<%@ Language=JavaScript %> د. كاظم الموسوي اوباما: الهروب إلى حرب
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

اوباما: الهروب إلى حرب

 

د. كاظم الموسوي

 

آخر تصريحات الرئيس الأمريكي باراك اوباما حول الاحتلال العسكري للعراق هو اتفاقه مع رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي (وكالات 21/10/2011) على قرار الانسحاب الأمريكي العسكري الكامل من العراق نهاية هذا العام، وفق معاهدة صوفا، بجانبها العسكري وتفعيل الاتفاقيات الإستراتيجية الأخرى التي تضمنتها، وصرحت عنها سابقا وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون عبر الاستثمار والأعمار واستبدال الجنود الأمريكيين بـ"جنود" مرتزقة متعاقدين معهم يؤدون المهمة نفسها، والاكتفاء بما يحيط بالعراق من قواعد إستراتيجية ملبية لخطط الاحتلال والهيمنة الامريكية على المنطقة. وكذلك لأسباب معلنة، ملخصها تقليص النفقات المالية الكبيرة من جهة، وتقليل الخسائر البشرية المهمة لدى الرأي العام الأمريكي والعالمي من جهة اخرى.

هذه من بين الأسباب التي دفعت الرئيس الأمريكي إلى حسم الموقف بالانسحاب العسكري الكامل من العراق وإنهاء العمليات العسكرية فيه والتوجه صوب العلاقات الإستراتيجية الأخرى. ولكن مراقبين سياسيين يرون انه حتى في هذه الخطوة، رغم أهميتها السياسية عراقيا، وعربيا، وفي هذه الظروف الساخنة في المنطقة، ثمة خطورة ما تدور أو تتعلق بتطورات اخرى على صعد مرتبطة بما تعانيه الادارة الامريكية من أزمة اقتصادية حادة وتصاعد الغضب الشعبي المحلي والأوروبي أيضا وتأثيراته وتداعياته المباشرة على صنع القرار السياسي والاستراتيجي، ليس داخل الولايات المتحدة الامريكية وحسب، وإنما في المنطقة التي اضطر الرئيس الأمريكي إلى خياره المعلن.

تناقل محللون سياسيون أفكارا حول مخططات أخرى للإدارة الامريكية، تنوي القيام بها حلا لما تعانيه من أزمات تستفحل حاليا، ترتبط باستراتيجيات هيمنتها في المنطقة المشتعلة الان. فكيف يجري مثل هذا الهروب؟. وهل استسلمت الادارة الامريكية لضغوط وظروف وأسباب أوضاعها الداخلية وترك المنطقة في فراغ سياسي واستراتيجي تملؤه حُكماً القوى الصاعدة استراتيجيا فيها، لاسيما التي لم تدخل تحت الخيمة الامريكية؟. وكيف ستكون عليه سياسات الهيمنة الامبريالية الامريكية ونفوذها عالميا ولاسيما في قضيتي الطاقة وحماية قواعدها الإستراتيجية العسكرية؟!.

تصريحات المسؤولين الأمريكيين بهذا الخصوص، السابقة والحالية، توفر أجوبة للأسئلة المثارة، وكلها تؤكد على مخططات تسعى الادارة للإحاطة بما تشهده التطورات الإستراتيجية العالمية وصعود وهبوط موازين القوى الدولية، وانعكاساتها في مجلس الأمن والأمم المتحدة، وعبر وسائل متعددة. من بينها الاستعانة بما لديها من علاقات وتحالفات إستراتيجية تخدم تلك المخططات في المنطقة. وتتضمن الرد على مفاجآت الثورات الشعبية في العديد من البلدان العربية التي زادت من الضغوط عليها في أهدافها التي أعلنتها سابقا في فرض السيطرة المباشرة على قوس النفط من غرب اليابان إلى غرب إفريقيا، والهيمنة العسكرية عليه، بمختف السبل والخطط العسكرية الإستراتيجية والسياسية. ومعلوم ان خطط احتلال أفغانستان والعراق لم تتوقف عندهما، بل شملت صراحة إيران وسوريا وليبيا والسودان والجزائر، مع استمرار العلاقات الإستراتيجية بباقي البلدان المعروفة في تبعيتها وخضوعها لسطوة الادارة الامريكية ومراكز مقراتها وقياداتها العسكرية وقواعدها فيها أو حولها.

صنّعت المؤسسة العسكرية الامريكية ما تعتمد عليه من مبررات في خطط احتلال أفغانستان والعراق وقد فضحت أكاذيبها وتضليلها فيها. ولهذا يتطلب إخراج مبررات اخرى لغيرها أيضا، مع دراسة تجربتها التي أعطتها دروسا عديدة وخرجت بعبر منها. فالخسائر التي تكبدتها في البلدين تفرض عليها التحرك دون خسائر كبيرة أو بتقليلها إلى الحد الأدنى. ولعل التهديدات التي وجهتها القيادات الإيرانية للإدارة الامريكية، خصوصا ما يتعلق بالقوات العسكرية التي اعتبرتها رهائن لديها في أي حرب معها، فضلا عن إشعال نيران في أكثر من دولة متواطئة مع الادارة الأمريكية، سواء بالقواعد العسكرية أو التعاون الأمني والسياسي والمالي المكشوف، تدفع بأخذ الحيطة المطلوبة والرد عليها بقدرات اخرى. ولهذا لم تكتف الادارة الامريكية في سياسة شيطنة "العدو" التي تتفنن بها، حيث قامت بها وما تزال آلتها الإعلامية ومرتزقتها في شتى الأساليب والمبررات، بل كذلك البحث عن وسائل تخدير البؤر أو تبريد خطورتها أو بإشغالها بما يبعدها عن المباشرة في تشكيل خطر كبير عليها، لاسيما القوى المتحالفة مع الجمهورية الإسلامية في إيران، في المنطقة وخارجها. ومعها تأتي قضية الانسحاب العسكري أو الهروب من العراق. وكذلك، كما رأى محللون سياسيون، في الإسراع في صفقة تبادل الأسرى الفلسطينيين مع حماس وأخبار انتقال مقر قيادتها وغيرها من الإشاعات التي تسرب من الأجهزة الإعلامية المخابراتية الامريكية وتروجها طوابيرها العربية. ومثلها أيضا إشغال المشهد السياسي في العديد من البلدان التي لم تقع تحت الخيمة الامريكية بشلالات الدم المراق يوميا، وصناعة اللا استقرار الأمني والاقتصادي والسياسي فيها وغيرها مما يؤدي في النهاية إلى إفراغ الساحات لتنفيذ المخططات المعلنة أو المكتومة.

أكثر المراقبين والمحللين السياسيين اعتبر إتهامات الرئيس الأمريكي اوباما حول اغتيال السفير السعودي في واشنطن بداية تجهيز تلك المحاولات لحرب جديدة على إيران تهربا من الأزمات المستفحلة ولوي عنق الحقائق المستجدة على الأرض. وهي قصص معروفة، تاريخيا، وليست جديدة، ولكن للأسف ان الرئيس الأمريكي الحالي لم يتعظ من سابقيه، ولا حتى من وزير خارجية سلفه، ابن جلدته كولن باول، في الشأن العراقي، ولا من الفوضى التي نتجت من حماقات بوش الثاني ونتائجها الخطيرة التي كانت من ابرز أسباب الأزمة التي تعانيها الولايات المتحدة الامريكية وأوروبا حاليا ووعد هو بالتخلي عنها.

هل الهروب العسكري من العراق واستبداله بخطط اخرى هو الحل الأفضل للإدارة الامريكية؟ هل الخروج منه يصب في إعادة النظر في السياسات الإستراتيجية الامريكية في المنطقة كلها؟. لماذا لا تحرض الأزمة التي تعيشها الولايات المتحدة الامريكية والمنطقة والبلدان الغربية الأخرى، الادارة الامريكية إلى التفكير الجدي بما يخدم الأمن والاستقرار الدوليين والتوقف من الهروب إلى الأمام وإعادة مخططات كشفت فشلها الاستراتيجي وأشاعت الفوضى والأزمات؟. وقد تستغلها قاعدتها الإستراتيجية في المنطقة وتدفعها إلى تحميلها أعباء حروب تفتح أبواب جهنم، أو صندوق باندورا، على المنطقة والإدارة الامريكية نفسها!.

 في كل الأحوال الهروب إلى حرب جديدة في المنطقة لا يخدم الثورات الشعبية فيها ولا يؤمل منها حلا لازمة الولايات المتحدة المتنامية داخلها وخارجها، وهذا ما يستوجب التفكير به ومنع دعم ارتكاب حماقة جديدة، بعد تجربتي أفغانستان والعراق. فهل يتدبر الرئيس الأمريكي وعقلاء إدارته في لجم مخططات لوبيات ومجمعات الحرب والاستهتار بأرواح البشر والأمن والسلام؟.

 

كاظم الموسوي

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا