<%@ Language=JavaScript %> د. كاظم الموسوي قبل الانسحاب العسكري الأمريكي من العراق وبعده
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

قبل الانسحاب العسكري الأمريكي من العراق وبعده

 

 

د. كاظم الموسوي

 

بدأ العد التنازلي ليوم الانسحاب الكامل لقوات الاحتلال الامريكية من العراق نهاية هذا العام 2011، وفق الاتفاقية التي وقعت بين الحكومتين الامريكية والعراقية، وقبل ان تنسحب قوات الاحتلال نشطت القنوات كلها، السياسية والعسكرية والأمنية والدبلوماسية وغيرها، لاسيما من الطرف الأمريكي، لإظهار التزامها بالاتفاقية إعلاميا وعلنيا، ولكنها تضع سريا، وأحيانا تسرب ما تريده منها، اتفاقيات اخرى وبنودا وإجراءات تجعل الأمر الواقع أهون الشرور التي يعيشها العراق منذ احتلاله. وكلما يقترب يوم الموعد/ الاختبار تكون الوقائع شاهدة على سنوات الاحتلال وطبيعته ومنها اتفاقياته المبرمة بين إدارته والمؤسسات التي تدير البلاد تحت حمايته واحتلاله، والقواعد العسكرية والاجتماعية، المعبرة بكل وضوح عن زمن الاحتلال البغيض.

 قبل ان تنسحب القوات العسكرية للاحتلال الأمريكي تلوّن المشهد السياسي في العراق وأصبح الدم المراق عنوانا بارزا فيه، أو بالأحرى غرق المشهد السياسي في الدم العراقي. وهذه سمة واضحة للاحتلال الأمريكي خصوصا وكل احتلال عموما. فقتل المواطنين الأبرياء بشكل عام رسالة الاحتلال الموجهة للجميع، الحكام والمحكومين في العراق، الأحزاب والمنظمات والهيئات الشعبية والأهلية والمدنية. يضاف لها قاعدة الاحتلال المعروفة في توزيع خارطة الدم وإثارة الفتن التي رسخها المحتلون، القدماء والجدد، وإطالة عمر الكارثة، التي تنمو مع الاحتلال وتستطيل ببقائه، بأي شكل من الإشكال، سواء بالقوات والقواعد العسكرية أو بالسفارة والقنصليات وشركات الحمايات المدنية، أو وهنا الأخطر، بالطابور الخامس الذي توظفه وترعاه ويقدم لها المطلوب من أهداف الاحتلال الرئيسية، عبر مؤسسات الحكم أو بالبيئات الحاضنة للاحتلال ورموزه، والتي ترسم اخطر صورة لبقاء الاحتلال الأجنبي، وممارسة أساليبه وخططه وبرامجه المتنوعة، الناعمة والخشنة، السلسة والمعقدة.

كيف سيتم الانسحاب العسكري ومتى؟، وهل سيبقي على الأرض بقايا له، وتحت أي مسمى؟. لاسيما وقد صرح مسؤولون عراقيون بذلك باستحياء أولا وبصلافة ثانيا، تحت غطاء اتفاق زعماء الكتل البرلمانية على ذلك. مرة قالوا ببقاء خمسة آلاف من العسكر للتدريب العسكري للقوات العراقية التي بنيت بدربة ودراية القوات الامريكية نفسها ومرة اخرى بغمغمة عن الأعداد والاتفاقيات. والأرقام تتغير حسب التصريحات الرسمية بين العراقيين والأمريكيين. ولكنها كلها تؤكد على بقاء قوات عسكرية. يزيدها ما سمته الأقوال الامريكية بحماية السفارة والمستشارين الأمريكيين الباقين في العراق. كم أعدادهم؟ وهنا تختلف الأرقام أيضا. فالخارجية الامريكية تريد إرسال ستة عشر ألفا من الحراسة المدنية، من المتعاقدين من شركات الحماية المعروفة بأسماء مختلفة ولكنها كلها تتفرخ من اسم الشركة الأم التي روعت العراقيين والتي اسمها "بلاك ووتر"، وامتدت خارج العراق أيضا، رغم كل جرائمها وفظائعها.

تحول الانسحاب العسكري الأمريكي إلى الواجهة بحكم الاتفاقية وموعدها، رغم أهميته، وهو ما يريده الاحتلال وإدارته ويدفع إليه للانشغال فيه، كما يعرضه المشهد السياسي العراقي الرسمي حاليا. متجنبا أو مبعدا عنه أسئلة مهمة تكشف طبيعة الاحتلال وخططه وأهدافه. وليس سرا القول ان الأهداف البارزة من الاحتلال لم تتغير وان الطمأنينة الامريكية عليها غالبة ومستمرة  بالأدوات التي ترعاها وتسهر عليها وتوفي بالتزاماتها المعلنة و/أو المكتومة.

يصعب على إدارة الاحتلال إخفاء حقيقته، مهما أعلنت من التزامات لها بالانسحاب العسكري، فهي في الوقت نفسه وعمليا تخطط لإرسال مرتزقة الحماية بأعداد قد تفوق عدد الجنود المنسحبين، مما يعني في النهاية أن ما يجري عملية تبديل وإعادة توزيع وانتشار بملابس أو بمهمات اخرى. وقد تكون صور المجازر اليومية التي تحدث في المدن العراقية وبتقسيم معهود لمناطق الضحايا وهوياتهم المعروفة أول القطر في المخططات المرسومة للوضع السياسي والاستقرار الأمني المطلوب داخليا وخارجيا في محيط سياسي ساخن.

المعروف ان الانسحاب الأمريكي العسكري من العراق ليس من خطط إدارة الاحتلال حين تم احتلال العراق ولكن رفض أغلبية الشعب العراقي وعمليات المقاومة الوطنية العراقية، العسكرية والسياسية، والوضع الاقتصادي الداخلي الأمريكي فرض على الادارة قرار الانسحاب وسيتم آجلا أو عاجلا، حسب الاتفاقية المبرمة أو بدونها. وتصريحات نائب قائد قوات الاحتلال الأميركي في العراق الجنرال توماس سبوير تؤشر إلى ذلك. حيث قال لصحيفة "واشنطن بوست" (14/10/2011) إنه "في الوقت الذي تقوم فيه القوات الأميركية بإغلاق قواعدها يحاول بعض الخصوم الاستفادة من ذلك وشن هجمات علينا". وأشار إلى أن سحب القوات والمعدات الأميركية من العراق يعد المشكلة اللوجستية الأكثر تعقيداً التي يواجهها الجيش الأميركي منذ الحرب العالمية الثانية، مضيفاً ان هناك نحو 520 جنديا يغادرون العراق يوميا. وأضاف ان هناك نحو 25 ألف قطعة من المعدات العسكرية وغير العسكرية تم تسليمها أو بيعها إلى العراق بوصفها فائضاً لا حاجة له بالنسبة إلى الولايات المتحدة. ومن جهة اخرى تفسر هذه التصريحات بعض سلوك إدارة الاحتلال واستغلالها الجشع للدول التي احتلتها، والمفروض أنها عبّر ودروس للجميع، لاسيما أولئك الذين ترشح بلدانهم للاحتلال ويدعون إليه بأنفسهم لضيق أفق ونظر والتزامات وطنية تحررية. فبعد ان استنفدت قوات الاحتلال وجودها العسكري باعت أسلحتها التي من المفروض سحبها معها أو رميها في مزابلها كمعدات مستخدمة ومستهلكة تقوم ببيعها وقبض أثمانها الأصلية وكأنها جديدة، والله اعلم، كيف تتم صفقاتها ومن الرابح الثاني فيها وما هي الأهداف الأخرى منها، ورائحة الفساد والرشى تزكم الأنوف؟.

قبل ان تنسحب القوات العسكرية الامريكية أخذت إدارة الاحتلال الامريكية حصتها المخطط لها من ثروات العراق وبعد ذلك تواصل نهبها بمسميات اخرى، من بينها الاستثمار والأعمار، وغيرها من المخططات. وهنا تأتي المسؤولية الوطنية والتحررية بعد الانسحاب العسكري. وهي محك وطني في التخلص من الفتن والفساد والتلون أمام المحتل وخططه ومشاريعه. فهل تكفي دروس الاحتلال وعبره؟.

 

كاظم الموسوي

kalm2011@live.co.uk

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا