مقالات مختارة |
صوت اليسار العراقي صحيفة تصدرها نخبة من المثقفين والكتاب اليساريين العراقيين |
|
---|
الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | طلبة وشباب | المرأة | الأطفال | إتصل بنا |
|
---|
يمين اليسارالعراقي ويساره الوطني الأصيل
كاظم محمد
كثيرة هي الكتابات والمناقشات والحوارات حول اليسار، وحول أهمية تكتله ووحدته ، وكذلك دراسة اسباب عجزه وفشله في مواضع كثيرة ، فكريآ وسياسيآ ، وبالتالي تخلفه عن حركة الأحداث والتأثير فيها وأنفضاض الفئات الشعبية عنه .
من الأهمية بمكان ، وعند تناول موضوعة اليسار ، لاينبغي حصرها بالحركة الشيوعية ، وكأن اليسار وأتجاهاته هي حكرآ على الشيوعيين وحركاتهم وتنظيماتهم .
أن مقياس اليمين واليسار ينطلق من الظرف التاريخي المعين ، و في حدود جغرافية معينة ، لمجتمعاتٍ معينة ، حيث طبيعة نمط الأنتاج السائد ومستوى التطور الأجتماعي والوعي السياسي للفئات الأجتماعية المختلفة ولمدى إدراكها لمصالحها الأقتصادية والطبقية ، وأستعدادها للنضال والتصادم من أجل هذه المصالح ، عبر أدواتها السياسية ، من أحزاب وحركات تعبر عنها وعن تطلعاتها الأجتماعية والسياسية .
لذلك كانت تيارات التقدم والمحافظة هي الأفرازات الطبيعية لحركة المجتمع في مسارها وتغيراتها ، وضمن هذا السياق فأن عملية الفرز و تجذير المواقف الفكرية والسياسية ، ملازمة بنفس الوقت لتيارات التقدم في مسيرتها الكفاحية وصراعها مع ضدها الطبقي .
ان وقوف تيارات التقدم إلى جانب الحركة الأجتماعية وفئاتها الشعبية ، وتبني همومها الوطنية والأجتماعية ، يضعها إلى يسار هذه الحركة وبالضد من الحركة المحافظة اليمينية في محاولاتها للأبقاء على مصالحها ، واللأستئثار بمؤسسات الهيمنة السلطوية .
أن التداخل الذي حصل بين التأثيرات الدينية والقومية في مواجهة الأستعمار ، ساهم بشكل كبير في بروز الحركة القومية وتشكلها ، أضافة إلى عامل الوعي الأجتماعي للطبقات المسحوقة بالدور الأستغلالي الذي يمارسه المستعمر ونهبه لثروات البلاد واستغلاله لكدح أبنائه ، فأدركت هذه الحركة دورها الأجتماعي والسياسي ، عبر حاجات مجتمعاتنا العربية لها ، ونهضت بالمهمات القومية والوطنية ، حيث برز مفكرون كبار وهيئاتٍ كثيرة وأطر وحركات ، كان لها موقفآ وجهدآ تقدميآ في قضايا الدفاع وتبني مصالح الفئات الشعبية المظطهدة ، وبنفس الوقت استطاعوا ان يعبئوا جماهير واسعة بأتجاه الموقف من الأستعمار ، وربطهم السياسي برفع الظلم والحيف عن الفئات المسحوقة بقضية التحرر من الظلم والأستعمار والأستغلال .
في مسيرة الكفاح الطويل لهذه الحركات في مجتمعاتنا ، وحتى في المجتمعات الاوربية ، برزت الاجنحة المتجذرة على يسار هذه الحركات القومية والعمالية وحتى المحافظة منها ، أن ما شهده التاريخ الحديث من اصطفافاتٍ اجتماعية في الكثير من المجتمعات ، خاصة تلك التي كانت فيها وتائر التطور والتغيرالاقتصادي ، واضحة وبارزة ، أدت إلى صراع فكري وسياسي ، وفي بعض هذه المجتمعات عنفيآ ، بين مواقف قوى الفعل الاجتماعي والسياسي ، بين تيارات وقيمٍ وموروث وانماط اقتصادية ، تسعى لشق طريقها وتكريس فعلها في الحركة الاجتماعية .
أن اليسار واليمين موضوعتان متلازمتان في حركة المجتمع ، وكحركاتٍ فكرية وسياسية ، فهما جزء من هذه الحركة الاقتصادية والسياسية ، لذلك لانستغرب عندما تبدأ الحركة الأجتماعية بالأبتعاد عن يسارها السابق ولفظه ، خاصة في المنعطفات التاريخية والسياسية الحادة ، وذلك بحكم موقفه المتخلف ، اليميني بمقياس الحركة الاجتماعية والسياسية ، من تلبية وتبني المطالب الاساسية للفئات الشعبية الواسعة والمرتبطة بهمها الوطني والاجتماعي.
أن هذا اللفظ الاجتماعي لذاك اليسار ، يستدعي قوى فكرية وسياسية منسجمة وقادرة على استيعاب التطورات الناشئة ، واتخاذ المواقف الصائبة ، لتقف الى يسار يسارها الملفوظ .
في حركة المجتمع والتغيرات التي تجري فيه ، وتأثير وفعل العوامل ا لخارجية ، لايمكن الحديث عن الغاء لتيارات اليسار واليمين في الحركة السياسية والاجتماعية ، كما يدعي بعض منظري العولمة الجديدة ، وبعض مثقفي ومفكري مؤسسات الفكر والدراسات الاستراتيجية الغربية والمطبلين لهم في بيئتنا الثقافية والفكرية.
مع العولمة الجديدة ، ومحاولة اشاعة وترسيخ مفاهيم وافكار ، ثقافة امبريالية رأس المال ، حول التناقضات الاجتماعية وتواري الأمم وتكسير الحواجز الوطنية ، تجري عملية نقض وتجابه بين تيارات فكرية ، هي نتاج لمؤسسات النظام الرأسمالي ، متمثلة بمؤسسات اعلامية ضخمة ودور بحث ودراسات ، استطاعت استيعاب اعداد ليست بالقليلة من مثقفي وسياسي عدد من البلدان، عبر المال السياسي ، وخاصة من في المهجر منهم ، ليكونوا المروجين الفكريين والممهدين الوطنيين للغزو الثقافي والعسكري الامبريالي اللاحق ، ان هؤلاء ومن ورائهم سيدتهم الامبريالية ومؤسساتها الثقافية والفكرية ، يروجون لمقولات (تواري القوميات والأمم ) ويتنكرون لمقولة الصراع الطبقي ، ويدعون بأن هذه من بقايا ومخلفات عصر الأيديولوجيات الذي ولى زمانه ، اما عصرهم وزمانهم فهو عصر (صراع الحضارات والاديان) ، ومن هنا يحلو للبعض من مثقفينا ، وتأثرآ برذاذ اجواء هذه العصرنة الفكرية ، وضعف الرؤية الوطنية ، وبالاستناد الى الفهم السياسي الخاطئ للعلاقة بين الدين بمفهومه الشامل وحركة اليسار الاجتماعي وطبيعة نضاله ، يحلو لهم بأن يضعوا الاسلام السياسي على قدم المساواة مع الارهاب الامريكي ، منطلقين من نظرة محددة في جغرافية محددة وافرازات ظروف سياسية معروفة ، متناسين الدور الاجتماعي والسياسي الوطني الذي لعبته وتلعبه قوى وتجمعات وشخصيات دينية ، كان ولايزال الاسلام غطاءها العقائدي والفكري .
في ظل الاوضاع العالمية الجديدة ومتغيراتها الدولية ، وفي ظل شراسة وغطرسة وفاشية الامبريالية ، تتجلى اشكال جديدة للصراع بين الوطني بحدوده الجغرافية وبين الوحش الامبريالي القادم بعسكره وقيمه وثقافته وشركاته العملاقة ، بين الوطني الذي يرفض التدخل والوصاية بأشاعة ( الديمقراطية) وتعليم الشعوب الف باء الديمقراطية الامريكية ، وجهد ويجهد بأن لايستبدل الاستبداد الداخلي بالاحتلال والغزو الذي هو اسوأ ما يتعرض له بلد من البلدان وشعب من الشعوب .
لقد اصبحنا نحن العراقيين نلاحظ ونرصد هذه الظواهر بوضوح من خلال قراءة ما يجري في وطننا وفي البلدان الاخرى ، نلاحظ عملية النقض والتجابه المستمرة بين تيارات وطنية تضم مختلف الاطياف ، وبين مشروع امبريالي يسعى مع مريديه من كتاب ومثقفين وسياسيين محليين إلى تفكيك مرتكزات مفاهيمنا الوطنية وايجاد مساحة فكرية تظليلية تؤسس لمفاهيم فكرية هجينية ، تُمهدُ مع عصاهم الغليضة لتثبيت مشروعهم الاستعماري وانجاحه في عموم المنطقة . . وهنا بالتحديد نستطيع تلمس التناقض الكبير والعميق بين بقايا اليسار السياسي العراقي ، الذي احتكر يسارية الساحة السياسية والاجتماعية ، وكان فاعلآ ومؤثرآ لزمنٍ طويل بحكم الربط الواعي بين السياسة الوطنية والطبقية ، والذي خضع فيما بعد (لعمليات جراحية فكرية وسياسية ) في مشافي العصرنة الامريكية ، ليخرجوا علينا (بيسارية جديدة ) ومفاهيم فكرية وسياسية تظليلية ، مُستقاة من مدارس رأس المال الثقافي والفكري ، بتبريرهم التصالح والتعاون مع المستغل العالمي .
أن إدعاءهم وقولهم الموثق بأن ( الرأسمالية العالمية ونموذجها الامريكي ، ليس شرآ كلها ) لتبرير الارتداد الفكري والسياسي والذي لم يكن مفاجئآ ، وضعهم بالضد من مصالح الفئات والطبقات الاجتماعية الواسعة ذات النزعة التقدمية ، وبالضد من قضيتها الاساسية ، إلا وهي القضية الوطنية والاجتماعية ، لقد تحالفت بقايا هذا ( اليسار) مع العدو الطبقي والوطني لهذه الفئات الشعبية الواسعة ، وبذلك فقدت تقدميتها الاجتماعية ، والغت عنها صفة اليسار السياسي ، لتصطف إلى جانب اليمين الرجعي السياسي بتحالفاته الجديدة .
لقد دخلت بقايا هذا (اليسار) المرتد في تناقض فكري وسياسي مع الفئات الشعبية الواسعة التي بدأت بأنشاء أُطرها المبلورة لمواقفها السياسية ، والمستندة الى قضيتها التقدمية الاولى ، وهي رفض الأحتلال والهيمنة الامبريالية الجديدة بكل اشكالها ، ورفض افرازاتها الرجعية ، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الكارثية على هذه الفئات والطبقات الشعبية .
أن اليسارية هي اتجاه اجتماعي فكري وسياسي يستشعر المصالح الانية والمقبلة للفئات والطبقات الشعبية ، انها نتاج اجتماعي سياسي لقوانين طبيعية اجتماعية واقتصادية ، خاصة بمجتمع معين ومتأثرةً بمحيطها الموضوعي وظروفها التاريخية ، ان معرفة النقيض ومحاربته واسقاطه ، يتطلب قوى واطر ا ناهضة ، مدركة لدورها التقدمي في حركة المجتمع ، وبذلك فهي تقف الى يسار الكفاح الشعبي للطبقات المسحوقة ، وطنيآ واجتماعيآ ، وبذلك فأن منبعها الوطني هو الذي يحدد اتجاهاتها ، وبأنسلاخها عنه ، تكون قد عزلت نفسها واصبحت على هامش الحركة الاجتماعية والسياسية .
ليس بحفظ وتسطير النصوص الماركسية واللينينية نثبت لون يساريتنا ، ولا بالصراخ بقانية حمرة شيوعيتنا وشعاراتنا نكسب الاعتراف بيساريتنا ، ولا بحملنا لمخزوننا النظري بقاربنا الصغير بين امواج تعقيدات الوضع الوطني العراقي ، ودون ان نستطيع ملامسة شاطئنا المطلوب ، فستكون يساريتنا عائمةً دون ان تستطع التلامس والتشابك مع منبعها الوطني لأسترداد عمقنا الوطني ومعرفة أولوياتنا الوطنية ، اولويات النضال الوطني ، والتي بدونها لانستطيع الحديث عن مصال الفئات المسحوقة . . فلنكف عن ترديد (( الاوضاع المأساوية في العراق ، ووضع المجتمع العراقي على عتبة الثورة الاشتراكية ، ان من المهمات الملحة فصل الدين عن الدولة ، حق الانفصال... )) ولنحدد كوطنيين عراقيين قضيتنا الوطنية الاولى ، وهي الاحتلال وما نتج عنه ، ولتكن هذه القضية النقطة الاولى في برنامج العمل المشترك ، والمهمة الاولى للنضال الوطني التحرري ، وليس كمهمة اخيرة في مقترحات مشاريع العمل المشترك لبعض التجمعات .
لاحديث عن استقلال وسيادة ، مثلما يحاول البعض تمريرها، في ظل الاحتلال ، ولاحديث عن تحرير للمرأة العراقية في بلدٍ مغتصب ومستباح ، ولاحديث عن قانون عمل عمالي يضمن المصالح الطبقية للعمال والفئات الكادحة في ظل الاحتلال . ويبقى أن لا نُضلل اذا جاء من يدعونا إلى ديمقراطية في ظل المحتل الامبريالي ، هاهي عشرات الصحف والدكاكين الحزبية تتحول الى مؤسساتٍ ارتزاقية ، لتلعب دورها في تجريد شعبنا من سلاح الوعي والتنظيم ، ولتصبح اداة المحتل ومريديه في التضليل وخلط الاوراق ، للتشويش على وعي المواطن العراقي ولتكريس الطائفية والمناطقية والتخندق العرقي والمذهبي ، ولتهيأ الذهنية العراقية لما هو قادم .
أن نظام الاحتلال هذا وفي ظل امبريالية رأس المال الفاشي في العراق ، يقيد ويحدد ويطوق الحركة الاجتماعية التقدمية بممارساته القمعية المباشرة او بواسطة من ارتضى بالدور السلطوي الثانوي التابع للاحتلال، وبذلك فهم يحاولون محاصرة واضعاف ، إن لم يكن القضاء على الحركات والاطر السياسية ذات الفاعلية الوطنية والاجتماعية في كفاحها من اجل مصالح الفئات الشعبية.
ان من يعبر عن اماني وتطلعات الفئات الشعبية في المجتمع ، عليه ان يربط وبشكل جدلي بين المهام الوطنية الملحة ، والدعوة الى الى تحقيق المصالح الطبقية لهذه الفئات ، وان يعي التشابك الذي لاينفصم بين المسؤولية الوطنية والاجتماعية ، ان الفشل سيكون من نصيب من يحاول التضليل لتبرير توجهاته الفكرية والسياسية ، والقول بأمكانية تحقيق المصالح الطبقية والاجتماعية للفئات الشعبية في ظل سلطة الاحتلال وتوابعها ، والتي ساهمت في في تدمير بلدنا وسرقة ونهب ثرواتنا ، ومحاولتها لضرب وتفتيت البنية الاجتماعية لنسيجنا الوطني .
لقد علمتنا تجارب حركتنا الوطنية والتقدمية ان بعض الاحزاب الوطنية العراقية والتي ناضلت ضد الاستعمار البريطاني وحكومته المنتدبة ، كانت تقدمية في مواقفها من قضية الاستقلال والسيادة ، وتجذرت هذه المواقف بدفاع هذه الاحزاب عن المصالح الاجتماعية للطبقات الشعبية ، فوقفت بذلك على يسار الحركة الوطنية في ذلك الوقت ، ولقد تعلم قادة شيوعيون من العمل داخل هذه الاحزاب ، وأسسوا حلقاتهم الماركسية الاولى ، فكان عاصم فليح وفهد وغيرهم من الاوائل الذين جذروا هذا التوجه اليساري الوطني ، بطبيعة الموقف الفكري والسياسي الذي اتخذوه ، عبر تأسيسهم ل (لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار ) ، أي انهم حددوا الهف الاساسي الجوهري الوطني العام ، هو الاستقلال والسيادة ، التي ستمهد الطريق لبناء نظام وطني شعبي ديمقراطي ، تستطيع في ظله الحركة الشيوعية من ممارسة دورها النضالي في تحقيق التطلعات الاجتماعية والطبقية للفئات الشعبية .
أن يسار الامس هو يمين اليوم بمقاييس المواقف الفكرية والسياسية المتخلفة ، وفقدانه لبوصلة الفكر ولأصابته بعمي البصيرة الوطنية من المتغيرات والتطورات التي شهدتها وتشهدها الساحة العراقية.
يجب ان يرتبط البحث في ازمة اليسار والدعوة لوحدته ، بالبحث والتعمق في مجتمعاتنا الوطنية ، والنظر بأحترام للموروث الحضاري والثقافي ، وادراك طبيعة التزاوج الاجتماعي والديني ونسيجه المؤثر في دفع حركة التغيير ، والكف عن التسطيح والطفولية الفكرية في تناول مسألة الدين والموقف منه ، ان الاسلام في مجتمعاتنا ليس عقيدة مجردة ، تخص الذات الشخصي ، انها عقيدة روحية وفكرية ، كانت ولازالت جزء لايتجزء من النسيج الثقافي والحضاري لمجتمعنا ، لعبت ويمكن ان تلعب دورآ فعالآ في اشكال الكفاح الشعبي .
ان الاصطفافات الاخذة بالتبلور على ساحتنا السياسية ، والتي تلعب فيها تجمعات واطر واحزاب وطنية دورآ كبيرآ في الشحذ السياسي الشعبي ، وعمقه الاجتماعي ، قد افرزت بوضوح ومنذ زمن ، وستبلور اكثر فاكثر قوى شعبية متجذرة ستكنس يمين( اليسار ) وترسخ يسارآ وطنيآ جديدآ يستند الى منبعه الوطني في ملامسته للحاجات التاريخية لفئات الشعب الواسعة ، في التحرر والديمقراطية والبناء ، لذلك فلا يجوز الا ان نقف على يسار فئاتنا الشعبية الواسعة في همومها الوطنية وتطلعاتها المستقبلية ، حيث ستنفتح افاق التعاون والعمل المشترك للتجمعات اليسارية والتي هي جزء من الدعوة العامة للتعاون والتنسيق بين مختلف التيارات الوطنية العراقية وتجمعاتها ، في جبهة موحدة شاملة ، واضحة التحديد في تثبيت مهامها الوطنية في ازالة الاحتلال وتمكين شعبنا من استقلاله وسيادته على ارضه ، ليقيم نظامه الديمقراطي الذي يضمن الحريات وتداول السلطة للجميع.
يمين اليسارالعراقي ويساره الوطني الأصيل
كاظم محمد
كثيرة هي الكتابات والمناقشات والحوارات حول اليسار، وحول أهمية تكتله ووحدته ، وكذلك دراسة اسباب عجزه وفشله في مواضع كثيرة ، فكريآ وسياسيآ ، وبالتالي تخلفه عن حركة الأحداث والتأثير فيها وأنفضاض الفئات الشعبية عنه .
من الأهمية بمكان ، وعند تناول موضوعة اليسار ، لاينبغي حصرها بالحركة الشيوعية ، وكأن اليسار وأتجاهاته هي حكرآ على الشيوعيين وحركاتهم وتنظيماتهم .
أن مقياس اليمين واليسار ينطلق من الظرف التاريخي المعين ، و في حدود جغرافية معينة ، لمجتمعاتٍ معينة ، حيث طبيعة نمط الأنتاج السائد ومستوى التطور الأجتماعي والوعي السياسي للفئات الأجتماعية المختلفة ولمدى إدراكها لمصالحها الأقتصادية والطبقية ، وأستعدادها للنضال والتصادم من أجل هذه المصالح ، عبر أدواتها السياسية ، من أحزاب وحركات تعبر عنها وعن تطلعاتها الأجتماعية والسياسية .
لذلك كانت تيارات التقدم والمحافظة هي الأفرازات الطبيعية لحركة المجتمع في مسارها وتغيراتها ، وضمن هذا السياق فأن عملية الفرز و تجذير المواقف الفكرية والسياسية ، ملازمة بنفس الوقت لتيارات التقدم في مسيرتها الكفاحية وصراعها مع ضدها الطبقي .
ان وقوف تيارات التقدم إلى جانب الحركة الأجتماعية وفئاتها الشعبية ، وتبني همومها الوطنية والأجتماعية ، يضعها إلى يسار هذه الحركة وبالضد من الحركة المحافظة اليمينية في محاولاتها للأبقاء على مصالحها ، واللأستئثار بمؤسسات الهيمنة السلطوية .
أن التداخل الذي حصل بين التأثيرات الدينية والقومية في مواجهة الأستعمار ، ساهم بشكل كبير في بروز الحركة القومية وتشكلها ، أضافة إلى عامل الوعي الأجتماعي للطبقات المسحوقة بالدور الأستغلالي الذي يمارسه المستعمر ونهبه لثروات البلاد واستغلاله لكدح أبنائه ، فأدركت هذه الحركة دورها الأجتماعي والسياسي ، عبر حاجات مجتمعاتنا العربية لها ، ونهضت بالمهمات القومية والوطنية ، حيث برز مفكرون كبار وهيئاتٍ كثيرة وأطر وحركات ، كان لها موقفآ وجهدآ تقدميآ في قضايا الدفاع وتبني مصالح الفئات الشعبية المظطهدة ، وبنفس الوقت استطاعوا ان يعبئوا جماهير واسعة بأتجاه الموقف من الأستعمار ، وربطهم السياسي برفع الظلم والحيف عن الفئات المسحوقة بقضية التحرر من الظلم والأستعمار والأستغلال .
في مسيرة الكفاح الطويل لهذه الحركات في مجتمعاتنا ، وحتى في المجتمعات الاوربية ، برزت الاجنحة المتجذرة على يسار هذه الحركات القومية والعمالية وحتى المحافظة منها ، أن ما شهده التاريخ الحديث من اصطفافاتٍ اجتماعية في الكثير من المجتمعات ، خاصة تلك التي كانت فيها وتائر التطور والتغيرالاقتصادي ، واضحة وبارزة ، أدت إلى صراع فكري وسياسي ، وفي بعض هذه المجتمعات عنفيآ ، بين مواقف قوى الفعل الاجتماعي والسياسي ، بين تيارات وقيمٍ وموروث وانماط اقتصادية ، تسعى لشق طريقها وتكريس فعلها في الحركة الاجتماعية .
أن اليسار واليمين موضوعتان متلازمتان في حركة المجتمع ، وكحركاتٍ فكرية وسياسية ، فهما جزء من هذه الحركة الاقتصادية والسياسية ، لذلك لانستغرب عندما تبدأ الحركة الأجتماعية بالأبتعاد عن يسارها السابق ولفظه ، خاصة في المنعطفات التاريخية والسياسية الحادة ، وذلك بحكم موقفه المتخلف ، اليميني بمقياس الحركة الاجتماعية والسياسية ، من تلبية وتبني المطالب الاساسية للفئات الشعبية الواسعة والمرتبطة بهمها الوطني والاجتماعي.
أن هذا اللفظ الاجتماعي لذاك اليسار ، يستدعي قوى فكرية وسياسية منسجمة وقادرة على استيعاب التطورات الناشئة ، واتخاذ المواقف الصائبة ، لتقف الى يسار يسارها الملفوظ .
في حركة المجتمع والتغيرات التي تجري فيه ، وتأثير وفعل العوامل ا لخارجية ، لايمكن الحديث عن الغاء لتيارات اليسار واليمين في الحركة السياسية والاجتماعية ، كما يدعي بعض منظري العولمة الجديدة ، وبعض مثقفي ومفكري مؤسسات الفكر والدراسات الاستراتيجية الغربية والمطبلين لهم في بيئتنا الثقافية والفكرية.
مع العولمة الجديدة ، ومحاولة اشاعة وترسيخ مفاهيم وافكار ، ثقافة امبريالية رأس المال ، حول التناقضات الاجتماعية وتواري الأمم وتكسير الحواجز الوطنية ، تجري عملية نقض وتجابه بين تيارات فكرية ، هي نتاج لمؤسسات النظام الرأسمالي ، متمثلة بمؤسسات اعلامية ضخمة ودور بحث ودراسات ، استطاعت استيعاب اعداد ليست بالقليلة من مثقفي وسياسي عدد من البلدان، عبر المال السياسي ، وخاصة من في المهجر منهم ، ليكونوا المروجين الفكريين والممهدين الوطنيين للغزو الثقافي والعسكري الامبريالي اللاحق ، ان هؤلاء ومن ورائهم سيدتهم الامبريالية ومؤسساتها الثقافية والفكرية ، يروجون لمقولات (تواري القوميات والأمم ) ويتنكرون لمقولة الصراع الطبقي ، ويدعون بأن هذه من بقايا ومخلفات عصر الأيديولوجيات الذي ولى زمانه ، اما عصرهم وزمانهم فهو عصر (صراع الحضارات والاديان) ، ومن هنا يحلو للبعض من مثقفينا ، وتأثرآ برذاذ اجواء هذه العصرنة الفكرية ، وضعف الرؤية الوطنية ، وبالاستناد الى الفهم السياسي الخاطئ للعلاقة بين الدين بمفهومه الشامل وحركة اليسار الاجتماعي وطبيعة نضاله ، يحلو لهم بأن يضعوا الاسلام السياسي على قدم المساواة مع الارهاب الامريكي ، منطلقين من نظرة محددة في جغرافية محددة وافرازات ظروف سياسية معروفة ، متناسين الدور الاجتماعي والسياسي الوطني الذي لعبته وتلعبه قوى وتجمعات وشخصيات دينية ، كان ولايزال الاسلام غطاءها العقائدي والفكري .
في ظل الاوضاع العالمية الجديدة ومتغيراتها الدولية ، وفي ظل شراسة وغطرسة وفاشية الامبريالية ، تتجلى اشكال جديدة للصراع بين الوطني بحدوده الجغرافية وبين الوحش الامبريالي القادم بعسكره وقيمه وثقافته وشركاته العملاقة ، بين الوطني الذي يرفض التدخل والوصاية بأشاعة ( الديمقراطية) وتعليم الشعوب الف باء الديمقراطية الامريكية ، وجهد ويجهد بأن لايستبدل الاستبداد الداخلي بالاحتلال والغزو الذي هو اسوأ ما يتعرض له بلد من البلدان وشعب من الشعوب .
لقد اصبحنا نحن العراقيين نلاحظ ونرصد هذه الظواهر بوضوح من خلال قراءة ما يجري في وطننا وفي البلدان الاخرى ، نلاحظ عملية النقض والتجابه المستمرة بين تيارات وطنية تضم مختلف الاطياف ، وبين مشروع امبريالي يسعى مع مريديه من كتاب ومثقفين وسياسيين محليين إلى تفكيك مرتكزات مفاهيمنا الوطنية وايجاد مساحة فكرية تظليلية تؤسس لمفاهيم فكرية هجينية ، تُمهدُ مع عصاهم الغليضة لتثبيت مشروعهم الاستعماري وانجاحه في عموم المنطقة . . وهنا بالتحديد نستطيع تلمس التناقض الكبير والعميق بين بقايا اليسار السياسي العراقي ، الذي احتكر يسارية الساحة السياسية والاجتماعية ، وكان فاعلآ ومؤثرآ لزمنٍ طويل بحكم الربط الواعي بين السياسة الوطنية والطبقية ، والذي خضع فيما بعد (لعمليات جراحية فكرية وسياسية ) في مشافي العصرنة الامريكية ، ليخرجوا علينا (بيسارية جديدة ) ومفاهيم فكرية وسياسية تظليلية ، مُستقاة من مدارس رأس المال الثقافي والفكري ، بتبريرهم التصالح والتعاون مع المستغل العالمي .
أن إدعاءهم وقولهم الموثق بأن ( الرأسمالية العالمية ونموذجها الامريكي ، ليس شرآ كلها ) لتبرير الارتداد الفكري والسياسي والذي لم يكن مفاجئآ ، وضعهم بالضد من مصالح الفئات والطبقات الاجتماعية الواسعة ذات النزعة التقدمية ، وبالضد من قضيتها الاساسية ، إلا وهي القضية الوطنية والاجتماعية ، لقد تحالفت بقايا هذا ( اليسار) مع العدو الطبقي والوطني لهذه الفئات الشعبية الواسعة ، وبذلك فقدت تقدميتها الاجتماعية ، والغت عنها صفة اليسار السياسي ، لتصطف إلى جانب اليمين الرجعي السياسي بتحالفاته الجديدة .
لقد دخلت بقايا هذا (اليسار) المرتد في تناقض فكري وسياسي مع الفئات الشعبية الواسعة التي بدأت بأنشاء أُطرها المبلورة لمواقفها السياسية ، والمستندة الى قضيتها التقدمية الاولى ، وهي رفض الأحتلال والهيمنة الامبريالية الجديدة بكل اشكالها ، ورفض افرازاتها الرجعية ، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الكارثية على هذه الفئات والطبقات الشعبية .
أن اليسارية هي اتجاه اجتماعي فكري وسياسي يستشعر المصالح الانية والمقبلة للفئات والطبقات الشعبية ، انها نتاج اجتماعي سياسي لقوانين طبيعية اجتماعية واقتصادية ، خاصة بمجتمع معين ومتأثرةً بمحيطها الموضوعي وظروفها التاريخية ، ان معرفة النقيض ومحاربته واسقاطه ، يتطلب قوى واطر ا ناهضة ، مدركة لدورها التقدمي في حركة المجتمع ، وبذلك فهي تقف الى يسار الكفاح الشعبي للطبقات المسحوقة ، وطنيآ واجتماعيآ ، وبذلك فأن منبعها الوطني هو الذي يحدد اتجاهاتها ، وبأنسلاخها عنه ، تكون قد عزلت نفسها واصبحت على هامش الحركة الاجتماعية والسياسية .
ليس بحفظ وتسطير النصوص الماركسية واللينينية نثبت لون يساريتنا ، ولا بالصراخ بقانية حمرة شيوعيتنا وشعاراتنا نكسب الاعتراف بيساريتنا ، ولا بحملنا لمخزوننا النظري بقاربنا الصغير بين امواج تعقيدات الوضع الوطني العراقي ، ودون ان نستطيع ملامسة شاطئنا المطلوب ، فستكون يساريتنا عائمةً دون ان تستطع التلامس والتشابك مع منبعها الوطني لأسترداد عمقنا الوطني ومعرفة أولوياتنا الوطنية ، اولويات النضال الوطني ، والتي بدونها لانستطيع الحديث عن مصال الفئات المسحوقة . . فلنكف عن ترديد (( الاوضاع المأساوية في العراق ، ووضع المجتمع العراقي على عتبة الثورة الاشتراكية ، ان من المهمات الملحة فصل الدين عن الدولة ، حق الانفصال... )) ولنحدد كوطنيين عراقيين قضيتنا الوطنية الاولى ، وهي الاحتلال وما نتج عنه ، ولتكن هذه القضية النقطة الاولى في برنامج العمل المشترك ، والمهمة الاولى للنضال الوطني التحرري ، وليس كمهمة اخيرة في مقترحات مشاريع العمل المشترك لبعض التجمعات .
لاحديث عن استقلال وسيادة ، مثلما يحاول البعض تمريرها، في ظل الاحتلال ، ولاحديث عن تحرير للمرأة العراقية في بلدٍ مغتصب ومستباح ، ولاحديث عن قانون عمل عمالي يضمن المصالح الطبقية للعمال والفئات الكادحة في ظل الاحتلال . ويبقى أن لا نُضلل اذا جاء من يدعونا إلى ديمقراطية في ظل المحتل الامبريالي ، هاهي عشرات الصحف والدكاكين الحزبية تتحول الى مؤسساتٍ ارتزاقية ، لتلعب دورها في تجريد شعبنا من سلاح الوعي والتنظيم ، ولتصبح اداة المحتل ومريديه في التضليل وخلط الاوراق ، للتشويش على وعي المواطن العراقي ولتكريس الطائفية والمناطقية والتخندق العرقي والمذهبي ، ولتهيأ الذهنية العراقية لما هو قادم .
أن نظام الاحتلال هذا وفي ظل امبريالية رأس المال الفاشي في العراق ، يقيد ويحدد ويطوق الحركة الاجتماعية التقدمية بممارساته القمعية المباشرة او بواسطة من ارتضى بالدور السلطوي الثانوي التابع للاحتلال، وبذلك فهم يحاولون محاصرة واضعاف ، إن لم يكن القضاء على الحركات والاطر السياسية ذات الفاعلية الوطنية والاجتماعية في كفاحها من اجل مصالح الفئات الشعبية.
ان من يعبر عن اماني وتطلعات الفئات الشعبية في المجتمع ، عليه ان يربط وبشكل جدلي بين المهام الوطنية الملحة ، والدعوة الى الى تحقيق المصالح الطبقية لهذه الفئات ، وان يعي التشابك الذي لاينفصم بين المسؤولية الوطنية والاجتماعية ، ان الفشل سيكون من نصيب من يحاول التضليل لتبرير توجهاته الفكرية والسياسية ، والقول بأمكانية تحقيق المصالح الطبقية والاجتماعية للفئات الشعبية في ظل سلطة الاحتلال وتوابعها ، والتي ساهمت في في تدمير بلدنا وسرقة ونهب ثرواتنا ، ومحاولتها لضرب وتفتيت البنية الاجتماعية لنسيجنا الوطني .
لقد علمتنا تجارب حركتنا الوطنية والتقدمية ان بعض الاحزاب الوطنية العراقية والتي ناضلت ضد الاستعمار البريطاني وحكومته المنتدبة ، كانت تقدمية في مواقفها من قضية الاستقلال والسيادة ، وتجذرت هذه المواقف بدفاع هذه الاحزاب عن المصالح الاجتماعية للطبقات الشعبية ، فوقفت بذلك على يسار الحركة الوطنية في ذلك الوقت ، ولقد تعلم قادة شيوعيون من العمل داخل هذه الاحزاب ، وأسسوا حلقاتهم الماركسية الاولى ، فكان عاصم فليح وفهد وغيرهم من الاوائل الذين جذروا هذا التوجه اليساري الوطني ، بطبيعة الموقف الفكري والسياسي الذي اتخذوه ، عبر تأسيسهم ل (لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار ) ، أي انهم حددوا الهف الاساسي الجوهري الوطني العام ، هو الاستقلال والسيادة ، التي ستمهد الطريق لبناء نظام وطني شعبي ديمقراطي ، تستطيع في ظله الحركة الشيوعية من ممارسة دورها النضالي في تحقيق التطلعات الاجتماعية والطبقية للفئات الشعبية .
أن يسار الامس هو يمين اليوم بمقاييس المواقف الفكرية والسياسية المتخلفة ، وفقدانه لبوصلة الفكر ولأصابته بعمي البصيرة الوطنية من المتغيرات والتطورات التي شهدتها وتشهدها الساحة العراقية.
يجب ان يرتبط البحث في ازمة اليسار والدعوة لوحدته ، بالبحث والتعمق في مجتمعاتنا الوطنية ، والنظر بأحترام للموروث الحضاري والثقافي ، وادراك طبيعة التزاوج الاجتماعي والديني ونسيجه المؤثر في دفع حركة التغيير ، والكف عن التسطيح والطفولية الفكرية في تناول مسألة الدين والموقف منه ، ان الاسلام في مجتمعاتنا ليس عقيدة مجردة ، تخص الذات الشخصي ، انها عقيدة روحية وفكرية ، كانت ولازالت جزء لايتجزء من النسيج الثقافي والحضاري لمجتمعنا ، لعبت ويمكن ان تلعب دورآ فعالآ في اشكال الكفاح الشعبي .
ان الاصطفافات الاخذة بالتبلور على ساحتنا السياسية ، والتي تلعب فيها تجمعات واطر واحزاب وطنية دورآ كبيرآ في الشحذ السياسي الشعبي ، وعمقه الاجتماعي ، قد افرزت بوضوح ومنذ زمن ، وستبلور اكثر فاكثر قوى شعبية متجذرة ستكنس يمين( اليسار ) وترسخ يسارآ وطنيآ جديدآ يستند الى منبعه الوطني في ملامسته للحاجات التاريخية لفئات الشعب الواسعة ، في التحرر والديمقراطية والبناء ، لذلك فلا يجوز الا ان نقف على يسار فئاتنا الشعبية الواسعة في همومها الوطنية وتطلعاتها المستقبلية ، حيث ستنفتح افاق التعاون والعمل المشترك للتجمعات اليسارية والتي هي جزء من الدعوة العامة للتعاون والتنسيق بين مختلف التيارات الوطنية العراقية وتجمعاتها ، في جبهة موحدة شاملة ، واضحة التحديد في تثبيت مهامها الوطنية في ازالة الاحتلال وتمكين شعبنا من استقلاله وسيادته على ارضه ، ليقيم نظامه الديمقراطي الذي يضمن الحريات وتداول السلطة للجميع.