<%@ Language=JavaScript %> صباح علي الشاهر بين الحاجة لدعمهم وضروة التخلص من هيمنتهم
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

بين الحاجة لدعمهم وضروة التخلص من هيمنتهم

 

 

 

صباح علي الشاهر

 

بعد الهزيمة النهائية للقذافي والتي أصبحت في حكم المتحققة تدخل ليبيا مرحلة قد تكون من أشد مراحلها صعوبة وتعقيداً .

من حسن حظ الليبين أن الناتو لم يقدم بعد على التدخل برياً، ولم تطأ أقدام جنوده الأرض الليبية، ويُعزى هذا أساساً، لا لموقف المعارضة الليبية، التي مع مزيد الأسف لم تعلن موقفاً صريحاً من إمكانية هذا التدخل، لا بل لوحظ، مع مزيد الإستغراب من البعض، والإستهجان من البعض الآخر، دعوة البعض ممن يحسب على المعارضة حلف الناتو للتدخل البري لحسم معاناة الناس.

من حسن حظ الليبين مرّة اخرى أن التدخل البري، أو الإجتياح لم يحدث، والسبب في هذا يُعزى لأسباب ذاتية وموضوعية،  تخص دول الناتو، فالأسباب الذاتية باتت واضحة للجميع، أما الأسباب الموضوعية، فتتعلق بالدروس المستخلصة من التدخلات في مناطق أخرى من العالم، ومآلات هذه التدخلات، التي كانت كارثية، بكل المقاييس، وعلى مختلف الصعد، والتي هي بدورها أصبحت مدركة ومعروفة من الجميع .

هذا الواقع ( عدم وجود الجيوش الإجنبية على الأراضي الليبية) يسهل نصف المهمة أمام أحرار ليبياً، إذ أنهم سوف لن يكونوا مضطرين لشن نضال مُكلف من أجل إجلاء قوات محتلة، لكنهم سيكونون مضطرين لشن نضال لا هوادة فية، ومتعدد الأشكال، من أجل عدم التفريط بالسيادة، والحرص على الإستقلال التام، وعدم السماح لأجندات الغرب وأمريكا، بتحديد مسارات الثورة الليبية لاحقاً . 

قد نسمع مستقبلاً من يزعم أن القذافي كان (أمين القومية العربية)، وأنه خليفة عبد الناصر، وهو بهذا يردد مزاعم القذافي ذاته، بقصد  دق اسفين بين العروبة وقادة الثورة الليبية، متناسياً أو متجاهلاً أن القذافي فصل ليبيا كلها عن الأمة العربية، بزعم أن ليبيا أفريقية وليست عربية، وحارب التنظيمات العروبية، وحتى قضية العرب المركزية ( القضية الفلسطينية ) كان القذافي من اشد المسيئين لها، ومن أكثر العاملين على إضعافها قصد إحتوائها، وهو الأمر الذي لم يستطع تحقيقه.

كان القذافي يبذر مليارات الشعب الليبي على تأليه ذاته، وإشاعة خزعبلاته، ونظرياته المضحكة، ولم يكن له أصدقاء بين الثوار والأحرار العرب، وإنما كان جلَّ أصدقائه من الأفارقة، وأشد المتعصبين ضد العرب، وقضيتهم المركزية من قادة ورجالات الغرب، حيث كان يشتري القرب منهم بدفع المليارات، وهو لا يبني علاقة في النطاق العربي إلا مع القادة المرفوضين من قبل شعوبهم، والمرتبطين بالغرب والصهيونية، كحسني مبارك، وبن علي، ولم تأخذ النخب العربية القذافي على محمل الجد، بل كانت تسخر منه ومن تنطحاته، بإستثناء قله من أنصاف المتعلمين الذين إستفادوا من عطايا القذافي، والذين تجدهم دائما مع كل من هو قادر على العطاء من دونما ضوابط ، لأنه لا يتقيد لا بميزانية ، ولا قانون، ولا يخضع لمحاسبة برلمان أو هيئة رقابية، تيّمن هذا الحاكم أم تياسر، تلقب بسمو أو جلالة أو فخافة .

ليس من الصعوبة معرفة أن القذافي حارب علانية وجهراً كل التنظيمات والإتحادات والأحزاب التي كانت تضع العروبة في صدارة أولوياتها، وما على من يريد الإستزادة من  من معرفة هذه المواقف، أو الوقوف على هذه الهرطقات، إلا العودة إلى مواقف وأقوال القذافي، حيث سيجد ركاماً من العبث، واللامعقول، بحيث يجعل المرء أمام إحتمالين لا ثالث لهما : إما أن يكون هذا الرجل أكبر مخرب عرفه تأريخ العرب، أو أكبر مجنون حكم دولة عربية .

الأمة العربية تتخلص اليوم من طاغية ومستبد، وجد أن كل الألقاب لا تليق به، وليست بمقامه، لا أمير ولا رئيس، ولا ملك، فأختار أن يكون ملك الملوك، أما ملك ملوك من؟ فليس العرب، وإنما الأفارقة .

حال الأمة بدون القذافي ستكون أفضل، ولكن حذار حذار ممن يحاولون المطابقة بين الأمة ، والمستنكف منها القذافي .

عروبة ليبيا، وإندماجها بمحيطها،أم التطلع إلى الشمال، حيث جاءت الطائرات لتدك العزيزية، وتشتت كتائب القذافي وتسهل تقدم الثوار، هذا هو واحد من محاور الصراع في قابل الأيام .

أما الذين يسيل لعابهم للنفط الليبي، والذين يمنون النفس بإن ما أنفقوه يمكن أن يستعيدوه أضعاف مضاعفة، فإنهم سيتحدثون حتماً، عن إشتراكية القذافي، التي حرّمت الليبين من كل شيء، وجعلتهم خارج العصر. هذه الإشتراكية التي إحتكرت كل شيء، يجب إبدالها بإقتصاد السوق، والخصخصة، ومن يعرف شؤون ليبيا يعرف أن القذافي لم يطبق الإشتراكية ولا أي شكل من اشكالها، وأنما حوّل ليبيا كلها ملكية خاصة لأسرته ومقربيه ، فالقذافي لا يؤمن لا بالإشتراكية، ولا بالرأسمالية، لا بالتخطيط المركزي، ولا بإقتصاد السوق،  وإنما له نظامه الخاص، أو بالحقيقة اللانظام، كما أنه لا يعترف بالحزبية ، وعنده من تحزب خان، ولا بالتمثيل فإن التمثيل بالنسبة له تدجيل، وعليه فإن الذي سقط مع سقوط القذافي إنما هو نظام القذافي اللانظام.

سيكون إقتصاد السوق والخصخصة، ميداناً آخر للصراع  القادم ، وأحد أبرز وجوهه.

 ومن المؤكد أن الثورة لا يمكن أن تقف بوجه الفعاليات الإقتصادية الليبية، فهي ستكون بحاجة، وحاجة ماسة لمساهمة الكل في إعادة البناء والتعمير، لكنها ينبغي أن تكون حريصة غاية الحرص على ملكية الشعب لأهم ثرواته، وبالتحديد النفط والغاز، فقوة ليبيا ومنعتها في المستقبل تتعلق بقدرتها على التحكم بالمصدر الأساسي لهذه القوة،  وعنوان سيادتها، وعامل تطورها ورقيها ، ألا وهو النفط والغاز . 

اليوم يفتح التأريخ أبوابه على مصاريعها  أمام الشعب الليبي ، فليدلج هذا الشعب الصابر الأبي  أبواب المستقبل الزاهر، فهو جدير بهذ، ولكن حذار حذار من التفريط بالهوية  والإنتماء ، والتفريط بمصدر القوّة والمنعة ، ومبروك لشعب ليبيا أيامه المجيدة القادمة .  

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا