<%@ Language=JavaScript %> كاظم الموسوي الانسحاب البريطاني إعلان بروفة أم هزيمة معلنة؟
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

الانسحاب البريطاني إعلان بروفة أم هزيمة معلنة؟

 

كاظم الموسوي

 

انسحبت القوات البريطانية المتبقية في العراق (يوم 22/5/2011) دون باقات ورد وحفلات رقص وابتهاجات توديع واستقبال وذبح خراف وموائد تكريم، (كما هو معهود في قصور الحكم العربي)، وكاميرات فضائيات ومراسلين بمختلف اللغات وغيرها من وسائل الاحتفال والاحتفاء، لما قامت به وما أدته من مهام كبيرة حجما وتأثيرا وواقعا، سواء بالمشاركة في الاحتلال أو التدريب أو الانتهاكات، من حكومتها البريطانية أو الراحلة عنها، العراقية. هل هو خجل أم تحوط أم اعتراف مبطن بالجريمة التي ارتكبت ومحاولات تغطيتها بالانسحاب كوسيلة للتهرب من تبعات المسؤولية التي لا تنتهي ولا تتقادم؟!.

غادرت القوات البريطانية رسميا ارض العراق، إلى أين؟ سؤال آخر يشرح خطط الامبريالية البريطانية وحليفتها الأمريكية، في الانتشار والتوزيع لقواتها في المنطقة، ولتبقى الأمريكية وحيدة في احتلال العراق حتى انتهاء مدتها حسب الاتفاقية العراقية الأمريكية. فهل الانسحاب البريطاني بروفة سابقة للقوات الأمريكية لما هو مقرر سلفا في الاتفاقيات المبرمة والمقرر في نهاية العام؟. وفي كل الأحوال كما عبرت وسائل إعلام بريطانية عن الانسحاب الأول قبل اشهر بأنه هزيمة معلنة، فان ما حصل لا يعفي من تبعاته ويشير إليه بكل معانيه، فليست المغادرة حسب الرغبة أو الأمنية لمن أرسلها أو وضعها في موقعها الذي وجدت نفسها فيه. لقد تقاسمت القوات البريطانية مع غيرها من المتحالفين في جريمة غزو العراق، احتلال جنوب العراق،  والاستيلاء على منابع النفط فيه، والسيطرة على محافظاته وحدوده الجنوبية والشرقية لمواجهة إيران وشواطئها وما بعدها. كما أنها قامت بمهماتها بصورة كاملة حسب المخططات الموضوعة لها، وحاولت التدخل في العلاقات الدولية بين الجيران والمياه والحدود وغيرها (تذكروا الزورق البريطاني الذي اخترق المياه الدولية الإيرانية وقبض عليه!).

رغم تناقضات كل عاصمة، لندن وبغداد وواشنطن، وأساليب تعاملها مع الحدث، ورغم "إحراج" كل طرف من نتائج ما حصل وما وصلت إليه اخيرا بين الوعود والمنجز، بين الشعارات والوقائع، فان كل عاصمة تجهز خططا أخرى لمهمتها، من تغيير في أشكال الاحتلال إلى العمل على استمرارية الهيمنة والضغوط والنفوذ. متحدث باسم وزارة الحرب البريطانية أكد ان "فريقا دبلوماسيا سيبقى هناك لكن التواجد العسكري انتهى".. ما يعني هذا؟ ولماذا التنكر للغزو والخراب الذي سببته القوات أو تواجدها كما يحلو لهم تسميته، تواجد عسكري يرتكب انتهاكات قانونية وأخلاقية ويمارس أبشع ما في تاريخ الاحتلال العسكري من جرائم حرب وعدوان وارتكابات ضد حقوق الإنسان. وأشار إلى مواصلة بلاده دعم برنامج التدريب الذي يؤمنه حلف (الناتو) وتدريب عسكريين عراقيين في الأكاديمية العسكرية الملكية في ساندهورست في بريطانيا. وأشارت وكالات الأنباء إلى ان حوالي 120 ألف جندي بريطاني شارك في احتلال العراق حتى عام 2009، وأعلن عن مقتل 179 عسكريا رسميا فقط، (هل هذا هو الرقم الصحيح؟) ولم يذكر عدد الجرحى والمعاقين والمشوهين والمرضى!!. وقام العديد من الجنود بفضح ممارسات وحداتهم العسكرية المنافية لقواعد الاشتباك والحرب، كما باع العديد من الجنود البريطانيين الأوسمة التي منحتها لهم حكومتهم بسبب مشاركتهم في الاحتلال العسكري للعراق في محلات المزاد العلني تهكما وتخليا من المسؤولية. و حفل سجل الاحتلال العسكري البريطاني في العراق بجرائم حرب، من بينها تعذيب وقتل متعمد، خصوصا خلال الفترة الممتدة بين آذار/مارس 2003 وكانون الأول/ديسمبر 2008. وثقت هذه الجرائم بالصورة والصوت والاسماء، في افلام فيديو  وعرضتها محاكم بريطانية معززة بشهادات عن التعذيب في مراكز اعتقال بريطانية داخل العراق، شهدت بان مواطنين عراقيين اعتقلوا وارغموا على خلع ملابسهم والبقاء عراة بسبب عدم تعاونهم أو تعرضوا لانتهاكات صارخة أخرى. وأشارت شهادات أخرى إلى الحرمان من المياه والطعام ومن النوم وإخضاعهم لعمليات إعدام صورية. كما نشرت وسائل الإعلام البريطانية مثل الغارديان والاندبندنت وحتى البي بي سي  تقارير ميدانية حول ضلوع جنود بريطانيين بعمليات تخريب وإرهاب وتوزيع متفجرات وأسلحة ممنوعة وعمليات قذرة أخرى، أو تقارير روسية دللت على دور الاستخبارات البريطانية في الوقوف وراء تفجير كنائس من أجل "شيطنة" صورة الإسلام والتعايش بين مكونات الشعب العراقي..

هذه الجرائم لا تضيع مع نهاية "المهمة" البريطانية في العراق، التي جاءت قبل اشهر قليلة من الانسحاب المقرر لما تبقى من القوات الأميركية. رغم محاولات الإدارة الأمريكية والمتسللين من المسؤولين الأمريكيين لبغداد تمديد تلك الفترة وإبقاء أعداد من القوات العسكرية إضافة إلى المرتزقة وموظفي الأجهزة والسفارة الأكبر في العالم، ورغم الهزيمة وارتفاع وتيرة أعمال العنف في بغداد ومناطق أخرى من العراق في الأسابيع الأخيرة.

لا يمكن ان تنسى صور الاحتلال والجرائم والانتهاكات، وتتطلب الإصرار على محاكمتها، وتطبيق العدالة الإنسانية وإعادة الاعتبار للقانون الدولي والسيادة والاستقلال للدول الأعضاء في الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية. ولعل الانسحاب الأخير للقوات البريطانية العسكرية من العراق يعطي الدروس لغيره من قوات الاحتلال، ليس في العراق وحسب، وإنما درس لغيره من قد يتعرض لغزو واحتلال.

 

كاظم الموسوي

03.06.2011

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا