<%@ Language=JavaScript %> جمال محمد تقي هل سينتقل جرب احتلال العراق الى ليبيا ؟
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

هل سينتقل جرب احتلال العراق الى ليبيا ؟

 

 

جمال محمد تقي

 

حالة "التحرير" الاجرب التي اصابت العراق جعلته منبوذا في وسط اشد ما يخشاه الاصابة بالامراض الوبائية ، فالجرب الذي اجتاح العراق لم يفتك بالطبقة الجلدية التي تسطح الاعمدة الاقتصادية والادارية والعسكرية والقانونية والسياسية والاجتماعية والثقافية والنفسية للدولة العراقية ، وانما امتد عميقا فيها كمحاولة منه للنفاذ الى النخاع القيمي للشخصية العراقية التي تشربت ملامحها عبر نسيج تاريخي ومعرفي يمتد لحقب سحيقة ، فلم يكن الغزو والاحتلال مجرد مرورعابر على بلاد عصية ، ولا حملة عسكرية لاسقاط نظام حكم كان مصدر ازعاج لاصحاب الشأن ، انه محاولة لتوطين منظومة قيمية بديلة تقصي الوطنية العراقية الى الابد ، لتحل محلها قيم التشرذم الدونية وبأثر رجعي يشوه الماضي بكل مافيه ، لصالح حاضر بغيض ومصير هابط لايمكنه المثول الا بكفالة ووصاية القوة الخارجية المارقة !

عندما بزغ ربيع الثورات العربية من تونس ومصر ، اصاب خدم الاحتلال في العراق شيء من الحرج الجارح ، لان ذريعة استحالة التغيير من الداخل قد تهافتت امام اصرار الوطنيين والاحرار في ساحات التحرير والتغيير ، الذين كانوا وهم يواجهون قمع السلطات يهتفون ضد اي تدخل عسكري اجنبي ، فلم يتسكع طلاب الحرية امام ابواب وساحات البنتاغون والسي اي اية ، تكسبا وارتزاقا وتأليبا على اوطانهم كما كان يفعل خدم الاحتلال في العراق ، فالثوار يتمسكون دائما بسلاح التمييز بين الحاكم والوطن ،  لقد تأمل ازلام الاحتلال الامريكي بفشل ذريع لتلك الثورات ، كي يثبتوا لانفسهم بانهم كانوا على صواب حينما سلموا انفسهم لارادة المحتل ، الذي لولاه لما حلوا هم محل النظام المجتث ، ولما لم يحصل ما تمنوه ادعوا وبصلفهم المعهود ، بان هذا الربيع العربي قد جاء بتأثير تيار التحرير العراقي !

تصوروا عراق بريمر وبلاك ووتر وعراق ابوغريب والفلوجة ، العراق المعوق والى الابد باشعاعات اليورانيوم المنضب ، عراق الانهيار والدمار ، هو فنار للربيع العربي ، اي مغالطة تلك التي يسوقها خدم الاحتلال الامريكي في العراق المنكوب ؟

عندما بدأ الحراك الشعبي في بنغازي وطرابلس كان الامر متسقا مع نسق ذلك الربيع المشع من خدي حدود الشرق والغرب الليبي ، وبعد ان انحرفت الامور الى تدخل الناتو بقرار دولي لحماية المدنيين ، هلهلت قلوب حكام المنطقة الخضراء ، وكأن لسان حالهم يقول : الان تساوت الرؤوس ، جئنا مع الامريكان لحكم العراق ، والناتو سيجيء بثوار ليبيا لدست السلطة فيها ، وكلا الامرين ، تحرير وتغيير وتحوير  !!

ما يؤكد هذا الشعور وهذا المنحى عند حكام المنطقة الخضراء ، هو كلام المالكي اثناء استقباله لمحمود جبريل رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الوطني الانتقالي الليبي حيث قال : ان العراق يعلن تأييده للتغيير في ليبيا ، ويعرض عليها تجربته في بناء الدولة ، خاصة وان البلدين قد عاشا ظروفا متشابهة .

ليس العتب هنا على المالكي فهو بحاجة ماسة لمثل هذا الخلط بالمنطلقات والتبعات ، لانه يصب بخانة تطبيع الوضع العراقي المنبوذ ، والتغطية على حالته المزرية ، انما العتب كل العتب على السيد محمود جبريل لانه بحاجة لشهادة غير مجروحة ، بحاجة لدعم من دول كاملة السيادة ، بحاجة لاسناد من حكومات ناجحة في مهامها ، بحاجة لدعم من دول مستقرة وغير مفخخة في دستورها واجراءاتها ، دول غير مرشحة للانفلاق والتقسيم ، حكومات مشهود لحكامها بالنزاهة ، وليس الفساد الذي حطمت ارقامه القياسية كل المقاييس ، كنا نأمل ان يبتعد مغتربو الثورة الليبية ، عن شبهة الشبه مع الجماعة العراقية اياها ، والتي اصبحت ذراعا للاحتلال الامريكي ، ما ورد من كلمات متبادلة في زيارة السيد جبريل لبغداد المحتلة المختلة ، يبعث على الاعتقاد ، الملتبس ، بان شبيه الشيء منجذب اليه !

للتغيير في ليبيا سماته التي تختلف جذريا عن التدمير الذي حصل في العراق ، ومن الحكمة والوفاء ان يتجذر التغيير الليبي بمنأى عن اي اقتران بالتلوث الاحتلالي في العراق  ، فتدخل الناتو ليس احتلالا ، وليس اجتثاثا ، وليس تقسيما للبلاد ، ولا يجب ان يكون اكثر من دعم دولي لثورة عزلاء ، والعبرة ستكون حتما بالنتائج ، لان الشعب الليبي وقواه الحية قادرة على التمييز بين الحالتين ، وقادرة ايضا على عدم اتاحة الفرصة لجعل ثمن تدخل الناتو وسيلة لابتزاز التغيير الحاصل في ليبيا ، شعب عمر المختار كشقيقه الشعب العراقي ، سيرفض حتما وبقوة بان يكون ثمن انعتاقه من الاستبداد ، تقبله للتماثل مع الجرب الاحتلالي في العراق .

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا