<%@ Language=JavaScript %> صباح علي الشاهر ما حقيقة الإمارات الإسلامية في سوريا؟
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

ما حقيقة الإمارات الإسلامية في سوريا؟

 

 

صباح علي الشاهر

 

هل وجدت بالفعل إمارات إسلامية في درعا وسواها، أم أن هذا مجرد إدعاء حكومي لا سند له؟ وإن وجدت فعلاً، فكيف أمكن وجود مثل هذه التشكيلات في ظل نظام أمني شديد الصلابة كالنظام السوري، قيل أنه كان يحصي أنفاس الناس، ويعرف كل شاردة وواردة في كل مناحي الحياة، ويتسلل حتى إلى الحياة الخاصة للمواطنين، وربما إلى أحلامهم؟

السلطة تؤكد أن مثل هذه الإمارات قد أعلنت فعلاً في العديد من المواقع، منها درعا، وتلكلخ، وأنها قد عثرت على أكداس من الأسلحة بعد سحق المقاومة المسلحة لما تسميهم بالإسلاميين المتشددين، وهي تؤكد أن أكثر من مائة ضابط وجندي من الجيش قد قتلوا على أيدي هؤلاء المسلحين، وجرح ضعفهم، وتذكر أسماءهم ورتبهم، كما تصور جنازاتهم، في حين يدعي المعارضون أن السلطة هي من قتلت هؤلاء بسبب إمتناعهم عن ضرب المتظاهرين بالرصاص الحي، لكنها لا تفسر قضية الجرحى الذين أدلوا بتصريحات مستفيضة، كشفوا فيها كيفية مواجهة المسلحين لهم. ومن المعلوم في العرف العسكري أن الجندي أو الضابط يعاقب بالإعدام إن إمتنع عن تنفيذ الأوامر أثناء العمليات الحربية، سواء في الميدان أو بعد إحالته لمحكمة عسكرية، ولم نعرف أو نسمع بأن الممتنعين عن تنفيذ الأوامر والمهمات أثناء العمليات العسكرية يجرحون!

ليس من الصعب معرفة ضعف حجة القائلين بـإن السلطة هي من قتلت وجرحت أفراد الأمن والشرطة والجيش، وليس من الصعب أيضاً معرفة أن المتظاهرين العزل لا شأن لهم بعمليات القتل هذه، لأنهم أساساً، غير مسلحين، وهم كانوا يرددون في كل تظاهراتهم ( سلمية)، ويركزون على مطالبهم بالإصلاح والحرية، ولكن الحقيقة التي تظل شاخصة أن مئات من أفراد الأمن والجيش قد قتلو، وجرحوا، ومُثل بجثث بعضهم، وهي أمور كان لها شبيه في أماكن أخرى كالعراق والجزائر، وحيثما نشط ما سُمي بالإسلاميين المتشددين على وصف البعض، والتكفيرين على وصف البعض الآخر.

نبيح لإنفسنا القول بإنه ليس من الصعب أيضاً تشخيص مجاميع أخرى، ليست سلمية ولا مطلبية، وإنما جماعات مسلحة، لا تستهدف الإصلاح، وإنما الإنقلاب على السلطة، لذا فهي تصعّد الأمور بخطوات محسوبة جيداً، وتزاول أعمالها لا في المدن الكبرى، وإنما في الأرياف، وعلى حواشي الوطن السوري، على المدن الحدودية غالباً( درعا، تلكلخ، القامشلي.. إلخ)، وهي تعمل بتنسيق وتوافق تام مع قوى خارجية، ليست معارضة فقط، وإنما قوى دولية لها أجنداتها الخاصة، التي قد لا تتوافق مع أجندات المتظاهرين التواقين للحرية، والعيش في ظروف أفضل. 

كعادة السلطات العربية زعمت السلطة السورية أن هؤلاء الأشخاص ( المسلحون) تسللوا عبر الحدود، أو أنهم إستمدوا سلاحهم مما وراء الحدود.

ما نقوله هنا إن مثل هذا الكلام غير صحيح، إذ أن السلطة السورية هنا تحاذر كشف الحقيقة المحرجة لها، وهي أن هذه التشكيلات كانت موجودة منذ عام 2003، تتسلح وتتدرب في معسكرات خاصة، وتحت رقابة السلطة السورية، أو أجهزة معينة من أجهزتها. تموّن هذه التشكيلات من بعض الدول النفطية وبالإتفاق مع النظام السوري، بهدف واضح، وهو إفشال المخطط الأمريكي الذي كان مرسوماً للمنطقة، وعلى طريق إفشال هذا المخطط إلتقت مصالح الدول النفطية ومصالح النظام السوري الذي كان المستهدف الأول على سلّم أولويات أمريكا ما بعد العراق .

 بعد إحتلا ل العراق أحست الدول التي ساهمت في إحتلاله، ومنها السعودية ودول الخليج الأخرى، أن ما حدث في العراق بات يهدد وجودهم، وأن الأمريكان بعد توطيد مواقعهم في العراق، فإنهم سيتوجهون لإحداث مُتغيرات كبرى في المنطقة، حيث لم يعد من المسموح به بقاء حكومات أتوقراطية  بملكيات ومشيخات مطلقة الصلاحيات، تعيش خارج العصر، ولذا قررت السعودية فتح حنفيات البترودولار، وشهدت العلاقة السعودية السورية أزهى مراحلها في هذه الفترة، ومع تدفق المقاتلين العرب على سوريا، تدفقت الأموال أيضاً .  صحيح أن النظام السوري العلماني لا يتوافق مع النهج الإسلاموي المتشدد، ولا حتى مع نهج الإخوان المسلمين الإقل تشدداً، إلا أن النظام كان أمام قضية وجود، قضية حياة أو موت، لذا إرتضى أن يكون موطناً وممراً للمتشددين المتحمسين الراغبين بإيقاف إندفاعة الثور الأمريكي الهائج.

لقد توزعت معسكرات الإعداد والتدريب على كامل التراب السوري، في شرق البلاد وغربها وجنوبها، كانت مهمة هذه المعسكرات إعداد المقاتلين المتطوعين، ثم إرسالهم إلى العراق، لإصطياد جنود الإحتلال الأمريكي.

عاشت هذه المجاميع المسلحة في جزرها المعزولة، وفي أماكن تواجدها الأخرى، وهي كارهه للنظام السوري، ومياله إلى الإسلاميين السوريين الذين كانوا يحملون أشد العداء لنظام الأسد الآب الذي نكل بهم، ومن بعده الأسد الإبن، الذي لم يتساهل معهم، لكنهم رغم كرههم الدفين للنظام، فإنهم لم يترجموا هذا العداء إلى فعل. كانت مهمتهم مقتصرة على العراق، والعراق فقط،  طالما إستمرت الوقائع على الأرض على ما هي عليه، أما وأن الأمور قد تغيرات، فكان من المنطقي والطبيعي أن يتغير إتجاه فوهة البندقية .

الأمارات الإسلامية ليست بدعة سورية، فقد شهدت محافظات العراق وجود هذه الإمارات، وكذلك الجزائر، أما أفعال هذه الإمارات في القتل وحز الرؤوس، والتمثيل بالإجساد فهي ماركة مسجلة لها، لذا فإن الزعم بأن الذي كان يقوم بالقتل والتمثيل بالجثث في سوريا ، إنما هو الأمن السوري، أمر يفتقد المصداقية جملة وتفصيلاً، وفي أحسن الأحوال ماهو سوى أبعاد الجريمة عن المجرم الحقيقي، لا لسبب بالنسبة لمن هم ليسوا طرفاً في الصراع الجاري في سوريا الآن إلا الإختلاف السياسي، هذا الإختلاف الذي ينبغي أن لا يبعدنا عن المصداقية والموضوعية .

ربما يمكن القول أن الجيش السوري، الذي كان يعرف أماكن تواجد هذه البؤر المسلحة، قد إستبق الأمور، وأنهى إمكانية وجود إمارة إسلامية ليس في درعا، وإنما في أي مكان آخر في سوريا، وأنه بهذا قد حسم الأمر مبكراً فيما يتعلق بالجماعات المسلحة، لكن قضية الشعب الذي يطالب بالحرية والإصلاحات  قضية أخرى، فهي ما زالت تتفاعل، وتتصاعد يوماً بعد يوم، وما من سبيل إلى حلها إلا عبر الطريق الأمثل والأصوب، ألا وهو طريق الإستماع إلى منطق العصر وإرادة الناس  في الحرية والإصلاح.

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا