<%@ Language=JavaScript %> صباح علي الشاهر " ننسى أوروبا " ومالو!
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

" ننسى أوروبا " ومالو!

 

 

صباح علي الشاهر

 

" سننسى أوروبا"، وسنستعير مفردة الشيخ القرضاوي، على نحو مختلف، ونقول : ومالو!

وجدت نفسي وأنا إستمع لوزير خارجية سوريا أردد تلقائياً : عفارم وليد المعلم ! .

قلت لنفسي – لا لأحد سواها- لو وجد لدينا معلم آخر يقول ما قاله السيد المعلم السوري فإن أوروبا ستعرف على وجه اليقين، لا الظن، أنها يمكن أن تُنسى، ولو إلى حين .

قبل أن اصحو من الشعور بدغدغة الكرامة ألذي أحدثه فيّ كلام المعلم، إذا بي  أرى سيلا من ردود الأفعال الإنفعالية التي ردت على قول المعلم الذي كان بالغ الهدوء، لحد البرودة القاتلة، متهمة إياه بالعيش خارج العصر، والإستسلام لحكم القدر الذي يشير إلى  نهاية نظامه الحتمية، وذهب بعضهم لمقارنة كلام وموقف المعلم بكلام وموقف السيد طارق عزيز! وتشطّر البعض وتنظّر ( إن جاز التعبير) مبيناً أن موقف المعلم لا يعدو أن يكون إفلاساً له كوزير خارجية، ومؤشراً على دخول سوريا إلى مرحلة الإنعزالية التامة، ووصل بعضهم الى وصف موقف المعلم بالعدمية التي تعني الإنتحار، إذ جعل سوريا بمواجهة المجتمع الدولي .

لا يعنينا من كل هذا الإنشاء واللغو، إلا مفردة ( المجتمع الدولي ) ، هذه التي دأبوا على إشهارها بوجه كل من ضاق ذراعاً بتجاوزات الغرب على حقوقهم كبشر وكأمم. وكل من حاول مجرد محاولة التمتع ولو بجزء يسير من حقوقه السيادية، أو سعى للعمل وفق متطلبات حاجاته وحاجات شعوبه الفعليه، لا الحاجات المفترضة التي تُملى عليه ، ولأهداف بعضها معلوم، وبعضها مجهول حتى بالنسبة للراسخين في العلم .

دعونا نتساءل عن ماهية وكنه هذا المجتمع الموصوف بالدولي، مم يتكون ، ومن يمثل ؟

الصين التي هي خُمس نفوس العالم ليست من ضمنه.

الهند التي هي سُدس نفوس العالم ليست من ضمنه .

روسيا بملاينها التي تضاهي نفوس أوربا كلها، والتي تتربع على سُدس مساحة العالم ليست من ضمنه.

أفريقيا السوداء، وشعوب جنوب شرق آسيا الصفراء والسمراء، وأمريكا الجنوبية واللاتينية الخلاسية، والعرب والمسلمين بالمليار والنصف مليار من البشر، ليست من ضمنه أيضاً .

إذن ممن يتشكل هذا الموسوم بالمجتمع الدولي ؟

بعد التدقيق يتبين لنا أنه ليس سوى فرنسا ساركوزي، وأيطاليا بيرلسكوني، وبريطانيا كاميرون، وقائدتهم أمريكا أوباما حفظه الله، ودناديلهم هنا وهناك، الصامتين غالباً ، والناطقين عندما يُطلب منهم أن ينطقوا.

وعلى قاعدة خذ الحكمة حتى من فم المجانين، فإننا نشير هنا إلى وصف ونعت  بوش الأبن لمجموع دول هؤلاء بأوربا العجوز، هذه العجوز التي  ما زالت تتصابى مُتوهمه أنها قادرة ليس على قطع سباق المارثون حتى النهاية، وإنما الفوز فيه، وبالمرتبة الأولى .

هذه الدول المأزومة، التي تغادر مواقعها الأمامية في كل شيء تقريباً، وليس في الإنتاج فقط، والتي ينشغل مفكروها سراُ وعلانية في البحث عن مخارج ممكنة تقيهم من الكارثة التي باتت شبه محققة، تريد منا أن نتوهم بأن (حلف الناتو) الذي بات هو المظهر الوحيد من مظاهر جبروت الماضي وقوته، هو المجتمع الدولي تحديداً وحصراً، ليس هذا فقط ، وإنما هو الحامي والمدافع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان على نطاق المعمورة كلها، وإن علينا أن نحتفل بمظاهر ولادة الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان في أتون العرض الهمجي لمظاهر الدمار الشامل الذي يسلطه هذا الحلف على بنيتنا التحتية وقرانا ومدننا المسكونة بالبشر، الذين هم من لحم ودم، وليسوا مُخلقين أو مُفبركين في إستيديوهات هوليود.

يريد هذا الغرب الناتوي الهمجي، وليس غرب الشعوب الحرّة المتحررة، الآيل للسقوط ليس بحكم التقادم، وإنتهاء فترة الصلاحية فقط ، وإنما بفعل تراكم الأخطاء المميته، التي تجاوزت الحدود المكنة المعالجة والتصحيح، يحاول ترويعنا، وفق سياسة ( الترويع والصدمة ) التي ما زال متشبثاً بها، حتى بعد ثبوت فشلها، وظهور مردودها المعاكس على مختلف الأصعدة، من خلال العرض الذي تكفلت بتقديمه شاشاتهم التلفازية التي هي وبكل جدارة وجه النيتو الإعلامي وليس وجه أوروبا الحضاري، بإسناد من جوقة الإعلام الغبي، أو المتغابي،  المحسوب علينا، والذي هو ليس منا . 

ربما يختلف البعض، أو يجادل، في سبب إنشاء هيئة الأمم المتحدة ؟ هل هو حقاً لمصلحة أمم وشعوب العالم، وحقها في الحرية والحياة التي ترغب بها؟ أم لتسهيل أمر إنقيادها وتسويسها، من قبل المنتصرين في الحرب العالمية الثانية، ولتأبيد إنتصار وهيمنة هذه الدول على العالم عبر مجلس الأمن، وحق النقض ( الفيتو) ؟ 

ولكن ما من أحد يختلف حول الإجابة عن سؤال: لماذا نشأ الناتو؟ تماماً مثلما لا يختلف إثنان حول الإجابة على سؤال: لماذ نشأ حلف وارشو؟ إنهما حلفان عسكريان، مهمتهما الأولى والأخيرة حماية مصالح الدول التي يمثلانها، ووسيلتهما في هذه ليست ثقافية، ولا فكرية، ولا إنسانية، وإنما عسكرية، وعسكرية ضاربة ورادعة حصراً وتحديداً .

ليس سوى مهبول أو أبله ذاك الذي يتصور أن جنرالات حلف الأطلسي يمكن أن يكونوا موكلين بتكريس الديمقراطية والإنتقال السلمي للسلطة، لا في بلدانهم ولا في بلدان العالم الآخرى، وبداهة أن حلف الناتو لا يتدخل عسكريا إلا لتطمين المصالح الإستراتيجية الموكل بحمايتها والدفاع عنها، وهو لا يتدخل عسكرياً إلا إذا أفلست دوله سياسياً ودبلوماسياً، فهل أفلس الغرب ؟ هل باتت الديمقراطية الغربية المُسلفنة بحاجة لقصف البوارج والصواريخ الذكية، وطلعات الطائرات بدون طياريين، ودك المنازل على رؤوس اصحابها، لأجبار الآخرين على الإقتناع بها وتطبيقها؟

وإذا كان من حق الغرب، وهو غريب عنا، إستعمال كل ترسانته العسكرية ضدنا، لأننا لا نطبق كما ينبغي مبادءه، أو لأن بعض حكوماتنا تعرض حياة الأبرياء للخطر، فلماذ يعترض على جيوشنا الوطنية عندما تواجه المسلحين الذين يستهدفون حياة الناس الأبرياء ، ويعرضون أمن المواطنين والوطن  للخطر ؟ 

الغرب، الذي تباهى، وكان هذا من حقه، بأنه المنتج الوحيد للخيرات المادية التي تستهلكها أمم الأرض قاطبة، لم يعد من حقه الآن التباهي، بعد أن اصبح هو وزعيمته أمريكا أكبر المستهلكين لما ينتجه مستهلكو الأمس، منتجو اليوم ، وهذا أمر بالغ الدلالة ، على هديه وبمقتضاه ينبغي أن تتغير معطيات كونية .

ربما – نحن العرب – الأمة الوحيدة بين الأمم التي لم يدرك حكامها بعد طبيعة المتغيرات في عالم اليوم، لذا فإن قول المعلم ( سنسى أوروبا) يبدو كالدرة اليتيمة ، التي ينبغي أن لا تظل يتيمة، ولا يذهب مغزاها أدراج الرياح .

هل يستطيع المعلم نسيان أوروبا؟ نعم يستطيع، وفي حالة واحدة فقط ،إذا لم تكن له ولحكومته مليارات في بنوك أوروبا، وقتها يصدق عليه المثل القديم ( المفلس في القافلة أمين )، ونحن بحاجة في صراعنا مع أمريكا إلى حكام لا يخشون الغرب وأمريكا ، لأنهم مفلسون، أما أولئك الذين تتلوى رقابهم حيث تكون موجوداتهم فهم لا يصلحون لا لقيادة المرحلة الحالية ولا  لأي مرحلة.

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا