<%@ Language=JavaScript %> د. كاظم الموسوي الدرع الصاروخية الامريكية.. لمن؟
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

الدرع الصاروخية الامريكية.. لمن؟

 

 

د. كاظم الموسوي

 

لم تكتف إدارة الولايات المتحدة الامريكية والمجمعات المالية والعسكرية الامريكية بما لديهم من نفوذ عالمي وسياسات هيمنة إمبراطورية وقواعد عسكرية وغيرها، فجاءت بمشروع جديد بعد انهيار المنظومة الاشتراكية التي كان في طليعتها الاتحاد السوفيتي وحلف وارشو. هذا المشروع سمي بالدرع الصاروخية. عملت الادارة على توزيع قواعده في الدول التي كانت ضمن حلف وارشو، وبالقرب من حدود جمهورية روسيا الاتحادية، وريثة المنظومة السابقة، ودخلت في مفاوضات ومناورات من اجل ذلك. رفضت بعض هذه الدول المشروع وتحسبت من مخاطره وأهدافه بشكل أولي. مارست الادارة، كعادتها، وسائل الضغط والتحذير والترغيب عليها. وبدلا من انتظار حل حلف شمال الاطلسي مقابل انتهاء حلف وارشو وسقوط أسباب وجوده الأساسية وتوجهها لبناء بلدانها داخليا، أريد لها ان تواصل العمل في مخططات عدوانية واضحة من عنوانها.

الأخطر في هذا المشروع، فيما يتعلق بمنطقتنا والأوضاع العربية الساخنة الان، هو قبول تركيا له وزرع قواعده في أراضيها. بدء من نصب قاعدة رادارات وانتهاء بنصب صواريخ وأسلحة اخرى. وتوزع أخطاره على جيرانها القريبين منها خاصة، وحماية مصالح الادارة الامريكية وقاعدتها العسكرية الإستراتيجية في المنطقة، رغم كل صوّر التوتر معها. مما يعني ان السلطات التركية تمارس سياسات مزدوجة المعايير لفظيا وتتوافق عمليا مع تهديدات المشروع وقواعده وسياسات العدوان الإمبراطورية. كما يبدو ان تركيا تحاول السير في منهج عضويتها في حلف شمال الاطلسي وعرض سياسات متناقضة في الان نفسه، بين الاستقلالية وتطوير رؤاها الإستراتيجية في المنطقة وبين خدمة وتنسيق مخططات خطيرة تفقدها قراراتها الخاصة وتمتعها بها إلى الخضوع والهرولة خلف سياسات إستراتيجية استعمارية وتقديم خدمات مباشرة للدفاع عن الكيان الصهيوني  رغم التهويش الإعلامي والصفعات السياسية المتبادلة.

يكشف عدوانية المشاريع الامريكية العسكرية التطابق بل والتعبير المباشر من طرف حلف شمال الاطلسي عنها والتنسيق فيما بين الطرفين، الحلف والإدارة الامريكية، كجهة واحدة أو مسيّرة من طرف واحد. رد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوغ راسموسن ابرز تأكيد على ذلك. حين أعرب فيه، كما نشرت وسائل الإعلام، عن "خيبة أمل شديدة" بسبب تهديد روسيا بنشر صواريخ على حدود الاتحاد الأوروبي ردا على الخطط الأمريكية بنشر درع صاروخية في شرقي أوروبا. وقال إن نظام الحلف "مصمم للدفاع ضد الأخطار القادمة من خارج أوروبا، وليس لتغيير توازن الردع". هذه الأقوال تؤكد معاني الأخطار التي تخشاها روسيا وغيرها، لأنها تحمل في طياتها النوايا الاستعمارية فعليا. رغم ان القيادة الروسية لا تقطع سبل الحوار حولها ووضعها في أول برامج اللقاءات المشتركة والثنائية والاجتماعات التي تبحث في القضايا العسكرية وحتى التعاون الدولي بشكل متواصل.

إلا ان إصرار الادارة الامريكية على مشروعها يفضح مخططاتها وخطورتها ولا يترك إحتمالا سلميا من ورائه. لاسيما سعيها إلى عسكرة الفضاء والبحار أيضا، إضافة إلى القواعد الأرضية. هذا الأمر يؤكد المخاطر الحقيقية. أعلن سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، تعليقا على اللقاءات الروسية الامريكية في إطار قمة منطقة آسيا والمحيط الهادي، في حديث مع الصحفيين (14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011). ان "الأمريكيين لا يستبعدون، وقد اعترفوا بذلك، إمكانية  نشر سفن حربية مزودة بعناصر الدرع الصاروخية، لا في البحر الأبيض المتوسط فحسب، بل وفي البحار الأسود وبارنتس والشمال والبلطيق". ولدى التطرق إلى المخططات الامريكية لنشر الدرع الصاروخية بشكل عام، أشار لافروف: "إننا الان في وضع لا مخرج منه". وأكد: "لأنه يجري تنفيذ خطة أحادية الجانب لإنشاء درع صاروخية عالمية، وستكون  باسم الناتو ـ ولكنها أمريكية الإبعاد تماما". وأضاف: "يجري الإعلان بأنه لن تكون هناك أية قيود على هذه المنظومة، وعن السؤال حول أسباب التوجه إلى الشمال ـ ان هذا ضروري. وبصدد حجتنا بشأن عدم وجود إمكانيات لدى إيران لإطلاق شيء ما في الجو، يصل إلى القواعد الشمالية، يقولون ـ لربما ستتوفر في المستقبل، ويتعين علينا توقع مختلف الأوضاع". وأشار إلى انه "يبقى كل شيء في غضون ذلك، ضمن اطر الموقف، الذي عرضوه منذ البداية، وهو عدم الخوف لان هذا لا يستهدفكم. وهذا لا يمكن ان يروق لنا". واوضح الوزير: "إننا قلنا هذا بوضوح خلال اللقاءات مع الأمريكيين. وان الرئيس مدفيديف أكد بشكل دقيق لاوباما، إننا نطالب بضمانات معينة". وأكد وزير الخارجية ان "الضمانات يجب ان تكون واضحة ومدونة على الورق. ومن الممكن التحدث طويلا عن عوائق جغراسياسية معينة من جانب الكونغرس، ولكن لم يحاول إي فرد بعد تقديم مثل هذه الضمانات للجانب الروسي".

استمرار المشروع الأمريكي في توزيع قواعد الحرب العسكرية وانتشارها عالميا يشكل خطورة فعلية لتهديد السلم والأمن الدوليين. وأية مشاركة فيها تنم عن مساهمة فعلية في سياسات الهيمنة  الإمبراطورية والعدوان على تطلعات الشعوب وثرواتها وإرادتها في اختياراتها ومسارات تطور بلدانها. حيث تستغل، كما يبدو، المتغيرات العالمية أيضا، لترسم خارطة العالم من منظورها ورؤيتها العدوانية وحسب. الأمر الذي يعطي للقيادة الروسية الحق في القلق من تلك المشاريع والبحث عن ضمانات لها. أعلن الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف (21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011) في لقاء مع ضباط المنطقة العسكرية الجنوبية بأنه "سيتعين علينا اتخاذ قرارات معينة، وسأعلنها في أقرب وقت، وإن إجراءاتنا ستكون معقولة ومتكافئة ولا تسد طريق مواصلة مناقشة الوضع المتعلق بالدرع الصاروخية الأوروبية مع الشركاء في حلف شمال الأطلسي". وأضاف: "يجب أن نرد، ولكن لا يجوز في الوقت نفسه إغلاق الطريق أمام المفاوضات"، مشيرا إلى أن الدرع الصاروخية بالشكل الذي عرضه الجانب الأمريكي "بوسعها تغيير التوازن بشكل ملموس، الأمر الذي يخلق مشكلات معينة لروسيا".. فكيف بنا وبمنطقتنا؟.

كاظم الموسوي

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا