%@ Language=JavaScript %>
|
لا للأحتلال |
|
---|
كلمات القلب وعثرات اللسان..
د.كاظم الموسوي
"الكلمة اذا خرجت من القلب وقعت في القلب، واذا خرجت من اللسان لم تتجاوز الآذان"
الامام علي بن ابي طالب
لم يكن في حساباتي الاحتفال بعيد الحزب باعادة صفحات من تاريخه لا تسر السامع ولا تغني الطامع، انشقاقات وصراعات جانبية سداها قلة الوعي ولحمتها تضخم الذات وحب الزعامات الهوائية. فاعترضت على قراءتها باللغة العربية وطلبت ان نواصل ما كتبته من اشارات منتقاة بايجاز من تاريخ الحزب والتاكيد على مهماته الراهنة وحث الرفاق والانصار الى استلهام المثل النضالية العالية للشهداء والصور الانسانية من حياة قياداته التي وقفت على اعواد المشانق غير هيابة بالموت او صمدت في السجون وجادت باقصى غاية الجود في سبيل وطن حر وشعب سعيد.
كانت هذه القضية مفتاح المعركة واشارة الهجوم علي. حين سافر الرفيق المسؤول الى القيادة لحضور اجتماعاتها طلبت منه طرح الموضوع هناك ونقل رأيي فيه. لا أعرف طبعا ما جرى ويجري هناك، ولكني عرفت ان هناك آراءا مشابهة لموقفي واخرى متشددة اكثر مني ضد ما عمله صاحبنا في ادارته الاولى للاذاعة، كما تبين فيما بعد بتغيير المسئولية منه الى رفيق جديد عربي يحسبونه من الصقور في اللجنة المركزية، كما تناقلت الاخبار عنه قبل وصوله الينا كالعادة المعروفة هناك، ولم تكن له خبرة اعلامية مهنية بالممارسة، ولكن ما دام عضوا قياديا فهو قادر على تحمل اية مسئولية وفي أي مجال او اختصاص، هذه مواصفات "اولية" محسومة لكل من في القيادة ولذلك سفينتها تبحر دائما وابدا نحو شواطئ الامان بامتياز. وقد عاد من الخارج توا وكلف بهذه المسئولية من المكتب السياسي للحزب المقيم في عاصمة عربية مجاورة، وقريبة كي يظل على قرب واطلاع على تحركات الشارع وامواجه الهادرة وقيادتها المباشرة من هناك، طبعا.
جاءنا الرفيق الجديد مع صديق شاعر عربي ايضا ومجموعة جديدة من الفنيين والحراس الجدد لفصيلنا الاذاعي او مدفعيتنا المتقدمة على الحدود العراقية الايرانية.
استبشرنا بهم واولمناهم غذاء الضيوف الاعزاء، البيض والبصل والقهوة سريعة الذوبان، وبعد استراحتهم تنكبنا عدة العمل لبرامج جديدة وافكار متنوعة. حيث بدأ المسئول الجديد كتابة افتتاحيات البث، ونحن توزعنا البرامج المختصة اضافة الى مساهمات في التعليق او الافتتاحيات، بينما تولى الرفاق في القسم الكردي ترجمة واعداد البرامج اليومية حسب تصوراتهم ونشاطهم. مرت ايام رتيبة تخللتها روح دعابات بين الضيوف/الرفاق الجدد، خاصة بين الشاعر والمسئول الاعلامي والحزبي، تطورت الى مزاح ثقيل بينهما ونكات مكشوفة لم نعهد تناولها في ايامنا السابقة. لم نتكيف مع الاجواء الجديدة بشكل كامل، ولم نرض بما يجري ولكن لا بدائل اخرى في قمة جبل اجرد على الحدود الوطنية.
في يوم الجمعة القادم سيصلنا ضيوف جدد من فصائل مدينة السليمانية في طريق نزولهم من فصائل القيادة القريبة من المثلث الحدودي، العراقي التركي الايراني وباتجاه الداخل. مسئول المجموعة صديق من كوادر القيادات الطلابية ايام الدراسة الجامعية، وتقدم في العمل الحزبي ليقود منظمات محافظات الوسط، ويصبح مثل ذلك في منظمات الخارج، حين التقيته في فصائل القيادة قبل فترة شكى للرفيق المسئول ولي عن الاهمال الذي ووجه به بادىء ذي بدء بحجة عدم وصول رسالة ترحيله من قيادة الخارج قبل وصوله وشعر وكأنه ضيف ثقيل او بعير اجرب في قافلة الانصار، هو ورفيقه الاخر، نائب مسئول منظمة الحزب في لبنان والمكلف بقيادة تدريب الانصار عند الفصائل الفلسطينية، حينها.
يوم الجمعة صباحا: يوم مشمس، نهضنا مبكرين لاستقبال الرفاق وتحضير وجبة طعام دسمة لهم، وما ان بدانا التهيؤ بعد ان وصلت قافلتهم سمعنا صوت طائرة، اسرعنا الى اخفاء ما يمكن اخفاؤه والانتشار الى الاعلى تحت الشجيرات المتناثرة او نتوءات الصخور البارزة. لا اعرف مَن ِمن الرفاق مَن نادى بصوت مسموع بانها طائرة ايرانية لا تخشوا منها فهم يعرفوننا، وقبل ان ينهي نداءه، او مع اخر كلماته، شق الاسماع صوت انفجار حاد في الجانب الاخر من الجبل. هناك عند سفح الجبل قرب طريق الوادي الى القرية القريبة منا بيت راعي اغنام كردي مع عائلته، ويبدو ان الطيار تصور او صور له او هكذا نقلت له اشارات الهجوم، بانه مقر الفصيل والقادة فاهداه صاروخا او قنبلة، اشارة تحية او تحذير او انذار او سهوا دون قصد والله اعلم.
المهم هذا نذير شؤم اول، لم نكمل الحديث واللقاء فلا بد من مغادرتهم فورا قبل وقوع الاسوأ عليهم، ونحن سنتدارس الامر ونتشاور مع القيادة هناك، وخاصة المكتب العسكري في شأننا.
نزلت والاخ شاخوان معهم الى الوادي لتوديعهم والمرور على القرية ايضا لشراء بعض الحاجيات ومنها العسل، وعلب التبغ لشاخوان وبعض الرفاق، عرفنا ان محصلة القصف هي مقتل بعض رؤوس الاغنام وخدوش بسيطة بكتف المراة العجوز من شظايا احجار متطايرة من اثر انفجار الصاروخ/ الهدية.
في القرية تحدث شاخوان مع اكثر من مواطن يجلس في الدكاكين او المارة، ونقل لي عنهم انهم يعرفون هويتنا السياسية باننا شيوعيون وان مقر الاذاعة هو المقصود بهذا الهجوم الصاروخي من قبل الطائرة المغيرة وذكروا انها طائرة عراقية وليست ايرانية. عدنا بالاخبار والمؤونة وفكرة الرحيل قبل فوات الاوان.
" قال صاحبي بعد ان سمع الاخبار ومعرفة اهل القرية البسطاء بهوية هؤلاء الضحايا الاشاوس القادمين من كل فج عميق الى هذه القمم الباسقة الفارغة والتي تقول (للاعداء) ونحن في حالة حرب معهم، ها نحن نتحداكم هنا، فتعالوا اقصفونا او سنواصل قصفكم باسلحتنا، وانتم لا تعرفوننا، لان السيد المسئول خبير عسكري وسياسي وجيولوجي او عليم بكل شيء، حتى بتلافيف ادمغتكم، ولهذا اختار المكان وعليكم الجهل به ارضاء لقيادته الميمونة. قال صاحبي بعد كل ذلك: هل يصلح مثل هذا لمثل هكذا قيادة، ام ان الحال هكذا ولهذا وصلنا الى هنا وعلى الارض السلام…".
د.كاظم الموسوي
* فصل من كتاب بشت شان.. فصيل الاعلام، يوميات نصير في كردستان العراق، صدر عن دار خطوات - دمشق.
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا |
|
---|