<%@ Language=JavaScript %> صائب خليل ما الذي كشفته ويكيليكس عن رأي العرب بإيران وإسرائيل؟

 |  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

 

 

 

ما الذي كشفته ويكيليكس عن رأي العرب بإيران وإسرائيل؟*

 


  صائب خليل
 


*هل ويكيليكس وثائق صحيحة أم لعبة؟*
 

أثارت ويكيليكس أسئلة كثيرة هامة وكشفت امور خطيرة عديدة. لكن أكثر سؤال تردد
بين الناس: هل أنها تسريب حقيقي أم أمر مرتب؟ ليس لأحد أن يعرف الجواب على هذا
السؤال. ولعل أهم ما كشفته لم يكن نصاً في الوثائق نفسها، وإنما في اكتشافنا
عجزنا ومواجهتنا لحقيقة أننا في عالم تضيع فيه الحقيقة على البشرية تماماً. *وزير
الداخلية التركي* قال ما يدعم هذا الرأي حين صرح " إننا عندما ننظر إلى الوثائق
تبدو كما لو أن الدبلوماسية تقوم على الشائعات. إننا أمام وضع غير جدي ويقابلها
الإنسان بحيرة". (1)
 

إنها حالة محزنة، لكن ليس ذلك بغريب على "بشرية" تضع ثقتها في مكان غير مناسب،
وتواجه كل هذا المد في تطور الإعلام الإفتراضي، بتصديق ساذج لقصص عجيبة تعتمد
على أساس أفلام مشوشة يقول لنا البعض أن العفريت "بن لادن" ارسلها لنا على بساط
الريح من أحد الكهوف البعيدة!
 

مع ذلك: هل الوثائق حقيقية أم أنها ترتيب أمريكي - إسرائيلي؟ مع الإحتفاظ
بالشك، يبدو لي أن الموضوع مرتب من قبل جهات أمريكية والإحتمال الأكبر إنها
إسرائيلية، يشترك فيها الجهات الإمريكية المخلصة لإسرائيل.
 

اهم سببين للإعتقاد بأنها لعبة، الأول،  أنه من الصعب التصديق بأن الولايات
المتحدة لا تستطيع أن تمنع نشر وثائق تهدد امنها القومي، و"*تعرض حياة الكثيرين
للخطر*" حسب ما تدعي، (2) ومن خلال الإنترنت. فلقد تم إغلاق مواقع عديدة سابقاً
لأسباب أتفه كثيراً، سواء بالتدخل البوليسي المباشر (خارج الولايات المتحدة)
كما فعلت سابقاً مع إنديميديا. الآن فقط، وبعد نشر الوثائق، أصدر الإنتربول
قراره بالقاء القبض على أسانج، أما قبل ذلك فكانت هناك حركات لا يفهم منها إن
كانت تسعى لعرقلة الرجل أم زيادة شعبيته.
 

أما الإدعاء بأن الأمن الأمريكي لم يستطع أن يجد أين تكمن حاسبات ويكيليكس فأمر
آخر يصعب تصديقه تماماً، وكما عبرت إحدى الناشرات على الإنترنت: " وكالة الأمن
القومي الأمريكي تستطيع أن تستلم النص الذي أكتبه فور إكمال النقر على لوحة
مفاتيح الحاسبة، فكيف لم تنتبه لما جرى في الوقت المناسب لتمنعه؟
 

أما السبب الثاني للشك هو أن الوثائق، وبالرغم من كثرة اللغط حول ما سوف تسببه
للإدارة الأمريكية من إحراج، فهي تبدو منتقاة بشكل عام يناسب الولايات المتحدة،
وأكثر منها، إسرائيل. *إبراهيم الأبرش يلخص ذلك*:
 

"المتابع للوثائق المنشورة سيلاحظ أنها لم تمس بالصميم الإدارة الأمريكية ولا
المصالح الإستراتيجية الأمريكية ولم يتم ذكر أسماء مسئولين أمريكيين وتحميلهم
مسؤولية جرائم وانتهاكات خطيرة تم ارتكابها في العراق أو أفغانستان أو مناطق
أخرى كما لم يتم تجريم إسرائيل الحليف الاستراتيجي لواشنطن ،ولكن هذه الوثائق
خلقت حالة من الإرباك والإحراج لدول وحركات سياسية وخصوصا في الشرق الأوسط
وزادت من حالة انعدام الثقة بين المكونات السياسية والاجتماعية لدول المنطقة
،وهذه الحالة بالضبط مطلب استراتيجي أمريكي تم توضيحه في إستراتيجية (الفوضى
البناءة)".(3)
 

وأنا أثني على رأي الأبرش، حيث بحثت بنفسي عن إشارة إلى مجزرة ارتكبت بحق عائلة
صديقي لطيف علو، ولم أجد شيئاً عنها، وحين سألته أكد عدم وجودها وأن الإشارات
إلى مثلها من "الأخطاء" تبرئ الأمريكان وتضعهم في موقف مثالي. كذلك اختفاء
وثائق عن جريمتي الهجوم الإسرائيلي على لبنان وغزة واغتيال المبحوح وغيره، وعن
فضائح قصف الفلوجة وغيرها من المدن العراقية، وعن الإرهابيين البريطانيين الذين
إمساكا متلبسين بالجريمة في البصرة ولا جريمة قتل أطفال النعيرية أو اغتيال
مبدر الدليمي، والقائمة تطول.
 

وإضافة إلى الإنتقائية الواضحة للوثائق المسربة، فهناك مرحلة إنتقائية ثانية
بالنسبة للصحافة الأمريكية حيث نشرت أهم صحفهم أجزاء منتقاة أيضاً وموجهة
للتحريض على الحرب على إيران، فقد *اكتفت أهم صحيفتين أمريكيتين*، هما نيويورك
تايمز والواشنطن بوست بنشر وتأكيد ما أشارت إليه برقيات بأن الولايات المتحدة
تعتقد أن إيران قد امتلكت صواريخ متطورة من كوريا الشمالية، دون أن تشير أي
منهما إلى رد روسي مفصل ينفي النظرةالأمريكية وعدم وجود الأدلة القوية
عليها.(4)
 

والهدف من اللعبة يبدو إعطاء انطباع معين للعالم يناسب مصالح تلك الدولتين
وأجندتهما. ولكننا نلاحظ أنها تناسب الجانب الإسرائيلي بشكل أكثر مباشرة، أما
فائدتها للجانب الأمريكي فهو في مواضيع تشترك مع الأجندة الإسرائيلية. ورغم
أنها تخلو من أية فضائح أمريكية جدية، فهي تكلف الجانب الأمريكي كما كبيراً من
المصداقية الدبلوماسية يمكننا أن نتخيل أنها ستلقي بظلالها على كل محادثات
دولية مع هذه الدولة مستقبلاً. إضافةً إلى ذلك فهي تضعف الجانب الأمريكي في
تعامله مع أختلافاته مع إسرائيل. الإحتمال الكبير إذن أنها لعبة إسرائيلية، لكن
ذلك لايعني بالضرورة أن الوثائق مزيفة، أو على الأقل ليس كلها.
 

يتفق الساسة الأتراك على هذا التقييم، ف*يقول حسين جلك*، مساعد رجب طيب
أردوكان، أن إسرائيل أعلنت أنها لن تتضرر من الوثائق حتى قبل نشرها.(5)
فالوثائق المسربة كلها تؤكد "صحة" المواقف الإسرائيلية في جميع النقاط
الأساسية. وقال وزير الداخلية بشير اتالاي أن «لجهة المستفيدين فإننا نرى
إسرائيل في المقدمة، حيث لم تنشر وثائق كثيرة متعلقة بها وما نشر يميل إلى
مصلحتها". وقال رئيس البرلمان محمد علي شاهين انه يرى أهدافا سياسية وراء نشر
الوثائق. وأضاف «لست على قناعة بأن هذه الوثائق يمكن أن تنشر رغما عن الولايات
المتحدة». وأشار نائب رئيس حزب العدالة والتنمية حسين تشيليك بدوره إلى سرور
إسرائيل بنشر الوثائق.(1)
 

وكمؤشر إضافي من ناحية أخرى، ليس من المعتاد بأن يختار ناشط سياسي يبحث عن
الحقيقة إمتداح قائد يميني عنصري مثلما فعل أسانج حين *أشار إلى نتانياهو
ممتدحاً موقفه* من نشر الوثائق كمثال إيجابي. (6)
 

وأشار أحد الكتاب إلى أن *ويكيليكس جزء من ممارسة حسابات "نظرية الألعاب"* التي
تتفوق فيها إسرائيل.(7)
*لا مفاجآت، بل تثبيت حقائق معروفة*
 

من الملاحظ أن "الفضائح" أعطيت حجماً أكبر مما تستحق، خاصة تلك "المناسبة"
منها. فعلى الصعيد العربي والعلاقة مع إيران، كان الأمر مقسماً بين كلام مبهم
وفضائح لجهات مفضوحة أصلاً مثل أقوال السفير السعودي لدى الولايات المتحدة عادل
الجبير الذي قال ان العاهل السعودي "يدعو الولايات المتحدة الى مهاجمة ايران
لوقف برنامجها النووي" ونصح الأمريكيين بـ"قطع رأس الأفعى" وشدد على ان العمل
مع الولايات المتحدة لمواجهة التاثير الإيراني في العراق هو اولوية استراتيجية
للسعودية، وملك البحرين دعا إلى وقف البرنامج النووي الإيراني, لأن "خطر تركه
يفوق خطر وقفه"، وتحذير مسؤول أردني كبير للأمريكان: "اقصفوا إيران وإلا
فسيتوجب عليكم أن تعيشوا مع قنبلتها"، وإشارة رئيس الحكومة اللبناني السابق
السنيورة في 2006: الحرب ضد إيران ضرورية، ومبارك الذي يقترح على أميركا تنصيب
دكتاتور للعراق، ويحصل على المديح الشديد من نتانياهو. هذه مواقف لا أتصور أنها
فاجأت أحداً. فهؤلاء الحكام لا يعدّون من قبل شعوبهم إلا امتدادات إسرائيلية.
 

يلاحظ تتناغم أقوال هؤلاء الأخيرين بشكل يصعب تجاهله مع التصريحات التي اعلنها
السياسي العراقي المنشق عن قائمة أياد علاوي، السيد سلام الزوبعي، حول تخطيط
قائمة العراقية لمهاجمة إيران بالإشتراك مع المملكة العربية السعودية. وكما هو
معروف كانت العلاقة بين المملكة والقائمة العراقية شديدة الفعالية قبل وخلال
الصراع الإنتخابي الأخير في العراق. ولا شك أن العراقيون سينظرون إلى هذا
السيناريو الخطر، نظرة ذعر واشمئزاز من السياسيين الذين يخاطرون بإدخال بلدهم
في المأساة التي سبق أن أصابته بدمار لم يسبق له مثله، قبل ربع قرن، ومازال
يعاني منه بشدة. وفي تلك المرة، كان للسعودية أيضاً دور أساسي في دعم وتشجيع
الحرب وتمويلها، ومن خلال نفس الحزب الذي تتعاطف معه قائمة العراقية ويتقارب
معه ناخبوها ويحرص قادتها على إعادة الإعتبار إليه وإعادته إلى السلطة، وخاصة
السلطة الأمنية، وبدعم أمريكي. مكشوف وصريح.
 

ولم تنشر الوثائق حسب أطلاعي برقيات السفارة الأمريكية في بغداد، أقوالاً لقادة
عراقيين، وإنما اقتصرت على إعطاء آراء أميركية حولهم وحول الأوضاع العامة في
العراق.
*إسرائيل وأميركا، إسرائيل وتركيا، إسرائيل والعرب، وإسرائيل وإيران*
 

بالنسبة لفائدة التسريبات لإسرائيل على الجبهة الأمريكية، يرى بعض الخبراء
الإسرائيليين أن عاصفة ويكيليكس *سوف تشتت تركيز إدارة أوباما* على مفاوضة
إسرائيل حول تجميد الإستيطان. وقال زلمان شوفال، السفير الإسرائيلي السابق لدى
الولايات المتحدة ومستشار نتانياهو للعلاقات معها، أن ما كشفته ويكليلكس يزيل
الفكرة القائلة بأن من الضروري تحقيق تقدم في الجبهة الإسرائيلية الفلسطينية
أولاً، إن أرادت الولايات المتحدة أن تتخذ موقفاً شديداً من إيران. (8)
 

 وتصيب التسريبات الخصم الجديد لإسرائيل: تركيا، وبشكل خاص أردوغان، العدو
اللدود لإسرائيل، فأشارت وثيقة إلى *خشية أميركا وإسرائيل من "الأصولي" أردوكان
*! (9) الذي هدد إنه سيرفع دعوى على الدبلوماسيين الأميركيين أمام المحاكم
الدولية. ودعا الرئيس التركي عبد الله غول الأتراك «لعدم الوقوع في هذا الفخ».
وقال إنه التقى الرئيس الاذري الهام علييف الذي انتقد في وثائق «ويكيليكس»
تركيا بلهجة شديدة. وأضاف إن «علييف أعرب عن أسفه للأكاذيب التي نشرت. وقد قلت
له انه يجب عليه عدم الأسف لأننا أصلاً لم نصدق ما ورد على لسانه فنحن شعب واحد
في دولتين"(1)
 

حاول الإسرائيليون الإستفادة من الوثائق لإشاعة صورة مركزية توحي بأن العرب
يقفون في حقيقتهم مع إسرائيل، ومن هذه الصورة تشع استنتاجات بمختلف الإتجاهات،
جميعها تصب في صالح إسرائيل.
 

فالصورة الكريهة عالمياً لإسرائيل، سوف تنخفض إذا كان ضحاياها يقفون معها،
وسيمكن لعملائها ومؤيديها الخجولين من موقفهم المحرج أن يشيروا إلى أن "حتى
العرب معها" وأنهم "لن يكونوا ملكيين أكثر من الملك"..الخ. أما الداعمين للحق
العربي فسيصابون بالإحباط، حتى إن لم يغيروا رأيهم بإسرائيل. كذلك ينتظر أن
يصيب الإحباط الأكبر الفلسطينيين انفسهم، ولأ أظن أنها مصادفة أن يبرز وجه
فلسطيني غاضب في التلفزيون ليقول لك أنه تبين ان الإهتمام العربي بالقضية
الفلسطينية ليس كبيراً وأنه يأتي بالدرجة 22 ، وأن على  الفلسطينيين أن يعدلوا
استراتيجيتهم على ذلك الأساس.
 

ماذا يعني ذلك؟ أن موقفهم ضعفيف وأن عليهم أن يقدموا المزيد من التنازلات!
 

ويؤكد تلك الخطة قول نتانياهو "ألمسرب" بـ "*أن الفلسطينيين سيقبلون اي اتفاق
يوافق عليه الاميركيون*". وبالتالي سوف يستنتج العالم بأن أفضل طريقة لحل هذا
الصراع هي أن يقدم الأمريكان مشروعاً يرضي الجانب اليميني الإسرائيلي، مادامت
موافقة الفلسطينيين مضمونة! (10)
 

وينسجم ما تم تسريبه من مقولات نسبت إلى قادة عرب بشكل كبير مع دعم تلك الصورة،
وأن العرب لا يخشون إسرائيل بل إيران، *فقال نتانياهو* بأن البرقيات " كشفت عن
المخاوف العربية الواسعة بشأن البرنامج النووي الايراني ." معرباً عن أمله "أن
يعلن زعماء الشرق الاوسط عن مخاوفهم بشأن ايران". وأضاف " للمرة الاولى في
التاريخ الحديث هناك اتفاق لا يمكن اعتباره غير منطقي في اوروبا وفي اسرائيل
ودول المنطقة على أن التهديد الرئيسي ينبع من ايران وخططها التوسعية وتسلحها".
وأن "يتحلى الزعماء العرب بالشجاعة الكافية بالقول علناًَ لشعوبهم ما يفكرون به
سراً". وأضاف "سيكون هذا تقدما حقيقيا من أجل السلام أولا وقبل كل شيء لاننا
يجب أن نغير الخطاب والمجادلة الزائفة بأن اسرائيل هي التي تهدد الامن والسلام
بالمنطقة في حين يعلم الجميع أين يكمن الخطر الحقيقي".(11)
 

عبارات نتانياهو مثيرة للإهتمام، وخاصة تلك العبارة التي تبدو بلا معنى، والتي
تدعو الزعماء العرب "للتحلي بالشجاعة ليقولوا علناً ما يفكرون به سراً". وسر
أهميتها هو أنها يفترض أن تثير التساؤل: "لماذا يخشى هؤلاء الزعماء أن يقولوا
علناً" ذلك الذي يفكرون به سراً، ويسعد نتانياهو؟ ببساطة، لأن ما يفكرون به
سراً، يقف بالضد تماماً بما تفكر به شعوبهم! لذلك فأن دعوة نتانياهو تبدو دعوة
غبية، فهي لن تغير الموقف تجاه إسرائيل، لكنها دعوة لألئك القادة للإنتحار،
فتخسر إسرائيل بذلك أشد أسلحتها فتكاً في صراعها ضد العرب. فهل أن نتانياهو
أبله ليدعو إلى ذلك؟
 

الأسرائيليون ركزوا الإنتباه على ملف إيران النووي والتحريض على ضربها عسكرياً،
من خلال وثائق عديدة تقول إحداها أن المقاطعة ستفشل وأنه يجب القيام بضرب
إيران، وأخرى بأن الإستخبارات الأمريكية "على قناعة بان ايران حصلت من كوريا
الشمالية على صواريخ فائقة التطور يمكن ان يصل مداها إلى اوروبا."  (في تخويف
ضمني لأوروبا دون وجود أية مؤشرات على تهديد إيراني لأوروبا)، وأن نجاد شبيه
بهتلر. وتم تمويه كل ذلك بإضافة تمليحات صغيرة عن آراء سلبية للساسة الأمريكان
ببوتين و كرزاي وبرولسكوني وساركوزي وميركل والقذافي. إلا أن الصورة الرئيسية
التي كانت الوثائق تقدمها هي أن جميع "*الدول من فرنسا إلى أذربيجان تحس بالخطر
الإيراني*." (12)
*هيلاري...بلهاء؟*
 

في الطرف الآخر، كانت هيلاري كلنتون تردد نفس ما قاله نتانياهو، لكنها تبدو
متورطة. *قالت كلنتون*:
 

"الوثائق تبين أن إيران تمثل تهديداً جدياً في نظر العديد من جيرانها، ومصدر
قلق جدي حتى بعيداً عن منطقتها. ولذلك اجتمع المجتمع الدولي لفرض أقسى العقوبات
على إيران. لم يحدث هذا لأن الولايات المتحدة قالت لهم: أرجوكم إفعلوا هذا من
أجلنا، وإنما حدث لأن الدول حينما قيمت الدلائل حول أعمال و نوايا إيران وصلت
إلى نفس النتيجة التي وصلت إليها الولايات المتحدة، وهي بأننا يجب أن نفعل ما
في وسعنا لمنع إيران من أن تصبح دولة نووية. إن من يقرأ القصص حول هذه البريقات
المزعومة ويفكر بشكل جيد فإنه سيصل إلى أن القلق بشأن إيران له أسس قوية وأنه
واسع الإنتشار وأنه سيكون في مركز السياسة التي سنتبعها بمشاركة الدول التي
تشاركنا نفس التفكير لمنع إيران من الحصول على الأسلحة النووية." (13)
 

إن قرأتم بانتباه فستلاحظون ورطة السيدة وزيرة الخارجية الأمريكية. إنها تقول
أن البرقيات "مزعومة"، ورغم ذلك، وفي نفس الجملة في نفس الخطاب، تعاملها على
أنها صحيحة ومثبتة حين تقول أن تلك البرقيات "تبين أن إيران تمثل تهديداً جدياً
في نظر جيرانها..الخ" !
 

ولا تقتصر مشكلة هيلاري في أنها تواجه مشكلة دبلوماسية في الإعتراف بصحة
الوثائق بصراحة، وإنما قد تواجه مشكلة قضائية لأن الوثائق أشارت إلى أنها *طلبت
من دبلوماسيين امريكيين جمع معلومات* عن الأمين العام للامم المتحدة وكبار
مساعديه ومندوبي الدول الاعضاء الدائمين بمجلس الامن. وتتضمن المعلومات
المطلوبة كلمات السر اللازمة لاجراء اتصالات كما تتضمن توجيهات بطلب معلومات عن
اساليب الاشخاص المعنيين بالعمل واتخاذ القرارات، وكذلك ارقام بطاقات الائتمان
الخاصة بهم وغير ذلك من المعلومات الشخصية، وحتى البصمة الوراثية "دي ان ايه"
وبصمات اصابع المسؤولين وتوجيه تلك الطلبات الى غالبية الوكالات الأمنية
الامريكية." (14)
 

إنه لمن المثير للإنتباه الجرأة على اتهام الإدارة الأمريكية لأسانج بالتجسس،
وإبداء الغضب الشديد من ذلك، في الوقت الذي تبين نفس الوثائق أن تلك الإدارة
نفسها تطالب دبلوماسييها بالتجسس. تقول كلنتون أن التسريبات: "هجوم على المجتمع
الدولي من تحالفات وشراكات ومفاوضات". وهذا استعمال معتاد لعبارة "المجتمع
الدولي". فكل ما تريده الولايات المتحدة هو ما يريده "المجتمع الدولي"، وكل
هجوم على الولايات المتحدة هو هجوم على "المجتع الدولي"، لكن التجسس على الأمم
المتحدة ومجلس الأمن ومختلف الدول، ليس "هجوم على المجتمع الدولي".
 

نلاحظ أنه في الفلم الذي اعلنت كلنتون موقفها من الموضوع، بدا وجه السيدة
الوزيرة جاداً مهموماً، كمن أكتشف لتوه حقيقةً خطيرةً، ليس فقط في أسفها
للتسريب، وإنما أيضاً أثناء حديثها عن ما "اكتشف" من موقف بعض الزعماء العرب من
إيران واستنتاجاتها عما يجب عمله. ويبدو لي أن هذا خطأ في إخراج المسرحية. فإن
كانت الوثائق صحيحة، فالمفروض أنها وثائق تابعة للخارجية الأمريكية وأن السيدة
كلنتون تعرف بكل ما فيها من حقائق من زمن طويل، فمن أين أتت المفاجأة التي
تقمصها وجه السيدة كلنتون؟
 

هذه الورطة المثيرة للسخرية والشفقة معاً، تذكرني بزيارة للوزيرة في وقت سابق
إلى جامعة قطر، ضمن جولة في دول مجلس التعاون الخليجي، من أجل جمع الدعم ضد
إيران. فبعد محاضرة ساذجة لها في الطلاب، وحديثها عن كيف أن تسلح إيران يسبب
"إختلال التوازن" في المنطقة، قام طالب صغير السن والحجم بسؤالها بأدب شديد:
"ألا تعتقد السيدة وزيرة الخارجية أن التوازن مختل أصلاً؟" ، ولم يكن سهلاً أن
يمنع الإنسان نفسه من الضحك وهو يرى وزيرة أعظم دولة في العالم تلف وتدور
لتستنجد بحيلة دبلوماسية معروفة فتخترع لنفسها سؤالاً آخر لتجيب عنه. ولم يكن
حالها أفضل حين تحدثت بـ "تعاطف مؤثر" عن "الشباب الإيراني الذي يحرم مستقبله"
بسبب تصرفات حكومته الرعناء، فجاءها السؤال: لماذا لا تتأثر السيدة الوزيرة
بمستقبل الشباب في غزة؟! في النهاية عطف مدير البرنامج على الوزيرة وطلب منها
أن تتحدث للطلاب عن "حرية المرأة" ، فتنفست الوزير الصعداء وانطلقت تتحدث
وتتحدث، ولكن لا أتصور أن أحداً كان يستمع إلى ما تقول، ولا بد أن الجميع كان
يضحك في سره مما رأى أمامه.
 

لا يمتلك المرء نفسه وهو يشاهد وزيرة الخارجية في مثل هذه المواقف إلا أن يهتف
"بلهاء"! ولا يختلف الموقف كثيراً أمام ضحالة إدعاءات نتانياهو الذي يريد أن
يقنع العالم أن الدولة الأكثر اعتداءاً وعنصرية في المنطقة، ليست هي الخطر
عليها، حتى وهي مستمرة في توسيع احتلالها واعتدائها وتطوير قوانينها العنصرية
المعادية لجيرانها! لكن المشكلة الحقيقية وراء فشل خطابها ليست في مستوى ذكاء
هيلاري، بل في استحالة المهمة التي وجدت نفسها فيها، الدفاع عن موقف خاسر، لشدة
وضوح نفاقه، بحيث يستطيع طفل أن يحرج به رئيسة الدبلوماسية الأمريكية!
 

في النهاية، من المفيد أن نسأل: هل تم الإستنتاج من المعلومات التي قدمتها
وثائق ويكيليكس بشكل سليم، من أن العرب يخشون إيران ويريدون من أميركا وإسرائيل
أن تحاربها؟
 

إن كنا نقصد بـ "العرب"، تلك الإمتدادات الإسرائيلية التي نصبت حكاماً على
العرب، فالسؤال لا معنى له، لأن الإمتدادات لا بد أن تؤيد الأصل الذي امتدت
منه. وإن كنا نقصد الشعب العربي ومن يحبه الشعب العربي من القادة العرب، فسنرى
صورة مختلفة تماماً عن تلك التي حاول نتانياهو وهيلاري كلنتون أن يقدمانها عن
"ألعرب".
*حقيقة الموقف العربي بين الإحصاءات و ويكيليكس*
 

من *استبيان سنوي لمعهد زغبي الدولي*، هو الخامس ، أجري عام 2007 (أي ضمن نفس
فترة الوثائق) وشمل حوالي 4000 شخص في مصر، الأردن ، لبنان، المغرب، الإمارات
العربية المتحدة والسعودية، تبين أن 80 % يرون في إسرائيل التهديد الأكبر
والولايات المتحدة التهديد الثاني لأمنهم، ولم يشر إلى الخطر الإيراني سوى 6%
فقط!
 

ولم ير سوى أقلية (الربع) ضرورة للضغط لوقف البرنامج النووي الإيراني، وبلغ
المعترفين في الدول الستة، بحق إيران حتى بالحصول على السلاح النووي 61% . ورأت
أغلبية ساحقة ( 82% (السعودية) و 87% ( المغرب) و90% (الأردن)) منهم ، أن
التأثير الأمريكي "غير مرغوب به".
 

ومن نتائج الإستبيان أن حسن نصر الله هو القائد الأكثر شعبية، ولم يكن الذين تم
استبيانهم متطرفين أو "كارهين للأمريكان" حيث بين الإستبيان أن السبب الرئيس
لكرههم لأميركا كان دعمها لإسرائيل وأن الغالبية الكبرى من العرب كانوا يقبلون
ويطالبون بحل سلمي نهائي مع إسرائيل (61%) وانسحاب جيوش اميركا من الدول
العربية، وأن أقلية منهم كانت ترغب بالإستمرار بمحاربة إسرائيل لو توفر السلام.
 

واعتبرت اغلبية في جميع تلك الدول، تبدأ من 51% في لبنان إلى 77% في المغرب ترى
أن من حق إيران الإستمرار في برنامجها النووي. وقال السيد "تلهامي" المشرف على
الإستبيان أنه حتى في السعودية والإمارات التي تتميز حكومتها بالخوف الشديد من
قوة إيران، فأن شعبيهما لم يحددا إيران "كخطر جدي"، وهو ما كان يدل على أن
الشعوب العربية لم تكن تنظر من نفس المنظار الذي ينظر به حكامها، حسب تلهامي..
 

ويرى القائمين على الإستبيان أن تقسيم العرب بين سنة وشيعة لم يكن جذرياً بل
كان أغلبية العرب ينظرون إلى الأمور من منظار الصراع العربي الإسرائيلي كأولوية
لهم. وبين الإستبيان أن الأكثر شعبية بعد حسن نصر الله كان شيراك وأحمدي نجاد و
شافيز، ونبه تقرير الإستبيان إلى أن أي منهم لم يكن قائداً سنياً، رغم أن
الإستبيان كان يشمل عرباً سنة بأغلبية ساحقة! (15)
 

وفي *استطلاع جرى هذا العام* سئل المشاركون فيه مرة أخرى عن الزعماء المفضلين
لديهم، ففاز بالمركز الأول رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، ثم الفنزويلي
هوغو شافيز ثم أحمدي نجاد و السيد حسن نصر الله! (16)
 

*ويلاحظ أحد الكتاب* من هم القادة الذين يحبهم الشعب العربي من خلال الإلتفاف
حولهم وحماس استقبالهم في لبنان مثلاً، فيقول:
 

"لا نتردد لحظة في القول، ودون اي خجل، بان الزعماء المسلمين الذين يكرههم
الزعماء العرب، ويتآمرون ضد بلدانهم، هم الاكثر شعبية في الاوساط العربية.
ولنأخذ السيدين رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء التركي، وزعيم حزب الله اللبناني
حسن نصر الله كمثالين في هذا المضمار، فبينما يخرج مئات الآلاف لاستقبال السيد
اردوغان عندما يحط الرحال في بيروت، نجد زعماء عرباً يزورون لبنان متسللين وسط
غابة من السرية والحراسة المشددة."(17)
 

وبين *استبيان آخر* أجري قبل ثلاثة أشهر فقط، أن الإعلام الهائل لتخويف الشعب
العربي من إيران وتحسين صورة إسرائيل قد فشل تماماً، وأن اتجاه الرأي الشعبي
العربي يسير بعكس الإتجاه . فأوضحت الأرقام أن غالبية الناس في كل من مصر،
السعودية، المغرب، الأردن، لبنان والإمارات العربية أن عدد من يرى في امتلاك
إيران الأسلحة النووية تطوراً إيجابياً للشرق الأوسط، قد تضاعف خلال السنة
الماضية من 29% في عام 2009 إلى 57% في عام 2010 (18)
 

إذن، إذا كان "العرب" هم حكام الدكتاتوريات التي ترى في إسرائيل سبباً لبقائها،
فأن إيران هي الخطر وليس إسرائيل. أما إن كان المقصود بالعرب، الشعب العربي،
فمن الواضح أنه يرحب بالتطور النووير الإيراني ولا يرى فيه خطراً، بل يجد الخطر
في إسرائيل! والحقيقة أن الشعب العربي لا يختلف في هذا الأمر عن شعوب الأرض في
موقفها من إسرائيل، بضمنها شعوب الإتحاد الأوروبي. فقد أثار *استطلاع* عام 2003
دهشة العالم ورعب إسرائيل حين رأت جميع شعوب دول الإتحاد الأوروبي وبغالبية
كبيرة، أن إسرائيل هي الخطر الأكبر على السلام العالمي! (19)
 

ما الذي يعنيه تفضيل الإدارة الأمريكية للأخذ برأي بضعة حكام دكتاتوريين
مكروهين من شعبهم، دون رأي ذلك الشعب؟ الكاتب الكبير نعوم *جومسكي اعتبر* أن
اهتمام الإدارة الأمريكية برأي حكام الدكتاتوريات العربية، دون الإلتفات إلى
موقف الشعب العربي، دليل على كره الإدارة الأمريكية للديمقراطية وبعدها عنها!
(20)
 

وكما كشف جومسكي هذا النفاق في الديمقراطية لدى الإدارة الأمريكية، كشف الدكتور
أسعد خليل من أميركا نفاقها في مسألة حقوق الإنسان فوجد من بحثه في البرقيات أن
تلك المسألة لم تطرح من أي مسؤول أمريكي أمام الحكام العرب إلا مع سوريا، بل
أن  مسؤولاً أمريكياً أشاد بـ  "تقدم حقوق الإنسان" في السعودية!
*خاتمة: إذن ما الذي كشفته ويكيليكس؟*
 

يرى الدكتور تميم البرغوثي، استاذ العلوم السياسية في جامعة جورج تاون أن ليس
من مصلحة العرب الأمنية والإقتصادية والسياسية تشجيع الحرب على إيران، بل من
مصلحة العرب كضعفاء أن تقوى أية دولة أخرى لتوازن بعض قوة إسرائيل، وأن الحرب
على إيران ضرر مباشر للعرب. وقال أن ويكيليكس كشفت للشعب العربي بشكل رسمي ما
كان يعرفه عن بعض حكامه أصلاً، فصار أكثر ثقة بالنفس وبصحة تقييمه لحكامه الذين
وجدهم يشكلون حلفاً "عربياً إسرائيلياً" لضرب إيران، وأن تلك حقيقة وليست
"نظرية مؤامرة"، وقال أن ذلك الوعي الجديد يمثل خطراً إضافياً بالنسبة لأميركا
وإسرائيل.
 

ربما يخطر ببالنا أخيراً أن نسأل: ألا تخشى إسرائيل على عملائها من أن ينتقموا
منها ومن أميركا ويبدأون التقرب من شعبهم والإبتعاد عنها؟ إنها لا تخشى ذلك،
لأن الفضيحة تجعل الطريق أمام العميل للعودة إلى شعبه أكثر صعوبة، فيجد نفسه
بالعكس مضطراً أكثر وأكثر للإنبطاح التام.
 

إذن لنعد إلى سؤالنا الأول: ما الذي كشفته ضجة ويكيليكس عن علاقة العرب بإيران؟
بالنسبة لي وربما لكم أيضاً، ممن لم يطّلع على الإحصاءات التي وردت في نهاية
المقال قبل الآن، فأن تلك الضجة وما صاحبها من كذب دفعني إلى البحث عن صحتها،
وبذلك فأنها كشفت لي أنباءاً سارة على عكس ما تريد هيلاري ونيتانياهو وشلة
الحكام العرب المنصبين لإدارة مصالحهم أن تفهمنا، وأن رأي الشعب العربي يدل على
وعيه لمصلحته وأنه يقف بالضد تماماً من اي عمل عسكري ضد إيران، ولا يرى فيها
خطراً عليه بل الخطر في إسرائيل المسلحة حتى أنفها وأميركا التي تدعمها بلا
حدود في عدوانيتها وعنصريتها، تماماً كما ترى شعوب أوروبا وغيرها ذلك الأمر
بوضوح تام. ويعي الشباب العرب حتى على مقاعد الدراسة أن تطوير إيران لأسلحة
نووية لايخل بخرافة "التوازن" المختل ضد شعبه أصلاً، بل يعيد إليه بعض توازنه،
لعل تلك الدولة العدوانية تجد في ذلك التوازن ما يدفعها نحو تحديد غرورها
واحتقارها للعرب والمسلمين، وقبول سلام بالحد الأدنى من المقبولية، مع جيرانها
في المنطقة.

 

 

2 كانون الأول 2010

saieb.kha...@gmail.com  


_______________________________________

(1) *
http://www.assafir.com/Article.aspx?EditionId=1711&articleId=356&Chan...
*

(2) *http://albidapress.net/news.php?action=view&id=10641*
 

(3) *http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=236742*
 

(4) *http://www.informationclearinghouse.info/article26970.htm*
 

(5) *
http://www.haaretz.com/news/diplomacy-defense/senior-turkey-official-...
*
 

(6) *
http://www.haaretz.com/news/diplomacy-defense/wikileaks-founder-netan...
*
 

(7) *http://rense.com/general92/wikii.htm*
 

(8) *
http://www.washingtonpost.com/wp-dyn/content/article/2010/11/29/AR201...
*
 

(9) *
http://www.haaretz.com/news/international/wikileaks-cables-show-u-s-i...
*
 

(10) *http://www.alquds.com/node/307534*
 

(11)  *
http://www.almanar.com.lb/NewsSite/NewsDetails.aspx?id=163789&languag...
 

(12) *
http://www.haaretz.com/blogs/mess-report/wikileaks-expose-makes-it-cl...
*
 

(13) *
http://vodpod.com/watch/5016238-hillary-clinton-wikileaks-disclosure-...
*<http://vodpod.com/watch/5016238-hillary-clinton-wikileaks-disclosure-...>
 

(14) *http://www.moheet.com/show_news.aspx?nid=432476&pg=2*
 

(15) *http://electronicintifada.net/v2/article6538.shtml*
 

(16) *
http://rubinreports.blogspot.com/2010/08/can-you-handle-truth-poll-sh...
*
 

(17) *http://albidapress.net/news.php?action=view&id=10703*
 

(18) *
http://www.brookings.edu/reports/2010/0805_arab_opinion_poll_telhami....
 

 (19) EU poll: "Israel poses biggest threat to world peace"
 

 *http://electronicintifada.net/v2/article2129.shtml*
 

(20) *
http://www.alternet.org/rights/149032/noam_chomsky%3A_wikileaks_cable...
*
 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

 

مقالة للكاتب

صائب خليل

 صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org 

 
 

 

لا

للأحتلال