<%@ Language=JavaScript %> كاظم الموسوي صراع الإرادات في المشهد السياسي العربي
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

صراع الإرادات في المشهد السياسي العربي

 

 

د. كاظم الموسوي

 

انتصرت الثورة الشعبية في تونس ومصر، في خطوتها الأولى الرئيسية، متقدمة ومقدمة نموذجها إلى العالم العربي أساسا، والى دهشة العالم بالتتابع، مشعلة وهجها ونيرانها في هشيم النظم في عدد من البلدان العربية، مستمرة ومتصاعدة في بعضها، وتتواصل متموجة في بلدان ثالثة بينما قمعت أو تعرضت للقمع في بلدان رابعة، وظلت مثل الجمر تحت الرماد في بلدان اخرى. هذه الحالات والأوضاع في كل بلد عربي تؤشر إلى الخصوصيات المحلية وتمايزها العام عن غيرها بحكم ظروفها وطبيعتها أو ما يحيط بها من شروط تعمل في تطوراتها وتأثيراتها أو تأثرها في نتائج الانتصار في تونس ومصر. حيث ان المشهد السياسي بها يرسم صورا متفاوتة لصراع الإرادات في كل بلد أو في المشهد العربي العام.

هروب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي إلى جدة السعودية وتنحي الرئيس المصري حسني مبارك عن السلطة وهروبه إلى شرم الشيخ المصرية، أعطيا مثالا ناجحا لانتصار غضب الشعب العربي قي بلديهما وإجبارهما على تنفيذ القرار الحاسم والعلاج الشافي لهما ولبلديهما، مع الأخذ بنظر الاعتبار موقف المؤسسة العسكرية في هذين البلدين ودورها في النهاية المحتومة للرئيسين المخلوعين، ولكنهما بديهيا وضعا تحديات صعبة أمام قراري الرئيسين اليمني علي عبد الله صالح، والليبي معمر القذافي، اللذين اشتعلت الثورة الشعبية في بلديهما بقوة ومازالت في تصاعد، مع تطورات كل منهما وتسابق الأخطار عليهما والمناورات فيهما، وبالتأكيد أصبح وضعهما مؤثرا سلبا على مسيرة الثورات العربية وقد يكون قد عرقلها أو يضطرها إلى دفع ثمن أكبر، من الدم والمال والمصالح، وقد يعطي للأعداء من الاستعماريين الامبرياليين وإتباعهم ما يسربهم في التآمر على أفاقها المنتظرة في العالم العربي.

كما ان ما يعتري الثورات العربية الآن من تموجات في صعود الاحتجاجات الشعبية وتناميها الأفقي والعمودي يسهم بشكل أو بأخر في غيرها من البلدان، من المغرب إلى البحرين. هذا الانتصار وهذه الخطوة الأولى لانتصار الثورات التي كشفت ما كان مخفيا ومستترا ومؤيدا بالكامل من الاستعمار الامبريالي ومدافعا عنه منها دفعت الحكام والاستعمار إلى إعادة النظر والتفنن في معالجتها، لاسيما في البلدان التي طالب الشعب فيها برحيل الحكام والتغيير ومحاكمتهم وبناء دولة جديدة، مدنية ديمقراطية، تحترم إرادة الشعب وكرامته، وتعيد لمؤسساته النزاهة وتخلصها من الديكتاتورية والتسلط الأعمى والفساد والخراب والاضطهاد والقمع والجوع والتعذيب.

في ضوء ذلك يشهد المشهد السياسي العربي صراعا حادا بين الإرادات القائمة فيه، بين الإرادات الشعبية والحكام الديكتاتوريين، أو الرافضين لعمليات الإصلاح والتغيير السلمي والواجب عمله بعد وضوح الصورة وتبين الأمور إلى الدرجة التي لا يمكن الصمت عليها أو التردد في اتخاذ القرارات الصحيحة والصائبة بشأنها، وتخليص الشعوب والبلدان من كوارث الدم والحرمان والحروب الأهلية، أو إعادة الاستعمار المباشر بقواته وطائراته وقصفه تحت الذرائع نفسها: حماية المدنيين وإنقاذ الشعوب من مستبديها، وجلب الحرية والديمقراطية لها. وبينت الوقائع بان الحكام الطغاة استفادوا هم أيضا مثلما الشعوب من تجارب الثورات وعملوا بكل ما بوسعهم من وسائل وإمكانات إلى الاستفادة منها لصالح واستمرار بقائهم بالأساليب القديمة التي عهدوا بها وكأن ما حصل لم يؤثر عليهم أو يغير فيهم شيئا. وعلى الضد منها تشير المتغيرات إلى صراع آخر بين الإرادات الشعبية والتهديدات الغربية بالتدخل العلني وقيادة الثورات المضادة وتمرير المخططات الاستعمارية من جديد، وممارسة شتى الوسائل في الضغوط والتحريك والدعم لكل الأساليب والأشكال التي تخدمها أو تقدم لها العون وتعوض عن تدخلها المباشر بتوفير أرضية ملائمة لها أو خدمات معلنة. وهي خائفة من التحولات الثورية وتطوراتها عليها وعلى استراتيجياتها في المنطقة كلها فتحاول ساعية بكل جهودها إلى التدخل والعرقلة وحتى الإجهاض. كما يمكن القول بذريعة الحفاظ على السلطة وإخفاء فضائح الاستبداد والاستغلال ظهور صراع إرادات بين الحكام مع الحكومات الغربية الداعمة لهم أو الساكتة عن تجاوزاتهم وانتهاكاتهم الصارخة للشعارات التي تدعيها ومشاريعها الاستعمارية الامبريالية، وخشية التحرك الآن لتغييرهم ورفض استمرارهم ونبذ تعهداتها معهم والإشارة لهم بالنموذجين العربيين.

بلا شك لن تتخلى القوى الاستعمارية الامبريالية عن وسائلها المعروفة في تفتيت الانتصارات وتشويه الخيارات ومحاولات ضرب الإرادات الشعبية في دعم حكام ضد شعوب أو بإثارة إشكاليات طائفية واثنية وتمزيق الشعوب بحروب داخلية وإشغالها بها وإنهاء ثوراتها وغضبها في متاهات الصراعات الجانبية وتفريط طاقاتها بها، وهي طرق اخرى لإعادة الهيمنة والقرار عليها وفيها، لاسيما في بلدان الثروات الطبيعية الكبيرة. أو التهديد بعصا الناتو وقرارات مجلس الأمن وكشف الأوراق التي تسترت عليها في أزمان سابقة لمصالحها وإعادة تحريكها للاستثمار فيها على حساب الإرادات الشعبية والثورات العربية وإعادتها إلى الوراء بدلا من تقدمها وتطور آلياتها إلى ما يصبو إليه الشعب وخياراته الوطنية.

صراعات الإرادات في المشهد السياسي العربي الآن تدعو إلى يقظة وصراحة وإخلاص وانتباه دائم من تلك المخططات والمشاريع المعادية لتطلعات الشعوب العربية، وتحث على الاستمرار بالاحتجاجات والثورات السلمية للتغيير والتطور نحو الآمال المنشودة.

 

كاظم الموسوي

kalm2011@live.co.uk

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا