<%@ Language=JavaScript %> كاظم الموسوي الثورات العربية والتحديات القائمة..!
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

الثورات العربية والتحديات القائمة..!

 

كاظم الموسوي

 

تواجه الثورات العربية الشعبية الجديدة تحديات قائمة، يمكن تقسيمها إلى تحديات البناء، وتحديات المواجهة، إستراتيجية ومرحلية، جديدة وقديمة. وفي كل الأحوال تكون الثورات أمام ظروف صعبة ومعقدة وهي تخوض غمار التحولات والتغيير. فالثورة تغيير متواصل لكل ما في العهد السابق لها، بمستوياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها داخليا، مما يحولها إلى عملية متواصلة ومتقاطعة مع قديمها على جميع هذه الأصعدة. وبديهي تتحداها قوى كثيرة، من العهد السابق ومن القوى التي انحنت أمامها مؤقتا بانتظار الالتفاف عليها، ومن القوى المشاركة في الثورات نفسها، ومن الأعداء الخارجيين. وتتباين تأثيرات كل تحد بموازينه وفعله على الأرض.

هذا أمر طبيعي لأنها أولا ثورات شعبية، وثانيا لها سمات جديدة في صفحات التاريخ العملي للثورات، وثالثا لأنها عفوية ومن اجل الشعب ولخدمة مصالحه وقام بها الشعب بكل قطاعاته وأجياله وتياراته، مع غلبة الأجيال الشابة الفقيرة والمتوسطة، العمالية والجامعية عليها. وقد يكون أول التحديدات اسم  أو مفهوم الثورة نفسه، بعد ان ابعد خارج التاريخ العربي، واستخدمت مسميات كثيرة لا تقترب منه. وتأتي بعدها التحديات الأخرى. الاستمرارية في التغيير والتحول فيها من فعل الاحتجاج  والانتفاضة إلى الثورة. وهذا يتطلب عمليا الحسم في التنظيم والتخطيط والاتجاهات والعمل المشترك ومهمات البرنامج الثوري لها، في الأوليات والأولويات ويلعب فيها عامل الزمن كثيرا. وواقع الثورة يتطلب التغيير الفعلي ليس في الأسماء والوجوه فقط وإنما في الآليات والأدوات بمعناها السياسي أولا وعلى مختلف الصعد ثانيا.

ولأنها لم تنجز كما حصل في الثورات الكلاسيكية، كامل دورها وإنما تمت ببقاء جسم النظام بعد التخلص من رأسه في تونس ومصر، مثلا، فان الخطر يبقى كبيرا من أعضاء الجسم، كفلول له، ومما اصطلح على قسم كبير منه عربيا في مختلف الثورات بالبلطجية. وهنا تتصارع القوى على المكشوف أو في الخفاء، أو في الحالين معا، مع سلمية الاندلاع والانجاز، وينتصر من يمسك بزمام الأمور ويغلب في موازين القوة في العملية الثورية. وبحكم ان المؤسسة العسكرية في تونس ومصر انحازت بشكل ما إلى الثورة والشعب، إلا ان اغلب قياداتها لم تحسم أمورها بقناعاتها الشخصية، وقد تؤثر عليها قوى خارجية أيضا، وتدفعها إلى الارتداد أو تحرفها مما يجعل منها خطورة حقيقية وتحد كبير، وتأتي المخاوف هنا بحكم إغراءات السلطة وإمكانيات المؤسسة العسكرية والتجارب السابقة التي حصلت في العالم العربي سابقا في التشبث بالسلطة والانقلاب على الثورة الشعبية ومكاسبها وما حققته بتضحياتها. هذا تحد خطير مبكر أمام أية ثورة مما يبقي الحذر واجبا والتفكير في حماية الثورة ومكتسباتها مطلوبا.

كما تشكل الصراعات بين التيارات والاتجاهات التي تحملت مسيرة التغيير وناضلت في صفوف الثورة تحديا كبيرا، إذا لم تستوعب دروس الثورة وتتعاون فيما بينها وتتحمل بشرف نجاح المسيرة وتعمل سوية على بناء دولة مدنية ديمقراطية جديدة فعلا، دون استئثار أو تفرد أو محاولات هيمنة عليها وارتداد بها عن أهدافها الرئيسية التي دفعت بشباب الثورات ان تضحي بدماء زكية ثمنا للحرية والديمقراطية والعدالة والتغيير. وهو تحد يعرف قديما، في القول القائل: الثورة تأكل أبناءها. الأمر الذي ينبغي ان يكون واضحا أمام الجميع، من شارك بالثورة أو ساهم بتحقيقها أو انتمى إليها، بعد نجاح الثورة في تونس ومصر خصوصا، واستمرارا للثورات المشتعلة الآن في غيرهما من البلدان، ان يضع أمامه طبيعة الثورة والمهمات الإستراتيجية لها قبل كل اعتبار آخر، فئوي أو إيديولوجي أو بأبعاد ضيقة وقصر نظر ونسيان أهمية المنجز وآفاقه ومصير الثورة والشعب أيضا.

يتلو ذلك النظر في حل التحديات الإستراتيجية في البناء، ومن أبرزها إشاعة مفاهيم الثورة والتقدم والتطوير، في تثوير قضايا الثقافة الوطنية وقيم التعليم التربوية والمشاركة الجماهيرية وتمكين المرأة فيها والتخلص من سياسات  التخلف والفردية والأنانية وما يرجع عجلة الثورة عن التطور والتجديد. وهذه لها أبعاد مختلفة تعتمد على سبل تنفيذها والإبداع فيها. وتبرز فيها السياسات الجديدة المتبعة في التعامل مع الإرث السابق ومكوناته البشرية خصوصا. والانتباه إلى إنسانية الثورة والتغير السلمي وقيم الكرامة والحس الوطني. وتقديم نموذج فعلي، بتحكيم العقل والمنطق الإنساني والتركيز على المكتسبات والنهوض الثوري بها والابتعاد عن روح الانتقام والاستئصال والاحتكار وإعادة إنتاج السيناريوهات السوداء للدكتاتوريات السابقة أو استنساخ العنف والاستبداد والفوضى.

من بين ابرز التحديات أيضا صناعة الحلول المناسبة والعملية للإشكاليات والقضايا الأساسية التي لعبت الأنظمة والسلطات الديكتاتورية عليها، فيما يتعلق بالوحدة الوطنية ومشاريع الفتنة والتفرقة، والعمل على إشاعة روح المواطنة والمساواة وتطوير عجلة التنمية المستدامة والحكم الرشيد وتعميق منجزات الثورة الوطنية الديمقراطية ومهماتها الكفاحية. واستخلاص الدروس والعبر والتجديد في معالجاتها. ولعل ما حدث في تونس ومصر إلى الآن من خطوات صحيحة في تطهير الحكم واحترام الحياة الحزبية والنقابية وبناء مؤسسات جديدة للأمن والعمل الوطني، عبرة ودرسا آخر إلى غيرها من الثورات والتحولات التي يتوجب ان تتواصل وتستمر كتحديات مستقبلية إستراتيجية للعالم العربي . هذه جزء من تحديات كثيرة، داخلية وخارجية، تثير مخاوف فعلية من الانقضاض على الثورات الشعبية وتشويه مساراتها التنويرية والحضارية التي مارستها ويؤمل تطويرها عربيا.

 

كاظم الموسوي

k_almousawi@hotmail.com

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا