<%@ Language=JavaScript %>  نزار رهك الخصخصة والتنظيم الشبكي للحوكمة التابعة

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

الخصخصة والتنظيم الشبكي للحوكمة التابعة

 

 

 نزار رهك

 

في البدء يجب ذكر إن الكهرباء والأتصالات ومشاريع الصرف الصحي والتعليم والطبابة و القوات المسلحة ومعداتها تعتبر من البنى التحتية الأقتصادية  وحجر الزاوية للبناء الأستراتيجي للأقتصاد الوطني في إي دولة في العالم .. وفي العراق لا نفط بدون الكهرباء ولا حياة طبيعية دون الماء والدواء ولا حضارة دون إتصالات أو تعليم أو مؤسسات ثقافية , لذا كان الحرص شديدا لقوى الأحتلال على الأحتفاظ بقدرة إنتاج الكهرباء بالقدر الذي يبقي على ديمومة  إستخراج وضخ النفط الى الأسواق العالمية فقط وما عداه تم تهديمه ونهبه أو تعطيله وهذا الحرص كان يمكن أن يشمل العديد من القطاعات الحيوية والأستراتيجية  بل وكامل الطاقة الأنتاجية للتوليد الكهربائي أو البناء المؤسساتي للدولة ولكن الأحتلال كان قد هدم ودمر ومنذ عام 1990 ومرورا بالحصار الأقتصادي كامل البنية التحتية للأقتصاد العراقي ليعيد بناءها من جديد ولكن بالصيغ المرسومة مسبقا وبالشكل الذي يفتح فيه الطريق واسعا لسيطرة إحتكاراته  وشركاته المتعددة الجنسية  لا في إعادة البناء فحسب بل وفي إمتلاك هذه البنى التحتية وبمساعدة عملاءه من السياسيين الجدد في العملية السياسية  وعبر صيغ قانونية مهيئة مسبقا وفق نظام سياسي تابع وبصيغة عولمية يطلق عليها نظام (الحكم الرشيد) أو (الحكم الجيد) ( good Governance  ) وهذا لا يتم بناءه بتجديد الكفاءات والأنشطة والأجراءات الأقتصادية  الموجودة على أرض الواقع وفي البنية التحتية الأقتصادية للبلد بل بتركيب وتنظيم المؤسسات وشبكات التنظيم العالمية المشتركة التي تنظم المشاريع ( التنموية – كما يسمونها في أدبياتهم) للبلدان التابعة  بصيغة فرض الشروط الملائمة لنظام ونموذج إداري وإقتصادي للبلد  بعد أن يتم إشاعة الفوضى والدمار والنهب وتصفية الكوادر العلمية  وإعادة صياغة  قوانين التملك الأجتماعي وأهمها قوانين التأميم للثورات الوطنية التي حولت ملكيتها من الشركات الأحتكارية العالمية الى ملكية الدولة .

والحكم (الجيد) هو نموذج جديد من السيطرة المشتركة بين النخب السياسية والأدارية والأقتصادية وما يسمى بمنظمات المجتمع المدني والتي تم تنصيبها أو تشكيلها في هذه البلدان التابعة ( دون ديمقراطية أو ممارسة شعبية تذكر).

والحكم (الجيد) هو عملية تنظيم وسيطرة نابعة من شبكة الروابط الأفقية والعمودية ووفق نظام قواعد وصيغ ومقاسات مشتركة يتم قيادتها مباشرة من قبل الرساميل المالية العالمية وشركات البورصة التي تدير كامل عملية الأنتاج في الدول الرأسمالية وفي العالم وتسيطر على أكثر من نصف الثروات العالمية . وقد تم طرح المصطلح كنموذج معياري  للقيادة الميدانية ( الجيدة) وفي الحدود الجغرافية التي ترسمها لهم هذه الرساميل المالية القيادية. ومبدأ التقسيم هو إلغاء الحدود الجغرافية والتقسيم من جديد حسب الترتيب الوضائفي أو الأقتصادي أو وفقا للأستراتيجية العامة التي تقتضي التقسيم الى أقصى مدياته الجغرافية لتسهل السيطرة على جميع مرتكزاته .

محور هذا الحكم (وهي نظرية جديدة يتم تدارسها في العالم الرأسمالي ) يتكون من ثلاث عناصر أساسية  تكون وحدة ميدانية (كأن تكون فيدرالية أو إقليمية ) ترتبط بوحدات مشابهة في جميع أنحاء العالم بروابط شبكية وتقودها الحكومة العولمية الغير معلنة ( البعض من الكتاب والصحفيين يوعزها الى الصهيونية العالمية والآخر الى الشركات الأحتكارية المتعددة الجنسيات ..الخ) والأصح يجب ربطها بالمصالح الأقتصادية لجميع هؤلاء وبتحول هذه المصالح الى مراحلها العليا التي أسماها لينين بالأمبريالية كأعلى مراحل الرأسمالية.

وهذه العناصر هي أولا النخب وثانيا العملية السياسية التابعة وثالثا القواعد والقوانين اللازمة لبناء النظام الأقتصادي – الأجتماعي (نظام السوق الحر) والذي يشترط الخصخصة في جميع ميادين الأقتصاد الوطني.

أولا النخب  : وهي القيادات الحزبية الساقطة وطنيا ولديها القدرة على المساومة  على ما لا تمتلكه لتعطيه لمن لا يستحق وكذلك مرتزقة الثقافة والأعلام و المستشارين اللذين يضعون المقدمات والأرضية المناسبة لتقبل التغيرات والقوانين العولمية والدعاية للنموذج الجديد في البناء والأستهانة بالقدرات الوطنية وكذلك النخب السياسية التي تتبوء المناصب السياسية العليا ودوائر الدولة المصنعة من قبل الأحتلال . طبيعة هذه النخب هي التبعية والأرتزاق والقدرة حتى على إرتكاب الجرائم من أجل مصالحها الضيقة وخدمة مصالح الأمبريالية , وغالبية هذه النخب يتم إستدراجها وشراءها أو إبتزازها وتهديدها وكما قال أحد عناصر السي آي أي ( نتوجه الى الشخص المطلوب ونحاوره وبأحد أيدينا حفنة دولارات وفي الثانية قنبلة وعليه أن يختار أحدهما ) أما النخب العراقية فقد سارعت بانفسها لتقديم الطاعة والأذعان.

أهم مايميز هذه النخب هو تخليها عن الطروحات الطبقية للأشتراكية والشيوعية واليسارية في التحليل ورسم السياسات والأستراتيجيا  والألتزام بالطروحات الطبقية الراسمالية وربط عجلة الأقتصاد الوطني بالسوق الرأسمالي والخوض في بحوره دون القدرة على المنافسة (والتي هي السمة الأساسية لهذا النمط الأقتصادي) مقابل الدفع بأتجاه إلغاء الأنتاج والصناعة الوطنية بما يجعل البلد مستوردا فقط في عجلة التقسيم العالمي للعمل ويرافقها التخلي عن الخصوصية المجتمعية و تسقيط الموقف الوطني والقومي في التخطيط الأستراتيجي إلا إذا كان يصب في خدمة المخططات الأستراتيجية  للأحتكارات الرأسمالية ومهمة هذه النخب الأساسية هو إلغاء القطاع العام والألتزام بمبدأ الخصخصة لجميع البنى التحتية للبلد , فأن كان البريد والاتصالات والنقل العمومي هي نقطة البداية حيث تم إلغاءها بالكامل فسيتبعها الكهرباء و الماء والتعليم والصحة و الخدمات الأجتماعية . بعض من هذه النخب قد تخلت عن مفهوم الصراع الطبقي كمحرك للحدث ومفسر له وهم يتغافلون عن إن الصراع الطبقي هو لم يعد حالة وطنية ولم يكن حتى في تفسيرات النظرية الكلاسيكية الماركسية حالة وطنية مجردة بل هي حالة أممية ويجب حصر تفسيرها بكون الأحداث في العالم هي إنعكاس لتطورات الصراع الطبقي على المستوى العالمي , وتخلي هذه النخب عن الأيديولوجيا الطبقية إنما يقدم خدمة كبيرة للأيديولوجيا الأمبريالية المعادية التي تريد إضفاء الطابع الأنساني والديمقراطي في سياستها العدوانية تجاه الدول والأنظمة الرافضة لسياساتها  .

 النخب هذه لن تكون قدرات منفردة مجردة تعمل بمفردها بل ترتبط بنخب أخرى بعلاقات متبادلة وتجمعهم مؤسسة أو مؤسسات تنشأ عملية إدارية تصل خيوطها الى القيادات الأستعمارية الجديدة . فهي متوحدة بالموقف من الأحتلال ومساندته وتسطيح مفهوم الأحتلال بكونه مجرد جيوش غازية إتخذ قرار بأنسحابها وليس بأعتباره إستعمارا ثبت أركانه القانونية والنظامية والأدارية والأقتصادية وسلم مقاليد الحكم لمن يلتزم بالنهج الذي تم فرضه بالقوة والتزوير والأرهاب.

النخب متوحدة في الموقف من طبيعة النظام الأقتصادي للسوق الحر والتي تم فرضه في دستور الأحتلال وفي التوجه الجاد لألغاء القطاع العام وخصخصة القطاعات الأنتاجية والخدمية وفتح الأسواق على مصراعيها لجميع نفايات الأسواق في العالم دون قيود صحية أو مراعات للصناعات الوطنية أو حقوق المستهلك .

والتوحد يصل الى تسطيح الثقافة والأعلام وإلغاء الموروث الوطني و المواقف من التطورات العالمية  وتفسير الأحداث وفق الرؤية التي يتبناها الغرب الأمبريالي و تصل الى حدود المساهمة العملية في المؤامرات الأستعمارية ضد الدول التي تقف خارج إطار الشبكة العولمية .

وهو ما يولد العنصر الثاني وهو العملية السياسية : وهي مؤسسة النخب التابعة والأطار السياسي الذي منح الشرعية للأحتلال وتدمير البنى التحتية وهي الوحدة الشبكية التي تستند الى التوافقات التي تعتبر ركنا أساسيا لمبدأ الحكم (الجيد) , حيث تكون المشاركة بدلا من الديمقراطية والمحاصصة بدلا من حكم الأغلبية , وقد تم وضع المشاركة من قبل بريمر بالصيغة الطائفية وصيغة المكونات ليستكمل عملية الهدم والتدمير عبر إثارة الصراعات والحروب بين هذه المكونات والهدف الأساسي هو خلق الحالة التي تدفع بالجميع الى أحضان الراعي الأول وشركاته ومنحه الصفقات وفرص إمتلاك البنى التحتية وفرض الشروط والسعر الذي يرتأيه . المشاركة هي ليست مشاركة في بناء ما قد تم تدميره بل هي مشاركة في كسب الحصص من الثروات , وهي أيضا ليست مشاركة في المسؤولية بل هي مشاركة في ديمومة الفوضى وخلق الأزمات وعدم الأستقرار .

وبعد سقوط الأتحاد السوفييتي إستبدل صندوق النقد الدولي شروط الأقتراض المالي للدول التابعة , من شرط الديمقراطية وإحترام حقوق الأنسان الى شرط المشاركة ومن ثم شرط خصخصة قطاعات الدولة كما هو الحال عليه في عملية الأقتراض لدول شرق أوروبا التي تحولت من النظام الأشتراكي الى نظام السوق . وكذلك في اليونان حيث يتم فرض خصخصة المطارات والمتاحف الوطنية بعد عجز الحكومة عن تسديد القروض الى البنوك الأوربية .

العملية السياسية في العراق هي عملية تبادل الآراء في كيفية تنفيذ التعليمات والأطار السياسي لتمرير القوانين التي تمنح الشرعية لهذه الخصخصة وهو ما يولد العنصر الثالث وهو : القوانين والقواعد اللازمة لما يسمى بالحكم (الجيد أو الرشيد).

وهو ما يؤكد مدى الدهاء الذي يمتلكه الأمريكان والغربيين في عملية الأنسحاب العسكري من العراق بعد تحقيق أهدافهم الأستراتيجية  وتنظيم عمل شبكاتهم الفعالة لأدارة الدولة بالتوازي مع الدولة التي يتم بناءها من جديد في العراق وقوة إرهابية شبكية تمتلك قدرات تضاهي كل الأمكانات الأمنية التي تمتلكها الحكومة وقواتها العسكرية وحواضن إجتماعية تعمل في إطار الهيئات الرسمية ورؤساء محافظات وأقاليم لصوص من مصلحتهم إدامة الفوضى والفساد ونهب الثروات وإنتهاك الوحدة الوطنية والسيادة . العملية السياسية التي تم بناءها دون قانون للأحزاب ودون قوانين للأنتخابات و دون سيادة وطنية وولدت من عمليات تزوير فاضحة إنما هي مؤسسة إحتلالية تدور في حلقة الأزمات ومهددة في كل وقت بالأنفجار والحرب الأهلية والطائفية وأزرارها لم تزل بأيد الأمبرياليين . وإن عوامل هدمها هي نفس العوامل التي بنيت عليها بأفتقادها الى الديمقراطية الحقيقية في بنية مركباتها الحزبية والطائفية وبتمثيلها بنخب قيادية لم تكن في يوما ما ديمقراطية أو تم إنتخابها بالشكل الديمقراطي وأفتقادها الى الأساسات الديمقراطية الشعبية , وإستنادها الى الأختلافات في المصالح البعيدة عن مصالح الشعب وإلغاء الرأي العام والأبتعاد عن الرؤية العلمية في عملية إعادة بناء الدولة وفقدان لطبيعة النظام الأقتصادي – الأجتماعي الذي يتلائم مع مصالح الشعب العراقي .

إن مخاطر هذه الشبكة الأمبريالية التابعة سوف لن تقتصر على خصخصة  قطاعات الدولة والمنافع الأجتماعية فحسب  بل سيتجاوزها الى خلق وتكوين إحتكارات لصوصية هي أقرب الى المافيات الجديدة الناشئة من طبقة السياسيين الجدد التي تستند وتدعم الفساد وتشرع القوانين التي تتلائم مع تطورات مصالحهم الأقتصادية المتنامية مع نمو مصالح الشركات العالمية متعددة الجنسية .

ومن مخاطرها أيضا إنتهاك السيادة الوطنية وسيادة الدولة على الثروات الوطنية , لخلق مؤسسة دولتية شكلية لا تمتلك القدرة على رسم أي خطط تنموية إستراتيجية وهو ما يعرض حياة الشعب الى المخاطر في حالة حدوث أي كارثة طبيعية أو بيئية أو أي متغير في أسعار النفط الذي هو المصدر الوحيد للثروة الوطنية . إضافة الى ذلك فأن العملية السياسية بهذا الشكل الفيدرالي يكلف ميزانية الدولة ويثقل كاهلها عبر المخصصات العالية للمسؤولين والقادة ورؤساء المحافظات وغيرهم وتفقد قدرة المركز على قيادة العملية التنموية وتضعف الرقابة المالية وتوسع دائرة التنصل من المسؤولية .

 

Rahak@t-online.de

30.08.2012

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا