<%@ Language=JavaScript %> دومينيك لوسوردو ترجمة : نزار رهك حرب المصطلحات
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

حرب المصطلحات

 

دومينيك لوسوردو *

ترجمة : نزار رهك

 

بينما المقاتلون الليبيون المدججين

 بالسلاح تم إظهارهم بكونهم مدنيين

Foto: AP

أطفال فلسطينيون , في الخليل 2006

يرمون الحجر على دبابة إسرائيلية ,

تم إعتبارهم في طروحات مشعلي الحروب

الغربيين ( أرهابيون )

 

لأجل تبرير الحرب والأحتلال يهتم قادة طبقات الدول الأمبريالية وتابعوهم الأيديولوجيون بنقاش فيما بينهم : الحرب ممكنة كتدخل لأسباب إنسانية , تقصف المدن بالقنابل, لأجل ( حماية المواطنين) , العدو أصبح فاقدا للثقافة وصنف (بالبربرية) .
والمقاومة هي ( أرهاب) . في كتابه الجديد ( لغة الأمبرياليين ) يحاول الفيلسوف الأيطالي دومينيك لوسوردو تسليط الضوء على ظلامية (اللغة المخادعة) لمشعلي الحروب و , كما كتب في مقدمة كتابه , مساهمة تفسير مركز المصطلحات التي يسوقها أيديولوجيو الحرب في هذه الأيام .
جريدة يونكة فيلد الألمانية مقطعا من الفصل الثامن من الدراسة :
في عام 1949 , في الوقت الذي إحتدمت فيه الحرب الباردة , المهددة في كل لحظة , لأن تتحول الى هولوكوست نووي , نشر جورج أورويل آخر وأشهر رواياته (1984) أو ( الفا وتسعمائة وأربعة وثمانون ) . حتى لو كان العنوان يوحي الى المستقبل , فأن الكتاب يستهدف الأتحاد السوفيتي , الذي يصفه بالأخ الكبير الشمولي , بل إنه أحبط حتى الأتصالات , لأنه إلتبست لديه حتى اللغة وتم إيجاد اللغة الجديدة المخادعة , لتسليمها مهمة الكلمات والمصطلحات , من أجل طمس الحقيقة , التي ستقلب ويتم توجيهها بالأتجاه المعاكس . لأن أورويل أصدر روايته في السنة التي تأسس فيها الناتو
( التحالف العسكري , الذي منحه صفة , الدفاع حتى عن الأخلاق والحقيقة ) , فأرسل مساهمته الصالحة للحملة الغربية .
وبالتأكيد لم يكن يتصور إن شكواه مقاربة للوضع الذي كتبه , بعد سنوات من الرواية (1984).
ومع نهاية الحرب الباردة وإنتصار الولايات المتحدة , وإبرازها كيف أن تكون العسكرة إضافة الى سلطة الأعلام المتعدد الأوجه ( الملتيميديا ) للغرب لا يقف أمامه عائق لتدوير الحقيقة ليصبح وبدون إستراحة لحشر كل شيئ في دائرة القصف بالوسائط الأعلامية المتعددة (ملتيميديالي) , وفرض السلوكية الجمعية المطلقة على العالم.
وتظهر بوضوح خاص ( من التناقض يضعون أنفسهم في تناقض ) , في الوقت التي تغير الطائرات الحربية على ليبيا , برعاية مقررها المقيد بجائزة نوبل للسلام ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية باراك أوباما الذي إحتل البيت الأبيض حديثا, لأنه أعلن آماله الكبيرة في التغيير .
وفي الحقيقة لم يغير شيئا لا غوانتانامو ( حيث يحتجز المتهمون بالأرهاب دون محاكمة ) ولا غيّرالسياسة الأمبريالية المتغطرسة لواشنطن.
لقد سعى الرئيس الجديد قبل كل شيء , بأن يكون الخطاب متطورا, وهو الذي رافقه وتمظهرت فيه شركات السلاح ( للوطن المختار من الله ) أميركا . وعندما يطوروا سلاح الوسائط المتعددة في الحرب ضد ليبيا القذافي , تصبح المفردات والمصطلحات المستخدمة من قبل الأنصار و الموالين لهم واحدة , في حقيقة الحال فقط الهدف , الغير مفهوم تماما , ماذا يحصل في مجزرة الحرب , في الدوائر الأستشارية لشركات الطاقة المتعددة الجنسية , في المجالات العليا لمثقفيهم , لدى الجنرالات التي تساهم قواتهم في الحرب , في الدوائر الدبلوماسية للدول العظمى , في قمة القيادة الأمبريالية التي تلعب الدور الأساسي .
وهذا كله تماما كما كان يخشاه أورويل عندما كتب روايته (1984) .
أدناه بعض مداخل اللغة المخادعة :


(دور الشرطي العالمي)


في الحرب على ليبيا هجمت آليات القوى العظمى بمساهمة من الولايات المتحدة الأمريكية وبقيادة العمليات العسكرية من قبل فرنسا وبريطانيا التي تمتلك تاريخا إستعماريا وتوسعيا في الشرق الأدنى والأوسط وأفريقيا .. وبعد بداية مترددة إشتركت إيطاليا في العمليات أيضا , والتي كانت لها تاريخا إستعماريا مباشرا في ليبيا , لكي لا تترك فرنسا في الزاوية : ومن الطبيعي يوجد ضحايا من المدنيين في قصف الناتو , فقد تم إستخدام أسلحة ( معاملة باليورانيوم المنضب ) , تلك التي تترك مفعولها لسنين طويلة , لأحكام السيطرة على (العدو المكتشف ) .
ومعروف إن ليبيا منطقة مليئة بالنفط والغاز , ولا أحد ينسى إن الجوع الى مصادر الطاقة أصبح كبيرا بعد الكارثة النووية اليابانية وتركت ظلالها على الطاقة النووية ( وضمان البدائل ).
ومنذ بداية عمليات القصف جهد الأخصائيون والأعلام الشمولي بأتجاه تحليل النظام الجيوسياسي والجيوإقتصادي الذي سيحدثه التدخل العسكري في ليبيا .
إضافة الى ذلك يطمأننا أوباما وشركاؤه وقوات تحالفه وأجداده بأن مايجري هو ليس حربا بل هو فعلا إنسانيا وهدفا أنسانيا يهدف الى حماية المدنيين إضافة الى ذلك بأنه جاء بقرار من مجلس الأمن .
آخر ما يفكرفيه الناتو هو السيادة الوطنية والضحايا والحقيقة .
إضافة الى ذلك فأن الأعمال العسكرية للغرب كانت قد بدأت قبل إصدار قرار الأمم المتحدة . فقد كشفت صحيفة الصنداي ميرور البريطانية 20 آذار 2011 بأنه كانت هناك (في ليبيا ) المئات من القوات الخاصة البريطانية (أس أي أس) العالية التسليح والتدريب وبضمنها القوات المسماة (
Smash المتخصصة بالتخريب قبل ثلاثة أسابيع من إصدار القرار.
فالعدوان بدأ إذا بمئات من الجنود البريطانيين ومجموعة صغيرة من المخابرات المركزية الأمريكية (السي آي أي ) في إمتداد غربي في ظل تعاون عسكري مسلح وقبل إندلاع الأعمال الحربية في 19 آذار قدم أوباما عرضا لتسليح القوات المعارضة للقذافي لأستنزاف القوات الليبية . (1)
أي إن الحرب تتعلق بأجراءات جذرية خاصة , وبمعنى آخر , إنهم يريدون السيطرة على البلد
بالأستفادة من الطابع القبلي والثنائية والخلافات التاريخية بين الطرابلسيين والبراقة .
كما إن محاولات الغرب للنظام الليبي لها جذورها التاريخية . في جريدة الأوبزرفر نشرت تقريرا بأن الشرطة السرية البريطانية كانت قد خططت لأغتيال القذافي عام 1996 ولأجل هذا الهدف قدمت الى إحدى خلايا القاعدة في ليبيا مبالغ كبيرة (2)

]بعد خمسة عشر عاما بعد ماكانت تأمل من خلال طلقة أو صاروخ تنهي به النظام الليبي تستعد قيادة أوباما – كما كتبت جريدة هيرالد تريبون العالمية – لوضع نهاية لأربعين سنة من النظام الديكتاتوري .(3)[]ويبقى لأمريكا والغرب دائما الحق وحتى دون قرار من مجلس الأمن خوض الحروب .. مثلا في يوغسلافيا 1999 وعام 2003 في عملية إحتلال العراق .

الآن ليس هناك إنسان عاقل يمنح الثقة لرئيس حكومة بكونه ديمقراطيا ومنتخب فعلا من الشعب عندما يتبع الأجراءات التالية عندما يتوجه الى البرلمان :
( أنا أأمركم , بمنحي الثقة , ولكن دون ثقتكم هذه وحتى في حالة حجب الثقة عني فأني سأحكم , كما هو مناسب لي ... )
نعم هذا مادخلت فيه الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب في الأمم المتحدة !! والتصويت الذي يحصل دائما في مجلس الأمن من خلال التزوير بالأبتزاز العديم الحياء .

وعندما أصدر مجلس الأمن قراره الذي تمنّاه ومع كل الأبتزاز والتلفيق والتحوير .. تناولته الولايات المتحدة والغرب وخرقت به السيادة الوطنية .
الموافقة على الحظر الجوي في ليبيا أصبح في الواقع السماح لهم بتقييد السيادة الليبية بالقوة العسكرية , قانون الأقوى هو الذي ناسبهم وقادوا عمليات تدميرية من أجل (حماية) المدنيين .
قوية جدا أدوات الملتميديا للمعتدين حتى على أنفسهم , ولكنهم لم يستطيعوا رغم ذلك أن يخفوا حقيقة الحرب . نعم إن اللغة المخادعة تتشاجر وبوضوح حاد : إنها تتحدث عن أخذ دور الشرطة العالمية المثير للأهتمام , وممكن أن يكونوا هم كذلك , فخلف كواليس هذا المصطلح ( الشرطة العالمية ) يرجعنا الى زمن التفسيرات الجديدة والتطرف و ربط تيودور روزفلت عام 1904 بمبدأ مونرو وأسس نظرية ( المجتمع المتمدن ) الذي يجب أن يمارس ( نفوذ الشرطة العالمية) على شعوب المستعمرات , إنه واجب , يقع على الولايات المتحدة الأمريكية في أمريكا اللاتينية.
لذلك أصبحنا نعود الى حقيقة الكولونيالية والحرب الأستعمارية , في الحقيقة , اللغة المخادعة عبثا
تحاول حشر هذه المفاهيم .

 


( الحرب الأنسانية )



والمتابع للوسائل الحربية العنفية للناتو , والعمليات العسكرية الدائمة وتصاعد أعداد الضحايا ( وبضمنهم المدنيون ) لم يعد مقنعا النقاش حول ( العمل البوليسي ) عندما يكون عالميا أيضا .
اللغة المخادعة لم تفقد الجرأة بعد وأستأنفت التعريف البديل المهيء مسبقا : ( الحرب الأنسانية ) وهي أول الحروب الأنسانية تحت قيادة أوباما _ هذا مانشرته بأنتصار هيرالد تريبون العالمية , وإن العملية تتعلق ببداية سلسلة . (4)
ولأجل ترسيخ القناعة بالمصطلح الجديد , كان من الضروري الألتجاء الى التوجه نحو موجة من التسلح الأخلاقي لهدف محدد بعناية .
في الشرق الأوسط والأدنى توجد مايكفي من المقارنة , القدرة على الغضب والأستياء . لماذا لا يتخذ الموقف من إسرائيل وبالضد من إستعمارها وتوسعها الذي لايتوقف في الأراضي الفلسطينية ؟
أمريكا أوباما تستخدم الفيتو ضد قرار يتخذه مجلس الأمن , يتضمن مجرد نقد وإدانة لأسرائيل .
وقبل أسابيع من تفجر الأزمة في ليبيا , وقادت الى تدخل الغرب , شهد العالم وبنفس الوقت دخول القوات السعودية في البحرين لتعزيز عمليات القمع الوحشية ضد المتظاهرين . وبهذا الصدد نقرأ شهادات عيان ذات معنى , كررتها صحيفة النيويورك تايم عن البحرين :
( في الأسابيع السابقة شاهدت جثة أحد المتظاهرين , كان قد أصيب بعيار ناري عن قرب , .. رأيت فتاة مرمية قرب الجدار تتلوى من آلام الضرب , ... رأيت .. كيف ضربوا رجال الأسعاف لأنهم حاولوا إنقاذ المتظاهرين ..) والكثير غيرها . فيديو من البحرين يرينا قوات الأمن تصوب بنادقهم بقرب من رجل متوسط العمر وترميه بأطلاقة غاز مسيل للدموع في صدره , سقط الرجل على الأرض وحاول النهوض ولكنهم أطلقوا الرصاص على رأسه .) اليس هذا كافيا ليتصور المرء ماذا سيحصل في الأيام المقبلة من حالات أسوء .. وقبل القمع كان العنف في الحياة اليومية بحجة : إن الأكثرية الشيعية متهمين ( بنظام الأبارثايد ) بالطائفية .
وسائل القمع أصبحت أكثر قوة من خلال الجنود الأجانب (السعوديون ) والدبابات الأمريكية والأسلحة والغازات المسيلة للدموع . دور الولايات المتحدة الأمريكية هو الحاسم , تماما كما أوضح مراسل النيويورك تايم , عندما كتب قصة عن حدث عابر تعرض له شخصيا :
( قبل أسابيع تم إحتجاز زميلي الصحفي من صحيفة النيويورك تايم ميشائيل شلاكمان , وحدثني كيف وجه رجال الأمن البحرانيون أسلحتهم عليه وخشي أن يضغطوا على الزناد. فرفع جواز سفره وصاح بأنه صحفي أمريكي , وبهذا فقد تغير تعاملهم معي وأقترب مني قائد المجموعة وصافحني , وقال بلطافة وصداقة : لا تخف ! نحن نحب الأمريكان ! (5)
في حقيقة الأمر إن هناك قاعدة بحرية أمريكية في البحرين.
وبنفس النظرة الى العلاقة مع الحكومة الأسرائيلية تبنى العلاقة مع الحكومة السعودية والبحرينية فيما يتعلق بالأستياء العام. فالتهيئة للحرب الأنسانية تتطلب , إستياءا كهدف وحيد منظور , لذلك نسمع يوما بعد آخر ( بأن طائرات القذافي تقصف المدنيين , وهذه جريمة بشعة ضد الأنسانية ولدرجة تحميله جريمة الأبادة الجماعية ... )
ووفق هذه المأساة تتركز الأيضاحات الصادرة من الدول والحكومات الغربية المتهيئة للحرب والمفعمة بالملتيميديا الغربية المخادعة التي تنوي تجريد شعوب هذه الدول من غضبها وإستياءها.
وبعد تسرب المعلومات من قبل صحفيين شجعان أو بسبب عدم إنتباه من البعض الآخر نصل الى شذرات من الحقيقة , نقرأ في صحيفة (لا ستامبا ) في الأول من آذار 2011 تقرير يقول : ( من المؤكد , يبدوا إنه لم يكن هناك قصف جوي ليبي ضد المدنيين ) .
ولكن هل تغير الوضع عما كان عليه في الأيام التالية بشكل راديكالي ؟
في صحيفة (كورييرا ديللا سيرا ) في 18 آذار 2011 يكتب لورنسوا كريمونيسي تقريرا من طبرق :

( ومايحصل في مناطق أخرى , حيث تهاجمهم طائرات القذافي , إنها كانت بالدرجة الأساسية مجرد صفارات إنذار .. كان يراد بها إفزاعنا .. ضوضاء كثيرة بدون أضرار وفي مكالمة مع المتحدث بأسم المجلس الأنتقالي قال : ( إن المتمردين الآن يختلقون هذه الأبادة الجماعية والمجازر كمبرر بأتجاه التدخل العسكري من قبل حلف الناتو ).
شيطنة الخصم
وما يتعلق بالمقاتلين من مهمة هو : التهيئة للحرب الأنسانية تتطلب التجلي وشيطنة الخصم .
الكذب وآلة التلاعب , التي تم جلبها مسبقا هي مؤثرة ولكن في الصحافة لا يجد المرء أي تحليل إضافي وبشكل خاص عمن يوجه وينظم ويقود المقاتلين ويسلحهم وهم المرتبطون بالأسلام المتطرف والذين يستقبحون تحرر المرأة , المطبقة فعليا في ليبيا القذافي أو فرض عليها هذا التحرر .
ونقرأ في إحدى المجلات الأمريكية شيئا مهما :
( إن المتمردين يعدمون أسرى الحرب الأفارقة السود بأعتبارهم مرتزقة لنظام القذافي .)
أحيانا الأفارقة السود يتم إستجلابهم , أو قد يكونوا قد تم حذفهم من السفن الغربية المخصصة لجلاء السكان المدنيين الى البحر . (6)
وهذا مؤكد وتؤكد أيضا أشياء أخرى وكل منها مستخلص من مصادر موثوقة , كذلك بالنسبة للأفارقة المدنيين غير المسلحين والذين كانوا يسكنون ليبيا فقد تم إعتبارهم أعداء ومرتزقة وقد تم إعدامهم . (7)
هل نحن أمام قضية عنصرية ؟ أمام هذه النكبة تظهر الميديا أو (الأعلام ) الغربي بكونه غير مصان تماما : اللغة المخادعة الجديدة تهادن , تتحدث بمنطق ملكيتها الخاصة ( تدفع بشكل جيد جدا !) لممتهني الحروب من قادة المرتزقة الأمريكان في العراق أو في أفغانستان .
وفي الوقت الذي يحترم فيه هذا ( المتعاقد ) المرتزق يتهم جيش القذافي بأنهم مرتزقة برابرة ومجرمون .
إن تعامل المقاتلين مع الأفارقة السود يعتبر مأساة بوجه خاص , وكذلك التعامل مع الليبيين النزهاء , على الأقل على ضوء ما نقله المراسلون من صحيفة كوريرا ديللا سيرا : ( في خضم الأضطرابات العامة هناك أيضا النهب والسرقة . وخاصة ماتمت مشاهدته في فندق الفضيل , حيث ( المسلحون الهاربون ) أخذوا معهم اجهزة التلفاز والأغطية والأفرشة , وحولوا المطبخ الى قطعة نفايات والممرات تحولت الى ملاجيء ليلية قذرة .) (8).
لا يبدوا على سلوكيتهم كحركة تحرير ! وعلى أي حال لنبدء بتعامل المقاتلين مع الأفارقة السود .
(الوحشية ) بالنسبة للغرب تتكون فقط من (الوحشية ) التي مارسها القذافي من جانب واحد .
التصوير المعتاد للنزاعات لها تقاليد قديمة . في نهايات القرن التاسع عشر حاول بسمارك بحكومة الرايخ الثاني أن يشترك مع القوات الغربية بأسم توسيع المدنية والدفاع عن المباديء الأنسانية في التوسع الأستعماري . وقد سأل حينها أحد مستشاريه :
- ( ألا يمكن للمرء إزالة التفاصيل المروعة للقسوة الأنسانية؟ )
- (يكون من الأحسن النفاذ من خلال موجة الغضب الأخلاقي المنتهية . والنداء الى الحملة الصليبية ضد البرابرة الأفارقة والمسلمين وتقوية دور المانيا العالمي .)
وهنا يفكر المرء بمقارنة (الوحشية ) التي إرتكبها القذافي , والتي حركت الغضب الأخلاقي الغربي الذي لا يمكن كبحه . إضافة لذلك يأتي قول مأثور في هذا المعنى لنيتشة يكشف نفاق هذه المواقف :
لا أحد يكذب أكثر من الغاضب .

 


(المدنيون والمقاومة )

 


نشاط الشرطة العالمية أو مشعلي الحرب ضد ليبيا لأغراض إنسانية لديهم هدف ( حماية المدنيين من القذافي الذي إرتكب ويخطط لأرتكاب المجازر ) وهذا ماتردده لغة الأعلام الجديدة بلا توقف .
(نعم – كانت ردود القاضي راينهارد ميركل في صحيفة فرانكفورتر الكماينن – مقاتلين ومقاومين , وقد كانوا قبل ساعات خبازين وصباغي أخذية ومعلمين , إنهم ليسوا مدنيين ) (9) .
(كلا – يؤكد فيلسوف معروف مثل ميشائيل فالتسر – لا يوجد معنى للتدخل العسكري الأنساني في الحديث عن نهاية للمجازر)(10).
التناقض الأكثر إثارة للأهتمام للغة الجديدة أصبحت ترسل من نفس هيئات الأعلام , التي أجهدت نفسها لنشر هذه التفنيدات. صحيفة ( كورييرا ديللا سيرا ) ليوم 20 آذار 2011 أعادت نشر صورة الطائرة التي أسقطت في بنغازي الى الواجهة , تحت عنوان (سقوطها محترقة فوق سماء بنغازي )
العنوان المكتوب تحت الصورة وكذلك النص المرفق معها يوضح إن هناك قنص للطائرات من قبل أشخاص لهم باع في مقاومة الطائرات ويقود مجاميع من المقاتلين ومن المفترض من منصات صواريخ أرضية لنظام القذافي المستولى عليها .
وعلى مبعدة من , مجاميع المدنيين الغير مسلحين , أصبح تحت تصرف المقاتلين أسلحة هجومية متطورة , إضافة لذلك كانوا منذ البدء عملاء للسي آي أي وغيرها من المخابرات السريّة , من إمتدادات القوات الغربية , هؤلاء الذين يتفاوضون في الظل بحماية القوات الخاصة البريطانية , تلك التي تشتهر بأمتلاك القدرات التدميرية الخاصة .. هل هؤلاء هم المدنيون ؟
مع تدخل القوات الغربية لصالح المقاتلين تتصاعد الآن الجبهة المضادة الغربية غير المسلحة .. ولكنها من الممكن أن تكون إنتهازية أيضا .. وإستدراجا في التفكير يطرح هنا السؤال عن تصنيف (القوى الفاعلة في الساحة) .
لدينا مصادر موثوقة ( مثل الصحف الأسرائيلية التي تصدرها قوى ثقافية مؤثرة , أو هيرالد تريبون الواسعة الأنتشار ) نقلت وأشارت الى إن الحكومة الأسرائيلية في قوائمها عن (الأرهابيين المعادين ) قد أدرجت أيضا (رماة الحجارة ) بل حتى بضمنهم رماة الحجارة من الأطفال .
طفل في العاشرة من العمر على أحد نقاط السيطرة على مداخل القدس يقتل من قبل أحد الجنود , لأنه رمى حجارة فقط ..
هنا تحتفل اللغة الجديدة ( المخادعة ) بأنتصارها : بأن أحد المجرّبين من مقاومي الطائرات الحربية , يقاتل خلف سلاح صواريخ مقاومة الطائرات ... هو (مدني ) , ولكن ..طفل يرمي قوات تحتل بلده بالحجارة .. هو إرهابي واضح ..

 ..

 

 

جرت ترجمة النص

عن جريدة يونكة فيلد الألمانية

الصادرة بتاريخ

18.06.2011

مع الشكر للدكتور كاظم الموسوي في تدقيقه للنص

 

 

       دومينيك لوسوردو

 *   أستاذ الفلسفة في جامعة أورينو الأيطالية

صدر له العديد من المؤلفات والدراسات التاريخية والفلسفية

 كان آخرها كتاب ( لغة الأمبرياليين) ,

والمنشور أعلاه هو أحدى فصوله .

 

الهوامش

(1) - C.I.A. operatives present in Libya«, in: International Herald Tribune, 31.3.2011

(2) - MI6 ›halted bid to arrest bin Laden‹«, in: The Observer, 10.11.2002 (3)  As war in Libya drags on, U.S. goals become harder«, in: International Herald Tribune, 12.4.2011

(4) ebd.

(5) Bahrein pulls a Qaddafi«, in: New York Times, 16.3.2011

 (6) The Battle for Libya«, in: The New York Review of Books, 7.4.2011

(7)  Germano Dottori: »Disinformacija. L’uso strategico del falso nel caso libico«, in: Limes. Rivista italiana di geopolitica, Nr. 1 2011

(8) La ritirata dei ribelli sotto le bombe dei miliziani«, in: Corriere della Sera, 12.3.2011

(9) Der libyische Aufstand gegen Gadaffi ist illegitim«, in: Frankfurter Allgemeine Zeitung, 22.3.2011

(10) Nur bei Völkermord. Tyrannensturz ist kein Kriegsgrund, findet Michael Walzer«, in: Die Zeit, 24.3.2011

 

نزار رهك

Rahak@t-online.de

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا