<%@ Language=JavaScript %> كاظم الموسوي العراق: تحذير أمريكي وطمأنة بايدن
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                          مقالة للكاتب د. كاظم الموسوي       

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 إبحث في صوت اليسار العراقي

 

 

 

 

العراق: تحذير أمريكي وطمأنة بايدن

 

 

د. كاظم الموسوي

 

حين يتسلل جوزيف بايدن، نائب الرئيس الأمريكي ومسؤول الملف العراقي في البيت الأبيض، إلى بغداد، يعني أن ثمة مشاكل معقدة في سير العملية السياسية الأمريكية في العراق، تدفعه إلى الحضور الشخصي وإجراء المفاوضات واللقاءات الماروثونية بين الجهات العراقية لحلحلتها ووضع السيناريوهات الملائمة لها على مختلف الصعد، وأهمها طبعا ما يخدم المصالح الأمريكية. ولعل ابرز المشاكل الدائمة هو الوجود العسكري الأمريكي على الأرض العراقية واتفاقية صوفا وتحديد موعد الانسحاب الكامل عسكريا من العراق نهاية العام. وهذه القضايا لا تحل بالتصريحات والطاولات المفتوحة فقط وإنما تعد لها دراسات ولجان وسيناريوهات متعددة وصولا إلى إيجاد ما ييسر تحريكها وتوفير ظروف ملائمة لقوى الاحتلال الأمريكي من استبدال تسمياتها وطرق وأساليب استعمارها. وفي كل الحالات تؤشر هذه العمليات إلى إن استقلال العراق أمر بعيد حاليا إذا ظل في هذا الماراثون السياسي والتهديدات بعواقب اخطر.

في خطابه في بغداد عند استبدال قيادات قوات الاحتلال قال بايدن: لقد انتهت عملية "حرية العراق". ولكن المشاركة الأميركية مع العراق سوف تستمر مع بدء تنفيذ المهمة الجديدة هذا اليوم – وهي عملية "الفجر الجديد". وكما يوحي به الاسم، لا يشير هذا الاحتفال إلى تغيير في القيادة فحسب، بل وإلى بدء فصل مختلف في علاقتنا مع العراق. فقواتنا المتبقية – ويمكنني أن أضيف، المستعدة للقتال إذا دعت الحاجة، مثل كل قواتنا العسكرية – ستقدم المشورة والمساعدة إلى القوات العراقية، وستساند العمليات المشتركة في مكافحة الإرهاب وستحمي موظفينا العسكريين والمدنيين، كما بنيتنا التحتية. كما إننا نزيد جهودنا المدنية والدبلوماسية لتعزيز سيادة العراق، واستقراره واعتماده على الذات في نفس الوقت الذي نعمل فيه على تخفيض أعداد قواتنا المقاتلة فيه." هذه الأقوال التي أطلقها بايدن أمام قوات الاحتلال في بغداد تتواصل في طرق أخرى بالإشادة بالاحتلال وانتهاك سيادة العراق واستقلاله، لاسيما ما تنشره وسائل الإعلام من مخططات تعدها الإدارة الأمريكية للالتفاف على الاتفاقيات المبرمة والعلنية طبعا والعمل على وضع اتفاقيات سرية بعدها بطرق شتى. فما قاله قبل التسلل الأخير ومقاله المنشور باسمه  في الصحافة وتسميته للمهمات الجديدة التي تريد الإدارة الأمريكية القيام بها في العراق يوضح أن سياسة الاحتلال لا تتغير في جوهرها الفعلي وربما في تسمياتها والتصريحات العلنية فقط، وهي الحقيقة والدرس التاريخي في تاريخ الاستعمار العالمي.

ففي الوقت الذي يحذر مركز دراسات أمريكي العراق من أخطار كبيرة يطمئن بايدن الحكومة العراقية لاستمرار خطط الإدارة الأمريكية في الاتفاقيات ومسمياتها والتواجد العسكري والمدني المستمر في العراق. كانت تقارير الصحف الأمريكية مع موعد التسلل إلى العراق وأثنائه التي أعيد نشرها وأعلنتها اغلب وسائل الإعلام الناطقة بالعربية تشير إلى الوقائع الغائبة لو فككت مفرداتها وجرى تحليلها موضوعيا. فصحيفة واشنطن تايمز () في تقرير عنوانه "بايدن يطمئن العراق" قد ذكرت: أن نائب الرئيس بايدن قال إن على الولايات المتحدة أن تتأكد من استقرار وديمقراطية العراق اللتين يجب أن تكونا قويتين بما يكفي لأن "يجعل العراق مستحقا للتضحيات التي قدمها الجيش الأميركي"(وماذا عن ضحايا الشعب العراقي؟) طوال ثماني سنوات من الحرب. وتضيف الصحيفة أن بايدن قال إن الولايات المتحدة "ستستمر بتدريب وتجهيز القوات العراقية بعد عام 2011" وتكشف أن ملاحظات بايدن "تسلط الضوء على الحيرة المستمرة حول ما إذا كانت كل القوات الأميركية ستعود للوطن نهاية العام الحالي وفقا للاتفاقية بين الدولتين". وتعيد الصحيفة وتذكر: انه وعلى أية حال فان "رئيس الأركان العراقي بابكر زيباري" (!) قال إن القوات الأميركية يجب عليها البقاء في العراق لغاية 2020 لحين تمكن القوات العراقية من الدفاع عن حدودها. وبينما تركز صحيفة واشنطن بوست في تقرير من بغداد أن المالكي وبايدن أكدا الالتزام بانسحاب القوات في الموعد المحدد. وتقول الصحيفة إن محادثات الزعيمين ركزت على العلاقة العراقية الأميركية والحاجة لصياغة "شراكة إستراتيجية" طويلة المدى وفقا لما قاله علي الدباغ الناطق بلسان الحكومة العراقية الذي أضاف أن أيا من الزعيمين لم يطرح احتمال بقاء إي نوع من القوات بعد الموعد النهائي. لكن الصحيفة تقول إن القادة العسكريين العراقيين "يفضلون على الأقل نوعا من التواجد العسكري الأميركي الدائم، فيما يقول القادة الاميركان أن القوات الأمنية العراقية ستحتاج إلى المساعدة والتدريب والتموين في السنوات اللاحقة". فهل بعد كل هذه الكلمات الواضحة يمكن الحديث عن عراق مستقل وحر وديمقراطي وكل هذا التدخل الأمريكي؟. ولكن لابد من الإشارة هنا إلى الجهود والأموال التي يوظفها المحتل في تسيير مؤسسات إعلامية وأفراد داخل وخارج العراق للحديث عنه وتبرير وتفسير المتغيرات الإستراتيجية في الحاجة إليه، وحتى، إذا اقتضى الأمر تبرير الجرائم المرتكبة في التفجيرات والمفخخات التي تقوم بها عصابات مدربة وتحت إشراف ومسؤولية قوات الاحتلال. وكي تزيد في التبرير ترى الصحيفة أن الجو السياسي في العراق تعقّد بعد انضمام التيار الصدري للحكومة العراقية والذي يقوده مقتدى الصدر المناوئ للاميركان، الذي عاد من منفاه الطوعي في إيران بعد قضائه أربع سنوات هناك. (هكذا ترى الصحف الأمريكية واقرأ أو انتبه للعديد من المقالات والصحف  الصادرة باللغة العربية التي كررت هذا القول وبهجوم سياسي وشخصي ولا يخلو من الحساسيات الأخرى). وتقول الصحيفة إن المسؤولين الاميركان يقولون إنهم "يبلورون الآن طرقا لتقديم المساعدات العسكرية من دون تواجد عسكري رسمي للقوات الأميركية عبر وزارة الخارجية التي ستلعب دورا في الإشراف على العدد الصغير من المدربين والمتعهدين الخاصين". وذكرت صحيفة نيويورك تايمز في تقريرها أن بايدن الذي يزور العراق للمرة السابعة "بوصفة رجل اوباما الخاص بالملف العراقي، أكد أن الولايات المتحدة ملتزمة بالاتفاقية القاضية بسحب كل القوات العراقية نهاية العام الجاري". ورغم هذه الزيارة فان العديد من القضايا الخاصة بالتشكيل الوزاري الجديد لاتزال عالقة ومنها تعيين وزراء للوزارات الأمنية الثلاث والتي جعلها المالكي تحت سيطرته المؤقتة. وكذلك الإخفاق في تعريف دور إياد علاوي المستقبلي ضمن الحكومة والذي كان المنافس الرئيسي للمالكي في الانتخابات. وتقول الصحيفة إن الاتفاق بين المالكي وعلاوي والذي أعقب اقتراحا قدمه بايدن بهذا الشأن بقوة سمح للمالكي بالبقاء في منصبه لكن رغم ذلك فان تركيبة المجلس وصلاحياته بقيت غير معروفة!.

ما سبق ذكره من التقارير الأمريكية ليس كلام صحف، وإنما تأكيدات وتلميحات لمهمات بايدن وخطط بلاده في الإبقاء على "وجود عسكري محدود"، إلى ما بعد العام 2011.

والمضحك إن بايدن قال للصحفيين حول الهدف من الزيارة "أنا هنا للاحتفال مع العراقيين بالتقدم الذي حققوه، لقد شكلوا حكومة وهذا شيء جيد". لكنه استدرك قائلا "ما يزال هناك عمل كثير". وهكذا مؤسسات أمريكية تحذر العراقيين من رفض الاحتلال وبايدن يطمئن من يريد ذلك في كلام معسول وفي احتفالات لم تُر علنا.

 

كاظم الموسوي

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا