صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                      مقالة للكاتب جمال محمد تقي      

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

  

 

 

 

 

 

بؤساء شرم الشيخ !

 

 

جمال محمد تقي

 

لا شيء جديد ميز خطب الحكام والسلاطين العرب في قمتهم الاقتصادية الثانية التي استغرقت يوما واحدا عن قمتهم الاولى التي عقدت في الكويت عام 2009 غير حالة القلق من انتقال عدوى الثورة التونسية الى بلدانهم ، وكانت اشارة عمرو موسى الى ان الذي حصل في تونس لا يختلف عن اهتمامات هذه القمة  ، وقال بان النفس العربية منكسرة بالفقر والبطالة والامية والمشاكل السياسية التي لم نستطع حلها ولم تستطع القوى الكبرى ادارتها بل زادتها تعقيدا . .  لم يتحدث موسى ومثله الاخرون عن الاسباب المباشرة التي تعمق من مظاهر الخراب الاقتصادي القائم ومن قبله الخراب السياسي وبعدهما الخراب الاجتماعي الذي يؤشر للخراب الشامل والذي لا امكانية لتجاوزه الا بالثورة !

خطب طنانة وبلاغية عن اهمية التنمية والتكامل العربي ، لا تختلف عن تلك الخطب الني سبق ان القيت في مؤتمر القمة الاقتصادية الاول ، ربما لا يعرف الحكام انفسهم بان الدول العربية وجامعتها ، ومنذ منتصف الخمسينات ، اي قبل قيام السوق الاوروبية بسنوات ، كانت تتحدث عن الوحدة الاقتصادية العربية وعن السوق العربية المشتركة ، وعن توحيد التعرفة الكمركية ، والانتقال الحر للايادي العاملة ورؤوس الاموال ، خمسون عاما والكلام بقي كلام ، والعلة ليست بالفكرة ذاتها ولا في غياب الحاجة لها وانما اساس العلة في القائمين على شؤون الحكم انفسهم والذين لا يجدون لسلطانهم الطاغوتي والفاسد مصلحة حقيقية في الاستجابة لتحولات تتطلب الشفافية والنزاهة والاخلاص ونكران الذات وايضا تطلب المراقبة والمحاسبة فلايمكن ان تتحقق التنمية في دول تخاصم مبدأ فصل السلطات .

اصبحت مؤتمرات قممهم نقمة على المواطن العربي ، الذي يعاني بسبب فسادهم واستبدادهم وتبعيتهم شتى صنوف الحرمان والكبت والبطالة والجزع والاهانة والجوع والاضطهاد ، وبمعزل عن مظاهر البذخ والفخفخة الفارغة ، والتضليل والدعاية الممجوجة التي تتصف بها مثل هذه القمم المسيرة اصلا بالكونترول الامريكي ، فانها تزيد من هموم ذلك المواطن ، لان همم الحكام ووزراء داخليتهم واعلامهم ومدراء مخابراتهم ، تكون ساعتها بحالة تجلي وهي تمعن في كتم انفاس ذلك المواطن المسكين ، والذي لا يحاسب فقط على يوميات افعاله ، وانما على نواياه واحلامه التي لم يحلمها بعد ، لانه بحكمها متهم حتى يثبت العكس ، في قيامه وقعوده ، وفي صحوه ونومه .

في واحد من اجتماعات وزراء الداخلية العرب والذي كان قد عقد في تونس وقتها، اتفق المجتمعون على اعتبار ان اي ممارسة ـ عنيفة ـ  لتغيير انظمة الحكم القائمة تندرج في خانة الارهاب ، وان اي تنظيم سري يدعو لتغيير الانظمة القائمة هو تنظيم ارهابي ، وان اي مظاهر احتجاج لا تحصل على رخصة من اجهزة الدولة هي احتجاجات ارهابية ، وان الاولية في العمل العربي المشترك تقع على عاتق التعاون والتضامن الامني بين وزارات الداخلية واجهزة مخابراتها ، بما يشمل تسليم المطلوبين ، وتبادل المعلومات ، وتبادل الخبرات !

منتجعات  شرم الشيخ التي عقد فيها اكثر من مؤتمر قمة عربي وغير عربي ، واصبحت مقرا شبه دائم لزيارات المسؤولين الاسرائيليين لمصر ، مثلها مثل قصر قرطاج ومنتجعات الحمامات في تونس ، اصبحت قبلة للاغنياء والسماسرة والقطط السمان من مصر والخليج ومن مقاولي التطبيع المنتشرين في طابا والساحل الشمالي والجنوبي والبحر الاحمر ، وحتى القاهرة المقهورة ، هؤلاء القلة القليلة الذين يشكلون نسبة تقل عن الثلاثة بالمئة من سكان مصر ، ينعمون برعاية نظام تحالف رجال الامن والثروة في مصر الذي يبذخ وينهب ويستبد بقوت وثروات الشعب المصري ويمعن بتكريس فقره وحرمانه لصالح الطفيليين من حماته في الداخل ، ولصالح امريكا واسرائيل حماته من الخارج !

اناس لا يحصلوا على رغيف خبز نظيف ، ويعيشون بين القبور ، وبعضهم يبحث عن قوته في النفايات وشباب يركب البحر بقوارب لا امان فيها للوصول الى سواحل اوروبا طلبا للجوء ، وملايين من الخريجين الذين لا عمل لهم ، ووو هذا حال الملايين في بلاد العرب ، واناس ينفقون الوف الدولارات على وجبة واحدة ، او رقصة واحدة تقدمها خليعة اوروبية او اسرائيلية ، دفع بها الانفتاح التطبيعي للتنافس مع الراقصة المحلية وبالرقص الشرقي نفسه .

لا امن غذائي ولا امن دوائي ولا امن اجتماعي ، ولا امن مائي او كهربائي ، ولا امن صناعي او تشغيلي ، حتى الامن المروري مفقود ، الامن الوحيد المتوفر والمتنامي هو امن السلطات القائمة ، شباب متعلم وكله حيوية ، يحرق نفسه في تونس والجزائر ومصر ومورتانيا واليمن والاردن وغيرها من بلاد العرب ، احتجاجا على القحط والنهب والفشل السلطوي لتلبية الحد الادنى من شروط الامان الاقتصادي والاجتماعي ناهيك عن السياسي ، أبعد كل هذا يستغرب من يستغرب ، لقيام ثورة مظفرة نجحت في خلع راس السلطة الفاسدة في تونس ، والتي كان ـ المعتدلون العرب ـ واصدقائهم الغربيين يتباهون بتجربة حاكمها ، ويعتبرونها نموذجا للنجاح التنموي والاصلاحي والاستثماري ، والذي ينتظر من الاخرين الاحتذاء به ! ؟

ليس بعيدا ان تكون اول فقرة في هواجس هذه القمة  ، هي التحوط الاقتصادي والاجتماعي والامني لمنع انتقال عدوى بوعزيزي الى خارج حدود تونس ، وليس مستبعدا ان تجري بعد ختام اعمال القمة ، جلسات غير علنية لوزراء الداخلية والمالية من باب سد الذرائع ولو مؤقتا ، ففي الوقت الذي يقول فيه ابو الغيط ان انتقال عدوى ما حصل في تونس الى بلدان عربية اخرى هو كلام فارغ ، تتخذ الحكومة المصرية مؤخرا ثلاث قرارات ليس لها سوى معنى واحد وهو ان النظام في مصر مرعوب من تداعيات ما حصل في تونس ، القرار الاول ايقاف كل الاجراءات الخاصة برفع الاسعار والضرائب ، والثاني عدم استفزاز ذوي الدخل المحدود باي تصرفات او تصريحات ضاغطة ، ثالثا تعميق وشائج التنسيق الامني بين وزارتي الدفاع والداخلية !

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل أيّة مسؤوليّة عن المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم .

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany