<%@ Language=JavaScript %> صباح علي الشاهر أمريكا تندحر وإيران لم تنتصر

 |  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

 

أمريكا تندحر وإيران لم تنتصر

 

صباح علي الشاهر

 

أمريكا هي التي إعتمدت قاعدة تحويل العراق إلى ثلاث كيانات رئيسية . عن قصد وتعمد عملت على هذا، ونجحت وإلى حدود بعيدة في خلق واقع مدان ومرفوض، لكنه أصبح واقعا على الأرض، والواقع ليس هو الحقيقة دائماً، إذا كانت الحقيقة هي ما يجب أن يكون ، فإن الواقع (ما هو كائن) ، وما هو كائن اليوم في العراق، ليس ما يرغب به الوطنيون العراقيون، ولا ما يريدونه ويطمحون إليه.

بغض النظر عن كل شئ فإن الإستقطاب الذي خلقته أمريكا في العراق، ينبغي تكريسه من وجهة النظر الأمريكية ، مثلما ينبغي التعامل معه كمعطى ثابت .

حجم القوى وقوة تأثيرها في الواقع العراقي الراهن  إن كان مدعاة لإختلاف الفرقاء، فإنه شبه مؤكد لدى الأمريكان . هم يعرفون عن هذا الأمر ربما أكثر مما يعرفه أي من الفرقاء عن أنفسهم، وهم غير معنيين بما يتصوره هذا الطرف أو ذاك، عن حجمه الحقيقي وقوّة تأثيره. إنهم يستقرون لغة الأرقام، ويعرفون الواقع على الأرض، ويتعاملون وفق هذه المعطيات بما يقلل من خسائرهم ويكثر من مكاسبهم، وإذ كان الأمريكان من أكثر الأقوام إستعمالاً للغة التهويل والحماس قصد التأثير على الغير، فإنهم أقل الناس تأثراً بالخطاب الحماسي، خصوصاً إذا جاء من جماعة  إسهموا بخلقها ، وهم يعرفون حقيقة قوتها .

واحدة من الحقائق التي ينبغي الوقوف عليها، أن ليس ثمة طرف من أطراف العملية السياسية العراقية بعيد عن أمريكا، أو معاد لها، أو في الأقل تتعارض مصالحه مع مصالحها، وجميع الشخصيات السياسية البارزة ، أو ذات الحضور الفاعل في الساحة السياسية العراقية هم نتاج ما سُمي بالتغيير ( الإحتلال)، وكلهم بإستثناء التيار الصدري، وبعض الوطنيين الذين إستطاعوا من خلال العملية الإنتخابية إثبات حضورهم في المشهد السياسي، يعتمدون على دعم أمريكا لهم، أو في الأقل عدم معارضتها لهم .

عندما يقول السفير الأمريكي أن أمريكا تقف على مسافة واحدة من جميع الفرقاء، يكون كلامه صحيحا تماماً فهم جميعاً حلفاء وأصدقاء.  ولكن هذا الأمر يختلف عندما يتعلق بمن يصنفون كأعداء، أو مخالفين، ولهذا لم يتأخرالأمريكان عن إعلان إمتعاضهم من تحالف المالكي مع الصدريين، هذا الإمتعاض الذي تُرجم فيما بعد بزيادة الدعم لعلاوي، مما دفع المالكي للتصريح بإنه سوف لن يمنح الصدريين أي منصب أمني ، رغم أحقيتهم بمثل هكذا منصب بإعتبار أنهم أكبر قائمة فائزة، إذ لم تحصل قائمة منفردة على أربعين نائباً كما حصلت القائمة الصدرية لوحدها.

كانت رغبة الأمريكان في البداية تقاسم السلطة بين دولة القانون والعراقية، على أن يكون المالكي رئيساً للوزراء، وأن يمنح علاوي صلاحيات واسعة سواء عبر رئاسة الجمهورية ، أو عبر تشكيل مؤسسة جديدة، وبهذا فإنهم سوف يضربون عصفورين بحجر واحد كما يُقال، حيث أنهم سوف يوحدون أكثر القوى مدنية وفق الظاهر، وبهذا يساعدونها على فك أرتباطها بإيران، وتمتين وتعزيز إرتباطها بأمريكا وبالمحور الأمريكي في المنطقة ، وهذا أمر يخدم مهمة عزل إيران من جهة، والحيلولة دون إنبثاق محور للمانعة يمتد من إيران إلى البحر الأبيض المتوسط من جهة أخرى، كما أنهم سوف يعزلون التيارات الدينية والراديكالية ، وسيضعفون الدور الإيراني بإضعاف دور هؤلاء في العراق . لكن الحقيقة الشاخصة توضح أنه إذا كان علاوي ليس خياراً إيرانيا فإن المالكي ليس كذلك أيضاً، وإذا كان المالكي على علاقة حيدة مع أمريكا فإن علاوي هو رجل أمريكا في العراق بلا منازع، زمن المؤكد أن  خيار أيران كان وراء الستار، يًشار له حيناً على إستحياء ، ويلّوح له أحياناً  بوصفه مرشح تسوية ، لكن شدة الصراع على الساحة العراقية خفضّت سقف مطالب إيران مثلما حفضّت سقف مطالب أمريكا، وحالت دون أن يتحكم أحد الطرفين بالمشهد العراقي .

لماذا إراد الأمريكان إعطاء المالكي رئاسة الوزراء رغم أن قائمة علاوي تتفوق على قائمتة بمقعدين ؟

يبدو أن الأمريكان لم يكونوا مقتنعين بكون العراقية قائمة علمانية، ولا بكون قائمة دولة القانون قائمة بعيدة عن الصبغة المذهبية ولا نقول الطائفية، إنهم يعرفون أن قائمة علاوي تمثل مكوّناً، وقائمة دولة القانون تمثل جزءاً من مكوّن، وإن ما حصل عليه المكوّن الأول يتجاوز المائة والثمانين صوتاُ، وما حصل عليه المكوّن الثاني لا يتعدى  السبعين صوتا بعد حذف عدد النواب الشيعة  من القائمة العراقية .

الأمريكان لا يريدون أن ينظروا للأمور في العراق إلا على هذا النحو، سنة وشيعة وأكراد، لذا فقد كان من الطبيعي أن يعطوا المركز الأول للمكوّن الأكبر، خصوصاُ إذا كان هذا المكوّن يتفوق بهذه النسبة الكبيرة على غيره من المكوّنات، ومن جهة أخرى فإن إتفاق هاتين الكتلتين ( دولة القانون) و( العراقية ) ، وتحت المظلة الأمريكية، سيبقي التخندق الطائفي على ما هو عليه،  وهو ما تريده أمريكا ، لكنه سيجعل اللعب متسما بالهدوء، مما يخلق الظروف المناسبة للإنسحاب الكبير المنتظر لقوات الإحتلال، والذي سيتم وأمريكا أكثر إطمئناناً على تحوّل العراق من بلد محتل ، إلى بلد تابع ، وهو المًراد أمريكيا.

ليس فقط لإسباب تتعلق بتركيبة القائمة العراقية، وعدم تقديرها السليم لتوازن القوى، ضاعت هذه الفرصة على الأمريكان، وإنما بسبب ذاك الهجوم المضاد الذي جاء في وقته وأوانه، والذي أثبت أن الأمريكان ليسوا هم اللاعب الشاطر في العراق، وإنما هم اللاعب المهزوم والمندحر، إذ بعد أن تم تشكيل التحالف الوطني لم يعد ثمة خيار لا لأمريكا ولا للقائمة العراقية. الأرقام اليوم هي من يتكلم، وعلى الآخرين أن يصيخو السمع للغة الأرقام ، وليس بسبب عناد وأنانية بعض الأطراف المحسوبة عل إيران ضاعت الفرضة على إيران ، بل لأسباب أخرى ستزداد فاعليتها في حال تفعيل ما سُمي بالمشاركة .

لقد تلمس العراقيون من الأطراف كافة ذاك الشيء الذي حاولت أحداث ومجريات سنوات الإحتلال تغيبه ، ألا وهو العراق ، وعندما يكون العراق نصب العين ، عندما يكون الغاية والهدف ، تندحر أمريكا ، ويتقزم تأثير إيران وغير إيران .

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

 

 

 صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org 

 
 

 

لا

للأحتلال