منْ يجلب’ الفرح والسعادة
له كل الأجر والثواب
نزار رهك
تمر علينا هذه الأيام مناسبات دينية متنوعة، حيث ترتبط بداية السنة الهجرية بالميلادية، وفي أوقات أخرى تتصادف اعياد لديانات متعددة في وقت واحد أو في أوقات متقاربة، ولم تكن هناك أية مشكلة، فالناس تفرح بأعيادها كما تحزن لمآسيها، تفرح بالعيد كما تحزن في أيام عاشوراء ويحتفل المسلمون مع إخوتهم المسيحيين في أعياد الميلاد .. لأنه ذكرى ميلاد سيدنا المسيح عليه السلام الذي أكرمه الله في آياته كما يحتفل الأخوة المسيحيين مع إخوانهم المسلمين في أعياد الأضحى والفطر المباركين وأبناء العراق قد إعتادوا على هذا الفرح المشترك والحياة المشتركة دون إدعاء أو تصنع أو مبالغة .
وفي هذه الأيام تتعالى أصواتا نشازا تدعوا الأخوة المسيحيين الى عدم الأحتفال بعيدهم لانه يصادف مع شهر محرم وتشحذ له هذه الأيام أقلام قوى التشيَع السياسي الفاسدة ومنها قوى في مجلس الحكيم ووكالة براثا .. وكأنها ممثلة لشيعة العراق وحامية لأعرافه وتقاليده ودياناته وطوائفه . وقد جاء في إحدى مقالاتهم مديحا لمسيحيي مدينة البصرة الذين سيكتفون بالأحتفال بقداس داخل كنائسهم إحتراما للمسلمين في شهر محرم ..!! وكأنما شهر محرم هو شهر الحزن وليس شهرا عربيا عاديا له مراسيمه ومحرماته حيث يحرم فيه القتال وليس الفرح ولم يذكر لنا التاريخ العربي أو الأسلامي إنه فرض على أتباع الديانات الأخرى أن تلبس السواد في هذا الشهر أو تمتنع عن ممارسة شعائرها بحرية وعلنية بما فيها فرحتها بأعياد ميلاد سيدنا المسيح.
إن القوى الظلامية من المتشيعين السياسيين في العراق تريد أن تفرض سلوكيتها التعسفية على كامل سير التاريخ وتفرض رؤيتها على السلوكيات الأجتماعية والدينية لأبناء الشعب العراقي وتوجيهها بأتجاه النزاعات الطائفية والدينية.
وعلى هؤلاء أن يدركوا إن شهر محرم لا يعني أيام عاشوراء بل إن عاشوراء جاءت لتدخل في هذا الشهر لتزيد اللعنة على قتلة سيدنا الحسين عليه السلام لأن القتال في شهر محرم حرام فكيف بقتال إبن بنت رسول الله (ص) وعائلته وأتباعه . اليس من العبرة في شيء أن نسير بأمتنا نحو السلام والتسامح والمحبة ومواجهة الظلم والظالمين في هذا الشهر بدلا من تقييد فرحة العيد على أخوتنا المسيحيين .
أين العلماء والمفكرون الشيعة الذين يمتليء البرلمان بهم وعمائمهم تملأ قاعات ما يسمى بحوار الأديان الذين يريدون به ترحيل العنف الطائفي والأرهاب والقتل الى أسباب دينية ليبرئوا أنفسهم و قوى الأحتلال من دم الضحايا .. أين هم؟ والمواطن لا يستطيع أن يفرق بين شهر محرم وبين عاشوراء .وهل على الشعب العراقي أن يرتدي السواد في هذا الشهر كله؟ ولماذا على الشعب أن يحزن طيلة تاريخه إذا كان سيدنا الحسين (ع) بجوار ربه وفي جناته هانئا سعيدا بقدره .؟
لماذا على أطفالنا أن يجلدوا ظهورهم حزنا على قدر محتوم قبل الف عام قدره الله لسيدنا الحسين (ع) لينصر به دين الحق؟ أو تشق الرؤوس بالسكاكين وتسيل الدماء المرعبة بحجة إنها حبا بسيدنا الحسين(ع)؟ هل كان الحسين(ع) ليرضى بهذا التعبير عن الحزن لو قدر له ذلك ؟ لقد حول هؤلاء الظلاميون شهر محرم الى شهر لا يطيق فيه الأنسان أن يعيش أيامه في العراق فالتسجيلات الصوتية لقراءة المقتل في كل متر مربع ولدى كل بائع متجول وفي كافة المحلات والمطاعم وضجيج يبتدأ قبل أسابيع من محرم ولا ينتهي إلا بعد أسابيع منه وقسما منهم يبقى على مدار السنة يعلن حزنه على الحسين (ع) وترافقها صور السيستاني والصدرين والحكيمين ورسوم إيرانية لشخوص يعتقد إنها شبيهة للأئمة .. لقد حولوا العراق الى مأتم دائم حتى لم تعد هناك أية قيمة لمآتم ضحايا التفجيرات الأرهابية والقتل الطائفي المجاني ولا حتى قيمة تذكر لبقية الأعراف والقيم والعادات والتقاليد والموروث الثقافي والفكري والمدارات الفلسفية والفقه واللغة والمعمار وجوانب لا تعد ولا تحصى من التكوين الحضاري والأمتداد الحضاري لبلادنا .. إن هذه القوى الظلامية هي نيوليبرالية في السلطة والأمتيازات والسرقة والفساد ولكنها قرون أوسطية في الفكر والثقافة والتحضر بل هي الأكثر همجية من ثقافة الديكتاتورية البائدة , وركيزتها الأساسية في التشبث في السلطة هو التخلف الأجتماعي والجهل إضافة الى العنف الطائفي والجريمة المنظمة.كتب أحدهم .
والبعض منهم قد غير جلبابه الطائفي نحو العلمانية ودولة القانون وهو من المستلزمات والمتطلبات الجديدة للبقاء في السلطة حيث كان الهدف وقد تم الوصول اليه بمساعدة الأحتلال فلا حاجة له بعد ذلك الى الطائفية والظلامية و الحسينيات الدائمة , ولكنه سرعان ما يعاود إستخدام هذا السلاح بمجرد أن يدرك أن بقاءه في السلطة مهدد بالهزيمة.
ينبغي إن يكون عاشوراء مناسبة للفرح لأن سيدنا الحسين (ع) قد إنتصر للدين على الكفر
إن عاشوراء مناسبة للفرح لأن سيدنا الحسين (ع) إختار الجنة في شهادته
إن عاشوراء مناسبة للفرح لأن مباديء سيدنا الحسين (ع) قد علت على الطغيان
إن عاشوراء مناسبة للفرح لأن سيدنا الحسين (ع) قد منح الأسلام معاني الشهادة من أجل إعلاء كلمة الحق والعدالة
لماذا الحزن يامرجعياتنا الدينية إذن؟ واذا كان علينا ان نحزن على استشهاد الامام الحسين واهله (ع) فلماذا نتسلط على الاخرين بحزننا ونمنعهم من طقوسهم وتقاليدهم الدينية والتاريخية؟ كيف نقرب نموذج الامام لهم؟
من إختلق الحزن لعاشوراء هم بشر مثلنا ومثلكم وليسوا وكلاء الله على الأرض ولديننا الحنيف قرآن وسنة نبوية شريفة، لا ترتضي بأيذاء النفس والجسد بسبب الموت الذي قدره الله على العالمين .
من يجلب الفرح والسعادة للناس ولشعبنا العراقي، بكل مكوناته، له كل الأجر والثواب.
20.12.2009
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل أيّة مسؤوليّة عن المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
___________________________________________________________
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
مقالات الكاتب نزار رهك
|
|
لا
للأحتلال |
|
---|