<%@ Language=JavaScript %> محمد بهلول جبهة اليسار أكثر من ضرورة ...
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

جبهة اليسار أكثر من ضرورة ...

 

التيار الثالث والتقدم نحو إنهاء الانقسام والاحتلال والدمقرطة الشاملة

 

 

 محمد بهلول

 

قد يبدو الكلام مبالغاً فيه، بأن التيار الثالث وبغض النظر عن جماهيريته وشعبيته؛ أصبح ضرورة قصوى لا تتطلبها فقط الحالة الفلسطينية السياسية الذاتية، بل تتطلبه ظروف موضوعية، أي المجتمع بما يعنيه، فغياب هذا التيار لا يؤذي اليساريين فحسب، بل يؤذي المجتمع ولا سيما تيار اليسار والتقدم والليبرالية، علماً أن الليبراليون وهم تيار رئيسي في المجتمع أكثر قرباً لليسار، كما أكد نايف حواتمة أمين عام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في جلسة خاصة، وكما تؤكد كل المحطات السياسية والمجتمعية.

 

المفيد قبل الدخول في موضوع جبهة اليسار، بأن نؤكد أن لا أفق أمام "حزب واحد أو موحَّد" فالتجارب التاريخية في أوروبا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا وكثير من بلدان آسيا، كما فشل "إلى حد كبير" التجربة الستالينية في هذا السياق، "أي تجربة الحزب الواحد"، وبالرغم من ذلك فإن اليسار الفلسطيني بتعدده الائتلافي كان صاحب فكر سائد في سبعينيات وثمانينات القرن الماضي، وبنى لشعبه تعددية سياسية وتنظيمية ائتلافية من كل المكونات والتيارات، كل هذا يؤكد أن اليسار الفلسطيني ووحدته ليس محكوماً بقوانين ومقولات معينة، بل محكوماً بضرورة قيام تيار فكري، سياسي، ائتلافي لقوى اليسار والتقدم والليبرالية في المجتمع الفلسطيني، يقوم بدوره التاريخي في توحيد الكتلة التاريخية الشعبية في المجتمع (طبقة وسطى، عمال، فقراء المدينة والريف، الجامعيين، المهمشين ...) تشكل خياراً ثالثاً إذا جاز التعبير في الحياة السياسية والمجتمعية الفلسطينية، وبديلة عن خيارات الأحادية والانقسام التي تمارسها كل من فتح وحماس، التي رفضها من جديد تيار منظمات الشباب بمظاهرات عشرات الألوف في الضفة وقطاع غزة (15 آذار/ مارس 2011) تحت راية "الشعب يريد إنهاء الانقسام".

 

إذا دققنا في الخيارات الفلسطينية اليسارية في الفترة السابقة، في موضوع الحكومة على سبيل المثال، نجد أن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين حاولت و"نجحت بحدود معينة" بإبراز دورها الاجتماعي من خلال وزيرة الشؤون الاجتماعية، عضو المكتب السياسي فيها "ماجدة المصري"، وقدمت قوة مثل جديد ليس له علاقة بأساليب العمل في وزارات سابقة، الفقراء والمرأة كانا المادة الأساسية لفعل ودور الوزيرة المصري، ولا شك أن هناك قضايا كثيرة لم تحل من خلالها (أي الوزارة)، وكانت الجبهة الديمقراطية معترضة عليها "الخطة الاجتماعية ـ الاقتصادية،البناء الاستيطاني في الضفة، التنسيق الأمني، المسح الأمني ... الخ"، وقدمت رغم عدم نجاحها حتى اللحظة؛ مشروع قرار يتطلب فقط عشرات الملايين من الدولارات، وهي متوفرة بحسب المصادر، لتجفيف البناء الاستيطاني من خلال إيجاد فرص عمل لآلاف الفلسطينيين الذين يعملون في بناء المستوطنات، كما اعترضت الديمقراطية ولا زالت على المسح الأمني، وتركيب الأجهزة الأمنية الانفرادي الفئوي (فتح في الضفة، حماس في غزة) ... الخ.

 

مع هذا بقيت قوى يسارية أخرى، بمعزل عن هذا الفهم التكتيكي، والذي هو إطار للفهم الجدلي لمهام الثورة الوطنية التحررية من جهة، والثورة الديمقراطية، فالجبهة الشعبية "قاطعت الحكومة" من منظار الفصل الميكانيكي بين كلا المرحلتين آنفتي الذكر، كما أن حزب الشعب "قاطع لفظياً، ولم يقاطع عملياً، له عضو مكتب سياسي ناطق إعلامي بلسان سلام فياض، ووزير الزراعة عضو لجنة مركزية".

أما في موضوع مقاومة الاحتلال؛ فنرى أن العديد من القوى اليسارية لم ترتقِ إلى مستوى دورها التاريخي في أعمال المقاومة بأشكالها المختلفة، سيما منذ بدايات تسعينيات القرن الماضي، بعد أن قدمت دوراً مميزاً راقياً منذ تأسيسها في العمل العسكري النوعي، سيما الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، التي تألقت في العمل المقاوم داخل المناطق المحتلة عبر سلسلة من العمليات النوعية "ترشيحا ـ معالوت الأولى والثانية، بيسان، عين زيف، طبريا، القدس الأولى والثانية ... الخ" وقدمت عشرات المئات من الشهداء في عمق الوطن، كما برز دورها العسكري على امتداد أكثر من واحد وعشرين عاماً في الدفاع عن الثورة في لبنان، حيث قدمت أكثر من 90% من قيادتها العسكرية المتعاقبة، كما برز دورها النوعي إلى جانب فصائل اليسار الأخرى في إطار انتفاضة الاستقلال الأولى والقيادة الموحّدة للانتفاضة (ديمقراطية، فتح، شعبية، شعب)، إلا أن هذا لا يمنع أن قوى اليسار تخلفت بعد ذلك تحت وطأة أكثر من سبب، والأبرز انتهاء الحرب الباردة لصالح قوى النيوليبرالية السياسية والفكرية والاقتصادية، وبروز الحليف جوهرياً والنقيض شكلياً، أي اليمين الديني وكان من نتاج هذا الانتصار؛ الوهن، الذي أصاب الفكر التقدمي اليساري التنويري، وعدم قدرة أحزاب اليسار بتلاوينه المختلفة من اجتراح الحلول والمبادرة العملية في الميدان، مما أدى إلى تراجع شعبيتها نسبياً، واستقال شرائح واسعة من المجتمع عنها، وانحيازها إما إلى اليمين النيوليبرالي أو اليمين السياسي الديني؛ تحت وطأة الوهج، والمصالح اليومية على حساب المصالح الإستراتيجية والتاريخية.

إن القصور الذاتي في صفوف قوى اليسار أدى عملياً إلى التراجع التدريجي لفكرة الدور الحاسم والمقرر للشعوب في عقول وقلوب يساريين حتى بات قناعة راسخة. أمام ما حصل ويحصل في حركة الشعوب العربية من تونس إلى مصر، مروراً بغالبية العواصم العربية أُعيدت إلى الأذهان فكرة المقدرة الفعلية والحاسمة لحركة الشعب ـ الجماهير، أي حركة الشارع، أي طبقات وقوى التغيير والتطور ...

إن الشعارات والأهداف التي طرحتها وتطرحها الثورات والانتفاضات الشعبية؛ كلها شعارات "كما تعلن عن راياتها وشعاراتها على الشاشات"، تحمل قيم يسارية وطنية ديمقراطية وليبرالية تقدمية، لا شعار واحد على اليمين ... لا شعار واحد يميني سياسي ديني. هذه الحقيقة الراسخة "وبعد التحولات الديمقراطية التقدمية في أمريكا اللاتينية" تعيد إنتاج حقيقة لا بد من الاعتراف بها، ولا تمثل تفاؤلاً زائداً عن اللزوم أو رغبة شخصية نابعة عن قناعات فكرية وسياسية، ألا وهي أن زمن الانتصار الحاسم على أفكار وسياسات اليمينين النيوليبرالي والديني، قد حلّ أخيراً ويجب أن يكون نهائياً هذه المرة.

اليسار الفلسطيني والعربي في حال أدرك هذه الحقيقة، أي الدور التاريخي والحاسم لحركة الشعب؛ ومن ضمنها إطاره الحزبي والجماهيري مُطالب بقيادته وليس التخلف مرة أخرى.

المطلوب من قوى اليسار أن تؤكد من جديد أهمية وحدة جهودها وائتلافها أي القوى اليسارية والديمقراطية في إطار ما، يسهم ويساهم في الحركة الشعبية بديلاً عن تقدم الأخيرة، بعيداً عن الشعارات الديمقراطية والتقدمية واليسارية، والتي أصبحت "بوعي أو بدونه" قيم الشارع العربي. الشارع الفلسطيني لا سيما حركة الشباب تتقدم على فصائلها اليسارية "المفترض أنها تعبر عنها وعن مصالحها وأهدافها". فالحركة الشبابية كباقي حركات الشباب في المنطقة، تتلمس مصالحها وأهدافها، بشكل يستبق أحياناً مبادرة القوى السياسية رغم إعلامها، فالشباب الفلسطيني بات يتوق لإنهاء الانقسام ودمقرطة المجتمع ومؤسسات السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير من خلال تحركه المتدرج.

في 15 آذار/ مارس كانت المحطة الأكبر ـ حتى اللحظة ـ؛ لنلاحظ الصورة؛ حماس حاولت استدراج التحرك لصالحها "رفع أعلامها بكثافة رغم الاتفاق الفلسطيني حول أحادية العلم الفلسطيني"، ولما لم تنجح قامت بقمع التحرك. فتح من جهتها قامت بقمع تحرك شبابي لحماس في نابلس يحمل رايتها، كل هذه المؤشرات تنبئ بعدم إيلاء الأهمية للتحركات الشبابية، فإذا كان لحماس وفتح من مبرر "إيديولوجي ومصلحي" فما الذي يبرر لقوى على اليسار تخلفها ولحاقها المتأخر وبشكل فردي لا جماعي، لا بل وللأمانة التاريخية فإن بعض قوى اليسار تحاول وبمنطلق فصائلي خاص، أن تبني كتلتها الشبابية الخاصة بعيداً عن منطق وحدة الحركة الشبابية وتالياً الحركة الشعبية.

إن المثالين وغيرهما الكثير مما قدمناه، الحكومة والحركة الشبابية يؤكدان أن منطق اليسار عربياً وإلى حدٍّ ما فلسطينياً بغالبية أحزابه وفصائله لا زال متخلفاً عن فهم ظروف ومنطق وآفاق الحركة الشعبية، علماً أن الجبهة الديمقراطية قدمت وتقدم نموذجاً جديداً كما عودتنا، منذ انطلاقتها، وتحديداً منذ تقديمها للبرنامج المرحلي، الذي عبر وجسد للمرة الأولى في التاريخ المعاصر (بعد 1948) عن رؤية حقيقية لوحدة الشعب الفلسطيني بطبقاته الاجتماعية المختلفة وجغرافياته المتعددة، ومصالحه المتنوعة، بعد أن كانت وحدته (بعد 1948 ـ 1967 مجرد وحدة عاطفية.

فاليسار كما نعلم وتعلمنا؛ ليس إلاّ التعبير المجسد، الواضح والملموس عن الحركة الشعبية وأهدافها، بمعزل عن إدراكها هي "أي الحركة الشعبية"، إلا أن الحركة الشعبية عندما تدرك أهدافها فليست بحاجة إلى تنظيمات اليسار، هل تدرك قوى اليسار ذلك و تنادي إلى الائتلاف لتشكل رافعة للحركة الجماهيرية، أم تتخلف من جديد، وتتراجع مرة أخرى، ويصبح الاحتلال واقعاً مادياً، وتبقى التحولات الديمقراطية والعدالة الاجتماعية الغائب الأكبر عن المؤسسات الفلسطينية والعربية.

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا