صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                      مقالة للكاتب جمال محمد تقي      

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

  

 

 

 

 

 

 

يا بركان الغضب يا موحد العرب !

 

جمال محمد تقي

 

مشدود تشدني اخبار مصر كل ساعة ، كأنني لم اكتب شيئا ، فالكلام لا يعبر عن الحالة ، حالتي حالة ، اغني مع شباب ميدان التحرير " مصر يا بهية " ثم اتوقف لاسمع ماتقوله نوارة احمد فؤاد نجم فتأخذني التغطية ساعات ، الحدث لا تحصره الكلمات ، ولا حتى الاغاني ، لم اكتب شيئا ، كنت قد كتبت قبل 25 يناير عن بؤساء ـ رؤساء ـ  قمة شرم الشيخ الذين كانوا للتو يتابعون وبقلق اخبار فرار زميلهم زيناتي تونس ، كانت وقتها صورة فرعون مصر تبدو مستقرة وهي تتوسط  اصحاب الفخامة والجلالة ، صورة تكاد تكون محنطة لقادة كلهم مرضى بالعجز والنرجسية ، ربما اريد لتلك الصورة ان تكون مستقرة في العقل الجمعي العربي ، صورة لا يعتريها الاهتزاز وتحديدا الداخلي ، لكنني اليوم وبكل ثقة استطيع القول انها قد اهتزت والى الابد ، فقد اصطف حسني مبارك مضطرا الى جانب بن علي بطابور الرؤساء المخلوعين !

الان وقد تغيرت الصورة ، وقد اثمرت انتصارا غاليا بفضل تضحيات وبطولة الشعب المصري وريادة شبابه ، حيث اجبر فرعون مصر على التنحي والتخلي عن كافة مناصبه وتكليف قيادة الجيش بتولي مسؤولية ادارة شؤون البلاد ، اجد نفسي منتشيا كانتشاء المحتفلين في ميدان التحرير .

كانت التطمينات الامريكية عن استقرار الحالة في مصر تزيد من حمية التمسك بالرأي القائل : بان الجماعة قد اخذوا على حين غرة ، او ربما حسبوها خطأ ، فقد تصوروا بان الامر لا يتعدى عن احتجاجات روتينية كالتي كانت " ايام كفاية واخواتها " ، قطعا الامر ليس عابر ، ففي الامر إن ميدان التحرير حيث كل العبر .

 بالامس كانت ثورة شعبية حقيقية في تونس فجرها صاحب عربة خضار ، واليوم وبخطة افتراضية يفجر فتى الفيس بوك وائل غنيم ثورة هزت القبور والقصور ، ثورة اخرجت المارد من القمم ، ثورة بلا عسكر وبلا بيان رقم واحد ، اثبتت ان شعوبنا تقتحم زمنا جديدا كان يراودها في الاحلام !

عندما اغتيل الحلم العربي باغتيال جمال عبد الناصر خرجت مصر عن بكرة ابيها وخرجت معها كل شوارع العرب وهي تبكي حلمها المغدور ، وكانت بفطرتها تحذر من المحذور !

وقعنا في المحذور ، ومات امل دنقل كمدا وهو يقرأ سورة لا تصالح على اسماع المتفرعن خادم الخواجات على كل المسارح ، وبصريح العبارة صارت مصر العظيمة وقلب العروبة النابض اسيرة لاعدائها الذين زوقوا الاستسلام سلاما ، وفتحوا البلاد وخيراتها لمزاد السوق الحرة ، وعاكسوا نهضتها فافرغوها من الانتاج ودفعوها للاستهلاك ، فبدل الحديد والصلب والنسيج والصناعات الثقيلة ، كانت خدمات السياحة والسباحة مع التيار ، وبدل الزراعة العامرة بفلاح يمتلك ارضه ويرويها من مياه السد وبحيرة ناصر ليفلحها قطنا وقمحا وخيرا انتزعوا ارضه منه وارجعوا مصر الى عصر تجاوزته الثورة وعندما قتل الفرعون شر قتلة ، جائوا بامتداده ونائبه ليطيل المطال عقودا ثلاث تمسكن في بدايتها حتى تمكن من اقامة نظام بوليسي بلطجي زاوج فيه بين سلطة المال والدولة ، واستهتر بخيارات شعبه حتى انه كان يعد العدة لتوريث ابنه مقاليد الحكم من بعده !

لقد شق مبارك الصفوف وسمسر للتطبيع وكان عرابا لايقاع الفلسطينيين وغيرهم من العرب بشراك الاتفاقيات الاستسلامية مع اسرائيل ، اوسلو ووادي عربة كانت مدفوعة ببركاته ، نافس اسرائيل في التخادم مع الاجندة الامريكية ، ساهم وبقوة في تنفيذ مخطط الحرب على العراق وحصاره ومن ثم احتلاله ، بذل مابوسعه لمحاصرة غزة وتأمر مع الصهاينة في الحرب عليها ، وعمل على مناوئة واضعاف سياسة مقاومة الاحتلال الاسرائيلي بالنسبة للسوريين واللبنانيين والفلسطينيين ، تأمر على السودان وساهم في تدهور امنه واستقراره ، وكان سلوكه مع السودان يتلاقى مع السلوك الاسرائيلي فيه وعلى حدوده ، وقدم بذلك خدمة جليلة للنفوذ الاسرائيلي المتزايد حول منابع النيل ، لقد خدم الصهاينة بمدهم بالغاز والنفط وباسعار تفضيلية تكلف الميزانية المصرية ما قيمته 3 مليار دولار سنويا ، كل هذا بكفة وفساد النظام بكفة اخرى فالاثراء الفاحش وعلى حساب المال العام لحفنة من الطفيليين والانتهازيين والمزورين والمنتفعين قد زاد من افقار الشعب حتى اصبح 40 بالمئة منه تحت خط الفقر ، باع القطاع العام مفخرة منجزات ثورة 23 يوليو ، وعمل على ترويض الجيش المصري وتحويله الى جهاز ينفذ اعمال السخرة التي يستفيد منها الباشوات الجدد ، وجعله اضعف بنية من الجهاز الامني ، لكن هذا الجيش بقي وفيا لتاريخه ، واللشعب الذي يغذيه بطاقته وعقيدته الوطنية الاصيلة !

ان ثورة شباب مصر جددت الامل بعودة الروح ليس للحلم المصري فقط وانما للحلم العربي باكمله ، ثورتي تونس ومصر دليل على ان شعوبنا لن تعقر ابدا ، وبركان الغضب الشعبي العربي سيوحد الروافد كلها باتجاه المصب العام ، ولن ينتكس الوليد .


 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل أيّة مسؤوليّة عن المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم .

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany