<%@ Language=JavaScript %> د. كاظم الموسوي الانسحاب العسكري الأمريكي من العراق..هزيمة وانتصار؟
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

الانسحاب العسكري الأمريكي من العراق..

 

هزيمة وانتصار؟

 

د. كاظم الموسوي

 

تقرر الانسحاب العسكري الأمريكي النهائي من العراق بخطاب للرئيس الأمريكي باراك اوباما (21 تشرين الأول/ أكتوبر 2011) واتفاق مع الحكومة العراقية، حسب معاهدة صوفا التي وقعت عام 2008 بين الحكومتين العراقية والأمريكية، المنظمة لمراحل الانسحاب واستكماله نهاية العام 2011. وتمت فعلا مناورات ومباحثات ومفاوضات انتهت بالإعلان على الانسحاب العسكري. وجرت فعاليات الانسحاب موزعة، بين تسليم بعض القواعد والمعسكرات والأسلحة إلى الحكومة العراقية والانتقال العسكري إلى الكويت، حيث القواعد العسكرية الامريكية الأخرى المنتشرة على الأرض والخليج، والمتواجدة باتفاقيات وبرامج منسقة لأهداف ومخططات السياسة الامريكية في المنطقة. وبين بيع بعض المعدات والأسلحة الأخرى إلى الجانب العراقي، وبين ترك عدد من القوات تحت بند التدريب وأخرى تحت بند حماية السفارة الامريكية، الأكبر في العالم، ومؤسساتها الأخرى المنتشرة في بعض المحافظات العراقية أيضا، إضافة إلى استبدال العسكر بالمرتزقة المتعاقدين من شركات بلاك ووتر المعروفة. وهنا كما يتوضح من الموضوع ان أمر الانسحاب العسكري الأمريكي قد نفذ باتفاق الطرفين الأمريكي والعراقي بعد غزو واحتلال دام أكثر من ثماني سنوات عجاف، قدرت تكاليفه المادية والبشرية أمريكيا بالمليارات من الدولارات وبالآلاف من البشر. ولم تقدر بالأرقام والإحصاءات الخسائر العراقية، المادية والبشرية، بالاهتمام نفسه وبالحرص ذاته.

ولكن..

التقديرات لها وضعتها مؤسسات أمريكية وأوربية وغيرها بالتعاون مع عراقية مدنية ووسائل إعلام وغيرها أشارت إلى أكثر من مليون ضحية بشرية، وطبعا لها تداعياتها الأخرى بالملايين من البشر، التيتم والترمل والتشرد والتهجير وغيرها من التبعات الأخلاقية والإنسانية والقانونية أيضا. أما الخسائر المادية فالأرقام مفتوحة والأوضاع مكشوفة وليس صعبا وضع تقديرات تقريبية لها، وبالتأكيد تتجاوز التريليونات الامريكية التي دفعتها الادارة الامريكية.

الخسارات الامريكية لا تتناسب بقيمتها بالخسارات العراقية، البشرية والمادية، وتتحمل الادارة الامريكية وحلفاؤها تعويض هذه الخسائر قانونيا وأخلاقيا بحكم غزوها واحتلالها واعتدائها على سيادة واستقلال عضو كامل العضوية في الأمم المتحدة وكل المنظمات الإقليمية. فكيف سيتم الانسحاب دون الاتفاق على ذلك؟ وأين يصب هذا الشرط في عقود الاتفاق؟. وكيف يتم التعويض عن الخسائر العراقية وقد مرت السنوات السابقة وتمر اللاحقة وكأنها قضية مهملة دون تركيز عليها من الطرف الضحية ورفعها بقدر الإعلان عن الانسحاب ومواصفاته؟. وهل سيتم الانسحاب العسكري كما جرى الاتفاق عليه دون تحميل الادارة الامريكية كامل المسؤولية عما لحق بالعراق وشعبه من أضرار الغزو وخسائر الاحتلال، بشريا وماديا؟.

إذا انسحبت الولايات المتحدة عسكريا من العراق، وأرسلت قواتها إلى جنوبه في الكويت، فأنها في هذه الحالة أعادت انتشار قواتها في المنطقة، بسبب ضغوط شعبية عراقية ومقاومة وطنية أرغمتها على اتخاذ القرار وليس المعاهدات فقط، فضلا عما هو معروف من أزمات داخلية وضغوط كبيرة، قد تكون عمليات الغزو والاحتلال من أسبابها، وتعالجها بالطرق التي تمارسها الان. ومن بينها التهرب من تحمل المسؤولية القانونية والتاريخية، لاسيما ما يتعلق بالتعويض وإعادة الأعمار وتكاليفهما قبل أو بعد الانسحاب العسكري ومن استيعاب درس تاريخي لمخططات الهيمنة والغزو الإمبراطورية، سواء للإدارة الامريكية أو غيرها، رغم ما يعترض ذلك من اختلال توازن القوى العسكرية أو السياسية والتحالفات والأحلاف العسكرية والسياسية وغيرها في النظام الدولي.

الانسحاب العسكري الأمريكي من العراق اعتبرته قوى وطنية عراقية وعربية انتصارا للشعب العراقي ومقاومته الوطنية العسكرية والسياسية وبكل أشكالها الأخرى، وسمته وسائل إعلام أمريكية وقوى معارضة لسياسات الرئيس الأمريكي الحالي باراك اوباما هزيمة عسكرية وسياسية كبيرة للإدارة الامريكية. وفي الحقيقة هو كل ذلك، انتصار للمقاومة الوطنية للشعب والقوى المناهضة للاحتلال وسياسات الهيمنة الامريكية وهزيمة للإدارة الامريكية ومخططات العدوان الإمبراطورية.. ولكن الانتصار بهذه الطريقة يبقى ناقصا إذا لم تكتمل معه المطالبة بدفع تكاليف جرائم الغزو والاحتلال، والتخطيط لإعادة الأعمار والبناء للعراق وطنا وشعبا ومؤسسات دولة تأخذ مداها الطبيعي في بلدها ومحيطها ودورها الفعلي كدولة حرة مستقلة ديمقراطية. وكي تكون هزيمة فعلية أيضا لابد ان يأخذ الانسحاب العسكري الأمريكي معناه الحقيقي من خلال استكماله بموقف وطني يتحمل مسؤوليته الوطنية والتاريخية في إعادة بناء العراق مستقلا حرا ذا سيادة كاملة وقادرا على الاعتماد على قواه وطاقاته ومصالحه ورفض المشاريع الامريكية والمخططة أمريكيا لاستبدال الاحتلال العسكري بأشكال اخرى، وبأسماء اخرى، وتحريك كل أدوات الاحتلال الأخرى، المحلية والخارجية، لتمرير تلك الأشكال الأخرى للغزو والاحتلال الأمريكي.

ومن اجل الاحتفال حقا بالجلاء التام للاحتلال الأمريكي من العراق يتطلب، حتى ولو رمزيا إقامة نصب في بغداد للمقاومة الوطنية وشهداء العراق ضد الاحتلال وإجبار كل الزائرين الغربيين للعراق بوضع أكاليل زهور عليه. والانتباه الواضح من غدر قوات الاحتلال وسياسات الادارة الامريكية وخططها للالتفاف على ضغوط الانسحاب العسكري بفتح صفحات اخرى من التخريب والتدمير الداخلي، التي تسعى لتحويل هزيمتها إلى هزيمة داخلية عراقية، وخسارة متواصلة لطموحات العراقيين في إعادة بناء بلدهم واستثمار ثرواتهم ودورهم بعيدا عن التبعية وذيول الاحتلال وقواه العدوانية ومرتزقته.

لا يكفي الانسحاب العسكري نهاية العام 2011، لان الاتفاقيات الأخرى في معاهدة صوفا تعطي فرص عودة الاحتلال بأشكال معلنة، وهنا الخطر الفعلي من التسميات الناعمة. وهذا درس آخر للشعب العراقي وقواه المناهضة للاحتلال، يتطلب ضرورة الاستمرار برفض كل أشكال الاحتلال وعدم إعطاء فرص للسياسات الامريكية والإدارة الامريكية من الحصول على أية مكاسب سياسية أو انتخابية أو تمكين من إعادة إنتاج سياسات الهيمنة والاستعمار الإمبراطورية الجديدة.

 

كاظم الموسوي

17.11.2011

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا