<%@ Language=JavaScript %> د. كاظم الموسوي ميدان التحرير.. الاسم والمسمى
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                          مقالة للكاتب د. كاظم الموسوي       

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 إبحث في صوت اليسار العراقي

 

 

 

ميدان التحرير.. الاسم والمسمى

 

 

 

د. كاظم الموسوي

 

انتصرت الثورة.. انتصرت إرادة الشعب المصري، في يوم تاريخي ومسار مصيري، منطلقا من ميدان التحرير، هذا الميدان الذي دخل، باسمه العربي، القاموس الإعلامي الغربي، مثلما دخلت كلمة الانتفاضة الفلسطينية قبل سنوات، وترددت على ألسنة من تابعها واهتم بفاعليتها وتأثيراتها الإستراتيجية. وأخذ اسم الميدان – التحرير-  مسماه في مصر والعالم أيضا من خلال الثورة الشعبية التي اعتصمت قيادتها فيه وتمترست قواها الأساسية بين محيطه. مستعينة، جغرافيا وتاريخيا، بما فيه من مبان لها علاقتها بشكل أو بآخر بمسيرة التغيير والثورة، تاريخيا وسياسيا واجتماعيا.

 فاسم الميدان اخذ اسمه من التحرير الفعلي لثورة تموز/ يوليو عام 1952، بعد الهبات والانتفاضات المعروفة، ومنها ما يعبر عنه تمثال سعد زغلول فيها ويرسم إسهاما آخر معلنا امتداد روح الانتفاضة الوطنية وانتصارها في الثورة التي أعادت مصر إلى عالمها ودوائرها المعروفة وموقعها فيها، قيادة وتضامنا وتأسيسا لمرحلة جديدة في التاريخ والعالم. فليس بعيدا عن الفهم لدور التاريخ أيضا في وجود الاعتصام في الميدان قريبا من المتحف الوطني، الذي يضم صفحات من تاريخ الشعب المصري، فهو بمعنى ما استمرار تاريخي وإدانة للقطع الذي مارسه النظام الذي حكم مصر خلال العقود الأخيرة، وابعد الشعب المصري عن تاريخه وطبيعته ودوره.

 كما أن الميدان قريب من مبان سيادية، كمجلسي الشعب والشورى، ورئاسة الحكومة، وما لهذه العناوين من ارتباط ببواعث الثورة وأسباب احتجاج الشباب والشعب المصري، إذ أن تزوير إرادة الشعب بانتخابات مزورة باعتراف الدكتاتور وأعوانه، وبإنكار الإرتكابات وقمع الحريات وكم الأفواه التي خططت في الحياة السياسية في مصر، وكذلك وزارة الداخلية وما عرف عنها من نشاطات التخريب والتعذيب والفساد والفتنة والانتهاكات وغيرها أعطى معنى كبيرا لإدانتها وإعلان صوت الغضب بالقرب منها، معنويا وسياسيا وأخلاقيا وقانونيا. كذلك مبنى جامعة الدول العربية، كما تسمى رسميا، له معناه أيضا، ارتباطا بين ما حصل في الميدان والساحات العربية التي سبقته، والتي ستليها بالتأثير والتأثر والحث والتتابع، بعد كسر حواجز الخوف والرعب والعسف، وانطلاق أصوات الغضب والاحتجاج والانتفاض، وبعد أن خط الدم طريق الغضب ورسم نهاياته في بلد عربي بأبهى صوره. ليكون الرمز العربي قائما أيضا في صفحات التغيير في مصر، وفي قلبها الميدان واسمه الجديد القديم النابع من إرادة الشعب وغضبه وقيام قيامته، الثورة، بكل معانيها ومدلولاتها وأسبابها وأسسها ونتائجها.

ما حصل في ميدان التحرير وما جرى منذ اندلاعه في 25 يناير/ كانون الثاني وعبر يومياته تعبير واضح عن إرادة الشعب في التغيير والثورة على الدكتاتورية ومافيات الفساد وجرائم الإرهاب والقمع والعسف والاضطهاد والحرمان والطوارئ والتجويع والاستغلال والنهب والتواطؤ والارتهان بالمشاريع الامبريالية المعادية للشعب المصري وللأمة العربية.

انتصار ثورة الشعب المصري ورمزها في ميدان التحرير والميادين الأخرى يوم الجمعة الثالثة انعكاس واضح لإرادة الشعب ومطالبته بالحرية ورحيل النظام ورموزه الرئيسية وتحييد الجيش ودفعه للانحياز لها ومعها لإعادة الروح لدوره الفعلي في المساهمة في التغيير والبناء في بلد يشكل قلب الوطن العربي وأثره وتأثيره لا يتوقف عند حدوده المصرية وحدود ميدان التحرير الموجود اسمه في اغلب العواصم الأخرى، بأسماء متقاربة له أو بمعانيه. التحرير من الاستعمار الخارجي والداخلي، من الدكتاتورية والتدخل الأجنبي، من الاستغلال والفساد والخراب وانتهاكات حقوق الإنسان. ما رفعه جيل الثورة الجديد من صوت واضح لفتح صفحة جديدة في التاريخ المصري والعربي والمنطقة باشملها وامتدادها بين القارات يتطلب حماية الانتصار والانجاز الثوري، وهو المهم ومركز المهمات المطروحة والمطلوبة بشتى الوسائل والإمكانات، وبكل السبل والطاقات، وليس التوقف عنده أو التراجع عنه. وهنا تقع المسؤولية التاريخية في تطوير اللحظة التاريخية التي تحققت منذ اندلاع الانتفاضة وكسر حواجز الرعب. وحتى بعد أن سالت الدماء وحاولت السلطات القمعية ممارسة أدوراها في الإرهاب والقتل باخس السبل وأسوأ الوسائل التي تعرفها وتعلمت عليها في ظل الدكتاتورية والإرهاب.

 ولكن الدماء أمدت الشعب عزيمة أقوى وإرادة اشمل، فامتد ميدان التحرير من القاهرة إلى المدن والميادين والفئات الأخرى، فتحركت النقابات والاتحادات والجامعات والمدارس واختلطت الألوان والمشاعر والأجيال وأصبح النشيد موحدا في كل الساحات والميادين. لتكون ثورة شعبية بكل المواصفات والمعاني وهي تعكس بنموذجها المصري الشعبي السلمي وبوجهها المتزايد نصاعة وعمقا وقدرة على الحفر في نهر التاريخ وعمق الكفاح والمستقبل.

من بين ابرز شواهد التاريخ الجديد هو انتصار إرادة الشعب عبر إصرار شباب الثورة على الانتفاض والاستمرار، وتقدير الشهداء الذين استشهدوا من اجل الثورة ومستقبل مصر، الذين رسمت صورهم وأسماؤهم في الميدان. (سقط شهداء وجرحى منذ اندلاع الثورة، مئات الشهداء وآلاف الجرحى من كل الأجيال. وتقدر منظمات دولية عدد الشهداء بأكثر من 300).

هذه الدماء الزكية  التي روت ارض مصر سجلت صفحة ناصعة في تاريخ الثورة للشعب المصري كما وضعت وصمة عار وشهادة رفض لنظام لم يحزن عليه كثيرون حتى من بعض المستفيدين منه. وقد يكون تسمية الميدان باسم الشهداء استمرارا تاريخيا للثورة والميدان.

توالت أيام الغضب بتصاعد أعداد المشاركين فيها، من الآلاف إلى المليون وما بعده، والى الملايين في الغضب والانتفاضة الشعبية العارمة، في ميدان التحرير وميادين الحرية في اغلب المدن المصرية، وحتى خارج مصر أمام السفارات والقناصل المصرية. فكانت لوحة جديدة وشهادة أخرى لثورة شعبية سلمية جديدة. ألهمت الشوارع والميادين العربية خصوصا الأخرى وسيتسارع فيها الأمل والعمل للتغيير والثورة.

لقد تأكدت السلطات الحاكمة في مصر أنها غير قادرة على الاستمرار بالحكم بالأساليب القديمة وأنها أستخدمت كل أساليب الدكتاتورية الدموية والتقنية، وبالترغيب والترهيب، وأوغلت فيها.

وفي الوقت نفسه لم يعد الشعب قادرا هو الآخر على التكيف مع هذه الممارسات التعسفية القاسية وقبول الأوضاع المتردية على جميع الأصعدة، وطبيعي هذا الوضع ينتج الانفجار والاحتجاج والانتفاض، وهذا ما فهمه الشباب أولا مبادرا بطريقته وأسلوبه وممارسته، عبر التقنيات الحديثة وروح الشباب التمردية الثورية المقدامة وإدارة الصراع مع السلطات الإرهابية بالصبر والمواجهة السلمية المستمرة والاستمرار بالإرادة والعزيمة المستمدة من التاريخ الكفاحي للشعب المصري ومن النضال الوطني الذي أمدهم بما قاموا ويقومون به اليوم. وكان ماركس قد قال جملته الشهيرة عن الانتفاضات التي اجتاحت أوروبا في زمنه: " علينا أن نعلن للحكومات: إننا نعرف أنكم قوة مسلحة، موجهة ضد البروليتاريين، ولسوف نواجهكم بصورة سلمية حيث يبدو ذلك ممكنا بالنسبة إلينا، وبالسلاح عندما يكون ذلك ضروريا...". وتفسير كلام ماركس اليوم تجدد وتطور في ميدان التحرير بما ناسب موازين القوى وصراع الإرادات والشرعيات والقدرات على الأرض وفي الواقع العملي لسير العملية الثورية الراهنة. وهذه مسؤولية كبيرة وخطيرة ليست على شباب الثورة فقط، وتأثيرها يمتد على مصير شعوب المنطقة كلها.

 

كاظم الموسوي

www.kadhimmousawi.blogspot.com

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا