<%@ Language=JavaScript %> صباح علي الشاهر الإسلاميون قادمون، ثم ماذا؟!

 

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                                

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

الإسلاميون قادمون، ثم ماذا؟!

 

 

صباح علي الشاهر 

 

الإسلاميون قادمون، عن طريق صناديق الإقتراع إثر ربيع عربي لم يكونوا هم مبدعوه، كما هو الحال في تونس ومصر، أو من دونما ربيع، كما هو الحال في المغرب، وربما سيأتون في أي بلد عربي يُحتكم فيه في الظروف الراهنة إلى صناديق الإقتراع، وقد رشحتهم مثل هذه الصناديق قبل الربيع العربي بعقدين من الزمان في الجزائر للحكم، لكنهم لم يحكموا حينها بفضل ديمقراطية العسكر، وهم مازالوا يحكمون في إيران ومنذ ثلاثة عقود بفضل ثورة شعبية قل نظيرها.

ليس الغريب حدوث ما يحدث الآن، وإنما الغريب أن يستغرب البعض ما حدث، وما سيحدث لاحقاً.

بعض الذين ينشغلون بالتنظير، والذين يخلقون أوهامهم ويقتاتون عليها هالهم ما حدث، فرفعوا رايات التهويل، والتحذير من عظائم الأمور التي ستنهال على رؤوسنا، وكأن رؤوسنا لم تعتد عبر العقود الوردية المنصرمة سوى الغار الذي ينثر عليها!.

لكم نحن بحاجة لتذكير الغاطين في العسل بمقولة ذاك المبدع الذي أبصر ما لا يبصرون عندما قال (النظرية شجرة رمادية اللون، أما الحياة فتزهو بخضرتها). من تسلق الشجرة الرمادية لم يبصر سوى الرمادي، فيما الذين إنغمسوا بتلافيف الحياة أبصروا الألوان كلها، ومن حسن حظ هذه الأمة أن الأغلبية الساحقة من الشعب هي ممن إبتعدت عن تسلق الأشجار الرمادية، أو الإحتماء بفيئها، وانشغلت بمتطلبات العيش التي كانت تتعقد يوماً بعد آخر، وهذه الأغلبية لم تقل قولتها بعد، وإن خرج قسم عظيم منها إلى ميادين وشوارع ما سُمي بالربيع العربي، وعلى هذه الأغلبية فليشتغل المشتغلون، وليعمل العاملون، ففي نهاية المطاف ستقرر هذه الأغلبية مصير الأمة، بعد أن تكون قد إختبرت الجميع، وأمتحنت الشعارات كلها، الوضعية منها، وما زُعًم - لقراءة ما - أنه سماوي .

هل سقطت الأيدلوجيات حقاً، أم سقط فهم مُبتسر لها؟

نعم، ثمة سقوط مُريع، بالغ القسوة قد حصل عبر وخلال العقود المنصرمة، أباح للبعض القول بأننا نعيش مرحلة سقوط الأيدلوجيات. نعم سقوط الأيدلوجيات، ولكن لا بسبب علل الأيدلوجيات ذاتها، بل بسبب علل أصحابها والمنتحلين لها. سقط اليساريون ولم يسقط اليسار، سقط الشيوعيون ولم تسقط الشيوعية، سقط القوميون ولم تسقط القومية، وسيسقط الإسلامويون إذا لم يتعظوا بالسابقين لهم، ولكن لا يمكن لأي مخلوق فوق كتفيه صندوق مدهش لم يُصب بخلل مجرد الإدعاء بسقوط الإسلام نتيجة سقوط مدعيه ومنتحليه، ومحتكري الحديث بأسمه.

اين تكن قوة الإسلامويين ؟

تكمن في أمور توفرت لهم، بعضها لا ولن يتوفر لغيرهم ولا فضل لهم فيها، بل يمكن القول أنها ( من فضل ربي) ألا وهي العقيدة الشاملة القادرة على الإجابة على كل شيء، والتي إنحفرت في وجدان العربي المسلم، وحتى غير المسلم، والتي منحت هذه الأمة الممتدة على هذه البقعة من الأرض هويتها الخاصة، وسماتها المُميزة .

لم يكن الإسلاموي يحفر في بحر، ولا ينحت في صخر، وهو يتوجه للناس بقيمه ومفاهيمه

ومعتقداته، فما ينطلق منه كرّسته قرون مديدة، ودعمته التربية المنزلية، والمدرسة والمحيط، ما نصبّح به ونمسّي، ما نطلقه من سلام، ما نتمناه ونأمله، في أفراحنا وإتراحنا، عند الولادة والوفاة، وكل شيء تقريباً هو في الفحوى والمحتوى، ثقافة إسلامية ، لا تنافسها ثقافة، أما ما عدا هذا من ثقافات لم تتأصل فتبدو بالغة الهجنه، ومثيرة للسخرية، لذا فقد كانت الطريق سالكة وممهدة بين الإسلاموي والمواطن العربي، ويمكن القول أن الإسلامي بهذا المعنى صياد في نهره، ولاعب في ملعبه، أما الآخرون فيبدون كمن يصيد في غير نهره، ويلعب في غير ملعبه، ويستحضر أدواتاً تبدو عاجزة ، لا لأنها غير صالحة فعلاً، وإنما لأن من يستعملها غير صالح، وعاجز، لم يُهيء نفسه للصيد في نهره الذي لم يعرفه، واللعب في ملعبه الذي لا يعرف طبيعة أرضه.

من هنا تحديداً بنى الإسلامي شبكة علاقات بينه وبين ناسه، تفاعل معهم، ساعدهم وتبنى مطالبهم، ساندهم فلم يتقاعسوا عن مساندته في كل الإنتخابات التي جرت في مصر مثلاً، بحيث أن الإسلاميين أفلحوا في إيصال عدد مُعتبر من النواب إلى البرلمان رغم فنون التزوير التي برع بها مبارك وتفوق، لقد إستثمروا أية ظاهرة بما فيها (ظاهرة العنوسة) حيث فتحوا العديد من المكاتب لمعالجة هذه الظاهرة، وأبلوا بلاء حسناً في هذا الجانب، متفوقين على الجميع بمن فيهم السلطات رغم إختلاف الإمكانات. كل هذا وهم ليسوا سوى دعاة مهمتهم من حيث الظاهر الدعوة إلى قيم الإسلام، أما  الأطراف الأخرى فقد تشتت تنظيماتها وتشظت بفعل الضربات المركزة والمتتالية، والتي شملت ليس اليسار والقوميين فقط، بل طالت حتى الديمقراطيين والليبراليين، مع ملاحظة أن هذه الهجمات لم تكن موجهة من قبل أنظمة العمالة فقط، وإنما حتى من قبل الأنظمة التي تدعي القومية أو التقدمية، ولذا فليس غريباً أن يكون أكثر ضحايا القوميين من قبل الأنظمة التي تدعي القومية، وأكثر ضحايا اليسار من قبل الأنظمة التي تدعي اليسارية، وبالترافق مع إتساع الهوة بين ممثلي هذه الإتجاهات وعامة الناس، لاذت هذه النخب بالإنعزالية، والعدمية، وغير بعضهم البوصلة، أما الذين هربوا من الإرهاب خارج الحدود فقد تغربوا إلا من رحم ربي .

مسألتان جوهريتان ينبغي  أخذهما بنظر الإعتبار بالنسبة لمن يتابع العرس الإسلامي، أولاهما ضرورة الإقرار بالواقع، والإنطلاق من هذا، من دونما مكابرة أو مغالطة ، فصناديق الإقتراع أتت بالأغلبية الإسلامية، لا عبر التزوير كما كان يحدث في إنتخابات مدعي الليبرالية، أو القومية، أو اليسارية، وإنما عبر إنتخابات هي من أكثر الإنتخابات في تأريخ العرب نظافة و شفافية، رغم ما شابها من إخطاء بفعل تغوّل رأس المال السياسي، ومن يريد أن يكون له موقع قدم في الشأن السياسي في يومنا هذا عليه دراسة هذه الوقائع واستخلاص العبرمنها، و من دونما مكابرة، وبتواضع وتجرد، يمهدان الطريق لمراجعة شاملة، أضحت ضرورة حتمية لا مناص منها.

المسألة الأخرى التي لابد من أخذها بعين الإعتبارهي أن من فازوا ليسوا كتلة صلبة ، وإنما كتلة رخوة، لا بل شديدة الرخاوة، وبينها من التناقضات ما لا يُحصى ولا يُعد، ليس بسبب إختلاف المرجعيات فقط، وإنما بسبب إختلاف الأهداف والرؤى والمشاريع، وحيث أن التزمت وإحتكار الصواب، لا بل إحتكار الجنة، هو ديدن البعض الذي يرى أنه وحده من يفهم الإسلام، ووحده المؤهل لتطبيقه، وإنه مُكلف شرعاً بهذا، لذا فإنه من المتوقع أن تكون الصراعات داخل هذه الجسم أكثر منها خارجه .     أ

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا