<%@ Language=JavaScript %> محمد السهلي ماذا ننتظر؟
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

ماذا ننتظر؟

 

 

محمد السهلي

 

إذا كان الجميع منشغلا كل بأوضاعه.. فلماذا لا تلتفت الحالة الفلسطينية إلى أحوالها وتصوبها باستعادة الوحدة؟

قدم الجانب الفلسطيني طلب عضوية دولة فلسطين إلى الأمم المتحدة ووصل مجلس الأمن. وقبل ذلك وبعده نشطت الجهود الديبلوماسية والسياسية الفلسطينية من أجل تمرير الطلب ووضع واشنطن أمام امتحان الفيتو. وبعد أن تبلورت خريطة المواقف في المجلس وتبين أن واشنطن لن تقف فعليا أمام هذا الامتحان، بدا وكأن عجلة التحرك السياسي الفلسطيني قد توقفت أمام هذا الواقع واكتفى الجانب الفلسطيني بالتعامل مع طلب العضوية كوديعة في ذمة مجلس الأمن على أمل أن يأتي قادم الأيام بـ «جديد»!

يتناقض هذا الحال مع المشهد الذي تبدى إثر قبول عضوية فلسطين الكاملة في منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة وقلنا يومها إن هذا الإنجاز خطوة تؤسس لخطوات أخرى ذات صلة ببقية مؤسسات الأمم المتحدة ومنظماتها.

لكن تحقيق ذلك يتطلب أولا وجود قناعة تامة بأن المعركة السياسية التي بدأناها مع انطلاق المسعى الفلسطيني باتجاه الأمم المتحدة إنما هي معركة مفتوحة طويلة وشاقة وتحتاج إلى نفس طويل وإلى توظيف الإمكانات المتاحة للفوز فيها.

ومنذ أن انطلق المسعى الفلسطيني باتجاه المجتمع الدولي كان واضحا أمام الجميع أن عقبات كبرى تعترض وصوله إلى مآلاته المرجوة، وكان واضحا أيضا أمام الجميع ـ كما يفترض ـ أن مشاق الاستمرار في هذا المسعى، وفي مقدمها الضغوط والتهديدات لا تقارن مع تداعيات وكوارث التراجع عنه والعودة إلى أسر المفاوضات تحت هيمنة واشنطن وصلف تل أبيب، فالرباعية الدولية لا تحمل جديدا يمكن أن يحرك عملية التسوية السياسية بما ينسجم مع المطالب التي تقدم بها الفلسطينيون وخاصة مسألتي تجميد الاستيطان وتحديد مرجعية المفاوضات على أساس حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967 فيما الولايات المتحدة تطالب وتضغط من أجل نصب طاولة المفاوضات مجدداً في الوقت الذي لم تحرك فيه ساكنا أمام عمليات الاستيطان التي نشطت مؤخرا في القدس الشرقية وسائر أنحاء الضفة الفلسطينية.

وعلى اعتبار أن الإجماع الفلسطيني لا يزال قائما برفض العودة إلى المفاوضات في الشروط القائمة، فإن هذا يتطلب مواصلة النشاط السياسي والديبلوماسي وتصعيده وعدم التوقف في منتصف الطريق وخاصة أن لا شيء جديا يستحق الانتظار الذي يبدو أن المقعد المخصص له بدأ يظهر مجددا في المشهد الفلسطيني تمهيدا لاستخدامه.

ومنذ أن انطلق المسعى الفلسطيني والنشاط المرافق له بدا واضحا أنه بحاجة إلى تدعيم بعناصر ضرورية تضمن استمراره وتصاعده ويأتي في المرتبة الأولى استحقاق استعادة الوحدة التي تجمدت الجهود بشأنها عند حدود توقيع اتفاق المصالحة في الرابع من أيار/ مايو الماضي، ولم تنفع الاجتماعات الثنائية المتقطعة بين حركتي فتح وحماس في تحريك هذا الملف على نحو إيجابي، بل على العكس أعادت جو التوتر والتجاذبات إلى الواجهة وعادت الحرب الكلامية بين الجانبين مما هدد بالعودة إلى تجليات الانقسام وتعميقها.

وإذا كانت تظهر اليوم تصريحات إيجابية من قبل قيادات في الحركتين باتجاه إعادة جهود المصالحة إلى مجاريها، فإن هذا يسلط الأضواء مجددا على ضرورة التئام عقد الحوار الشامل ولا تضر هنا اللقاءات الثنائية بين الحركتين في سياق تلطيف الأجواء وخلق البيئة المساعدة على تحقيق المصالحة شرط ألا نعود مجددا إلى دوامة التجاذبات وفق قاعدة المحاصصة الثنائية.

العالم يتغير بسرعة من حولنا، ومكوناته الإقليمية والدولية مشغولة بشؤونها وشجونها. فالإرادة الأميركية ستدخل قريبا في عام الانتخابات الرئاسية وستفتح الملفات الأميركية الداخلية على مصراعيها، وإذا كانت إدارة أوباما ستحاول أن تحقق خرقا على جبهة تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال استعادة المفاوضات فإن هذه الورقة ستكون على حساب الفلسطينيين كما حصل في الانتخابات النصفية خريف العام الماضي. والاتحاد الأوروبي بدوله المختلفة تلهث من أجل إيجاد وسائل ناجعة لحل أزماتها المالية التي تنتقل من دولة إلى أخرى لتحل مؤخرا عند إيطاليا ثالث أقوى اقتصاد في القارة الأوروبية. والعرب مشغولون ببعضهم وكل بأوضاعه الداخلية... فما الذي يمكن أن ينتظره الفلسطينيون؟

وعلى كل، ووفق مقولة «رب ضارة نافعة» فإن المجال مفتوح أمام الحالة الفلسطينية لاختبار إرادتهم السياسية وهم يواجهون احتمالات مصيرية إن كان في رام الله أو في غزة حيث لا يستبعد أن تصعد إسرائيل من عدوانها على القطاع إلى جانب ما تبيته ضد الحالة الفلسطينية في الضفة على وقع الموقف الفلسطيني الرافض للمفاوضات ووفق تقييمها لتطورات الوضع الفلسطيني في سياق تزايد الضغط المالي والإداري على السلطة.

من هذه الزاوية وغيرها، تتجلى مهمة استعادة الوحدة الوطنية باعتبارها خط الدفاع الأساسي عن الحالة الفلسطينية برمتها وبمختلف مكوناتها التي بقدر ما تعي هذه الحقيقة وتستخلص الدروس منها بقدر ما تستعيد هذه الحالة تماسكها المطلوب وتتمكن بالتالي من التقدم المفترض على سكة إنجاز الحقوق الوطنية من خلال استعادة المبادرة السياسية ومواصلة انفتاحها على المجتمع الدولي وإغلاق باب الرجوع إلى أسر التسوية السياسية المجحفة التي تنتظرها في حال التراجع.

وفي هذا السياق، فإن مواصلة السعي باتجاه الجمعية العامة للأمم المتحدة لا يتناقض مع طلب العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية الذي سبق تقديمه، وكما أن تحسين مكانة ووضع الفلسطينيين في الأمم المتحدة يخدم هذا الطلب ويزيد من منسوب التفاعل الدولي مع القضية الفلسطينية وإلا عادت المواقف الدولية والإقليمية لتستقر وفق معادلات العلاقات الثنائية مع دول تقف ضد المسعى الفلسطيني وفي المقدمة الولايات المتحدة وعدد من دول أوروبا، وهذا يفسح في المجال أمام هذه الدول لزيادة ضغوطها على المواقف المؤيدة للحقوق الفلسطينية والتي تبلورت بشكل جماعي في إطار تكتلات إقليمية ودولية وتساندت فيما بينها لبلورة هذه المواقف في حمأة النشاط السياسي والديبلوماسي الفلسطيني.

مجددا... لاشيء يمكن للفلسطينيين انتظاره... وليس أمامهم سوى قراءة واقعهم قراءة صحيحة بما يضمن ترتيب الوضع الفلسطيني.. فهذا هو الضمان الأول... والأخير.

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا