<%@ Language=JavaScript %> د. كاظم الموسوي ساحة التحرير العراقية..!
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

ساحة التحرير العراقية..!

 

 

د. كاظم الموسوي

 

تتميز ساحة التحرير في العراق، بنصب الحرية، وإطلالات ابرز شوارع العاصمة بغداد، انتهاء بها أو ابتداء منها، الرشيد، الجمهورية، السعدون، أبو نؤاس، وتحيط بها أحياء سكنية، اغلب سكانها من الفقراء، وأسواقهم الشعبية، وكذلك حديقة الأمة ومكتبات تاريخية لبيع الإصدارات المعنية بالثقافة العربية والأجنبية، وبسطات الكادحين ومساطرهم الصباحية بحثا عن عمل ومورد رزق ليوم من أيام العراق، بكل عهوده. مكرسة اسمها دلالة عليها.. ورمزا من رموز تاريخ العراق السياسي للتحرر الوطني والتخلص من الاستعمار والاستثمار الأجنبي. وقد جسد ذلك الفنان القدير جواد سليم في جداريته، (نصب الحرية)، التي انتصبت وسط الساحة، حيث عبر عن جوهر الشعب العراقي وإرادته في التحرر الوطني والتخلص من قيود الاستعمار والدفاع عن الثورة وحقوق الإنسان وشمس المستقبل للعراق الجديد. كما أخذت الساحة بحكم موقعها وسط العاصمة مكانا بارزا في سجل التظاهر والاحتجاج السياسي ومقرا مستمرا لصرخات الغضب الشعبي والصوت الأعلى لإرادة الشعب ومحاولات التوازي بين رموز الجدارية، من العمال والفلاحين والجنود، والنساء والأطفال، ووقائع التحركات الشعبية.

بعد سنوات الاحتلال البغيض تسترجع الساحة مكانها في المشهد السياسي العراقي والكفاح الشعبي وتتحول إلى عنوان آخر إضافي للاحتجاج السلمي والمطالبات الوطنية، الرافعة لشعارات الإرادة الشعبية في التحرر من جديد من الاحتلال والإخلال، من الاستعمار والاستعباد، من الانتهاكات والفساد. والشعارات فيها متغيرة أو متصاعدة في الكفاح نحو الإصلاح والتغيير، في محاربة الاستبداد والفساد والتفاوت الاقتصادي والاجتماعي، وفي البحث عن عمل وإنتاج الخيرات، وفي كشف الاختلال وتعرية الانتهاكات، وليس آخرها إسقاط الحكومة ومن يتولى شؤونها. ومع هذه المطالبات اليومية والضرورية في ساحة التحرير تتعامل التظاهرات، انطلاقا من اسمها، بالمهمات الأساسية في التحرر من الاحتلال الأجنبي، وتعبر الهتافات والهوسات والشعارات عن هوية المتظاهرين والمشاركين فيها وأهدافهم منها..

من إشعاع الثورات العربية ويوم الجمعة من كل أسبوع للاحتجاج والثورة، اندلعت في نهايات شهر شباط/ فبراير تظاهرات احتجاجية في ساحة التحرير، لتتواصل مع تاريخها الوطني. حيث قام بها جيل الشباب، طلاب جامعيون ونساء وعمال وفلاحون، وباحثون عن عمل ووظيفة، رافعة شعارات الإصلاح والمحاسبة، وإدانة الاستغلال والفساد والتهرب من المسؤوليات، وتحميل دول الاحتلال المسؤولية عن المعاناة التي يتكبدها الشعب، والمطالبة برحيل قوى الاحتلال العسكرية والمدنية، والسياسية ومرتزقتها وتوابعها المحلية والأجنبية. وما سببته من مظالم واسعة لفئات عراقية مختلفة ومتعددة. وكل جمعة تتوسع الاحتجاجات في الساحة وغيرها من الساحات في المدن العراقية الأخرى وترفع شعارات ومطالب متقاربة، تبدأ بتوفير الحاجات الأساسية والخدمات الرئيسية وتنتهي بكشف وقائع وفضائح لانتهاكات صارخة في حقوق الإنسان، التي تراكمت قبل وبعد الاحتلال، وزادتها الحكومات التي توالت ولم تعمل على حلها أو معالجتها، ومنها الأعداد الكبيرة من الأيتام والأرامل، والسجون والاعتقالات والمعتقلين والمسجونين، والمحاكم والقضاء، والمهجرين والنازحين وغيرها من القضايا التي لما تزل عالقة بانتظار معالجات وطنية وقوانين وقرارات تحترمها وتعوض لها ما اقترف بحقها.

عبرت الساحة طيلة أيام الجمع وغيرها من الأيام عن غضب الشعب العراقي ولم تخل من قصص صراع الإرادات والتجاذبات السياسية، بين الإرادة الشعبية وقوى الاحتلال، بين المتظاهرين احتجاجا ضد الاحتلال وجرائمه وبين المشاركين مع الاحتلال والمناكفين للتابعين له، وبين الراقصين على كل الألحان، الرافضة للاحتلال أو المحتمية به، المقاومة له والمنفذة لمشاريعه، والمتقلبة في تصريحاتها وخطاباتها الملائمة لما يناسبها من أوقات. وقد كشف السفير الأمريكي ببغداد في جولاته ولقاءاته عنها، وليس آخرها تصريحاته ضد قوى سياسية مهمة في المقاومة السياسية للاحتلال. وهي في كل الأحوال مساع ليست خالية من مناورات الاحتلال ورغباته في التخطيط لما بعد الاتفاقيات الموقعة بين بغداد وواشنطن، ولبقاء قواعد عسكرية ومرتزقة مدنيين، ولرسم خارطة المنطقة الإستراتيجية وفق مفاهيم الاستعمار الجديد.

ليس ما تقوم به السفارة الأمريكية وزوارها العلنيون والسريون، من مسؤولين رسميين أو نواب وشيوخ أو حتى مراسلين لوسائل إعلام ومنظمات مجتمع مدني خاليا من الحقد على ساحة التحرير وما ترمز له في تاريخها وتاريخ الصراع العراقي مع الاستعمار الامبريالي ورموزه السياسية في العراق. وما يقوم به كل سفير أمريكي في العراق، منذ الاحتلال والى اليوم، (جرى تبدله بمعدل سفير جديد كل عامين)، يثبت دور الاحتلال وخططه الاستعمارية في الهيمنة على الثروات المادية والبشرية في العراق وارتكاب كل الجرائم والفظائع التي سجلت عليه واعترف بقسم منها رسميا وتهرب من الكثير منها لأسباب معروفة، من بينها تناقضات سياسة الاحتلال في ادعاءات شعارات الحرية والديمقراطية التي شوهها وتطبيقاته العملية في صمته أو حثه على قوانين المنع والاعتقال والسجون والإرهاب والتعذيب وغيرها، وسعيه للدفاع عن مصالحه الإستراتيجية وما يهمه منها دون أي اعتبار لحقوق الشعب ومطالباته. وما يحصل في ساحة التحرير إشارات معلنة عما ينوي المحتل ان يقوم به في العراق وغيره.

ساحة التحرير العراقية تفضح سياسات الاحتلال والاستعمار الامبريالي وتعطي نموذجا واضحا لجرائم الاحتلال والغزو والتدخل في البلدان التي تبتلي شعوبها به.

 

 

كاظم الموسوي

kalm2011@live.co.uk

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا