الحامي للوطن والمدافع عن الوطنية .

ثمة شيء لا يختلف فيه إثنان يتعلق بمصلحة الشعب، هذه المصلحة فوق الحزبية، والطائفية، والأثنيّة، والمناطقيّة، والكتليّة ( نسبة إلى الكتل) لماذ لا يتجمعون حولها؟

لماذا لا يخرجون من بوتقة المصالح الضيقية والشخصية، إلى أفق البرامج المتفق عليها، والواجبة التنفيذ، والمُراقب والمتابع حسن تنفيذها؟

أليس في هذا النهج مصلحة لمن إنتخب، أكثر من مصلحته في توزير هذا الشخص أو ذاك ، والذي هو في نهاية المطاف لا يختلف عن غيره، أو عمن سبقوه، طالما ظل نهج الحكم هو هو، وظل البرلمان على ما هو عليه، وحتى لو حاسب أو ساءل، فأن هذه المحاسبة والمساءلة سوف لن تكون سوى عرض تلفزيوني يتبارى فيه النواب في تأكيد النزاهة والشفافية، ومحاربة الفساد، وينتهي العرض بنهاية جلسات المساءلة والمحاسبة، وكأن شيئاً لم يكن، وكفى الله المؤمنين شر القتال!  

دلوني بربكم، على فاسد تمت مساءلته داخل قبة البرلمان، ثم تمت معاقبته؟!

هل لا يوجد فاسدون في حكومتنا ودولتنا؟

هل لا يوجد مرتشون، وسراق، ومتلاعبون بالمال العام؟

هل لا يوجد من يستغل منصبه لمنفعته الخاصة، ولمآربه الشخصية؟ أو لمصلحة كتلته، أو طائفته؟

هل يجرؤ أحد على القول أنه لا يوجد مثل هؤلاء في حكومتنا ، ومؤسساتنا؟

بعد سنتين ستجري الإنتخابات من جديد، فأين قانون الأحزاب، وأين قانون الإنتخابات؟ هل في النيّة إعادة وتكرار نفس ما جرى، بحيث يدخل قبة البرلمان من حاز على بضعة أصوات، ويستبعد من حاز على بضعة آلاف؟

هل سيتكرر مشهد الدعايات الإنتخابية الباذخة للكتل والأشخاص، والتي ينفق عليها مئات ملايين الدولات، بمواجهة دعايات كتل وأشخاص، لايستطيعون طبع صور مرشحيهم؟ ثم تتشكون بعد هذا من التدخل الخارجي في الإنتخابات، علماً بأن التدخل حاصل منذ البدء ، والتدخل ليس هو اللعب بالأوراق داخل الصناديق وإنما هو بالتمويل، والتمويل المفرط؟

فهل أنتم مقدمون على قطع دابر هذا النوع من التدخل عبر سن قانون يكشف بكل شفافية تمويل الأحزاب، والحركات، والكتل؟ 

كلكم تشكون من التمييز، والإستئثار، والتهميش. إبن الشمال، وإبن الجنوب، إبن الشرق ، وإبن الغرب، وكلكم صادق فيما يدعي، لأن كل المذاهب، والطوائف، والأثنيات، مُهمشة ومُستبعدة، ليس عن القرار فقط، وإنما عن الوظيف العمومي، الذي هو حق لكل عراقي وعراقية، ومن يتوظف ويستأثر بالقرار، هو بالتحديد من ينتمي لأي من القوى الفاعلة، والمؤثرة، عربية كانت أم كردية، أم تركمانية، سنية كانت أم شيعيه، أم مسيحية ، أما غير هؤلاء فهو مُستبعد، إلا إذا إنضوى تحت راية من الرايات، وتوسط لدى راية من الرايات.

وأنتم، وأعني رجالات السياسة فيما يُسمى بالعملية السياسية، و أعضاء البرلمان، تكرسون هذا التايمز، عبر سكوتكم عن تصرفات الوزراء، وقادة المؤسسات، الذين يحولون الوزارة، أو المؤسسة، إلى إقطاعيه لكتلة معينة، وليس لطائفة كما يتوهم البعض، فلماذ تمنحون الوزير، أو رئيس المؤسسة حق التعين في وزارتة، أو مؤسسته ، وهو معين عبر كتلته، وبالتالي مُلزم بحكم هذا الواقع على إرضاء هذه الكتلة، عبر توظيف مناصريها وأعضائها في مفاصل الوزارة ، أو المؤسسة .

لماذا لا تحمون الوزير والمستوز من الوقوع في الخطأ ؟

لماذا، ولماذا، ولماذا، ينام قانون مجلس الخدمة المدنية  في  الدهاليز المظلمة في مجلس النواب ؟

لمذا لا تخرجوه وتفعلوه، وفيه قضاء على هذه الآفة، التي تزرع البغضاء والحقد، وتغرز إنعدام المساواة ، وتفرض التهميش والعزل، وتشعر المواطن بأنه مُستلب.  

من يُعطل إقرار قانون مجلس الخدمة ؟

أليس هم أولئك الذين امتطوا العملية السياسية لتحقيق طموحات غير مشروعة، وليتحكموا بالشعب، عبر التحكم بالوظيف العمومي، أي بلقمة العيش؟

ما الوزير أو رئيس المؤسسة إلا إداري يصرّف أمور الوزارة والمؤسسة، فلماذا تحولوه إلى مُتحكم برقاب العباد؟

لا عذر  لمن يشكو ويتذمر، خصوصاً إذا كان من أعضاء البرلمان، أو من المنخرطين في العملية السياسية، لا عذر له، فالطريق أمامه بين واضح، عليه أخراج قانون مجلس الخدمة العامة من محبسه، وإقراره وتفعليه بإسرع وقت، ففي هذا الإجراء حل لبعض المعضلة، وإنصاف للناس، وتعطيل للإستئثار، وإنهاء لتحكم الوزراء والكتل بالناس، ومكافحة  فعلية للفساد والإفساد,  

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا