<%@ Language=JavaScript %>

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

اليسار العراقي الغائب والمغيب !

جمال محمد تقي

 

الافرازات السياسية والاجتماعية والنفسية لمرحلة ما بعد احتلال العراق وقيام عمليته السياسية التي استخلفت وجوده المباشر بعد انسحاب قواته العسكرية ، ليست معلقة بالهواء وانما تستند على عوامل اقتصادية كرستها البنية الاحتلالية ذاتها بطريقة الحث والتمرير اثناء الفترة التمهيدية لتنفيذ مشروع غزو العراق ، اي طيلة فترة الحصار الشامل المفروض امريكيا ، والتي شملت عقد التسعينات كله ، حتى 9 نيسان 2003 ، وبطريقة التدمير والتفكيك المباشر ومن ثم اعادة التركيب الهش واقعيا ، وذلك اثناء فترة الاحتلال المباشر التي تواصلت حتى نهاية عام  2011 .

ترتب على تدميرالقطاع العام وقطع الطريق على اصلاح نفسه ووضع مبررات اتلاف اغلب مرافقه الانتاجية والخدمية ، الاستثمارية والتشغيلية ، من خلال قصف بنيته التحتية وقطع دورة ادامته وصيانته بواسطة تنشيف موارده الذاتية والموضوعية وحرمانه من التكنلوجيا الحديثة الازمة لانعاشه ، تحويل مئات الالوف من عمال وموظفي ومستخدمي القطاع العام الى التعطيل والتعويق المتعمد ، فتحولت الى عالة على الدورة الاقتصادية ، واصبحت القطاعات الانتاجية عبئا بعد توقفها ، وصار العاملين فيها مجرد عاطلين عن العمل برغم استمرار استلامهم للرواتب المقررة والتي تدنت قدرتها الشرائية الى مستويات كبيرة بسبب من الازمة الاقتصادية التي سببها الحصار الجائر ، وترافق هذا مع اطراد اسعار السلع والخدمات ، ولولا نظام البطاقة التموينية وقتها لتهالك كل اصحاب الدخول المحدودة ، مما جعل الغالبية العظمى تبحث عن مخارج تساعدها على الاستمرار حتى وان بطريقة التطفل على العمل بمجال قطاع الخدمات الخاصة ليرفد صاحبه بدخل اضافي يعينه ، ونتيجة لهذا الحرمان الجهنمي تهالكت القوى العاملة الماهرة وتضاعفت هجرة الادمغة والكفاءات .

 لقد تردت احوال المدرسين والاطباء والصيادلة وكل ذوي الاختصاصات ، وبطبيعة الحال تردت احوال المدارس والمستشفيات بعد ان كانت محط فخر كل العراقيين ، حتى العاملين في القطاع النفطي كانوا يعانون بسبب من تدهور الحالة العامة ، ومع كل ذلك كان العاملين يحتملون على امل رفع الحصار وعودة المياه الى مجاريها .

لم يرفع الحصار حتى تعود احوال العراقيين لسابق عهدها كما كانت في السبعينيات والثمانينيات ، وانما رفع فقط بعد ان احتلت امريكا البلاد وجعلتها مرتعا للتطفل والابتزاز والفساد ، وسوقا تستهلك كل شيء ولا تنتج شيء غير العوز والارتداد !

اليسار العراقي داخل العراق ممثلا بكل الوطنيين والاشتراكيين ، من شيوعيين احرار وقوميين اشتراكيين وديمقراطيين مستقلين وكوادر نقابية ومهنية ومثقفين واكاديميين ، التواقين للتقدم والعدالة الاجتماعية والذين ادركوا مبكرا حجم الخسارة الفادحة لثمن رفع الحصار بواسطة الفتح الامريكي فعارضوه ، والان هم ادرى من غيرهم  بحقيقة مايجري من خراب في الدولة العراقية واثار افراغها من ثقليها المحددين في الامن الاجتماعي والاقتصادي ، حيث ستكون النتيجة المحتمة الفوضى الشاملة التي لا يستفيد منها الا الطفيليين والفاسدين والطائفيين ونهازي الفرص من التقسيميين .

كان اليساريون الاصلاء يؤمنون بضرورة ايجاد حلول اخرى لا تمس امن واستقلال وسيادة العراق ككينونة وكيان ، فهم من جهة كانوا يناضلون من اجل اصلاحات سياسية عميقة في بنية الحكم والدولة في العراق ومن جهة اخرى كانوا يناضلون كباقي العراقيين لرفع الحصار الظالم .

ان ما حصل بعد احتلال العراق يؤكد صحة هذه المخاوف ، فحل الجيش وكل الاسيجة الامنية وخراب القطاع العام ، بما فيه النفطي ، كان  تحصيل حاصل ادى عمليا لارتداد عام لحساب العصبويات الطائفية والعرقية والى هيمنة المشايخ والملالي وميليشياتها ، ومن ثم الى شمولية سياسية وفكرية متخلفة تتلبس لبوس الدين وتتلحف بلحاف الديمقراطية الكاذبة.

اليسار العراقي خارج العراق ، كان منقسما على نفسه بين قيادات امتهنت عملها وتعودت على الاعانات والاحتضانات الخارجية ، وخشيت من تداعيات اعتزالها وليمة السلطة القادمة في العراق الامريكي ، فانغمزت بمشروع تحرير العراق ، ودخلت في حلف مشبوه مع اعتى الاحزاب الطائفية والعنصرية والطفيلية واكثرها تقهقرا ، وانحدرت الى احضان اعتى امبريالية عرفها التاريخ البشري ، حتى راحت تأتمر بأمرها ، وبين قواعد رفضت معظمها هذا النهج الذيلي والانتهازي واللاوطني ، وراحت تنشط مع قوى اليسار العالمي لايقاف الحرب الامريكية على العراق ، واخذت تدعو لمقاومة الغزو .

تنظيمات يسارية عراقية كثيرة خارج العراق ، صغيرة وكبيرة كانت متسقة مع نفسها ومع من يناصرها برفض الانخراط بالمشروع الامريكي الخاص بالعراق ، منها الحزب الشيوعي العمالي ، والحزب الشيوعي ـ القيادة المركزية ، والحزب الشيوعي ـ اتحاد الشعب ، والتيار الوطني الديمقراطي العراقي ، اضافة الى اعداد كبيرة من الشيوعيين المستقلين ، اما التنظيم الشيوعي الوحيد الذي انخرط بمشروع تحرير العراق فهو الحزب الشيوعي العراقي ورديفه الحزب الشيوعي الكردستاني ، فقد تميزت قيادة هذا الحزب بذيليتها المزمنة للقيادات العشائرية الكردية التي انخرطت ومنذ زمن بعيد بالمؤمرات الخارجية الهادفة لاضعاف العراق وتمزيقه ، وكانت البرغماتية  الوضيعة الدافع الاول لهذه الذيلية المذلة والارتماء الرخيص باحضان جلاديهم !

لقد ادمنت تلك القيادات على الاعالة حتى انسحبت خيوط تبعيتها على كل مواقفها وسياساتها ، علما بان الكثير من الشخصيات الوطنية والنزيهة في قيادة هذا الحزب قد خرجت منه مستنكرة تلك المواقف اللاوطنية ، ومنذ فترة الحصار على العراق .

الترويج لمباديء وافكار الحزب الشيوعي العراقي صارت من الاعباء التي تخشى قيادة هذا الحزب من الاضطلاع بها خشية من غضب الاحزاب الدينية الحاكمة ، والتي تتملقها ، لا لشيء سوى لبقاء مقراتها مفتوحة لفتات ما قد يغتنم ، كانت هذه القيادة قد استبشرت خيرا ببول بريمر الذي عين سكرتيرها عضوا في مجلس الحكم وعين مفيد الجزائري وزيرا للثقافة ، لكنها الان وبعد ان استخلف الامريكان من استخلفوه لحكم العراق تعاني من الاحتقار والتهميش الشمولي والاستبعاد ، لقد شاركت هذه القيادة بالانتخابات التحاصصية الاخيرة بدعم مستخدميها من اغوات الشمال لكنها فشلت في الحصول على اي مقعد ، لان الخريطة الجديدة تستبعد الثانويين من المغتنمين .

 قيادة هذا الحزب راضية عن نفسها ، ولا ترى في كل فشلها وافلاسها اي دليل على سقوطها ، وانما تزداد وضاعة في تحديد تسعيرة مواقفها في مزاد العملية السياسية المتخلفة القائمة !

هي لا ترى بمواقفها المتقزمة اي طعن بالشيوعية ولا باولويات الاهداف الوطنية ، وهي تتقبل اذلال القوى الاخرى التي تقف معها بنفس الخندق خشية على امتيازات قادتها المحسوبين على العملية السياسية ان الجمهور الباحث عن بديل للعملية السياسية الفاسدة القائمة لا يجد بهذا الحزب وسياسته الحالية غير ظل مشوه للعملية الدائرة ذاتها .

السلطة لا تسمح لقوى اليسار الفعلي والحقيقي ممارسة دورها التعبوي ، وهذا ما يستدعي عملا سريا رديفا للحالة العلنية الممكنة لتنظيم وتعبئة وتحريض الاهالي ضدها.

الطبقة العاملة وكل شغيلة الفكر واليد يعانون من سياسة التعطيل والاعاقة ، فلا نقابات او روابط مهنية فاعلة ، التطفل والبحث عن التقاعد المبكر هو سيد الموقف ، اما المثقفون فهم يبحثون عن منافذ يعبرون منها عن ذواتهم المكبوتة ، يبحثون عن الحرية العابرة لحدود الطوائف والاثنيات ، لا عن منافذ موصدة لا نوافذ فيها ، والطلاب يمقتون دروشة الدراسة والمناهج  !

  ركب البلاد والعباد عفريت الفساد والفوضى ، وبرغم ذلك فان نطفة هذا الشعب لا تطيق الركود ، وسيعلو صوته مجلجلا ، فلا صوت يعلو صوت الذين لا صوت لهم !

ان واقع الحال يفرض على قوى وشخصيات اليسار العراقي في الداخل والخارج العمل على توحيد الصفوف خلف برنامج سياسي وميداني يقود الشارع نحو تحقيق ما يصبو اليه ، وبكل الوسائل الممكنة علنية كانت اوسرية .

لا مفر من الاطاحة بالنهج التبعي واللاديمقراطي السائد في العراق ، لا مفر من فضح الفاسدين وسراق قوت الشعب ، لا مفر من تعرية فشل الحكومات المتعاقبة في توفير ابسط الخدمات التي هي من ابسط حقوق المواطن ، والتي هي من ابسط حقوق الانسان .

ان اليسار الذي غيب نفسه بنفسه سينتهي حتما الى الانصهار الكلي بالفساد القائم ، اما اليسار المغيب فعليه الاطلاع بقيادة مهمة التغيير التي لا بد ان يكون مددها الناس اصحاب المصلحة الحقيقية في هذا التغيير .

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا