<%@ Language=JavaScript %> كاظم الموسوي الديكتاتور عاريا..!
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

الديكتاتور عاريا..!

 

د. كاظم الموسوي

 

يسجل للثورات العربية الشعبية إنجاز تعرية الديكتاتوريات وعصاباتها ومافياتها، وفضح ثياب الديكتاتور الجديدة. لم يعد الديكتاتور العربي بعدها مستورا كما أوهم نفسه وعاش على الوهم عقودا متواصلة. عوراته بانت وأزيحت عنها الستر، وفاحت ريحه الفاسدة رغم كل بنائه لأجهزة الكبت والحرمان والقمع والاستبداد والإرهاب والسجون والتعذيب والفساد والرعب والتخويف والاضطهاد والإفقار والتجويع والتسلط. غطت بشاعتها على كل سنوات عهده. لا ندم ولا دموع تسكب على زمن رديء بكل معانيه. أما التضحيات الجسام فقد أتت بأُكلها الآن. أصبح الديكتاتور عاريا في عالمنا العربي. لا احد يريد السلطة كما نشر رسام كاريكاتير أجنبي وتلاعب بصور الحكام الذين اهتزت عروشهم وصرخ الشعب بوجوههم صرخته المدوية: الشعب يريد إسقاط النظام!. وباتت الأمور مكشوفة ولائحة الاتهام طويلة. قد لا يكفي ان أسماء الديكتاتور وعائلته وعصاباته مسجلة في القوائم وينادي بها منادي المحاكم والقضاء العادل والعدالة الوطنية والمستشارون القانونيون والمحامون المنصفون، النزيهون. اعتبرت وسائل الإعلام ان ما يجري في تونس ومصر إزاء رموز الديكتاتورية مشهدا سياسيا مهما في التاريخ للبلدين. ومثله تدق نواقيس التغيير في غير عاصمة عربية وأصبحت مؤشرا يخشاه الديكتاتور أول مرة في التاريخ العربي المعاصر.

إنها ساعة الحقيقة، ولابد من تعلم الدروس منها. والمطالبة بالمحاكم العادلة ضرورة، ليس للحكام فقط وإنما لمفهوم العدالة الذي غيبه الحكام ولحاضر الشعب ومستقبل العدالة الإنسانية، في العالم العربي خصوصا وعبرة لغيره من الحكام والدول. ولتكن المحاكمة نموذجا آخر أيضا للتغيير والثورات الشعبية السلمية. مثلما تستكمل صور هروب الحكام الديكتاتوريين صور وضعهم في قفص الاتهام ومحاكمتهم قانونيا وإصدار الأحكام بحقهم، وتصبح درسا لهم أولا ولغيرهم ثانيا.

في مصر نموذج جديد ومهم عربيا ودوليا، وتاريخ الديكتاتورية والاستبداد والفساد صارخ وخطير داخل وخارج حدود مصر المحروسة، وتأثيراته تتوسع دوائرها محليا وعربيا ودوليا. مشهد المحاكمة في مصر سيسجل في التاريخ، تعبيرا عن إرادة الشعب وانجاز ثورته الوطنية والعدالة القانونية والإنسانية التي ستعمم لكل من انتهج نهج الديكتاتورية المنتهية، المتخلية عن سلطاتها في زمن الغضب العربي. نجح الشعب المصري في إيقاف الديكتاتور عاريا أمامه. لم تنفعه كل وسائله في التنكر والتخفي والهروب من لحظته الحاسمة. لحظة تاريخية بكل المعاني. وقوف الديكتاتور عاريا في قفص المحاكمة متسربلا بآثامه وجرائمه وتاريخه الذي كتبه بنفسه ورغباته وسطوته وطغيانه، مشهد تاريخي ووطني وأخلاقي وسياسي، وتعبير كامل عن نضج الوعي الشعبي وصحوة الشعب.

قائمة اتهامات الديكتاتور تحوي الكثير من الجرائم، عرضت منها في مسرح الميدان الذي حكم عليه بالسقوط وشهد بالنهاية. أبرزها إفقار الشعب المصري وتجويعه ونهب ثرواته وتبديد طاقاته وجهوده، وسرقة مليارات الدولارات وتكديسها في بنوك وعقارات خارج مصر. والاستيلاء على الحكم دون إرادة الشعب من خلال تزوير الاستفتاءات والانتخابات البرلمانية وانتهاك كل الحريات والقوانين والحقوق. الاعتداء على الدستور ونصوصه وتمريره بما يحقق له ما يريده وعصاباته في التصرف في إدارة البلاد وكأنها ملكية شخصية له ولمافياته التي تكاثرت على حساب الشعب وطبقاته وفئاته الاجتماعية. كما أنه يتحمل بصورة مباشرة المسئولية عن إصابة 19 مليون مصري بأمراض خطيرة على رأسها السرطان والفشل الكلوي من خلال المبيدات المسرطنة وغيرها من المواد المسممة والتالفة التي وزعت أو بيعت بصفقات مشبوهة. انتهاك حقوق الإنسان على نطاق لم يشهده التاريخ المعاصر من ممارسة التعذيب وانتهاك الأعراض في السجون والأقسام في ظل حالة طوارئ مستديمة. إضاعة السيادة الوطنية من خلال ربط سياسة مصر الخارجية بخدمة الإستراتيجية الأمريكية وبينما سياستها الاقتصادية تابعة لتوجيهات صندوق النقد الدولي. بيع القطاع العام بأبخس الأثمان. التعاون مع الكيان الصهيوني لضرب ومحاصرة الشعب الفلسطيني. التعاون مع قوات الغزو الأمريكي لاحتلال أفغانستان والعراق من خلال التعاون الاستخباري وتقديم التسهيلات العسكرية. وليس أخيراً جرائم محاربة ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011.

هنا بينت لجنة تقصي الحقائق تفاصيل الأحداث، الجرائم الأخرى التي ارتكبها النظام والديكتاتور، جمعت في تقرير من 300 صفحة.. أكدت اللجنة إن المظاهرات اتسمت بالسلمية وتواصلت من يوم 25 كانون الثاني/ يناير 2011 إلى أن حققت هدفها يوم 11 شباط/ فبراير بتخلي الديكتاتور عن الحكم، ولكن المسيرة لم تكن سهلة، كانت مضرجة بالدماء والتضحيات. وهذا ما وضحه التقرير، لاسيما  يوم الجمعة 28 كانون الثاني/ يناير واعتبره يوما فارقا في تاريخ مصر بعد إصرار الشعب على تغيير النظام، حيث قابله قمع غير مسبوق من الشرطة، فسقط المئات من الشهداء، وأصيب الآلاف في جميع الأنحاء، وانسحبت الشرطة عصر ذلك اليوم ونزلت القوات المسلحة إلى الشارع، فارضة حظر التجول بعد أن تمت عملية حرق ونهب وتخريب للممتلكات العامة والخاصة.

كما شهد يوم الأربعاء 2 شباط/ فبراير اعتداء مناصري الديكتاتور على المنتفضين باستخدام الجمال والجياد والأسلحة البيضاء. وسجل التقرير كل الممارسات الوحشية، قتل وإصابة ودهس البعض بالسيارات، واقتحام ميدان التحرير لفض اعتصام المتظاهرين بالقوة والانفلات الأمني.

وذكر التقرير قيام رجال الشرطة بإطلاق أعيرة مطاطية وذخيرة حية في مواجهة المنتفضين أو بالقنص من على أسطح المباني المطلة أعلى التحرير خاصة مبني وزارة الداخلية، وقيام سيارات مصفحة للشرطة بصدم المتظاهرين عمدا.

محاكمة الديكتاتور في مصر تكشف دوره وتضيف له وللتاريخ عبرا للاتعاظ لمن يهمه الأمر منها. سبقتها محاكمة الرئيس العراقي السابق، ومهما كانت المواقف منها، لاعتبارها سابقة للدرس لأسبابها أو ظروفها، فان المحاكمة في مصر بداية أخرى لزمن الغضب العربي المتصاعد.

 

كاظم الموسوي

k_almousawi@hotmail.com

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا