<%@ Language=JavaScript %> محمد السهلي لمن تقرع طبول الحرب

 

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

لمن تقرع طبول الحرب

 

 

محمد السهلي 

 

نتنياهو استثمر إلى حد بعيد مؤشرات المد اليميني المتطرف في المجتمع الإسرائيلي وتعبيراته السياسية الصهيونية وكان هو في مقدمة من أججوا هذا التطرف من خلال فزاعة الخطر الوجودي الذي تعددت جهاته ولم تنحصر في الحالة الفلسطينية

أكثر ما يمكن أن يستفز بنيامين نتنياهو هو الاستخلاص الذي خرج به محللون سياسيون إسرائيليون من أنه خرج «صفر اليدين» من لقائه الرئيس الأميركي باراك أوباما. وربما هذا ما دفع أعضاء أساسيين في الوفد الذي رافقه إلى واشنطن لأن يخرجوا باستخلاصات مغايرة تتحدث عن إنجازات «مهمة» لرئيس الوزراء الإسرائيلي، أبرزها أنه استطاع إقناع أوباما باختصار الجدول الزمني الذي ستمارس واشنطن وحلفاؤها في مداه المزيد من الضغوط السياسية والاقتصادية على طهران بما يتصل بملفها النووي. وأن الرئيس الأميركي بات يتحدث عن عام كحد أقصى لممارسة هذه الضغوط والإجراءات الديبلوماسية وتفحص نتائجها ربطا بالأهداف الغربية المرجوة.

اللافت في الموضوع أن هذا الحديث يعيدنا إلى العام 2009، أي إلى الزيارة الأولى لنتنياهو إلى واشنطن بعد تسلمه رئاسة الحكومة الإسرائيلية والتقى خلالها باراك أوباما الذي كان أيضا يدشن عامه الرئاسي الأول. في تلك الزيارة قيل بأن نتنياهو نجح في إقناع أوباما بعدم ترك المجال الزمني للحل السياسي للأزمة مع إيران مفتوحا. وتم الإعلان عن عام واحد أيضا للجهود السياسية.. كان ذلك قبل أكثر من ثلاث سنوات!

في خطابه أمام «إيباك» استبق أوباما نتائج اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بالتأكيد مجددا على أمن أن إسرائيل «مقدس» لدى الولايات المتحدة،وتحدث مطولا عن الملف النووي الإيراني قبل أن يعلن أن الباب مفتوح للجهود السياسية والديبلوماسية لمعالجة هذا الملف. قبل ذلك، وعلى امتداد العام الماضي، كانت طبول الحرب على إيران تقرع في كل مناسبة يتحدث بها نتنياهو وأركان ائتلافه الحكومي، وأعلن مسؤولون كثر في إسرائيل عن ضرورة قيام إسرائيل بعمل عسكري ضد المنشآت النووية في إيران ولو كان ذلك بصورة منفردة، إلا أن كل نقاش أميركي. إسرائيلي في هذا الموضوع كان يعيد المسألة إلى قاعدتها الأساسية وهي أن واشنطن هي من يملك القرار في هذا الشأن وليس من المتوقع ـ برأي أغلب المراقبين. أن تترك لتل أبيب التقرير في مثل هذا الشأن الخطير.

إذا كان الأمر كذلك، لماذا كل صيحات الحرب هذه التي ماتزال تتردد في هتافات السياسيين الإسرائيليين كلما عرضوا في مؤتمراتهم الداخلية واجتماعاتهم العامة للتحديات التي تواجه إسرائيل، في ظل المتغيرات العاصفة التي تشهدها المنطقة.

لطالما كان الملف النووي الإيراني في مقدمة «الأخطار الوجودية» التي يتحدث عنها معظم أركان التحالف الحكومي الإسرائيلي القائم، وكذلك في الولاية الثانية لحكومة «كاديما» التي ترأسها إيهود أولمرت وضم إليها المتطرف أفيغدور ليبرمان وزيرا لـ «التهديدات الإستراتيجية»، انتهت الحكومة في العام 2008 إلى شن حرب شعواء على قطاع غزة باعتباره أحد مصادر هذه التهديدات، بعد أن صنفته حكومة «كاديما» الأولى برئاسة شارون على أنه «كيان معاد».

لكن الموضوع الفلسطيني من حيث الجوهر لا يشكل بكافة عناصره تهديدا يتطلب استدراج عروض مساعدات عسكرية نوعية أميركية تجدد تأكيد التفوق الإسرائيلي على عموم مكونات المنطقة، وهو الأمر الذي يتوافر وبسخاء عندما يتعلق الأمر بالموضوع الإيراني، على اعتبار أن تصريحات رسمية صدرت من طهران دعت لإزالة إسرائيل عن الوجود. وبأن هذه التصريحات تؤخذ على محمل الجد مع توالي الأنباء عن تجارب إيرانية أطلقت فيها بنجاح صواريخ بعيدة المدى من طراز «شهاب»، ومع الحديث عن تقدم إيران في عملية تخصيب اليورانيوم فإن ذلك كله يجعل من «التهديد الوجودي» خطر ماثل يلوح به المسؤولون إسرائيليين في كل المحافل التي تحاول فتح ملف الاحتلال الإسرائيلي وممارساته في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما أنه مادة خصبة وجواز سفر للدخول في أية غرفة عمليات عسكرية أميركية أو دولية يمكن أن تشكل فعلا في حال فشلت الجهود السياسية لضبط الملف النووي الإيراني ضمن سقف المطالب الغربية.

حتى في الصحافة العبرية برزت كتابات عدة على لسان محللين سياسيين وإستراتيجيين تحدثت صراحة عن منسوب عال من المبالغة في تقدير قوة الصواريخ الإيرانية من قبل مسؤولين عسكريين وأمنيين في إسرائيل من بينهم شاؤول موفاز وإيهود باراك وأشكنازي ومئير دغان، وهي تصريحات أطلقت قبل نحو عشر سنوات. المفارقة في الأمر، أن الحديث يجري الآن على نحو مخالف تماما، بحيث يجري القول من قبل معظم هؤلاء ويضاف لهم حاليا رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه بأن في إمكان تل أبيب أن تختصر الخسائر البشرية «من المدنيين» في حال قامت طهران بردة فعل عسكرية مباشرة على أي هجوم على منشآتها النووية ومواقعها الإستراتيجية. وفي سياق هذا القول يجرى التخفيف من قوة مفعول الصواريخ الإيرانية في حال استهدافها للتجمعات السكنية الإسرائيلية.

التساؤل المهم الذي يطرحه بعض المحللين الإسرائيليين بهذا الشأن يتلخص في السؤال عن السبب في «صبر» إسرائيل على الصواريخ الإيرانية، إذا كانت فعلا منذ ذلك الوقت (2003) بتلك القوة وذاك التهديد «الوجودي». ويخلص هؤلاء إلى استنتاج يقول بأن المبالغة والتهويل كانا سيدا الخطاب الإسرائيلي الرسمي تجاه إيران.

من أسباب المبالغة والتهويل يمكن القول بأن الحكومات الإسرائيلية وعلى نحو خاص الحالية برئاسة نتنياهو، وضعت مجموعة من الأخطار «الدائمة» التي من المفترض أن يقلق بشأنها الإسرائيليون، بينما دخل شارون على خط مكافحة الإرهاب إثر تفجيرات العام 2011 في الولايات المتحدة ونجح في وضع مكونات فلسطينية عدة على قائمدة الاستهداف، حتى السلطة الفلسطينية التي كان المس بها «خطا أحمر» قبل ذلك! إنطفأ بإرادة أميركية واستبيحت مقراتها وضربت البنية التحتية الاقتصادية والخدمية في الضفة وغزة في العام 2002، في عملية ما يسمى «السور الواقي». وبقي إشهار «الخطر الوجودي» حاضرا في سياق وقائع عملية التسوية، وتحت هذا العنوان، تم إقحام ملف الأمن الإسرائيلي على حساب موضوعة حدود الدولة الفلسطينية المفترضة على جدول أعمال هذه التسوية. وهو توظيف سياسي أمني جلي لعملية تسويق الخطر الوجودي المتجدد والدائم.

يمكن القول إن نتنياهو استثمر إلى حد بعيد مؤشرات المد اليميني المتطرف في المجتمع الإسرائيلي وتعبيراته السياسية الصهيونية، وكان هو في مقدمة من أججوا هذا التطرف من خلال فزاعة الخطر الوجودي الذي تعددت جهاته ولم تنحصر في الحالة الفلسطينية. ويؤشر على صحة هذه الاستخلاص طبيعة الكنيست الذي تم انتخابه في العام 2009، كما تؤشر المعطيات إلى أن هذه العملية متصاعدة، وتدل على ذلك نتائج استطلاع الرأي في إسرائيل بحيث تتصدرها الأحزاب الصهيونية الأكثر تطرفا ويمينية.

وإذا كان العام القادم هو عام الانتخابات العامة في إسرائيل بحكم القانون، فإن مؤشرات كثيرة تقول بإمكانية حصول انتخابات مبكرة وضمن الجو السائد الآن، فإن فرص بنيامين نتنياهو وحزبه أو ربما أطراف ائتلافه الحاكم (باستثناء إيهود باراك) تبدو كبيرة لتجديد فوزها.

هي طبول الحرب التي لطالما تردد ضجيجها، والاستهدافات عديدة، بدءا من الفلسطينيين في أراضي الـ 48 والحالة الفلسطينية في الأراضي المحتلة عام 67، والمحيط العربي يبقى تحت سيف الملاحظة الأمنية الإسرائيلية، ويصل صداها إلى عموم المنطقة.

هي طبول الحرب إذ لا مجال اليوم في إسرائيل للمبادرات السياسية التي وإن أطلقت لا تختلف في أهدافها عما تريده تل أبيب من قرع طبول الحرب.. على نحو متواصل.

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا