<%@ Language=JavaScript %> د. كاظم الموسوي حدود مستباحة
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

حدود مستباحة

 

 

د. كاظم الموسوي

 

من الطبيعي ان تعتبر كل دولة حماية حدودها جزءً مهماً من سيادتها وتحرص عليها وعلى احترامها للمعاهدات الدولية بشأنها، سواء برضاها أو بالإكراه لها وللأمر الواقع الذي وضعت فيه. بينما الدول المحتلة، يتحمل المحتل لها المسؤولية الأولى عنها. وهذا الأمر ينطبق على العراق الآن. فمنذ غزوه من القوات الامريكية وحلفائها وإعلان احتلاله استبيحت حدوده من كل جهاتها، سواء مباشرة من البلدان المحيطة أو عبرها من بلدان وإطراف اخرى. حتى بلغ الأمر ان أصبح العراق مرتعا لكل صنوف التدخل الخارجي في شؤونه والتصرف في أوضاعه وعلى مختلف الصعد، وأبرزها الأمنية والاقتصادية والسياسية، وبسبب ذلك ونتيجة له قدم العراق خسائر جسيمة، بشرية ومادية، تهربت الادارة الامريكية عن توصيفها وتحديدها ووضع الإحصاءات فيها، كما هو مطلوب منها، أو كما قامت به بالنسبة لأوضاع قواتها المحتلة وخسائرها فيها.

تلزم القوانين والاتفاقيات الدولية الإدارات المحتلة حماية البلدان والشعوب التي تقع تحت احتلالها طيلة فترة الاحتلال، وتلزمها أيضا الاتفاقيات الموقعة بين تلك الإدارات ومن يمثل البلدان المحتلة، كما قامت بتوقيع معاهدة صوفا عام 2008. ومن هذه الناحية تتحمل الادارة الامريكية بشكل كامل حماية العراق وحدوده ومسؤولية الدفاع عنه، رغم كل الادعاءات منها أو من كلف بالحديث عنها، محليا أو دوليا. وفي الفترة التي تلت المعاهدة وأصبحت الأمور القانونية ملزمة لقوات الاحتلال بالحماية تعرض العراق إلى استباحات واسعة من حدوده الشمالية والشرقية والجنوبية على السواء. اجتياحات عسكرية وقصف مدفعي واختراقات طيران وتدمير لقرى ومواقع عراقية تحت مسميات مختلفة وادعاءات حمالة أوجه متناقضة، بين العدوان والدفاع عن مصالحها، وتعارضها مع تعاملها مع سكان مناطق الحدود الشمالية والشرقية. أما من الجنوب فتعرض العراق إلى استباحات متنوعة، إضافة إلى مخططات خنق اقتصادي وتخريب كبيرة وبأبعاد إستراتيجية.

كما هو معروف ان شمال العراق تعرض لقصف عسكري متنوع من خارج حدوده الشرقية والشمالية بحجة وجود "متمردين" أكراد، كما تسميهم وسائل إعلام الدولتين الجارتين، إيران وتركيا، مع تبريرات تخصهما ولا تتعلق بالقوانين والحقوق المعروفة. وهذه قضية لم تحلها العلاقات الدولية بين البلدان نفسها، ولا احترام القانون الدولي والاتفاقيات المبرمة بينها وحقوق كل دولة فيها. وإذ يعترف مسؤولون من البلدين الجارين باختراق الحدود عسكريا وإجراء عمليات عسكرية واسعة داخل الحدود العراقية، منتهكين القانون والاتفاقيات والأعراف الدولية والأخلاقية، فأنهم يمارسون سياسات مخلة بما هو معروف تاريخيا وسياسيا وقانونيا. ورغم ذلك يسود قوات الاحتلال الصمت تجاهها، وهذا خرق للالتزامات المطلوبة منها، بل هناك إشارات لتعاون قوات الاحتلال مع تلك الانتهاكات أو تشجيع لها.

من جهتها إيران، وحسب بيان الحرس الثوري الإيراني ذكر ان "العمليات العديدة والصارمة للحرس الثوري ضد المجموعة الإرهابية بيجاك (حزب الحياة الحرة في كردستان) سمحت بتطهير شمال غرب البلاد من المناهضين للثورة وبالسيطرة على كل الحدود". وأكد انه "تمت إعادة الأمن" إلى هذه المنطقة. وهذا شأن داخلي، ولكن ما أضافه أحد قادة الحرس الثوري (باسداران) الجنرال محمد تقي اوسانلو يشكل خرقا صارخا، إذ أشار إلى انه "خلال هذه العمليات مني المناهضون للثورة بخسائر فادحة واضطروا لمغادرة الأرض الإيرانية". و"بدعم من سلاح البر، شن الحرس الثوري منتصف تموز/يوليو عملية واسعة ضد بيجاك في المناطق الحدودية لكردستان العراقية شمال غرب إيران حيث يقوم المقاتلون المتمردون منذ سنوات بعمليات مسلحة وينفذون هجمات. وأسفرت المواجهات عن سقوط عشرات القتلى في الجانبين أحدهم الرجل الثاني في قيادة حركة التمرد الذي سقط مطلع أيلول/سبتمبر بقصف على الأراضي العراقية حيث أقام بيجاك قواعده الخلفية".

أما تركيا، فآخر الأخبار قيامها باجتياح عسكري كبير للحدود العراقية باعتراف مسؤولين عسكريين فيها لمحاربة حزب العمال الكردستاني في تركيا، الذي يقيم له هو الآخر قواعد خلفية على الحدود التركية الإيرانية العراقية. كما قدم رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان طلبات مساعدة من الأميركيين في محاربة هذا الحزب. كما ذكرت وكالة إنباء الأناضول التركية "ان رئيس الوزراء التركي اردوغان سلم الولايات المتحدة لائحة تتعلق بطلب مساعدة لمكافحة المتمردين الانفصاليين في حزب العمال الكردستاني".. ونقلت عنه قوله ان "اوباما قال لي ان الولايات المتحدة مستعدة لتقديم كل دعم لنا في مكافحة الإرهاب"(!). وتحدث رئيس الوزراء التركي عن احتمال تمركز طائرات بريديتر أميركية على الأراضي التركية لقصف مواقع حزب العمال الكردستاني (!).

وجنوبا تصاعدت التصريحات الرسمية والشعبية حول انتهاك الكويت لحقوق العراق في مياهه ومنفذه على الخليج. وكانت الحكومة العراقية قد هددت على لسان وزير نقلها هادي العامري مطلع أيلول/ سبتمبر الماضي، بغلق منفذ صفوان الحدودي بوجه الكويتيين في حال "استمرارهم في بناء ميناء مبارك وعدم تغيير موقعه الحالي". بينما كشفت مصادر عراقية رسمية عن "قيام طائرات استطلاع كويتية بالتحليق للتجسس على مناطق حدودية مع العراق خلال الأيام الماضية". فضلا عن اعتبار إنشاء الكويت للميناء على جزيرة بوبيان محاولة خنق اقتصادي تمنع العراق من التمتع بحرية في  منفذه الرئيسي على الخليج  وعرقلة تجارته البحرية وخرقا للقوانين الدولية.

هذه بعض صور استباحة للحدود العراقية، وهي واضحة ومحدودة بأعمالها الصارخة، من بين أشكال اخرى للاختراقات والانتهاكات والتدخلات، ولا تحتاج إلى كثير عناء في معرفتها ومصادرها والمسؤولية فيها. ومع كل ذلك هناك تهاون وتراخ في إدانة هذه الانتهاكات المعلنة، وفي المطالبة بحقوق العراق الطبيعية فيها والعمل على دفعها أو تجريدها عن عوامل اخرى أو مدفوعة من الاحتلال، للتهرب من تحمل المسؤولية فيها، وتسهيل فرص مخططات الاحتلال وطوابيره عبر تأزيم الأوضاع العراقية الداخلية وإضاعة حقوق الشعب العراقي الكاملة في أرضه ومائه وثرواته وأمنه ومستقبله.

 

كاظم الموسوي

kalm2011@live.co.uk

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا