<%@ Language=JavaScript %> د. كاظم الموسوي التيار الصدري ومستقبل العراق
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

التيار الصدري ومستقبل العراق

 

 

د. كاظم الموسوي

 

برز التيار الصدري، شعبيا واسعا مقاوما الاحتلال، بعد احتلال العراق عام 2003، ولكن جذوره ممتدة قبله، وجهود تأسيسه وفعاليته اختلطت بالدم واستشهاد رواده. واليوم يشكل التيار قوة سياسية لها وزنها في المشهد السياسي في العراق. استطاع التيار ان يؤسس له مكاتب وهيئات ناظمة لقواه الموزعة بين العمل السياسي والعسكري والاجتماعي، تنتهي تنظيميا بتوجيهات وتفرد قرار رئيسه، السيد مقتدى الصدر. وكغيره تعرض إلى التنكيل الدموي واختراقات أمنية خطيرة أثرت على نموه وتوسعه وسمعته داخل الوطن وخارجه. وكذلك انشقت عنه مجموعات أو فصلت منه وظلت أعمالها محسوبة عليه رغم اختلافهما. وقد تكون تطورات التيار تاريخيا نموذجا للعمل الحزبي والسياسي في العراق، في قضايا التأسيس والضرورة، وكذلك البرامج والتوجهات والبنى النظرية والدور الفاعل في التقدم والبناء العام لمسيرة الشعب والبلاد.

تعكس مستجدات التيار الصدري ودوره وموقفه من الاحتلال العسكري وانسحاب قواته، والمقاومة الوطنية بشتى أشكالها، تموج اختياراته وتحالفاته في الساحة العراقية اليوم. ويظل، نظريا وعمليا، موقف مقاومة الاحتلال والاستعمار معيارا وطنيا صحيحا له ولغيره. من المعروف ان التيار وأجنحته العسكرية انخرطت منذ بداية تشكلها في المقاومة الوطنية العراقية وسجلت لها صفحات مشهودة في إجبار الغزاة الجدد على التفكير بالانسحاب من العراق والهرولة من معسكراتها التي حولتها إلى سجون كبيرة للمناضلين العراقيين ضدها، في اغلب المحافظات الجنوبية، والمدن الأخرى. ومن الإجحاف إنكار الدور الكبير في طرد القوات البريطانية من جنوب العراق، وقبلها باقي القوات المتعاقدة مع الاحتلال الأمريكي للعراق. ولكن يبقى السؤال مهما عن برامج واضحة للتيار، سياسية واقتصادية واجتماعية وحتى في دور القائد الفرد، ومن بينها طبيعة المشاركة في العملية السياسية التي خطط لها المحتل ولعب وما زال يلعب السفير الأمريكي فيها، دور المندوب السامي الاستعماري القديم بحلة جديدة وبحماية قواته العسكرية والمدنية والمتطوعين المحليين. وما زالت فعالية التيار واضحة ونشاطات أعضائه المتنوعة يلفت إليها، وقد يسجل عليها ما يدور بأذهان المقربين منه أكثر من أعدائه الصريحين.

دعوات أو فتاوى زعيم التيار السيد مقتدى الصدر تشرح مسيرته، فآخر ما نقل عنه دعوته إلى وقف الهجمات على القوات الأمريكية لضمان مغادرتها قبل نهاية العام. ورد ذلك في بيان تلاه المتحدث باسمه صلاح العبيدي: "حرصا مني على إتمام استقلال العراق وانسحاب القوات الغازية من أراضينا المقدسة، صار لزاما علي أن أوقف العمليات العسكرية إلى حين إتمام انسحاب القوات الغازية". وأضاف: "وفي حال عدم الانسحاب، وبقي العراق غير مستقل الأراضي والقرار، سترجع العمليات العسكرية بنهج جديد وبأس شديد"، وذلك بعدما سبق أن حذر من أن المدربين العسكريين الأميركيين الذين سيبقون في البلاد بعد نهاية العام الجاري سيكونون مستهدفين. كذلك عرض الصدر "تأمين الطرق للقوات الأميركية أثناء مغادرتها العراق إذا رغبت الحكومة العراقية". وكأنه هنا ينفذ المثل الصيني المعروف القائل: إذا أراد عدوك ان ينسحب من أرضك فابني له جسورا من ذهب. وتأتي هذه التوجهات من التيار الصدري بعد ان أعلن استمرار مقاومته وتصعيدها ضد الاحتلال حتى الانسحاب الكامل، وقيام ألوية اليوم الموعود أو الأسماء الأخرى من فصائل المقاومة المسلحة التابعة أو القريبة من التيار بعمليات عسكرية أنزلت بقوات الاحتلال خسائر بشرية ومادية، دفعت قياداته العسكرية، المقيمة معه أو المتسللة للعراق، كرئيس أركان القوات الأمريكية أو وزير الحرب بشن حملة تصريحات نارية ضده وضد إيران واتهامها بتزويد الفصائل المسلحة بأسلحة موجهة ضد قوات الاحتلال.

يثير طرح ما سمي بـ "فرصة أخيرة" مشروطة على الحكومة التي يشكل التيار فيها ركنا أساسيا أسئلة كثيرة، تستدعي التفكير بها وبتفاصيلها السياسية وتداعياتها الوطنية، وتأثيراتها على سياسات الاحتلال والمصالح الشعبية الوطنية. فما نقل عن بيان لمكتب الصدر: "إن مصلحة الشعب العراقي تقتضي أن يهب بكافة أطيافه للخروج بتظاهرة مفتوحة للمطالبة بحقوقه وخدماته وانه يضع ثلاثة شروط لتأجيل التظاهرة المليونية"، تلخص في "إعطاء حصة من النفط العراقي لكل مواطن، وتشغيل ما لا يقل عن خمسين ألف عاطل عن العمل في جميع المحافظات، وتوزيع الوقود على المولدات في جميع المحافظات مجانا قبل أن يتم تحسين واقع الكهرباء في تلك المناطق" قضية مطلوبة وطنيا، ولكن السبل إليها تتطلب خطوات واقعية وإجراءات عملية تحقق نتائج ايجابية، (مرت ثماني سنوات ولم تحقق الحكومات تقدما ملموسا!) لاسيما والتيار يؤكد على ضعف وتيرة الإصلاحات والخدمات الأساسية، واستسهال إصدار الوعود والمشاريع اللفظية وشيوع الفساد مع وجود المحتل، مما يسبب إرباكا في تفهم الإنذار والتراخي فيه، وجدواه الواقعية.

يتعلق الأمر أيضا مع ما كان السيد الصدر قد طالب، في الثامن من آب/ اغسطس الماضي، القوات الأميركية بالانسحاب من العراق مع جميع أسلحتها، حسبما نصت الاتفاقية الأمنية الموقعة بين بغداد وواشنطن في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2008 على وجوب انسحاب قوات الاحتلال من جميع الأراضي والمياه والأجواء العراقية في موعد لا يتعدى نهاية عام 2011 الحالي. مهددا باستهداف القواعد العسكرية أو المدربين الذين "يعلمون الآخرين" تعذيب السجناء وقتل الأبرياء، محملا تلك القوات مسؤولية انتشار "الإرهاب" و"المليشيات الطائفية". ولكن الادارة العسكرية الأمريكية تحاول إبقاء عدد غير قليل من تلك القوات والقواعد العسكرية إلى إشعار آخر بحجج وذرائع معروفة سلفا، ولإنجاح هذه المحاولات تمارس كالعادة المعروفة الضغوط المادية والمعنوية، عبر إشعال حرائق وتفجيرات من جماعات مخترقة من قبل استخباراتها أو السياسيين المتعاونين مع مشاريعها المعلومة، بما فيها الهجوم الإعلامي على التيار نفسه، من قبل إدارة الاحتلال مباشرة أو الراغبين بإرسال رسائل لها.

هنا اختبار عملي للجميع. ومنه التيار والوفاء بالالتزامات المعلنة، والعمل على ان يصاحبها بناء منظومة متواصلة من البرامج الأخرى على الأصعدة المختلفة لتستكمل مع القوى الوطنية المناهضة للاحتلال المهمات الوطنية التحررية، حيث لا يمكن لها ان تتم دون إخلاص وصدق جهود الجميع في بناء مستقبل العراق.

 

كاظم الموسوي

20.10.2011

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا