<%@ Language=JavaScript %> محمد السهلي مناورات بالجملة!
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

مناورات بالجملة!

 

 

محمد السهلي

يسعى نتنياهو إلى التوصل مع الإدارة الأميركية إلى «صيغة وسط» من أجل إطلاق المفاوضات وفق الأسس التي رفضها الفلسطينيون

التجربة التفاوضية لرئيس الوزراء الإسرائيلي مع الجانب الفلسطيني تثبت أنه يمتلك قدرة على المناورة اللفظية عبر تصريحات تبدو للوهلة الأولى وكأنه في معرض التراجع عن مواقف سبق وأن تمسك بها لفترة طويلة.

وغالبا ما تزامن توقيت إطلاق إحدى مناوراته مع نشوء استعصاء جدي في العملية التفاوضية يضطر فيها المفاوض الفلسطيني إلى إعلان رفضه دخول المفاوضات أو عزمه الخروج منها بعد اكتشاف استمرار القديم الإسرائيلي على قدمه في تحديد إطار المفاوضات.. وأيضاً نتائجها.

أسباب كثيرة تقف وراء إدمان نتنياهو على إطلاق مناوراته من بينها الإدارة الأميركية التي تحرص على استمرار تقاطع المواقف مع تل أبيب بشأن التسوية.. ومن بينها أيضا أن المفاوض الفلسطيني لا يزال يتوقع «جديدا» في الموقف الإسرائيلي(!) على الرغم من أن السياسات الإسرائيلية على الأرض تؤكد للقاصي والداني أن تل أبيب بمعرض فرض تصورها الإحتلالي لمستقبل الأراضي الفلسطينية.

ففي نهاية العام 2009، توصلت أطراف إقليمية ودولية عدة إلى قناعة بضرورة إعادة إطلاق المفاوضات مجددا بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وعقدت لهذا الهدف لقاءات سياسية رفيعة المستوى في واشنطن بعد أن «عبَّد» باراك أوباما الطريق العربي نحو المفاوضات من خلال خطابه الشهير في القاهرة صيف ذلك العام ،على أن يشهد العالم الذي يليه (2010) بداية إطلاق المفاوضات.

وعندما وصلت هذه الجهود إلى «عقدة» المطالب الفلسطينية المحقة بشأن الاستيطان وضرورة وقفه بشكل تام وشامل، واستمرار الجانب الفلسطيني بهذا الموقف، عمد نتنياهو إلى إطلاق مناورته الشهيرة عندما أعلن عن تجميد الاستيطان لمدة عشرة أشهر، وهو ما تلقفته الإدارة الأميركية باعتباره يلبي المطلب الفلسطيني ،الذي طلب منه من قبل كثيرين بأن يرد الكرة من ملعبه ويوافق على دخول المفاوضات.. وهذا ما حصل، بعد أن ضغطت لجنة المتابعة العربية بهذا الاتجاه.

مع انكشاف المناورة الإسرائيلية واتضاح أن تجميد الاستيطان كان شكليا واستثني منه القدس والبناء على خلفية «النمو العام» وتنفيذ العطاءات الاستيطانية القديمة، وجد المفاوض الفلسطيني نفسه في مأزق جديد، واضطر هو ولجنة المتابعة العربية إلى الرجوع عن الموافقة على دخول المفاوضات وخاصة بعد إعلان عطاءات استيطانية جديدة واسعة في القدس الشرقية في شهر آذار/ مارس من العام 2010، وبعد أقل من 48 ساعة على إعلان الموافقة الفلسطينية على دخول المفاوضات!.

وقام نتنياهو بمناورته الثانية، بعيد الإعلان عن بدء المفاوضات مجددا إثر نجاح الضغوط الأميركية على لجنة المتابعة العربية وعن طريقها على المفاوض الفلسطيني، وجاءت هذه المناورة على صورة الإصرار الإسرائيلي على مناقشة مسألة الأمن جنبا إلى جنب مع مسألة الحدود التي اشترط الجانب الفلسطيني البدء بها في جدول أعمال المفاوضات غير المباشرة، وحاز هذا الإصرار على دعم الإدارة الأميركية.

بذلك، وضع نتنياهو موضوعة حدود الدولة الفلسطينية رهن الاعتبارات الأمنية الإسرائيلية. وبهذه المعادلة أقفل رئيس الوزراء الإسرائيلي باب المفاوضات غير المباشرة قبل أن يفتح تماما.

مجددا، وجد المفاوض الفلسطيني نفسه في مأزق، واضطر لإعلان فشل المفاوضات التي لم تبدأ عملياً، وارتفع صوته بالشكوى تجاه الإدارة الأميركية طالبا منها التدخل لتصويب الأمور وإلزام الجانب الإسرائيلي بالخوض الإيجابي في عملية التفاوض. لكن الرد الأميركي على لسان المبعوث ميتشل جاء رافضا التدخل ورهن وضع الحلول للمشاكل القائمة بتفاهم الطرفين المختلفين، وبذلك أعاد الطرفين إلى موازين القوى على الأرض والتي هي مختلة إلى حد كبير لصالح الاحتلال.

العقدة التفاوضية الناشئة قوبلت من قبل نتنياهو بمناورة جديدة، إذ أقنع الإدارة الأميركية بأنه مستعد لمناقشة كافة القضايا الأساسية للصراع ولكن على مائدة التفاوض المباشر، على الرغم من أن الإدارة الأميركية كانت تعهدت بعدم الانتقال إلى المفاوضات المباشرة إلا بعد حدوث تقدم جوهري وحقيقي في مفاوضات التقريب، وهو ما كانت أكدت عليه لجنة المتابعة العربية قبيل صدور موافقتها على عقد المفاوضات غير المباشرة.

مع مرور الوقت، واقتراب موعد الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة، تبنت إدارة أوباما «رؤية» نتنياهو وضغطت من أجل الدخول في المفاوضات المباشرة، ووجهت إنذارا للمفاوض الفلسطيني وعلى لسان أوباما بأن الجانب الفلسطيني سيواجه عقوبات سياسية ومالية في حال رفض الدخول في «المباشرة».

مع الدخول في المفاوضات المباشرة ، كان موعد التجميد الشكلي للاستيطان الذي أعلنه نتنياهو لمدة عشرة أشهر قد أشرف على الانتهاء، وحاولت الإدارة الأميركية إنقاذ المفاوضات من خلال الطلب منه تمديد فترة تجميد الاستيطان لمدة شهرين.. لا أكثر.

ولأن نتنياهو انتصر في حصيلة التجاذبات مع واشنطن على خلفية الاستيطان، طالب الإدارة الأميركية بموقف رسمي معلن يؤيد بقاء الجيش الإسرائيلي في منطقة الأغوار وغيرها مقابل «البحث» في مسألة التجميد. وأرفق هذا الطلب بمناورة جديدة أعلن خلالها استعداده للبحث في خطوات «صعبة» من نمط انسحاب الجيش الإسرائيلي من بعض المناطق في الضفة وتسليم ولايتها الأمنية إلى السلطة الفلسطينية ، إلى جانب الإفراج عن أسرى وإزالة حواجز وغير ذلك.

 مسلسل المناورات الإسرائيلية لم ينته فصولاً. فقد أعلنت صحف إسرائيلية (2/8) عن موافقة بنيامين نتيناهو على استئناف المفاوضات وفق الاقتراحات التي وردت على لسان باراك أوباما في الخطاب الذي ألقاه في 19 أيار / مايو الماضي والذي دعا فيه إلى مفاوضات على أساس حدود العام 67 مع تبادل للمناطق. وسرعان ما تبينت حقيقة موقف نتنياهو بعد أن أعلنت مصادر مقربة منه أنه يشترط لذلك أولاً اعتراف الجانب الفلسطيني بإسرائيل باعتبارها دولة يهودية. إلا أن مكتب نتنياهو صوب الموضوع أكثر ليقول إن رئيس الوزراء أبدى استعداده لنقاش صيغة أوباما وليس قبولها أو التزامها. 

والثابت في الأمر أن نتنياهو يسعى إلى التوصل مع الإدارة الأميركية إلى ما يمكن تسميته بـ «الصيغة الوسط» بحيث تعطل الشروط الإسرائيلية أي احتمال لانطلاق المفاوضات وفق الأسس التي طرحها أوباما. وهذا يأتي في سياق الجهود المحمومة التي تبذلها كل من واشنطن وتل أبيب من أجل إفشال المسعى الفلسطيني بالتوجه إلى الأمم المتحدة ونيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية على أساس حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967 وعاصمتها القدس، وتستخدمان لتحقيق هذا الهدف أسلوبي الترهيب، من خلال التهديد بعقوبات، والترغيب من خلال الإيحاء بأن هناك تعديلاً جوهرياً على أسس المفاوضات التي سبق وأن رفضها الجانب الفلسطيني.

على ذلك، يمكن القول بأنه من الخطأ الفادح أن يولي أي طرف فلسطيني أذناً تصغي لهذه المناورات. وينبغي الالتفات جدياً وبكل الإمكانات المتوافرة نحو إنجاح المسعى الفلسطيني باتجاه الأمم المتحدة لأن ما هو مطروح من قبل تل أبيب وواشنطن مقايضة هذا المسعى بصيغة مفاوضات تعيدنا إلى المربع الأول.. وهذا مرفوض.

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا