<%@ Language=JavaScript %>  صباح علي الشاهر الظاهريون والباطنيون في السياسة
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

الظاهريون والباطنيون في السياسة

 

 

  صباح علي الشاهر

 

يحتاج المرء إلى  السباحة في عالم اللامعقول، والنظر بالمقلوب والمعكوس، وإبطال العقل ، من أجل أن يتماشى مع بعض ما يجتره الإعلام المغالط الذي لا يحتاج المرء إلى وصفه، فهو موصوف بالمنشأ والتبعية والمصدر والعائدية التي لا يناقش فيها إثنان، مثلما عليه أن يقر بأن هؤلاء السادة الذين ينطون بين الآونة والأخرى من على بعض الشاشات التلفزيونية ليتحفوننا بالمنطق الأعوج، شديد الخبال والهبل، مفكرون ومحللون، ومتعمقون بالسياسة ، ليس ما ظهر منها، وإنما ما بطن . 

هؤلاء يريدون منا أن نقتنع بإن حلفاء أمريكا بالظاهر، هم أعداؤها بالباطن، وأعداؤها بالظاهر، هم أصدقاؤها وحلفاؤها بالباطن!، وإن السذج فقط هم من لايرون الصورة على هذا الأساس .  

تأسيساً على هذا فأعداء أمريكا الحقيقيون هم آل سعود، ودويلات الخليج، وحسني مبارك ، والحريري، وجعجع، وعلي عبد الله صالح، وإسرائيل، أما أصدقاء أمريكا فهم إيران، وسوريا، وحزب الله، وحماس، وكل من يرفع راية المقاومة والتحدي، وربما تشافيز وكاسترو!

إذا كنت لا تذهب هذا المذهب فأنت سطحي، لا تفهم إلا الظاهر، ولا تستجلي الباطن، أي أنك قليل الفهم لأنك لست باطنياً، رغم أن الباطنية مُكفرّة في فقه هؤلاء، وتفكير هؤلاء، وحتى القران الكريم ( على رأي هؤلاء) لا يمكن للمسلم إلا أن يفهمه على ظاهره، بلا تأويل.

عليك أن تفهم ظاهر الأشياء من دونما تأويل، ولا فهم يستنبط من بواطن الأشياء  عندما يتعلق الأمر بدينك، وتأريخك، وحياتك، وفهمك لكل شيء، باستثناء السياسية العارية المكشوفة، التي لا يحجبها حتى ما يُستر من عورة، إذا رأيت عميلا يُصرح بعمالته ويفاخر بها، فإياك الزعم بأنه عميل، فهو قد يكون بالظاهر هكذا،  لكنه في الباطن، وهو الأساس، غير ذلك، إنه مكافح ومناضل، أما إذا رأيت من يجهر آناء الليل وأطراف النهار بالعداء لأمريكا وإسرائيل، ويتحمل جراء هذا الموقف ما يتحمله من عنت، ودماء، وتضحيات،  فلا تظنن أن هذا عدو أمريكا فعلاً، قد يكون هكذا ظاهرياً، لكنه باطنياً ليس أكثر من أداة تحركها أمريكا.

الغريب أن هؤلاء الظاهريون السطحيون في العقيدة والفهم، يتحوّلون فجأة إلى باطنيين شديدو الباطنية في السياسة .

أنهار الدماء التي قدمتها حماس في ساحات النضال ضد إسرائيل، ليست سوى خدعة، كي تبين للمغفلين أن حماس عدوة لإسرائيل، في حين إنها صنيعتها وعميلتها وتأتمر بأمرها! ونصر الله وأبطال حزب الله، الذين أجبروا الجيش الذي لا يُقهر على الهزيمة، وأذلوه وأهانوه ومرغوا كبرياءه بالوحل، والذين قدموا خيرة شبابهم على مذبح الحرية والنضال ، والذين يطاردون الآن من قبل أمريكا والموساد في كل مكان، هؤلاء ليسوا أعداء أمريكا وإسرائيل إلا ظاهرياً، أما باطنياً فهم متواطئون معهما ومنسقون، ومتفقون على تحطيم العرب .

ومن الطبيعي أنه إذا كان هؤلاء متواطئون ومتفقون مع أمريكا وإسرائيل، فإن أعداءهم سيكونون بداهة، وتحصيل حاصل، أعداء أمريكا وإسرائيل، وعليه فإن عليناً أن نرفع صورة القائد المغوار (جعجع) كرمز للنضال والجهاد، فما حاجة المنتفضين في الساحات العربية إلى صورة جيفارا، وعندنا جيفارانا الباطني، ثم ماحاجة لبنان المقاوم إلى حسن نصر الله، وعنده الشيخ سعد الحريري، صاحب الصولات والجولات في سوح النضال، من ماربيا إلى موناكو.

شدما تبدو الصورة سيريالية على نحو فاقع عندما ينبري إعلام الجهالة والتخلف والتكفير، للحديث عن الإستئثار بالسلطة من قبل فئة قليلة، أو حزب، أو جماعة ، والدول التي يعبر عنها هذا الإعلام لا تستأثر في بلدانها بالسلطة فقط، وإنما تستأثر بالثروة، وكلما هو فوق الأرض وتحتها، وتحدد للناس ما هو مُحرّم وما هو مُباح، بدءاً من تحريم سياقة السيارة على النساء، إلى خروج المرأة من دونما محرم، إلى تحريم الأحزاب والنقابات والإتحادات، والتظاهرات، والإنتخابات، وكل مظهر من مظاهر التمدن، بإعتبار إن كل هذا بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.   

والأمر الأدهى والأمر أن هذا الإعلام المُرائي والمُداهن والمُدجن حد النخاع، والذي لا يتحرك إلا بتوجيه السلطات الغارقة في التخلف، يريد أن يقنعنا أن القواعد الأمريكية والغربية ليست في الخبر والدمام، والعديد، والبحرين، ومسقط، وإنما في سوريا، وإيران، وربما في أحضان حماس وحزب الله .

نحن أول من يقر بأن الحرية لم تولد بعد في ديارنا التي تغزلنا حد التخمة بأمجادها الغابرة ، فنحن أمة تهرب من عار الحاضر إلى زهو الماضي، نعيش ما قبل القرون الوسطى. الفارق بين العيش في ظل أجدادنا الشيوخ، وملوكنا وقادتنا اليوم أن أولئك كانوا يعيشون في الخيام، وبيوت الطين، أما هؤلاء فعيشيون في أرقى قصور المعمورة، والفارق الآخر أن أجدادنا كانوا يعرفون كيف ينصبون الخيمة، وكيف يزيلونها، أما شيوخ ( ملوك وقادة اليوم ) فهم يعتمدون على كل جنسيات الكرة الأرضية لإدامة وصيانة القصور، وهم بالنسبة لأبسط ما في هذه القصور صم بكم لا يفهمون .

الحرية لا وجود لها تحت الشمس العربية، يتساوى في هذا الجميع، فأقطارنا تحكم بالغلبة ، وإزاحة الآخر وتهميشه، وبمرجعية غيبية لا مصداقية لها، وهي شبيهه في هذه الناحية بالجارة إيران، التي هي أقرب بلد لنا، ليس جغرافية فقط، وإنما نهجاً وسلوكاً وممارسة في الحكم الذي يعتمد ما تعتمده دولنا من إستبداد، وإستئثار، وتحكم برقاب العباد. ليس لدينا كحكام عرب ما نفاخر به الآخرين، وليس لأحد من حكامنا يد بيضاء لم تتلوث بشائبة الأحمر القاني، أو لم تمتد لما حرّم الله أن تمتد إليه. وإلا من أين لكم هذا، وأغلبكم أما أنصاف أميين أو أنصاف متعلمين، وليس بينكم من كان والده فورد، أو روكفلر، ولم تنحدروا من عرق جرماني ملكي، ولستم من سلالات مقدسة، ولم يترك أجدادكم علماً ينتفع به، ولا إجترحوا مآثر سيسطرها الزمن بأحرف من نور كما يقال. المنجز الوحيدة لأجدادكم وآباءكم أنهم أنجبوكم، لتبتلي بكم شعوبنا العربية، على إمتداد أرضنا التي قيل أنها ولودة ، لكنها على ما يبدو عقمت بعد أن أولدتكم، لله دركم !

لأن الإستبداد شامل، والظلم عام، والحرية ضائعة، والحقوق مغدورة، وإذا وجد خلاف يينكم في بعض هذه الأمور، فهو خلاف بالكم وليس بالكيفية والنوع، فإننا أصبحنا نميز بين بعضكم والبعض الآخر، لابتحقيق العدالة والحرية والديمقراطية والمساوات، فتلك أمور نسيناها بفضل جهودكم الإستثنائية، وإنما ببعض قطرة حياء نتلمسها في جبين بعضكم، وببقايا كرامة تدفع البعض أن لايمد اليد لمصافحة جزاري شعبنا الفلسطيني ، وبكلمة ( لا) يقولها بعضكم ولو على إستحياء بوجه غول العصر.

لم تتركوا لنا من مجال إلا مفاضلة قطرة حياء يتيمة على جبين حاكم، أو بقية كرامة ولو على إستحياء، إزاء من لا حياء ولا كرامة لهم ، أفلا نكون معذورين ؟

يقولون إذا كنت لا تستحي فأفعل ما تشاء، ونقول إذا كنت لا تستحي فأكتب ما تشاء.     

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا