| الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا |
|
---|
مقالات مختارة |
|
---|
إجتثاث البعث وإجتثاث النازية
نزار رهك
بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية وسقوط النظام النازي في المانيا والفاشي في إيطاليا وإنتصار قوات التحالف وعودة السلام الى أوروبا كان هذا الأنتصار قد رافقه إتخاذ العديد من الأجراءات القانونية والسياسية للحد من ظهور النازية والفاشية ثانية حتى وإن كانت بمسميات أخرى , وهذا ماكان مشتركا بين أنظمة شرق وغرب أوروبا حتى في فترة الحرب الباردة بين النظامين الرأسمالي والأشتراكي .
وقد سنت الدساتير والأنظمة القانونية في جميع هذه الدول وأقرت تحريم العنصرية والقومية المتطرفة (الشوفينية) والديكتاتورية وكل ماكان يميّز النظام النازي المنهار إضافة الى تسمية الأحزاب بمسمياتها ورموزها وكل ما يهدد أمن الدولة والنظام الديمقراطي والدستور وكذلك تم منع تداول وإستخدام الصليب المعقوف أو إستخدام الشعارات النازية وحتى منع تسمية الولادات الجديدة بأسماء النازيين ومجرمي الحرب وتم فرض ممارسة الديمقراطية الداخلية للأحزاب المشاركة في (العملية السياسية ) قانونا . أي بمعنى مبسط لقرائنا الشباب خاصة وجديدي العهد بالديمقراطية .. أن يثبت الحزب السياسي المشارك في الأنتخابات البرلمانية للجميع وعبر الأعلام و (بكامل الشفافية ) إنه حزب ديمقراطي مارس الديمقراطية في دراسة مشروعه السياسي وفي إنتخابات قادته السياسيين والنقاشات التي دارت كانت علنية ومفتوحة لرجال الأعلام ومؤسساتها .. والأنتخابات الداخلية لترشيح ممثلي الحزب الى البرلمان كانت ديمقراطية وبالأقتراع الحر وغير المباشر .
وأي قرارات سياسية أو مشروع عمل سياسي وأفكار نظرية يخرج بها الحزب يجب أن لا تتناقض مع الدستور الذي ينص على تحريم الأفكار الديكتاتورية والعنصرية والشوفينية ولا تحمل توجهات عنفية ومسلحة أو تهدد الأستقلال الوطني والديمقراطية والحريات العامة والدستور . وما الى ذلك من حدود وأطر قانونية محددة مسبقا في الدستور .
والآن علينا المقارنة
بين المستجدات ما بعد سقوط النازية والفاشية وبين المستجدات بعد سقوط النظام البعثي الأجرامي ومرحلة الأحتلال الأمريكي البريطاني والذي أراد أن يقنع العالم بأن حربه كانت لتحرير العراق من نظام البعث والأنتقال به الى النظام الديمقراطي .. ولكن إجراءات بريمر وقوى الأحتلال السياسية العراقية منها والأمريكية أخذت طابعا شكليا مشابها لما بعد النازية (سقوط النظام البعثي عن طريق الحرب , كتابة دستور جديد , برلمان وقيادة منتخبة , وإجتثاث البعث ) وعمليا كان إعادة صياغة نظام جديد أبعد مايكون عن الديمقراطية وأقرب مايكون الى تقسيم الديكتاتورية الى ديكتاتوريات صغيرة أو كتل سياسية ذات طابع ميليشياوي تولد من عناصر كانت معارضة للنظام وترعرعت في رحم الأحتلال وتحولت عبر السرقات والفساد والرواتب المليونية الى أقطاب سياسية تستولي على الساحة عسكريا وإعلاميا إضافة الى الأسناد المخابراتي من لدن الأحتلال ليسد الطريق أمام أي إمكانية للمعارضة لتكوين تشكيلاتها السياسية والتي يجب أن لا تعتمد ماليا وإعلاميا على مصادر الأحتلال , ورافق ذلك كتابة دستور يحمل في طياته عوامل الفرقة بدل التوحد و مليء بالتناقضات القانونية ويخلو من الأسس اللازمة للتكامل والوحدة القانونية , وجاء ببرلمان عجيب غريب مليء باللصوص والأرهابيين والطائفيين والفاسدين عبر إنتخابات مزورة ومدلسة ومحرفة النتائج , وأخيرا كان قانون إجتثاث البعث وبعدها تم تعديلها الى قانون المسائلة والعدالة وإستنادا الى جملة صغيرة في الدستور لا تفي بكل مايمكن أن يقود البلد الى عدم تكرار الفاشية البعثية العراقية . وياليتهم جلبوا لنا الدستور الألماني أو الأيطالي ووضعوا له عناوين عراقية بدلا من دستور تتناقض مواده لتكون الأساس مسببات الصراعات الطائفية و تقطيع أواصر الوطنية العراقية وتقسيم العراق الى دويلات طائفية وعنصرية.
إن المقارنة صعبة بين الحالتين الأوربية في فترة مابعد الحرب العالمية الثانية ووجود الجيش الأحمر والأتحاد السوفيتي بكل ثقله الفكري والسياسي والعسكري إضافة الى أمريكا الحرة ومبادئها التحررية آنذاك و التي مدت جسرا لأنقاذ الشعب الألماني المحاصر ومساعته عبر خطة مارشال في إعادة بناء المانيا الغربية والتي لم تكن تخلو من التوجهات بجعلها نقطة إستراتيجية حيوية في مواجهة بلدان المعسكر الأشتراكي .
ولم يكن في لجنة صياغة الدستور الألماني شخصيات متطفلة على القانون بل كانوا أساتذة بالقانون الدستوري وعلماء إجتماع وأساتذة فلسفة ولم تزل بحوثهم ومداخلاتهم الدستورية مثار بحث ودراسة لطلاب القانون .
وبصدد إجتثاث النازية فقد جاء في الدستور الألماني الحقوق والواجبات وأساسيات البناء المجتمعي دون مسميات (منع النازية) ودون عبارات (التحريض لأفكارها أو الدعاية لها ) وماشابه ذلك من جمل الدستور العراقي .. لأن على المشرع أن يورد طبيعة هذه الأفكار في نص قانوني قابل للمحاججة و يعتبر مستند قانوني لتوجيه الأتهام لمن يخالف ذلك ويخرق القانون .
وبدلا من ذلك فأن الدستور الألماني ينص على الألتزام بقواعد الميثاق العالمي لحقوق الأنسان وهي بطبيعتها أفكار معادية للنازية (البعثية) , وكل مواطن يمتلك الحق في الحياة , وحر في الأختيار والتعبير والأرادة ..ولا يجوز الغبن والتهميش والأقصاء بسبب اللون والدين والجنس والقومية والطائفة واللغة .. والجميع متساوين أمام القانون ولهم الحق بتشكيل الأحزاب والجمعيات ويحق لهم التجمع والتظاهر والتعبير بالصوت والكتابة والصورة عن آراءهم وهي كلها افكار تتعارض مع الأفكار النازية (البعثية) . فما الداعي إذا لتسمية البعث في الأجتثاث العراقي الدستوري .. إنها ببساطة إرهاب فكري إحتلالي يضع ملايين العراقيين اللذين أجبروا على الأنتماء لحزب البعث أمام القانون بأعتبارهم مذنبون وطريق خلاصهم يكمن في الطاعة لسياسة الأحتلال وليس للشعب وهو إرهاب سياسي يكمل الأرهاب العسكري والأقتصادي التي تميّز به الأحتلال في العراق عن الغزوات الأستعمارية السابقة في التاريخ .
ومن جانب آخر فأن الأحتلال قد سعى منذ بدأ الأحتلال الى خلق المتضادات المتوازية مقابل المضاد الحيوي المقاوم , أي بمعنى إنه أنشأ السيء ليحارب الأسوء وماعلى الشعب العراقي إلا إختيار أفضل السيئين , جلب العمامة السياسية الفاسدة ليحاربها الآن بعمامة ماسونية صهيونية علمانية , وقابل عملائه من الليبراليين الجدد بالبعث الساقط بديلا له , وتقليب وجوه العملاء من الوجه الطائفي الى الوطني الزائف وتبديل الأدوار في المنافسة الأنتخابية فايهما تختار ياشعب العراق فأنت الخاسر أولا وأخيرا ويبقى الحاكم الأول هو الأحتلال , وحتى في الجانب المقاوم فقد خلق بدائله المضادة وهو الأرهاب والقاعدة لتكون بديلا عن المقاومة الوطنية العراقية ولتكون لا حاملة للشرف الوطني في التحرير فحسب وإنما أيضا عار الجرائم بحق المواطنين الأبرياء .
إن هذه المتضادات المتوازية هي جوهر سياسة الفوضى الخلاقة والتي تمتد الى الأعلام لتستولي عليه وتدع فسحة للمعارضة ولكن بصيغتها البعثية (الشرقية) أو بصيغتها الطائفية (الجزيرة , العربية) أو بصيغها النفعية والقومية الشوفينية (المحطات الكردية) .. ولم يكتفي بهذا بل تعداه الى تسقيط قيادة الحزب الشيوعي العراقي ووجد تضاده بالحزب الشيوعي العراقي – الكادر- ذو اللغة البعثية الصدامية المنحطة والمخابراتية الرخيصة والتي يساند بها حتى الجرائم الأرهابية بحق المدنيين ويعتبرها مقاومة ويحاول ملء الفراغ الذي تركته قيادة الحزب الشيوعي العراقي على المستوى العربي والعالمي ليحل مكانه إعلاميا .. وكان الأمريكان والموساد ومنظمي العملية السياسية يحاولون إجبار القاعدة الشيوعية الواسعة في العراق والخارج الى القبول بأحدى السيئين من الحزبين الشيوعيين العراقيين.
إن ما يسمى بأجتثاث البعث هي عملية لا تخص البعثيين , فقد إنتهى هذا الحزب الكريه بنهاية نظامه الديكتاتوري وتحولت عناصره الى الكتل السياسية الفاعلة في الساحة السياسية الأحتلالية وتبوءوا المناصب و أختبءوا في عباءة الأحزاب الجديدة وميليشياتها العربية والكردية .. السنية والشيعية.. وقد راهن البعض الذي إرتضى العمل تحت راية الأحتلال على الورقة الوطنية والوحدة الوطنية دون أن يمارس عمله الوطني على أرض الوطن وقد إرتضى وقبل بالقوانين ودستور الأحتلال وساهم بتسهيل إتفاقية الرضوخ الأستعمارية وتمتع بالغنائم وأستوطن عمّان ودول الخليج لتامين حياته ومنها تنطلق تصريحاته الرنانة حول الوطنية ونقد الحكومة لا لشيء سوى الحصول على غنائم أكثر وموقع أعلى ووزارات أكثر ..
توجهت له الصفعة ليسمع الآخرين بأن هناك خطوط حمراء للعملاء لا يجوز القفز عليها وتجاوزها .. والتضادات المتوازية يجب أن تحافظ على السكة المتوازية .. ووفق الأستراتيجية الأمريكية فقد وضعت مهمة للبعثيين بأن يكرسوا كل طاقاتهم وإعلامهم ومعهم هيئة علماء المسلمين (وهي تنظيم بعثي وطائفي معارض للأحتلال ) بأن يكرسوا فكرة الأحتلال الأيراني بدلا من الأحتلال الأمريكي وكذلك تنظيم القاعدة بأنهم يواجهون الأحتلال (الصفوي) وليس الأمريكي صاحب المائة والخمسون الف عسكري و مدجج بترسانة أكبر قوة عسكرية في العالم .. بل حتى العناصر المجتثّة من البعثيين كانوا من الوضاعة بحيث لا يتجرئوا على مواجهة الأمريكان بل كانت تصريحاتهم بكون قرار الأجتثاث هو قرار إيراني والتجأوا الى الأمريكان لأنقاذهم من هذه القرارات (الأيرانية !!) .. أما زيارة بايدن الى العراق لأقناع المسؤولين العراقيين بتغيير القرارات فهي لم تكن سوى كيفية ترتيب مثل هذه القرارات لتكون ضمن الضوابط السياسية الأمريكية لتسيير دفة العملية السياسية العراقية.
وعودة الى دستور مرحلة الأحتلال الجديدة فقد جاء في المادة السابعة :
المادة (7):
اولاً :ـيحظر كل كيانٍ او نهجٍ يتبنى العنصرية او الارهاب او التكفير أو التطهير الطائفي، او يحرض أو يمهد أو يمجد او يروج أو يبرر له، وبخاصة البعث الصدامي في العراق ورموزه، وتحت أي مسمىً كان، ولا يجوز ان يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق، وينظم ذلك بقانون
ولتوخي الدقة في تطبيق هذه المادة يجب منع العديد من الكتل السياسية في العراق , فالبعض مارس وتبنى العنصرية (الأحزاب الكردية ) والآخر مارس الأرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي ( المجلس الأسلامي الأعلى , جيش المهدي , الصدريين , الحزب الأسلامي العراقي , التوافق .. الخ ) .. أما مفهوم البعث الصدامي فهو غير واضح وكذلك لم ينظم بقانون بعد يعطي الملامح الحقيقية للبعث الصدامي وتمييزه عن البعث الآخر .. وهنا يتم الأعتماد على الأجتهادات الشخصية والمصلحة النفعية في تحديد من هم هؤلاء البعثيين وكيفية تمييزهم عن غيرهم .. وحسب الأجراءات المتخذة والتصريحات الأعلامية إن البعث الصدامي هو القوى البعثية المعارضة للأحتلال وقد تشمل لا البعثيين وحدهم وإنما كل شخص أو قوة سياسية تقف بالضد من الأحتلال (تحت أي مسمى كان ..) وعبره يتم إبعاد أي شخصية غير مرغوب بها عن المشاركة السياسة في الترشيح والمنافسة الأنتخابية.
ولكن هل كان صالح المطلق معاديا ومعارضا للأحتلال ؟ وإن كان الجواب بنعم فما هي الفعاليات الوطنية المعادية للأحتلال على أرض الواقع ؟ وماهي الأجراءات السياسية في الساحة البرلمانية لمواجهة الأحتلال ؟ لا شيء من ذلك كله . كلما هنالك إنه أراد كسب المزيد من الأصوات في الحملة الأنتخابية عبر الضرب على الأوتار الوطنية . ولكنه وكما يقول المثل العراقي ( ما كدّرهة وغص بيهة ) .. وتم إجتثاثه فلم يحضى برضى أسياده الأمريكان ولا بالقبول الشعبي الوطني الذي لم ير منه أي فعل وطني يستحق الذكر.
إن الكتل السياسية الحاكمة في العراق عليها الألتزام بالدستور ووفقا لهذا الدستور رغم ثغراته يستطيع الشعب وبالأستناد الى القضاء أجتثاث أغلب الأحزاب المتنفذة .
ملاحظة أخيرة :
إن الدستور الحالي لم يحضر الديكتاتورية في الكيانات السياسية خوفا من منع جميع الأحزاب في العملية السياسية وذلك لأن جميع هذه الأحزاب تفتقر الى الديمقراطية في بناءها الداخلي وتوجهاتها الفكرية.
09.03.2010
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا
| الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا |
|
---|
مقالات مختارة |
|
---|