صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                      مقالة للكاتب جمال محمد تقي      

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

  

 

 

 

 

 

قمة المخلوعين تنتظر ملوكها !

 

 

جمال محمد تقي

 

كانوا يعقدون قممهم وهم بكامل قيافتهم السلطوية ، وبكامل قواهم العقلية ، وكانوا قد تعودوا على بعضهم برغم ما بينهم من حساسيات وتفاوتات وتراكمات واختلاف باللهجات واللالقاب والمسميات ، كانوا ونتيجة لطول فترات حكمهم قد تآلفوا وتباركوا ببعضهم ، وكانوا قد اجادوا في لعب الادوار وخاصة امام الشاشات ، فمرة نجدهم يتنابزون ، ويتبارون ، ويزايد بعضهم على بعض ، ومرة نجدهم كالسمن على العسل ، وكانوا في المحصلة يتفقون على ان لا يتفقوا الا على ترويض شعوبهم وكتم انفاسها ، فكانوا خلف الكواليس كالبنيان المرصوص في تعاونهم الامني الذي يصب بمصلحة بقائهم جميعا على كراسي السلطة الزائلة !

كان لا يجروء احدهم على الاعلان عن سحب الكرسي من تحت الاخر لان كراسيهم جميعا ستكون عرضة للسحب ، واذا وصلت الامور بينهم الى القطيعة فانهم لا يتوانون على تصدير المتاعب لبعضهم ومن دون ضجة ، لكنهم حريصون على ان لا يتمكن الشعب من احدهم ، لان عدوى التمكن ستنتقل اليهم لامحال ، ولان بيوتهم من زجاج غير مصفح ، فان تقاذفهم بالذخيرة الحية سيؤدي الى حالة لا يجد فيها جميعهم جدار سالم واحد يحتمون به او يختبئون خلفه ، اما الحالة الوحيدة التي يمكنهم الخروج البين على بعضهم فيها ، وعلى عينك يا تاجر ، هي حالة الدخول المباشر للقوى العظمى للنيل من احدهم او من بعضهم ، حيث يتجندون لتحقيق اهداف تلك القوى ، كي يضمنوا لانفسهم الحماية ويكسبوا البقاء على كراسيهم المزمنة والمتهرئة !

قال القذافي في احدى القمم : ان التآمر مع القوى العظمى للاطاحة باي زعيم عربي واهانته ، كالذي حصل في العرق ، سوف يفتح الباب على مصراعيه امام نفس القوى للاطاحة بالاخرين واهانتهم ، بالمفرد وربما بالجملة !

وقال علي عبدالله صالح : ان اي حلول للمشاكل العالقة بين الانظمة العربية اذا لم تاخذ بعين الاعتبار استقرار الانظمة القائمة جميعا فانها ستؤدي لكوارث لا يستثنى منها احد !

اما مبارك الذي كان يتفق مع مضمون طروحات زميليه " القذافي وصالح" فانه قد اعطاها ظهره حالما قررت امريكا غزو العراق واجتثاث النظام فيه واعتقال قيادته ومحاكمتها وقتلها ، وقال : مالا نستطيع منعه ، نستطيع تقبله !

ملوك وامراء الخليج كانوا وما زالوا يفعلون في السر عكس ما يرددوه في العلن ، الذي يظهرون فيه وكأنهم ملائكة للرحمة والتقوى والمسؤولية والحرص على تقدم ووحدة وكرامة واستقلال كل اقطار العرب ، لكنهم في السر اكبر عون لقوى الاستكبار العالمي على ابناء جلدتهم ، واكثر الحرصين على قبر اي حراك شعبي جارف قد يؤدي الى قلب موازين القوى التي لا يريدونها ان تنقلب ، فمواقف المؤثرين منهم كانت واضحة في امتعاضها من تجذر معطيات الحراك الشعبي في مصر وكذا استبسالهم في الدفاع عن نظام مبارك ، وذات الشيء بالنسبة لمواقفهم من الحراك الشعبي في اليمن حيث مازالوا  يلعبون دورا معيقا لانطلاقة الشعب اليمني نحو تحقيق كامل اهداف ثورته ، ونجدهم بذات الوقت متحمسين حماسة امريكا واسرائيل للتدخل العسكري المباشر في ليبيا وسوريا لصنع انظمة بديلة تتوائم معها ومع من يسيرها ، وتجهض اي امكانية حقيقية لاقامة انظمة ديمقراطية حقيقية كما يتمناها اهل الثورة في البلدين ، وذلك من خلال ابتزاز الحراك الشعبي فيهما وترويضه ، بل وحرفه عن مساره ليصب بمسارها !

معاني ما تقدم من سطور تؤكد على وجود منطقان متعارضان في تناولهما لحمى الصراع الدائر بدورته الربيعية على بلداننا العربية ، منطق الحكام العرب ملوكا ورؤساء ، والمتأقلم اصلا مع منطق امريكا واسرائيل ، ومنطق الشعب الثائر ، الذي لا يميز بين ملك ورئيس في ثورته ، ذلك لان كل حكامنا من طينة واحدة ، ترابها ومائها ، الفساد والاستبداد ، ففي كل بلد نجد استعدادا للثورة ، انفجر هنا ، والاخر هناك ينتظر ، ولن يبدلوا تبديلا ، وكأن لسان حال الثوار في كل اصقاع العرب يقول : انهم جميعا لا يستحقون منا غير الخلع ملوكا ورؤساء .

الايام لا تدور حول نفسها كما في رواية مائة عام من العزلة ، والقادم منها موسم للحصاد المليء بمائة ثورة وثورة تقارع كل ظالم جائر ، ملكا كان ام رئيس ، ابطالها ومددها ، الاحياء الذين على ساحات تحريرهم يتدفقون ، واما انصاف الاموات ، الذين لخوفهم مستسلمون ، فانهم مخيرون مع كل ثورة ، مابين الموت خوفا اوالحياة سعادة ، والاموات من اجل الحياة شهداء عند ربهم يرزقون ، وهم احياء بارواحهم يبشرون ولا ينقطعون .

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل أيّة مسؤوليّة عن المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم .

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany