<%@ Language=JavaScript %>
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

الدليل القاطع

 

د. كاظم الموسوي

 

هل هناك من يحاول خداع العالم والرأي العام بالحريات الإعلامية الأمريكية ويروج لها في عالمنا العربي والإسلامي بعد كل هذه الوقائع الصارخة.. بعد هذا الدليل القاطع؟. وهل يحتاج أمثال هؤلاء إلى دليل آخر على كذبهم وغشهم وانخداعهم وانبهارهم ببضاعة معلبة ومطلية بألوان مبهرجة، مع ان كثيرا منهم يعلن علنا عنها مع سبق الإصرار ويعلم جيدا أنها مدفوعة الأجر سلفا؟.

 في الواقع لا يمكن تبرير ما حصل مع هيلين توماس واوكتافيا نصر بأي شكل من الأشكال ولا يمكن ان يقتنع احد بان القرارات التي عوقبت بها هاتان الكاتبتان الصحفيتان بالفصل والطرد من المؤسسات الإعلامية الأمريكية التي خدمتا فيها جل عمرهما الإعلامي ويفسر الحدث بغير سياقه الحقيقي. لقد عبرت هيلين توماس واوكتافيا نصر عن مشاعرهما الشخصية وعلنا وفي مجالات عامة بعيدة عن مواقع عملهما المباشرة وحوسبتا بهذه الطريقة البشعة، فماذا سيجري معهما لو كانتا قد قالتا ما قالتاه في مكان عملهما وفي البرامج أو الفرص المتاحة لهما كعمل وظيفي في هذه المؤسسات؟. أليس هذا الذي حدث مع هاتين السيدتين المحترمتين دليلا قاطعا على تناقض وحدود الحرية والليبرالية الأمريكية والليبرالية الجديدة الغربية عموما، وبالتوازي لهما ما حصل مع الجنرال الأمريكي ستانلي ماكريستال وما سيحصل سرا مع السفيرة البريطانية فرانسيس غاي في بيروت؟ وهي شواهد إضافية رسمية ساطعة أيضا على الدليل القاطع.

معهم أو ضدهم!. مع التضليل الإعلامي الأمريكي أو ضده!. مع المخططات الصهيو أمريكية في الهيمنة ونهب الثروات وتقسيم العالم والاستعمار والاحتلال أم ضده؟!.. هذه الوقائع تتحدث بصورة واضحة لا لبس فيها ومن يلبس النظارات السوداء يستطيع ان يخدع نفسه ولكن صخرة الوقائع تكسر رأسه وقلمه وبضاعته التي تهيمن على الساحات الإعلامية بقوة المال والعسكر والكذب المفضوح والصمت المريب والتواطؤ المكشوف.

حتى صحيفة يمينية بريطانية كالصنداي تلغراف لم تستطع ان تبلع الخبر. كتبت: "ان إقالة الإعلامية نصر فقط لمجرد التعبير عن آرائها كان قرارا غبيا ومن المرجح ان يقضي على أي نقاش علني في المستقبل".  ماذا قالت الإعلامية اوكتافيا نصر وما كتبت السفيرة البريطانية في لبنان؟ ولماذا كل هذه القرارات والحملة الهوجاء عليهما؟. كتبت نصر على موقعها حين سمعت بوفاة العلامة آية الله السيد محمد حسين فضل الله كلمات عبرت فيها عن مشاعرها إنسانيا، وهي امرأة وسيدة أمريكية الجنسية وتعمل في القناة الامريكية أكثر من عشرين عاما: "يحزنني سماع نبأ وفاة السيد محمد حسين فضل الله... أحد عمالقة حزب الله، الذي احترمه". وكتبت السفيرة البريطانية في بيروت فرانسيس غاي على مدونتها الشخصية، معبرة فيها عن إعجابها بالمرجع الراحل: "عند زيارته يمكنك أن تكون متأكداً من حصول نقاش حقيقي مع جدال محترم وكنت تعلم أنك سوف تتركه مع شعور بأنك أصبحت شخصاً أفضل. هذا بالنسبة لي هو الأثر الفعلي لرجل الدين الحقيقي الذي يترك أثراً على جميع من يلتقيهم بغض النظر عن دينهم".

هذا كل ما حصل وكل ما جرى فلماذا تم ما تم وحدث ما حدث؟ شيء مؤسف حقا ان يحصل للسيدة نصر مثل هذا الأمر. ولكن هذه المؤسسة الإعلامية الأمريكية (سي ان ان) كشفت بصلافة نهجها التابع للسياسات المنحازة للمصالح الامبريالية الغربية وتبرير العدوان والحرب والاحتلال أو التقديم له والتضليل الإعلامي الكبير بشأنه، وأثبتت مواقفها المعروفة في اغلب تغطياتها الإعلامية للقضايا العامة والخاصة. وإذ نتضامن مع الزميلة نصر إنسانيا ومهنيا فان ما قدمته في جانبه المهني والعملي اثبت بالدليل القاطع نهج وسياسات تلك المؤسسة وفضحها إعلاميا وأخلاقيا، والسؤال الآن: ماذا يتطلب عربيا على الأقل، وبالمقابل لكشف وتعرية طبيعة التعامل بين المؤسسات الإعلامية واحترام المصالح المتبادلة وقوانين وقواعد شرف المهنة وحرية الإعلام، لتصل الرسالة واضحة لمن يهمه الأمر في مثل هذه الشؤون؟!. ان تمرير مثل هذه الإجراءات وتمشية التعاملات مع هذه المؤسسة بالذات وتقاسم الأدوار معها ودعمها ماليا وإعلاميا يقوي من إجراءاتها في مثل هذه الحالات ولا يردعها ويضعها تفكر بالأمر أكثر من مرة أو الإقدام عليه إجرائيا وليس قانونيا ومهنيا وأخلاقيا واعتباريا للشعارات التي ترفعها وتضعها محكا أمام المؤسسات الإعلامية المماثلة في العالم العربي والإسلامي.

فهل سيقوم من يتولى إدارة هذه المؤسسات في العالم العربي والإسلامي مثلا بالتوقف مليا أمام هذه الوقائع والتضامن مع نفسه في طرح إمكانية وضعها أمام المحك القانوني والأخلاقي والمهني وعدم الخضوع للضغوط والمواجهة الواضحة ورفض الصمت أزاء انتهاكات الحقوق المهنية والشخصية والحريات العامة وحرية التعبير بالرأي الحر والموقع الشخصي والمهني ومكان العمل والسياسات العامة والخاصة لكل مؤسسة وأساليب عملها، ووقف التفرج أو التعاون مع طعم المرارة في العمل الواسع ميدانيا في أكثر من مساحة ومجال إعلامي.

بلا شك ان تعرض الزميلة الإعلامية نصر بسبب الكلمات التي عبرت بها عن مشاعرها فقط إلى إجراءات الفصل من العمل ومطالبتها بالاعتذار دليل قاطع على القمع وانتهاك الحريات العامة وحرية التعبير عموما. وهي قد مارست حقها الطبيعي في التعبير عن مشاعرها وبلغة واضحة ودون لف ودوران أو خداع للذات، وهي مقتنعة بما قامت به ولعلها أكثر حزنا على الراحل الكبير من الإجراءات الفضيحة لمؤسستها التي خدمتها كل تلك السنوات وكشفت فيها حقيقتها وخضوعها للمصالح الغربية المعادية للمهنة والإعلام المستقل والحر والحريات العامة والشخصية وكل الشعارات البراقة التي ترفعها في صفحاتها وعلاقاتها العامة.

ان وسائل الإعلام في العالم العربي والإسلامي والعالم عموما مطالبة اليوم بوضع حد لمثل هذه الإجراءات الظالمة والجبانة، كما سماها روبرت فيسك في مقاله عن حالة نصر وإدارة المؤسسة الإعلامية التي خسرت نفسها ومصداقيتها قبل هذا الإجراء بزمن طويل، ولكنها الآن تضع كل ذلك بالدليل القاطع.

 

 

كاظم الموسوي

k_almousawi@hotmail.com 

www.kadhimmousawi.blogspot.com 
 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا