<%@ Language=JavaScript %> البروفسور كمال مجيد لنساند الانتفاضة الكردية
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

لنساند الانتفاضة الكردية

 

 

  البروفسور كمال مجيد

 

لقد قاسى شعبنا الكردي في العراق، منذ سنة 1961 وحتى الان،  الامرين من حزبي مسعود البارزاني وجلال الطالباني. فبحجة الدفاع عن حقوق هذا الشعب المنكوب حمل حزب مصطفى البارزاني، الذي كان يضم جلال واتباعه حينذاك، سلاح شاه ايران لاسقاط حكومة عبد الكريم قاسم الوطنية. ففي مقابلة لجلال في مجلة الوسط اللندنية (العدد 357 في 20/11/1998) يقول في سياق كلامه حول قانون الاصلاح الزراعي، بأن الاقطاعيين الاكراد ((قرروا الهجرة والتوجه الى ايران وبدأت ايران تحركهم وتسلحهم وتعيدهم الى المناطق الحدودية عبر الاتصال بالجنرال الايراني ورهام ... وبعد دراسة الموقف في حزبنا تولد اتجاهان: الاول على رأسه ملا (البارزاني) وكنت انا اقودهم...)) وقد رأى هذا الاتجاه: (( ان هذه الحركة تستغل المشاعر القومية واخافة عبد الكريم قاسم وما علينا سوى العمل ضمنها من اجل افراغها والسيطرة على قيادتها واخراج عناصرها وبالتالي نحن نتولى العمل المسلح الحقيقي ضد عبد الكريم قاسم.)) وفي تقرير للسفير البريطاني في بغداد (راجع الملف 28 لسنة 1963 للوثائق البريطانية المنشورة في Public Records Office بلندن ) يقول: (( اجتمع قادة الحزب الكردي بموظفي السفارة الامريكية في بغداد عدة مرات قبل القيام بحركتهم ضد قاسم.)) وهناك ايضاً كتاب ((الموساد في العراق ودول الجوار)) للمؤلف الاسرائيلي شلومو نكدمون ( ترجمة بدر عقيلي) حيث يحوي عدداً كبيراً من صور مصطفى البارزاني في اسرائيل. هكذا ارتبطت حركة الحزب الكردي المسلحة بشاه ايران وأمريكا واسرائيل منذ اللحظة الاولى. وبدأ الارتباط حين كانت حكومة عبدالكريم قاسم تدافع عن حقوق الشعب الكردي بل تساند الحزب الديمقراطي الكردي العلني بصورة كلية وتقدم له، وللاكراد العائدين من الاتحاد السوفياتي، المساعدات المالية بسخاء.  وانا شاهد على ذلك بصورة مباشرة حين قمت بالاشراف على الكثيرين منهم في وزارة الاعمار. لقد اهدت الحكومة بيت نوري السعيد لمصطفى البارزاني وخصصت له راتب وزير.

ومنذ ذلك الحين قدم الحزب الكردي عشرات الالوف من الاكراد الى الموت لخدمة المصالح الاستعمارية. فيشير تقرير للسناتور اوتيس بايك الى مجلس الشيوخ الامريكي حول الحرب سنتي 1974 و1975 الى  مقتل ((35 الف كردي  وتحول 200 الف منهم الى لاجئين كنتيجة مباشرة للسياسة الامريكية، بينما استلمت القيادة الكردية 16 مليون دولار كعمولة واسلحة.)) لم تقتصر جرائم الحزبين الكرديين على قتل الشعب الكردي في العراق بل اشتركا في قتل الاكراد في ايران وتركيا. ففي تصريح لمسعود البارزاني في صحيفة توركش ديلي نيوز في 5/11/2003 يقول ((فقدنا 3000 من عناصر البيشمركه في المعارك مع حزب العمال الكردستاني)) ولاشك انه قتل اكثر من هذا العدد من اتباع الحزب الكردي في تركيا.

لقد ادعى قادة الحزبين الكرديين بأنهم كانوا يدافعون عن الشعب الكردي الا انهم قتلوا من الاكراد اكثر مما قتلت حكومة بغداد منهم. اذ انشق الحزب في 1964 وبدأ القتال بين الشقين حتى 20/9/1998 حيث تم قتل عشرات الالوف من الاكراد من الطرفين. وبهذا الخصوص يقول الكاتب نزار آغري في الحياة اللندنية في 1/11/1996 (( لقد مارس الحزبان انواعاً من السلوك الاستبدادي والدموي.. جدع الانوف وبتر الاطراف وسمل العيون .. ويمكن في هذا الشأن مراجعة التقرير الضخم الذي نشرته منظمة العفو الدولية في  1994 ...)) فمن الضروري تقديم جلال ومسعود الى المحكمة للدفاع عن نفسيهما.

لم يجر قتل الاكراد دفاعاً عنهم بل لاستلام الملايين، بل البلايين، من الدولارات الامريكية التي يستثمرها مسعود وجلال في البنوك والبورصات الغربية. ففي تقرير لفاينانشيال تايمز في 10/12/2004 (راجع Special Report MBA Rankings, Financial Times, FT. Com. FT)  كتب توماس كتان تفاصيل استثمار مسعود (( 500 مليون دولار نقدي، من اصل مليار و400 مليون دولاراستلمه من بول بريمر، في البنوك العالمية.)) وذلك بمساعدة ايد روجرز وشركة امريكية مكونة (( من اتباع جورج بوش في الحزب الجمهوري.))

لقد تجلت الامور بعد حرب الكويت وانفصال المنطقة الكردية ( de facto) عن العراق سنة 1991، اذ ادرك الشعب الكردي تدريجياً حقيقة الحزبين بعد ان اتضح لديهم انشغال قادتهما بقتل الشعب واستغلاله اقتصادياً وسياسياً. فبعد ان فرض مجلس الامن الحصار الاقتصادي على العراق قرر مسعود خرقه عن طريق فرض الخاوة على المهربين لمختلف الامتعة من تركيا الى بغداد عبر نقطة ابراهيم خليل. لقد ارتفع دخله اليومي الى مليون دولار حسب تصريح جلال الطالباني الذي قرر محاربة مسعود منذ 1/5/1994 في حرب ((أم الكمارك)) لرفض الاخيرمشاركته في الدخل. لقد جمع مسعود ملايين اخرى من تهريب السجاير الى ايران وسوريا والعراق حسب تقرير كريس هيجرز، من دهوك، في الغارديان ونيويورك تايمز ليوم 18/8/1994. الا ان حصة الاسد من مال الحزبين تأتي الآن من تهريب 300 الى 400 صهريج  من البترول يومياً عبر ايران الى الخليج. ثم جاء دور الشركات الاجنبية، التركية منها بصورة خاصة، لبناء الالوف من مختلف الابنية في دهوك واربيل حيث ينال اتباع مسعود الملايين من الخاوة بحجة شراكتهم في بناء هذه المشاريع.

وبالمقابل تدهورت الزراعة في المنطقة الكردية فتوقف انتاج التبغ الذي كان يبلغ حوالي 15000 طن في السنة كنتيجة مباشرة لطغيان السجاير المهربة على السوق. فتم غلق معملي السجاير في اربيل والسليمانية، كما توقفت زراعة الشوندر وتم غلق معامل السكر. وكنتيجة انتقل المزارعون الى المدن وانخفض دخل الفقراء وانتشرت الامراض الاجتماعية، كالبغاء مثلاً وما تبع  ذلك من قتل النساء – غسلاً للعار.

هذه الحقائق وما تبعها من انتشار الفساد قوت سواعد حكومة اربيل التي اهملت الشعب بل اخذت تضطهده كلما طالب بحقوقه. وبمرور الزمن فقدت الحكومة ثقة الشعب الذي اضطر التعبير عن غبنه بتنظيم المظاهرات الجماهيرية التي بدأت في رحيم آوا في كركوك وثم في عقره وكلار والتي تم تفريقها بالسلاح. لقد بلغ العداء بين الشعب الكردي وحكومة اربيل مرحلة الاصطدام المسلح في مدينة حلبجة الجريحة حين هاجم الشعب قوات الطالباني وقام بهدم النصب التذكاري الذي شيده جلال لجمع المال من الزوار الاجانب.

مع تدهور الاوضاع وانتشار البطالة، خاصة بين خريجي الجامعات، اضطر مئات الالوف من الشباب الى ترك البلاد الى مختلف انحاء العالم سعياً للحصول على حياة افضل. الا ان فساد حكومتي اربيل والسليمانية قد تفشى بينما اخذت قواتهما السرية تختطف المعارضين من امثال هداية عزيز احمد وبدران مصطفى وكريم احمد محمود وولديه واخيه ارسلان وكثيرون غيرهم، وذلك حسب تقرير منظمة العفو الدولية بتاريخ 14/4/2009. فارتفعت الاستنكارات الصحفية في جرائد هاولاتي وآوينه وكردستان بوست فأخذت حكومة اربيل تختطف بل تقتل الصحفيين من امثال سوران مامة حمه في كركوك وسردشت عثمان في اربيل، فخرجت المظاهرات الاحتجاجية الصاخبة في كل انحاء المنطقة . كل هذا ادى الى انشقاق حزب الطالباني وخروج عدد من قادته لتشكيل حزب التغيير الذي قرر الدخول في جبهة موحدة مع الاحزاب الاسلامية الكردية والحصول على 35 مقعداً من مجموع مئة مقعد في برلمان اربيل.

كل هذه الحقائق ادى الى تراكم السخط الشعبي الذي بلغ حد الانفجار في 17/2/2011، حيث ثار الشعب في السليمانية. توجهت مظاهرة  سلمية صاخبة الى مقر الفرع الرابع لحزب البارزاني تطالب بطرد مسعود من السلطة وغلق مقر الحزب في المدينة. كما طالبت بالغاء حكومة اربيل واجراء انتخابات جديدة . بصورة خاصة ركز الشعب على انتشار الفساد الى درجة لا تمشي اعماله اليومية في الدوائر دون الرشوة والمحسوبية. صرح نوشيروان مصطفى ، قائد حزب التغيير، على تلفزيون الجزيرة في 22/1/2010 (( لا يستطيع الفرد الحصول على عمل بسيط دون ان يملك تزكية احد الحزبين.)) في حين يستلم الحزبان 17,5 % من عوائد النفط من بغداد ويتم استخدام جزء من هذا المال الضخم لتصريف الاعمال عن طريق اعضاء الحزبين ومحسوبي القيادتين. اشتد سخط الشعب حين اطلق حراس مقر البارزاني النار على المتظاهرين وتم قتل طفل في الرابعة عشر من العمر وجرح العديد منهم.

من المعروف أن مدينة السليمانية، التي درست الابتدائية فيها، كانت منذ ايام الحكم العثماني مركزاً ثقافياً بارزاً للشعب الكردي ويمتاز اهالي المدينة بقيادة الحركات السياسية منذ ايام الشيخ محمود الحفيد ضد الاحتلال البريطاني ومن ثم ضد حكومة نوري السعيد في بغداد. فشعب السليمانية معروف برفض جور الحكام حتى اذا كان الحاكم كردياً. فقرر الاعتصام وخرجت المظاهرات الاستنكارية يومياً من نقاط مختلفة من المدينة. وبالرغم من اشتداد الهجمة الدموية الشرسة لحكومة برهم صالح وقتل وجرح المئات تمكن الشعب من السيطرة على ساحة السراي والاعتصام فيها ليلاً ونهاراً لأكثر من ستة اسابيع.

لقد انتشرت  اخبار الاعتصام الى بقية المدن وخرجت المظاهرات في رانية وكلار وحلبجة وجمجمال وقلعه دزة وكويسنجق وكلها تطالب بطرد مسعود وجلال من دست الحكم . فاشتدت الحملة الدموية لحكومة الاقليم بل اضطرت على احتلال كافة المدن الثائرة ومنع الشعب من الاجتماع في المحلات العامة والقيام بخطف وتوقيف المئات منهم للتحقيق عن تصرفاتهم. لقد تمكنت حكومة الاقليم من منع الشعب من الاعتصام ولكنها فشلت في منع الطلاب من الاعتصام في داخل الجامعات.

نتيجة للهجمات الشرسة التي قامت بها حكومة الاقليم تعلم شعبنا الكردي الاعزل درسين:

     1 – ادرك الشعب بأن الحكومة لا تمثلهم بل تقتلهم. فالى حد غير بعيد كان الكثيرون يعتقدون بأن الحكام والامريكان يحمونهم من كل سوء,

     2 - لقد تحرر الشعب من الدعايات الشوفينية التي كان الحزبان يطلقانها ضد اخوانه العرب وادرك بأن مسعود وجلال لا يمثلانه بل مشغولان بخزن المال الذي يستلمانه من اسيادهما المحتلين . اذن يستحق هذا الشعب الثائر مساندة ومعاضدة كل الطيبين في العالم.

 

كمال مجيد

في 2/5/2011

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا