|
لا للأحتلال |
|
---|
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا |
|
---|
من اولويات اسرائيل احتواء دول الخليج تطويعا وتطبيعا !
جمال محمد تقي
ليس لدول الخليج مجتمعة او منفردة حصانة امام الاجندة الاسرائيلية الهادفة لاختراقها وتطويعها والتأثير في مواقفها ، ناهيك عن التطبيع معها ، فمن يقيم اوثق العلاقات مع الرعاة الرسميين للصهاينة عليه توقع دخولهم بيته ومن دون استأذان ، وان لم يدخلوا دول الخليج بجوازاتهم الاسرائيلية ، يدخلونها بجوازتهم الامريكية او الكندية او الاسترالية او الالمانية او او او ، خاصة وان هناك اغلبية من الاسرائيليين هم من مزدوجي الجنسية ، ناهيك عن تعاون اجهزة المخابرات الغربية مع الموساد والتي تقدم لها كل ما يعينها على اختراق الحدود العربية ومن دون منغصات ، وما حصل في عملية اغتيال المبحوح داخل امارة دبي دليل صارخ على ما ذهبنا اليه ، ما يجعلنا نقول ذلك وفرة الشواهد الحية على المساعي الاسرائيلية الناجحة في تحقيق الاختراقات والكثير من التطويعات ، كشبكات التجسس المكتشفة في مصر وسوريا ولبنان والاردن ، والتواجد الاسرائيلي المموه والفاعل شمال العراق ، والتواجد الاسرائيلي في جنوب السودان ، والتسرب الموسادي من خلال مرافقة التواجد الامريكي العسكري في دول الخليج ، والانشطة التجارية الاسرائيلية المباشرة وغير المباشرة من خلال مكاتبها العلنية وغير العلنية فيها !
كيلومترات قليلة تفصل بين حدود الكيان الصهيوني والمملكة العربية السعودية ، عند رأس العقبة ، على الرغم من مبادلة السعودية لمساحات ساحلية وصحراوية محاذية لها ، مع مساحات متساوية جنوب الاردن ، لغرض اتقاء شر الاحتكاكات المباشرة والمحرجة مع حدود اسرائيل ، الدولة المتأبطة للشر كله تجاه دولنا الممتدة من المحيط الى الخليج ، وهذا الاتقاء المزمن ليس من باب اتقي شر من احسنت اليه ، انما لعدم ارباك القاسم المشترك الاعظم في حسبة صراعات ابقاء وانهاء الانظمة في المنطقة والعالم ، حسبة امريكا وسياسة املاء الفراغ الاستعماري الساري المفعول على السعودية ومعظم دولنا ، منذ لقاء المباديء الذي عقد بين الملك عبد العزيز والرئيس الامريكي روزفلت عام 1945 ، والذي دشن بداية لمرحلة جديدة في مساعي امريكا لانجاز سياسة املاء فراغ الانزواء البريطاني ، حيث قام حلف استراتيجي بين البلدين يضمن امتيازات نفطية دائمة لامريكا وشركاتها ، مقابل ضمانات عسكرية وامنية لحماية نظام الحكم في المملكة من المخاطر الداخلية والخارجية !
من وحي هذه المقاربة نستنتج بان مقترح السعودية الذي تبنته قمة بيروت والذي سمي لاحقا بمبادرة السلام العربية والذي يقايض فيها اسرائيل بالتطبيع الكلي مقابل شروعها بالانسحاب من كل الاراضي التي احتلتها عام 67 واقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية مع ايجاد تسوية عادلة لموضوعة اللاجئين الفلسطينيين ، هو تحصيل حاصل لانهاء حالة التناقض الجانبي بين امريكا واسرائيل من جهة وبين الانظمة العربية السائرة بالركاب الامريكي والتي يسعدها كثيرا بان توصف بالانظمة المعتدلة !
هذا المسعى التطبيعي جوبه بسخرية اسرائيلية مهينة ، مازالت السعودية ومعها كل انظمة الاعتدال تتعامل معها على طريقة لا ارى لا اسمع لا اتكلم ، والرد الاسرائيلي هنا لا يقتصر على الكلام المهين ، وانما على الفعل المهين ايضا ، فهي لا تكتفي بترديد مقولة ان قيمة هذه المبادرة لا تساوي قيمة الحبر الذي كتبت به ، انما تقول وتعمل من اجل ان يتحقق التطبيع الكلي والدائم والفوري معها ، وتحديدا مع السعودية مقابل ما تتفضل به اسرائيل على العرب من سلام دائم ، لا يخلو من بعض التسويات اللاحقة والتي لا يجب ان تنتزع من اسرائيل ما لا تريد هي ان تعطيه ، وما نراه حقيقة انها جادة بما تقول من خلال شروعها بتطبيق ما تراه هي بدعم الاب الروحي للطرفين ـ أمريكا ـ حتى دون مراعاة ولو شكلية للاحراجات التي يسببها هذا المنحى المكشوف بالتعامل !
اما الرد العملي الامريكي على توسلات المبادرة العربية ، فقد كان مركزا على استبدالها بمبادرة اخرى تتمحور حول اولويات ملحة جديدة ، والتي تعني عمليا اعتبار الخطر الايراني هو المحدق بالمنطقة ككل ، مما يستدعي بحسب امريكا ، المبادرة للوقوف بوجهه كخطر داهم على العرب واولهم دول الخليج ، وبذلك ستكون مصلحة عربية كبرى ان يتم التلاقي مع ذات المصلحة الاسرائيلية الامريكية لمواجهة ايران والانشغال بها ، وبالتالي فان هذه المصلحة المشتركة ستقزم المشاكل العالقة مع اسرائيل وستحلها مع الزمن في سياق تطبيعات الامر الواقع ، على اعتبار ان هناك عملية سلام مع اسرائيل ، نجحت في مسارات وتعثرت باخرى ، اما ايران فهي العدو الذي لا سلام معه !
الرد الامريكي هذا نابع من ادراكه العميق لهشاشة مايسمى بانظمة الاعتدال العربي ، ومن كونها محمية منه حتى امام شعوبها ، وعليه فهو يدرك استعدادها للتنازل عن كل شيء الا بقائها على كرسي الحكم ، وعليه ايضا فهو غير مضطر للاستجابة الى مبادراتها التوفيقية ، حتى لو كانت تلك المبادرات معقولة وغير متقاطعة جوهريا مع المصالح الامريكية الاسرائيلية ، وما كشفه ويكيليكس حول التجاوب السعودي الذي فاق التصور الامريكي دليل صارخ على ما خلصنا اليه ، فالحكم السعودي يجد بايران رأس الافعى الذي يجب ان يضرب ، وبالتالي فانه لا يجد باسرائيل سوى حليف غير مباشر بهذا المسعى المتشعب .
خلال الخمس سنوات الاخيرة تجاوزت قيم عقود التسلح الخليجي ما مقداره نصف ترليون دولار وكلها بفزاعة الخوف من ايران ، مع العلم بان هناك شرط عرفي بموجبه لا تبيع امريكا ودول الغرب سلاحا للعرب يكون متقدما على التسلح الاسرائيلي ، الملفت في هذا الامر انه وبالرغم من التواجد الامريكي المباشر في دول الخليج وهو يكفي لحمايتها من الخطر الايراني المزعوم ، فانها تنساق وراء الابتزاز الامريكي لتبتاع منها وبمبالغ فلكية اسلحة لا قيمة فعلية لها ، لعدم وجود طاقة استيعابية لها ، ولانها تستنزف وتبدد الريع النفطي من دون ان توفر بنى تحتية للامن الجماعي العربي في الخليج او غيره .
من مصلحة اسرائيل ان يتغول البعد الاستهلاكي لمجتمعات دول الخليج ، وان تبتعد هذه الدول عن رؤية مستقبلية للتكامل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والامني الجماعي العربي ، كي لا تكون عامل من عوامل القوة العربية بوجه الاطماع الاسرائيلية المتزايدة بخيرات المنطقة ومصادر الطاقة والمياه فيها . ادراك عقلاء الخليج بان النفط وريعه الى زوال خلال جيلين او ثلاثة اجيال ، وان التكامل الاقتصادي العربي الذي يتطلب تكاملا سياسيا ودفاعيا مشتركا ، سيكون طوق نجاة لدولهم ، لانه الضمانة الوحيدة للاستقرار والبقاء ، فرأس الحكمة الغائبة هو مخافة المصير المجهول للاجيال القادمة .
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل أيّة مسؤوليّة عن المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم .
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي