<%@ Language=JavaScript %> كامل الجباري    الاحتجاجات الجماهيرية الراهنة .. مفاهيم جديدة
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

الاحتجاجات الجماهيرية الراهنة .. مفاهيم جديدة

 

 

كامل الجباري

 

   يمكننا تشبيه الاحتجاجات الجماهيرية الراهنة بالبركان الذي يغلي منذ عقود طويلة وقد أغلقت فوهته بإحكام فازداد غليانه ليصل إلى مرحلة الانفجار . ولم يستطع ختم الحكام المحليين وتعاويذهم ، ولا الإمكانيات الهائلة لقوى الهيمنة العالمية ، من إبقاء هذا الختم محكما لينفجر هذا البركان وتتهدم كل جدرانه .

  وإذا كان الفأس البرونزي قد أنجز ثورة تكنولوجية عظيمة مساهما في نقل المجتمعات البشرية من مرحلة الصيد إلى مرحلة الزراعة ، فإن ثورة الاتصالات الحديثة قد ساهمت مساهمة كبرى ومفصلية في خلق أنماط جديدة بتشريك المعلومة عالميا ، متجاوزة محليتها وتحكم الطبقات السائدة بها لخلق رأي عام غير خاضع للرقابة والتابوات الفرمانات . لم يعد هناك شيء مسكوت عنه وتحقق شعار ( الحرية للجميع ) فعليا وبذلك صارت الحرية والعدالة – بكافة أشكالها – رمزا للحركات الاجتماعية الحديثة التي وفر لها الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي الإطار التنظيمي الافتراضي ، مما سيؤدي إلى وضع مجتمعاتنا على سكة التنوير والحداثة والتحرر والعدالة الاجتماعية .

    ويمكن للمراقب المتفحص التقاط سمة نوعية مهمة لهذهِ التنظيمات الافتراضية عندما نزلت إلى ارض الواقع والكفاح السلمي في الشارع ، وهي رفضها للأحزاب والإيديولوجيات ، والقادة والزعماء ، فهي في الوقت ذاته قد أفرزت وعيا سياسيا متقدما وقدرة على تعبئة الشارع يحلم بانجازها الكثير من الأحزاب والتنظيمات ، بل تمتعت بتصميم لا يلين على انجاز أهدافها ، وهذا ما نراه بوضوح في ثورتي تونس ومصر المستمرتان .

    وفي هذه المرحلة الانتقالية المهمة والحبلى بالكثير من الإرهاصات والآفاق نجد إن جدل العملي – النظري ينمو نماء صحيا ويترافق الاثنان في جدلية مآلها إلى نقض النقض وإيجاد تركيبة نقيضة لما هو سائد من أشكال التنظيم والتنظير التي عفا عليها الزمن وصارت المعرقل الأكبر لتطور المجتمعات التي تحاول شرنقة الجديد وحبسه في شرانقها المتعفنة منعا لانطلاقه .

     لاشك إن معطيات الأحداث تؤشر على إن الحركة الجماهيرية الآن هي في مرحلة النقض لما هو سائد ، سواء بأشكالها الدنيا المختبئة أو في بعض طروحاتها الجريئة . وإسهاما في هذا الجهد فسوف أقدم نظرة تحليلية متواضعة ترغب في الاندماج بهذا الجهد لتكون جزءا منه .

   إنما تطرحه الحركة الاجتماعية في المستوى الحالي مازال في مرحلة النقض السلبي الذي يختزل في ثناياه بذور الحلول لما هو قادم . إن نقد الجماهير ورفضها للأشكال السياسية الحالية يبدو ظاهريا بأنه رفض لأي انتظام سياسي ، ولكنه في جوهره رفضا للأنظمة السائدة وأدواتها السياسية وليس رفضا بالمطلق لأي انتماء سياسي .

   لقد قدمت الجماعات الافتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي منتظمات سياسية جديدة تتمتع بحرية عالية ومرونة وتتميز بالانتماء والتعبير والتنظيم الحر ، بلا حدود ، لأفراد هذهِ المجموعات مع عدم وجود القادة الملهمين والمهيمنين ألواجبي الطاعة على المجموعات ، وتلاقح الأفكار ومن ثم الوصول إلى نتائج واتفاقات وتكتيكات لتنفيذ هذهِ الأهداف .

   لقد أثبتت تجربة الأحداث إن النزول هذا الواقع الافتراضي إلى ارض الكفاح العملي قد اثبت فاعلية مدهشة على مستوى النقض لما هو قائم وسائد ومقارعته . ومن اجل نقض النقض أي تحول هذهِ المقارعة إلى بديل واضح وعملي فأني اقترح على هذهِ الجماعات أن تنظم نفسها على الأرض وتطور برامجها وأساليب عملها مع الحذر من تسرب أساليب عمل وفكر الجماعات الحالية وأمراضها إلى التنظيمات الوليدة . أما على مستوى العمل الفكري والنظري فأن ذلك يستلزم بلورة مفاهيم وأفكار تندرج في هذا الحراك الاجتماعي وتتفاعل معه من اجل بناء مجتمعات ودول حديثة هدفها الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية .

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا