<%@ Language=JavaScript %> نزار رهك دولة الحكم الرشيد أم دولة ديمقراطية ذات سيادة
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                    مقالة للكاتب نزار رهك                       

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

دولة (الحكم الرشيد) أم دولة ديمقراطية ذات سيادة

 

 

نزار رهك 

 

البعض يقول إن الديمقراطية هي دولة المؤسسات وهذا مفهوم رأسمالي حديث يراد إشاعته كمرحلة متطورة للأقتصاد الرأسمالي , أي بمعنى آخر محاولة تجنب نهاية عصر الرأسمالية الحتمي وإعادة الحياة اليها عبر الدخول السهل لمرحلة الأستعمار الحديث الملائم للتطورات التقنية والمعلوماتية والأستخدام الفعال لجميع الفعاليات والممكنات وترسانة الأسلحة الأيديولوجية والأعلامية والعسكرية لفرض شروط العالم الرأسمالي على شعوب العالم بعد سقوط المنظومة الأشتراكية التي كانت تشكل عاملا أساسيا للموازنات الأستراتيجية الكونية .

إن النظام الرأسمالي العالمي يعيد ترتيب أوراقه النظامية والأدارية والدولتية وفقا لمتطلبات مايسمونه بالضرورات المفروضة على بلدان الغرب الرأسمالي بعد التغيرات الدولية ونشوء قوة تنظيمية وإدارية جديدة تكتسح قوة القرار التي كانت تملكه الدولة الغربية الديمقراطية . هذه القوة الجديدة هي الشكل المؤسساتي للقوى الفاعلة في الساحة الأقتصادية والأجتماعية والسياسية والتي يتم توجيهها من قبل خبراء إستراتيجيين تتحدد مهمتهم في عملية التوافقات الممكنة لحل النزاعات والمشاكل التي تواجه هذه البلدان ( الأصح التي تواجه الشركات الكومبرادورية متعددة الجنسيات العالمية ) .

وتجري الدراسات التي مازالت قيد البحث والتحليل الى محاولة صناعة نظرية جديدة للرأسمالية تتجاوز من خلالها الصعوبات التي تحد من إنفلاتها في الأستحواذ على ثروات شعوبها وشعوب العالم أجمع وبأستخدام كل الطرق الممكنة حتى وإن كانت على حساب مصائر الملايين من حياة البشر وعل حساب جميع الأعراف والقوانين الدولية ولوائح حقوق الأنسان وحماية البيئة وغيرها من الشروط والأحكام التي قدمت البشرية من أجلها ملايين الضحايا وأستنزفت ثروات شعوب العالم من شماله الى جنوبه. ومن خلال هذا النظام الجديد يجري تنظيم الحد من المنافسة الرأسمالية العالمية عبر عملية التوافقات بين الشركات والأغراءات المالية وشراء الذمم لمالكي وسائل الطاقة ضمن سياسة خارجية موحدة ( كما هو حال قادة دول الخليج العربي ) والحفاظ على مستوى أسعار المنتجات التقنية الغربية وإيجاذ منافذ إضافية لتسويق المنتجات .

وقد كان للنظام الرأسمالي أنماط متعددة منها نمط الملكية العائلية للأحتكارات الرأسمالية ومنها وفي إطارها وشروطها يتم قيادة وإدارة الدولة ( النمط البريطاني ) أو النمط الأسكندنافي والسويسري في إعتماد سياسة التخطيط مع الأحتفاظ بالتفوق المادي وقوة الضغط السلطوية للطبقة الكومبرادورية السائدة . وهناك أنماط غربية متعددة منها ( المانيا ) والتي يتحكم فيها الرأسمال الصناعي بقيادة الأقتصاد الوطني بشكل أشبه بالمستقل عن سياسة الدولة بل قد تكون سلطتها أكثر من سلطة الدولة خاصة مايتعلق بالقرارات الأستراتيجية والحيوية كالتحكم بأسعار الوقود والطاقة النووية وصناعة الأسلحة والسياسة الخارجية.  والدولة عبارة عن مؤسسات إقليمية (فيدرالية) نمطية تقودها الدولة الأتحادية التي تفقد بالتدريج دورها التنظيمي أمام جبروت قوى الأحتكار العالمية وموسساتها الأقتصادية والقانونية والأجتماعية .

إن النمط الجديد الذي يجري البحث فيه هو دولة المؤسسات بقيادة الخبراء والأخصائيين المتدربين خصيصا لخدمة مصالح الأحتكارات العالمية عبر هذه المؤسسات . والتي هي بالحقيقة تشكيلات تنظيمية محددة الأهداف تأخذ جانبا (جزء) من عملية التنظيم الشاملة وطنيا وأقليميا وعالميا ومن هذه المؤسسات ( البنوك المرتبطة بصندوق النقد الدولي وهي منظمة خاصة غير دولتية وكذلك منظمة أرباب العمل أو إتحاد الصناعة والتجارة ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة المعايير والمقاسات الصناعية أو منظمات حقوق الأنسان والتي لا يعرف من يكون وراء تأسيسها وتمويلها والتي تستصرخ حقوق الأنسان في ليبيا وتصمت أمام الجرائم الأسرائيلية في غزة مثلا ) .. إن دولة المؤسسات التي يدعوا اليها الغرب الجديد هي  مدخل لنهاية الديمقراطية و الشرعية الوطنية الأنتخابية ومدخل لأنهاء الدولة الديمقراطية عبر تبني قوة القرار السياسي والأستراتيجي عبر مؤسسات يتم أو قد تم بناءها لأغراض مهنية بحتة ليتم إعادة صياغتها لتكون بديلا سلطويا في الدولة وفي السياسة الخارجية .

في السياسة الخارجية وحيث الهدف السيطرة على مصادر الطاقة والثروات يراد بالأتجاه الجديد وقد تمت ممارسته سابقا في حرب العراق وأفغانستان والحرب الحالية على ليبيا وهو إلغاء القوانين والشرعية الدولية .

وفرض الأرادة الأستعمارية التي يسمونها الأرادة الدولية كمصطلح تجميلي .

في الحرب الأستعمارية الجديدة على ليبيا تم الأعتماد على المؤسسات الكارتونية (الجامعة العربية ومنظة المؤتمر الأسلامي ) في صياغة قرار مجلس (الحرب ) الأمن في حظر الطيران الذي تحول في اليوم التالي الى حرب تدمير شاملة ضد بلد ذو سيادة وتدمير البنية التحتية و قتل الآلاف من الأبرياء و القرصنة على أموال الدولة والتهيئة لغزوه وإحتلاله .

المؤسسات التي يراد لها أن تقود العالم هي تشكيلات تنظيمية شبكية تلغي الحدود الوطنية أمام سلطة الأحتكارات والشركات متعددة الجنسية بأسم العولمة أو حكومات الكوفرننس الأقليمية والمحلية .

المدخل لأحتواء بلدان العالم وخاصة بلدان العالم الثالث ومنها العراق هو عملية تفكيك أواصر الوطن الواحد وإقامة أقاليم و فيدراليات مناطقية أو طائفية من خلالها يتم تحديد وحصر متطلبات وحاجات الأقتصاد الرأسمالي العالمي ولتصبح الأقليمية بأعتبارها أحد الضمانات لتوفير العناصر الأستراتيجية الجزئية المكملة لعناصر إستراتيجية في بلدان أو فيدراليات أخرى من السهل التحكم بمصادرها الحيوية ومن السهل تغيير حكوماتها و عملائها. وهذه الفيدراليات يراد لها أن تقاد عبر ما يسميه الليبراليون الجدد وأعوان الأحتلال بدولة المؤسسات .. مع إستثناء للبعض الذي يجهل ما تعنيه هذه التسمية أو هذا المصطلح في العلوم السياسية .

أغلب المؤسسات في العراق تم تأسيسها ضمن التهيئة لأحتلال العراق وتوفير السقف السياسي والقانوني للأحتلال ومن هذه المؤسسات التي تم تغيير عنوانها الى منظمات المجتمع المدني (المبادرة المدنية للحفاظ على الدستور .. أي دستور بريمر ! ) أو الهيئة (المؤسسة) الوطنية للأستثمار والتي جاء في أهدافها

(الهدف الرئيسي لمشروع دعم سياسات وتشجيع الإستثمار في العراق هو المساهمة في بناء القدرات وجذب الإستثمارات الأجنبية في العراق .

.. تسعى الهيئة الوطنية للاستثمار إلى وضع إستراتيجية للإستثمار الوطني وإدارة المؤسسات والآليات الخاصة بالإستثمار. وتتعاون الهيئة الوطنية للاستثمار في هذا الإطار بشكل وثيق مع برنامج الاستثمار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمنظمة التعاون والتنمية الإقتصادية من أجل تحقيق الإصلاحات الإقتصادية الوطنية التي تؤدي إلى خلق مناخ أعمال مستقر وفعال) 1

وموقع هذه المؤسسة قد تم إملائه من قبل الأحتلال وعند التصفح لن تجد نصوصا عربية سوى الصفحة الأولى وذلك لصعوبة ترجمة موضوعة الكوفرننس أو حكومة المؤسسات وتسمى أيضا (كود كوفرننس Good Governance  / الحكومة الجيدة والبعض يترجمها بدولة الحكم الرشيد ) 2.

إن مخاطر دولة المؤسسات تكمن في جانب على درجة كبيرة من الأهمية على مستقبل العراق وحياة أجياله القادمة إنه الخصخصة وإلغاء القطاع العام و ذلك عبر القرارات التي ستتحد في ظلها هذه المؤسسات المصطنعة والدخيلة وسيتم تحشيد جميع المؤسسات الأعلامية ومنظمات ( المجتمع المدني ) وتحت شعارات مزيفة وتحليلات إقتصادية وإستراتيجية من قبل مأجوري العلم والثقافة للدعاية الى أهمية وضرورة الخصخصة وإلغاء مؤسسات القطاع العام وقد إبتدأها الأحتلال بنهب وتدمير المؤسسات العامة وإستكملها عملائه وقد كان أول شعار للمنافسة الأنتخابية لأحمد الجلبي هو ( تحويل ملكية النفط من الدولة الى الشعب ) وهو كما يبدوا وكأنه من أجل الشعب ومصالحه ولكنه بحقيقة الأمر شعارا لخصخصة الثروة النفطية .

إن الخلل المفاهيمي هو في ربط مفهوم الدولة بالمؤسسات الأختصاصية الأجتماعية أو الأقتصادية وتدخل نقابات العمال والجمعيات الفلاحية ضمن إطارها أيضا .. فالدولة إن كانت ترعى مصالح الشعب يجب أن تكون ديمقراطية حقيقية مستقلة وذات سيادة كاملة وغير منقوصة وتكون المؤسسات رافدا من روافدها لا قائدة لها , فالشرعية فقط للدولة الديمقراطية المنتخبة التي إختارها أبناء الشعب ومنهم الأفراد المنظوين تحت راية هذه المؤسسات مع الأبقاء على الأستقلالية المهنية لها .

 

 

المانيا

06.05.2011

Rahak@t-online.de

 

 الهوامش

 

1-    http://www.oecd.org/document/5/0,3746,en

_34645207_34645590_44352965_1_1_1_1,00.html

2-    http://www.mopsd.gov.jo/modsol.htm

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا