<%@ Language=JavaScript %> كاظم الموسوي اليمن والفرصة الأخيرة
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

اليمن والفرصة الأخيرة

 

د. كاظم الموسوي

فرض الشعب اليمني نفسه على المشهد السياسي العربي، مع إيقاع الانتفاض الثوري ونجاح ثورتين في بلدين عربيين، بنموذج سلمي حضاري بامتياز. فالمعروف عنه انه شعب مسلح وان السلاح جزء متمم لأفراده.. وخلال اشهر التظاهرات والاعتصامات في اغلب المدن اليمنية، ورغم عنف السلطة وتعنت الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في التشبث بالسلطة وممارسة أساليب القمع والترهيب وغيرها، اثبت أغلب الشعب اليمني تساميه وتصميمه على الانتقال السلمي في الحكم الذي سيطر عليه الرئيس لمدة ثلاثة عقود ونيف. وتشابه بحكمه مع نظرائه الآخرين، لاسيما اللذين أسقطهما شعبهما، في التسلط الديكتاتوري واحتكار القرار السياسي والحكم والفساد بين أفراد عائلته والمقربين له. ولم يكتف الرئيس بما قام به بل ناور من اجل اللعب بالوقت والسلطة على السواء.

أعطى أغلب الشعب اليمني في احتجاجاته صورة اخرى له، وسمات إضافية إلى صفحات التغيير والثورات العربية. والمؤشرات كانت تشير إلى ان اليمن البلد الثالث أو الرابع في التسلسل العربي للثورات الشعبية الجديدة، حسب الانطلاق واندلاع الغضب الشعبي وكسر حواجز الخوف والرعب والقمع والتسلط الديكتاتوري. واثبت ان لديه إمكانات للنجاح والتغيير الذي يامله من انتفاضته وثورته، رغم كل مناورات الرئيس اليمني وبطانته وجماعات دعمه الداخلية والخارجية، وتملكه لوسائل القمع والقوة العسكرية رسميا. الأمر الذي رسم خطين متوازين من القوة الرادعة لحد الآن.

فشل مجلس التعاون الخليجي، في تمرير مبادرته في حل مشكلة الحكم في اليمن، بانتقال السلطة من الرئيس صالح إلى نائبه، وتشكيل حكومة من أحزاب المعارضة والحزب الحاكم (اقرأ حزب الحاكم)، بسبب عدم توقيع الرئيس عليها كطرف رئيسي، ومناورته عليها بهدف كسب الوقت وتعقيد الصراعات المحلية وصب زيت على نيران الخلافات بين كرسي الحكم ومطالب الشعب والمعارضة السياسية. المبادرة الخليجية صيغت عدة مرات وتمت فيها وحولها جولات مكوكية من حفلات التوقيع والزيارات المتبادلة واللقاءات بين المسؤولين الخليجين واليمنيين. وكما يبدو أنها صورت على أنها كانت محاولة للالتفاف على الثورة واستثمار زخمها في وضع مخططات اخرى بعيدة عن المصالح الشعبية، ولهذا لم تتعامل الأطراف المعنية بها جديا، رغم طرحها بين فترة وأخرى كحل مقبول.

لكن اغلب الشعب اليمني متواصل في الاحتجاج السلمي والمطالبة بنقل السلطة والتغيير السياسي. رغم تهديدات الرئيس بلسانه في حرب أهلية، وتصريحاته بإطلاق أشباح القاعدة والتقسيم والانفصال وغيرها من التسميات والخيارات التي تفنن في تكرارها في كل خطبه طيلة أيام الغضب الشعبي والثورة عليه. وقابلها في كل مرة بإرسال وحداته العسكرية لقصف قصور غرمائه من الشيوخ والعسكريين من بيت الأحمر، ومواصلتها في فتح النيران الحية على المتظاهرين والمحتجين في ساحات التحرير والتغيير، سواء في صنعاء أو تعز، أو أبين وعدن، وسقوط أعداد من الشهداء، والجرحى ولم يتوقف في اتهاماته وحججه وذرائعه، حتى غيابه بعد انفجار في مسجد كان مجتمعا فيه مع أركان حكمه، ومقتل وجرح أعداد منهم، وإصابته بجروح متعددة، نقل على إثرها إلى الرياض للعلاج. (اعتبر الانفجار محاولة اغتيال مجهولة المصدر إلى الآن) ورأى عدد من المحللين والمراقبين السياسيين ان ما حصل في المسجد، أعطى فرصة لإخراج الرئيس صالح من البلاد واللعبة السياسية، ومحاولة السيطرة على الأوضاع قبل تفجرها وحصول تغيرات غير متوقعة للذين يهمهم اليمن، لاسيما أصحاب المبادرة للحل والضغوط التي مورست من قبل السفارة الأمريكية والحكومة السعودية ودول خليجية وأوروبية، بغض النظر عما انتهت إليه المحاولة، وما أصابته من أركان النظام.

هذه التطورات السريعة في اليمن، رفعت من حدة الشعارات السياسية في الساحات وقدمت فرصة أخيرة للتغيير وانتصار الثورة، ووضعها أمام مسؤوليات ما بعد حكم صالح وتجسيد طموحات الشباب الذي خاض غمار الاحتجاج والانتفاض والصمود في ساحات التحرير والتغيير وإعلان بيان التخلص من الدكتاتورية والتحول لمرحلة جديدة في اليمن بإقامة الدولة المدنية الديمقراطية على قاعدة المواطنة المتساوية والشراكة الوطنية في السلطة والثروة بين كل أبناء اليمن.

صحيح ان الرئيس صالح لم يعد قادرا على ان يكون اللاعب الرئيس، والحكم بما كان عليه من قبل، رغم التحشيد الأسبوعي للجماهير المؤيدة له، وكل الدعم المبطن من الداخل أو الخارج له. وقد تكون حالته الصحية مبررا للتعجيل في إزاحته. ولكنه في الواقع صنع حالة موازية من خطوط موازين القوة في الشارع اليمني، عبر شارع السبعين والحرس الجمهوري والمؤسسات الأمنية والعسكرية الأخرى المرتبطة بأشخاص من عائلته ومن أركان حكمه والمتورطين معه في الجرائم التي يخشى المحاسبة عليها أو في التشبث بالسلطة في إطار رفض الانتقال والتغيير، مع الخطورة من التدخلات الأمريكية المباشرة والتصريحات المتواصلة من مصادرها، والتخويف من منزلق الحرب الأهلية. وهي حالة ليست غريبة الآن بعد انتصار الثورات العربية في تونس ومصر وتداعياتها على الصعيدين الإقليمي والدولي.

أمام القيادات التي تخوض غمار الثورة في اليمن مواجهة هذه التحديات وكسر خطوط التوازي في موازين القوة والتغلب على المخططات المعادية لمستقبل اليمن، ومعه مصير الثورات العربية، الآمال والأعمال التي تعبر عن زمن الغضب العربي..

 

 

كاظم الموسوي

kalm2011@live.co.uk

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا