<%@ Language=JavaScript %> جمال محمد تقي الفقر المستدام رديف لميزانيات الحيلة في العراق الجديد !

 

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                                

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

الفقر المستدام رديف لميزانيات الحيلة في العراق الجديد !

 

 

جمال محمد تقي

 

اهم مايمكن ان يخرح به المدققون بشؤون الميزانية العراقية لعام 2012 هو كونها الميزانية الخامسة على التوالي التي تشهد تصاعدا طرديا بالايرادات النفطية والتي تعتبر المصدر الوحيد تقريبا للعوائد المالية للدولة العراقية ، بمعنى ان هناك خمس ميزانيات متتالية مرت بظروف مؤاتية من ناحيتي التراكم والوفرة النقدية ، فقد بلغ اجمالي مبالغ تلك الميزانيات مجتمعة اكثر من 400 مليار دولار ،  وقد تزامنت مع شطب لحوالي 80% من الديون المستحقة على العراق ، التي ينحصر استقطاع المتبقي منها بنسبة 5% من اجمالي مبالغ العائدات النفطية ، ومما يؤهلها لتحقيق طفرة في عملية اعادة اعمار العراق واستعادة عافيته الاقتصادية المستدامة هو تزايد نسب المنح والمساعدات الدولية التي لا تتحمل الميزانيات العراقية اعبائها المالية .

اي ميزانية سنوية تعكس بطبيعة الحال توجهات الحكومة التي تضعها ، وبما ان حكومة المالكي ومحاصصوه هم من قام بوضعها ولخمسة سنوات متتالية فانها تكون بمجموعها قد عكست منهجهم واولوياتهم وطبيعة نظرتهم لحاضر ومستقبل العراق الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ، وعلى اعتبار ان العبرة تكون دائما في النتائج فان ما يلمسه حتى المتحاصصون انفسهم ، ناهيك عن الاغلبية المتضررة من تطبيقات تلك الميزانيات ، وناهيك عن المتخصصون والمخاصمون ، فان هناك شبه اجماع على ان خط الانحطاط والاهدار والفساد هو السائد في تلك الموازنات شكلا ومضمونا ، منهجا وتطبيقا ، فالصدر يتهم رئيس الحكومة بتجيير مخصصات الدولة لما يخدم التنمية المستدامة لديكتاتوريته في السلطة ، والاء الطالباني تقيم الميزانية  على انها الاكبر على الاطلاق بالتخصيصات المشوهة والمتناقضة ، ووزير المالية العيساوي يتململ قائلا : بان هناك استهلاك لطاقة الميزانية الاستثمارية لحساب طاقتها التشغيلية ، اما الاوساط الشعبية فهي تتندر على تخصيص الميزانية لمبلغ 50 مليون دولار لشراء 350 سيارة مصفحة لاعضاء البرلمان ، ويتندر اخرون على البذخ الجاري في مخصصات الاستعداد لعقد القمة العربية التي تجاوزت الخمسين مليون دولار في حين تئن الاحياء الفقيرة والكتظة بالسكان تحت وطئة طفح المجاري وانعدام الخدمات الاساسية ، مها الدوري وصباح الساعدي وحتى احمد الجلبي ينتقدون بحرقة بقاء مخصصات المنافع الاجتماعية للرئاسات الثلاثة تحت مسميات جديدة ، وصباح الساعدي يشدد على ان كشف ملفات اذون الصرف الموقعة من قبل مكتب رئيس الوزراء مازالت تثير الشبهات خاصة وان البنك المركزي يضعها تحت بنود هي غير تلك التي تضعها وزارة المالية ، ممثلو المرجعيات الدينية ايضا انتقدوا من جهتهم الاستئثار الجاري بالمال العام من قبل الطبقة السياسية المتقاسمة للحكم في العراق !

وجود 7 مليون عراقي تحت خط الفقر ، ووجود 8 مليون يتيم وارملة ، ووجود 63 شركة قطاع عام مفلسة ، ووجود 200 الف منتسب لوزارة الصناعة معرضون للاحالة على التقاعد التشغيلي ، ووجود 72 مولدة كهربائية مكدسة في ميناء البصرة دون خطة ومخصصات ومناقصات للتشغيل ، مع تفشي لظاهرة تبييض الاموال المسروقة من القطاع العام بحزمة متلازمة ومغرضة لتصفيته تماما لمصلحة طبقة طفيلية جديدة جلها من سماسرة السوق العالمية السوداء وسياسيو الاحتلال ونهازي الفرص من المتربحين من التشوه الحاصل في كل البنى السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية والنفسية في عراق مازال مرتهنا لروح الاحتلال واثاره ، انها جميعا اعراض وعلامات تؤشر على حالة الانحدار نحو بلاد لا تملك من مقومات الاستثمار الحقيقي في الزراعة والصناعة والتعليم والصحة والبيئة الا اطلالا لما قبل الحصار والاحتلال ، فلا خطط حقيقية للبنى التحتية الحاضنة لمثل هكذا استثمار مستدام ، فطرق المواصلات محطمة ، والجفاف والتصحر يزحف على كل الاتجاهات ، والفقر والعوز والجهل والمرض اعراض تنتشر بسخاء قل نظيره ، الكهرباء والماء الصالح للشرب كعمودين اساسيين لاي نمو وتحضر سكاني صناعي او تجاري او زراعي او سياحي هما عملة نادرة حتى في العاصمة ، واقرب الامثلة وابلغها على تقزم البعد الاستثماري الحقيقي في نهج حكومات المحاصصة الطائفية والعنصرية ، هو التعامل الهامشي مع مشروع ميناء الفاو الكبير ، وايضا تهزل مخصصات الاصلاح الزراعي ومشاريع الري ، اما على صعيد احياء وحماية المنتوج الوطني فحدث ولا حرج ، فالسوق العراقية مفتوحة على مصراعيها لكل ما هب ودب من البضائع المقلدة وقليلة الجودة والمنتهية الصلاحية عمليا ، انها مغرقة ايضا بالمنتجات الاستهلاكية المنافسة من قبل دول الجوار ، لقد اختفت معلبات كربلاء لصالح المعلبات الايرانية واختفت الخضرة والفواكه العراقية امام ما يقابلها من تركيا وسوريا ، حتى التمور تستورد ، ويترك نخيل العراق للتدود والعطش ، حتى الملح يستورد ، شركة الزيوت النباتية ، شركة الادوية ، شركة زجاج الرمادي ، شركة قصب السكر  ، شركات الانسجة والخياطة ، شركات التجميع في الاسكندرية ، شركات الاسمدة ، معامل الخشب والورق والمطابع ، معامل الاسمنت ، وغيرها الكثير من شركات القطاع العام التي كانت محط فخر العراقيين تحولت الى اطلال بسياسة متعمدة تريد التربح من تصفيتها حيث يرتهن اقتصاد الدولة العراقية تماما بما يباع من نفط جوفه الناضب !

 100 مليار دولار مبلغ خرافي بالنسبة لارقام مبالغ كل الميزانيات السنوية العراقية وعبر كل تاريخه القديم والحديث ،  وهو لن يخرج عن سياق المعادلة الطردية السائدة والتي لازمت حالة كل الموازنات التي تلت احتلال العراق ، كلما ازدادت ارقام المخصصات كلما ازدادت معدلات الفساد والربح غير المشروع ، وازدات معها مظاهر التخلف والتشوه والاحادية والاعاقة في دورة الاقتصاد العراقي .

الدقة والوضوح في المعطيات هي واحدة من اهم مواصفات اي ميزانية جادة ونزيهة وشفافة وامينة ومنتجة وحقيقية ، حتى لوكانت ميزانية اسرة بسيطة ، فكيف اذا كان الحال مع ميزانية دولة لها ما لها وعليها ما عليها من حقوق وواجبات واهداف وسياسات ، وتمتلك جيشا من الخبراء والمستشارين والمدققين والعاملين في مجال التخطيط والمال واعمال التشغيل والاستثمار ، ولها بنك مركزي يفترض به حساب كل واردة وشاردة ؟

 لا نريد هنا التقليل من قيمة المهنيين العراقيين العاملين في هذه القطاعات وانما نشير الى المسؤولين عن الآليات والاطر والتعليمات والسياسات وفلسفة توزيع التخصيصات التي تنتج عنها مثل هكذا ميزانيات ركيكة وهزيلة وخاوية الا من المنافذ المؤدية لتضخم الفساد وتغوله ، والمبخرة للمستمسك الثبوتي ، عبر بنود ومفردات زئبقية تتنكر للمطلقات بكل اشكالها وتحتكم للنسبيات التي لا نسب لها مع اوجه الصرف الفعلية ودوافعها ، واحكام توثيق وثائقها والتوثق من تنفيذها على ارض الواقع وليس على الورق المختوم بختم النسر المملك للحاكم بامره والمتحاصصين معه على اعتبار ان حاميها ليس بحراميها ، اي اننا نشير الى المسؤولين انفسهم وجلاوزتهم وحاضنيهم لانهم هم من يستلمون عائدات الموارد وهم من يحدد اتجاهات صرفها ، وهم من يجيز هذا الصرف ، وهم انفسهم من يقدمون جرد الحساب بلا حسيب حقيقي او رقيب من خارج السرب الذي لا يغرد الا للتعمية المتعمدة .

الحسابات النهائية سر لا يطلع عليه الا المبشرون باطفاء نار فضائح السرقات المليارية والمليونية ، الدولارية طبعا وليست الدينارية ، بواسطة حرق ملفات كل دائرة او مفصل تحوم حوله الشبهات والتسريبات وبواسطة اقرار سندات الصرف المكرر للوجه الواحد من وجوهه .

التقارير غير المحددة الابعاد والمفعمة بكل المفردات  الرخوية التي تجيز استقطاع المدور من قيمة المخصص الجديد لتعويم وتعميم حالة الحول في حسابه واختلاس ما يعادله بتفريعات معقدة يصعب متابعتها .

اصابع الاتهام توجه لمهندسي روح تلك الميزانيات ، اي للذين يوجهون باتجاه تطويع المعطيات وطرق تقديمها بما يخدم تطلعاتهم الفئوية والشخصية ، فعندما يغطون على المهدوروالمختلس بجداول وهمية لمجالات صرف غير مقررة اصلا فانهم يبيحون للتلاعب وبكل مفصل كان مقرور او غير مقرور او مهجن بوهمية كاملة  او نصف وهمية .

تصوروا   2% من اجمالي مبلغ الميزانية مخصص للزراعة ، وللصناعة  5, 1 ، وللاسكان 1 % ، من اصل 31 مليار دولار كمخصصات استثمارية ، اما زيادة رواتب المتقاعدين واستحداث وظائف جديدة فهي بمجملها تعادل نسبة 2% من اجمالي مخصصات الميزانية التشغيلية البالغة حوالي 70مليار دولار!

تصوروا ميزانيات دولة تعفو عن المختلسين والمتنفعين من المال العام تحت مسميات اطفاء السلف ، وقبلها اعتبار المنتفعين بالمستلفين المعفيين من السداد لتعثر تحديد مصادر تلك السلف ، وهذه المادة تحديدا قد احلت سرقة 2 مليار دولار عام 2007 ، وتوالت بركات قرينات تلك المادة غير الموزونة في ميزانيات 2008 و2009 ، واتخذت اشكلا مدورة في ميزانيات 2010 و2011 ! !

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا